للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقْتِحَامِ الْفَجَرَةِ يُوَافِقُهُ مَا فِي التَّنْبِيهِ مِنْ أَنَّ مَنْ جَازَ لَهَا النِّكَاحُ إنْ كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَيْهِ اُسْتُحِبَّ لَهَا النِّكَاحُ وَإِلَّا كُرِهَ فَمَا قِيلَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا ذَلِكَ. مُطْلَقًا لَيْسَ بِشَيْءٍ

(فَصْلُ الْبِكْرِ) أَيْ نِكَاحُهَا (أَوْلَى) مِنْ نِكَاحِ الثَّيِّبِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «هَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ خَبَرَ «عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا» أَيْ أَلْيَنُ كَلَامًا وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا أَيْ أَكْثَرُ أَوْلَادًا وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ (إلَّا لِعُذْرٍ) كَضَعْفِ آلَتِهِ عَنْ الِافْتِضَاضِ أَوْ احْتِيَاجِهِ لِمَنْ يَقُومُ عَلَى عِيَالِهِ فَلَا يَكُونُ نِكَاحُ الْبِكْرُ أَوْلَى وَمِنْهُ مَا اتَّفَقَ لِجَابِرٍ فَإِنَّهُ «لَمَّا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا تَقَدَّمَ اعْتَذَرَ لَهُ فَقَالَ إنَّ أَبِي قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ فَكَرِهْت أَنْ أَجْمَعَ إلَيْهِنَّ جَارِيَةً خَرْقَاءَ مِثْلَهُنَّ وَلَكِنْ امْرَأَةٌ تَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصَبْت» قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ وَكَمَا يُسْتَحَبُّ نِكَاحُ الْبِكْرِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ إلَّا مِنْ بِكْرٍ لَمْ يَتَزَوَّجْ قَطُّ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ جُبِلَتْ عَلَى الْإِينَاسِ بِأَوَّلِ مَأْلُوفٍ.

(وَيُسْتَحَبُّ وَلُودٌ) وَدُودٌ لِخَبَرِ «تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَيُعْرَفُ كَوْنُ الْبِكْرِ وَلُودًا وَدُودًا بِأَقَارِبِهَا (نَسِيبَةٌ) لِخَبَرِ «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ بَلْ يُكْرَهُ نِكَاحُ بِنْتِ الزِّنَا وَبِنْتِ الْفَاسِقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمَا اللَّقِيطَةُ وَمَنْ لَا يُعْرَفُ أَبُوهَا (دَيِّنَةٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِحُسْنِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك» أَيْ افْتَقَرْتَ إنْ خَالَفْت مَا أَمَرْتُك بِهِ (جَمِيلَةٌ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ «خَيْرُ النِّسَاءِ مَنْ تَسَرُّ إذَا نَظَرْت وَتُطِيعُ إذَا أَمَرْت وَلَا تُخَالِفُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا» قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنَّهُمْ كَرِهُوا ذَاتَ الْجَمَالِ الْبَارِعِ فَإِنَّهَا تَزْهُو بِجَمَالِهَا.

(وَكَذَا بَالِغَةٌ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ (إلَّا لِحَاجَةٍ) كَأَنْ لَا يُعِفُّهُ إلَّا غَيْرُهَا (أَوْ مَصْلَحَةٍ) كَتَزَوُّجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ (عَاقِلَةٌ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَقْلِ هُنَا الْعَقْلُ الْعُرْفِيُّ وَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَى مَنَاطِ التَّكْلِيفِ انْتَهَى وَالْمُتَّجَهُ أَنْ يُرَادَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ (قَرَابَةٌ غَيْرُ قَرِيبَةٍ) لِضَعْفِ الشَّهْوَةِ فِي الْقَرِيبَةِ فَيَجِيءُ الْوَلَدُ نَحِيفًا قَالَ الزَّنْجَانِيُّ وَلِأَنَّ مِنْ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ اشْتِبَاكُ الْقَبَائِلِ لِأَجْلِ التَّعَاضُدِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي نِكَاحِ الْقَرِيبَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ كَالرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ غَيْرَ الْقَرِيبَةِ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَكِنْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْبَيَانِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ عَشِيرَتِهِ، وَلَا يَشْكُلُ مَا ذُكِرَ بِتَزَوُّجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْنَبَ مَعَ أَنَّهَا بِنْتُ عَمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بَيَانًا لِلْجَوَازِ، وَلَا بِتَزَوُّجِ عَلِيٍّ فَاطِمَةَ؛ لِأَنَّهَا بَعِيدَةٌ فِي الْجُمْلَةِ إذْ هِيَ بِنْتُ ابْنِ عَمِّهِ لَا بِنْتُ عَمِّهِ (لَا ذَاتُ وَلَدٍ لِغَيْرِهِ) فَلَا يُسْتَحَبُّ تَزَوُّجُهَا (إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) كَمَا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّ سَلَمَةَ وَمَعَهَا وَلَدُ أَبِي سَلَمَةَ لِلْمَصْلَحَةِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا مُطَلِّقٌ يَرْغَبُ فِي نِكَاحِهَا، وَأَنْ لَا تَكُونَ شَقْرَاءَ فَقَدْ أَمَرَ الشَّافِعِيُّ الرَّبِيعَ أَنْ يَرُدَّ الْغُلَامَ الْأَشْقَرَ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ وَقَالَ مَا لَقِيت مِنْ أَشْقَرَ خَيْرًا وَأَنْ تَكُونَ خَفِيفَةَ الْمَهْرِ وَأَنْ تَكُونَ ذَاتَ خُلُقٍ حَسَنٍ.

(وَأَنْ يَكْتَفِيَ بِوَاحِدَةٍ) أَيْ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ ظَاهِرَةٍ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيُقَاسُ بِالزَّوْجَةِ فِي هَذَا السُّرِّيَّةُ (وَ) أَنْ (يَتَزَوَّجَ فِي شَوَّالٍ) وَأَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَقَدْ صَحَّ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَوَّالٍ وَدَخَلَ بِي فِي شَوَّالٍ وَأَيُّ نِسَائِهِ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْقِدَ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنْ يَكُونَ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَأَنْ يَكُونَ أَوَّلَ النَّهَارِ لِخَبَرِ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا»

(وَ) أَنْ (يَنْظُرَ كُلٌّ) مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (مِنْ الْآخَرِ قَبْلَ الْخِطْبَةِ) وَبَعْدَ عَزْمِهِ عَلَى نِكَاحِهِ (غَيْرَ الْعَوْرَةِ) الْمُقَرَّرَةِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَيَنْظُرُ الرَّجُلُ مِنْ الْحُرَّةِ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَمِنْ الْأَمَةِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ إنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ وَهُمَا يَنْظُرَانِهِ مِنْهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

أَوْ قَرَنٌ فَلَا يُتَّجَهُ فِيهِ سِوَى الْكَرَاهَةِ كَالْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ فَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِأُصُولِ الْمَذْهَبِ. اهـ.

[فَصْلُ الْبِكْرِ نِكَاحُهَا أَوْلَى مِنْ نِكَاحِ الثَّيِّبِ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ الْبِكْرُ أَوْلَى) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي فِيمَنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِلَا وَطْءٍ أَوْ خُلِقَتْ بِلَا بَكَارَةٍ أَنْ تَكُونَ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي اسْتِنْطَاقِهَا وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَسِيبَةٌ) أَيْ طَيِّبَةُ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَيْ افْتَقَرَتَا إلَخْ) وَقِيلَ اسْتَغْنَتَا وَقِيلَ اسْتَوَتَا (قَوْلُهُ وَكَذَا بَالِغَةٌ إلَّا لِحَاجَةٍ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا إلَّا مِنْ بَالِغٍ (قَوْلُهُ عَامِلَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ تَدُومُ مَعَهُ الصُّحْبَةُ وَيَطِيبُ الْعَيْشُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى التَّكْلِيفِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُتَّجَهُ أَنْ يُرَادَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا ذَاتُ وَلَدٍ لِغَيْرِهِ) أَوْرَدَ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ خَبَرًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ لَا تَتَزَوَّجْ خَمْسًا لَا شَهْبَرَةَ وَلَا لَهْبَرَةَ وَلَا نَهْبَرَةَ وَلَا هَنْدَرَةَ وَلَا لَقُوتًا» فَالْأُولَى الزَّرْقَاءُ الْبَذِيَّةُ وَالثَّانِيَةُ الطَّوِيلَةُ الْمَهْزُولَةُ وَالثَّالِثَةُ الْعَجُوزَةُ الْمُدْبِرَةُ وَالرَّابِعَةُ الْقَصِيرَةُ الذَّمِيمَةُ وَالْخَامِسَةُ ذَاتُ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِك وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يُكْرَهُ نِكَاحُ الْحَنَّانَةُ وَالْأَنَّانَةُ وَالْحَدَّاقَةُ وَالْبَرَّاقَةُ وَالشَّدَّاقَةُ وَالْمِمْرَاضَةُ (قَوْلُهُ يَرْغَبُ فِي نِكَاحِهَا) أَوْ تَرْغَبُ فِيهِ (قَوْلُهُ أَيْ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ) ثُمَّ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ الَّتِي تَحْتَهُ وَلُودًا فَإِنْ كَانَتْ عَقِيمًا فَنَكَحَ أُخْرَى لِطَلَبِ الْوَلَدِ اُتُّجِهَ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ ت وَجَزَمَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ اُتُّجِهَ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَمِنْ الْأَمَةِ) أَيْ وَالْمُبَعَّضَةِ وَقَوْلُهُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ) بَلْ قَدْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ لِلْأَمَةِ لِلتَّسَرِّي أَوْ التَّزَوُّجِ فَلَهُ النَّظَرُ إلَى الرَّأْسِ وَالذِّرَاعَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ وَلَيْسَ لَهُ النَّظَرُ إلَى الْعَوْرَةِ وَفِيمَا بَيْنَهُمَا وَجْهَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَهُمَا يَنْظُرَانِهِ مِنْهُ) قَالَ شَيْخُنَا بَلْ يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَنْظُرَا مِنْ الرَّجُلِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ عِنْدَ خِطْبَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا النَّظَرَ مَنُوطًا بِعَوْرَةِ الصَّلَاةِ فَقَدْ قَالَ فِي الْعُبَابِ يُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>