للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ لَغَا) ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ بِلَا لَفْظٍ لَيْسَتْ إقْرَارًا، وَظَاهِرٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الضَّمَانِ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ أَيْضًا وَأَنَّ كِتَابَةَ الْأَخْرَسِ عِنْدَ الْقَرِينَةِ الْمُشْعِرَةِ لَيْسَتْ لَغْوًا (وَكَذَا) يَلْغُو (قَوْلُهُ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ مِتَّ أَوْ قَدِمَ زَيْدٌ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَالْوَاقِعُ لَا يُعَلَّقُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسْتَفْسَرْ كَمَا مَرَّ فِي تَعْلِيقِ الْمُعْسِرِ بِيَسَارِهِ؛ لِأَنَّ حَالَ الْمُعْسِرِ يُشْعِرُ بِطَلَبِ الصَّبْرِ عَلَيْهِ الْمُشْعِرِ بِلُزُومِ مَا قَالَهُ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الثَّالِثِ أَنَّ مَحَلَّ مَا هُنَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّأْجِيلَ (فَلَوْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ كَذَا (إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي لَزِمَهُ) ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا عَشَرَةً، وَهَذَا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَلَعَلَّ الْأَصَحَّ لُزُومُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَفِي الْأَشْرَافِ لِلْهَرَوِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ. انْتَهَى. وَيُؤَيِّدُهُ تَصْحِيحُهُمْ عَدَمَ انْعِقَادِ النَّذْرِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْأَمْرِ بِمُجَرَّدِ الْخِبْرَةِ يُنَافِي الِالْتِزَامَ.

(وَإِنْ لُقِّنَ إقْرَارٌ أَوْ غَيْرُهُ) مِنْ الْعُقُودِ أَوْ غَيْرِهَا (بِغَيْرِ لُغَتِهِ، وَقَالَ لَمْ أَفْهَمْهُ وَأَمْكَنَ) عَدَمُ فَهْمِهِ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعَ أَهْلِ تِلْكَ اللُّغَةِ اخْتِلَاطٌ (حَلَفَ) أَيْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (وَإِنْ) أَقَرَّ ثُمَّ (قَالَ أَقْرَرْت صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا وَأَمْكَنَ) الصِّبَا (أَوْ عَهْدُ) الْجُنُونِ (أَوْ كَانَتْ أَمَارَةٌ) عَلَى الْإِكْرَاهِ مِنْ حَبْسٍ أَوْ تَرْسِيمٍ أَوْ نَحْوِهِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِظُهُورِ مَا قَالَهُ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الصِّبَا وَلَمْ يُعْهَدْ الْجُنُونُ وَلَمْ تَكُنْ أَمَارَةٌ لَمْ يُصَدَّقْ، وَالْأَمَارَةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِاعْتِرَافِ الْمُقَرِّ لَهُ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ، وَإِكْرَاهُهُ لِزَيْدٍ لَا يَقْدَحُ فِي إقْرَارِهِ لِغَيْرِهِ (لَا إنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (بِكَوْنِهِ) أَيْ الْمُقِرِّ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إقْرَارِهِ (بَالِغًا) فِي الْأُولَى (أَوْ عَاقِلًا) فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ مُخْتَارًا) فِي الثَّالِثَةِ فَلَا يُصَدَّقُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْذِيبِ الْبَيِّنَةِ وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ وَتَعَرَّضُوا لِبُلُوغِهِ وَصِحَّةِ عَقْلِهِ وَاخْتِيَارِهِ فَادَّعَى الْمُقِرُّ خِلَافَهُ لَمْ يُقْبَلْ (وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِذَلِكَ) أَيْ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَالِاخْتِيَارِ (وَلَا لِلْحُرِّيَّةِ وَالرُّشْدِ) وَفِي نُسْخَةٍ مَعَ الْحُرِّيَّةِ وَالرُّشْدِ (فِي الشَّهَادَةِ) بِذَلِكَ بَلْ يُكْتَفَى بِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ الصَّحِيحِ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْأَصْحَابُ وَمَا يُكْتَبُ فِي الْوَثَائِقِ أَنَّهُ أَقَرَّ طَائِعًا فِي صِحَّةِ عَقْلِهِ وَبُلُوغِهِ احْتِيَاطٌ (فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ) مِنْ الْمُقِرِّ (بِالْإِكْرَاهِ) لَهُ (اُشْتُرِطَ) فِي الشَّهَادَةِ بِهِ (تَفْصِيلُهَا) لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ فَرُبَّ شَيْءٍ يَكُونُ إكْرَاهًا عِنْدَ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ (وَقُدِّمَتْ) بَيِّنَةٌ لِإِكْرَاهٍ عَلَى بَيِّنَةِ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ نَعَمْ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الِاخْتِيَارِ بِأَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا وَزَالَ الْإِكْرَاهُ ثُمَّ أَقَرَّ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ عَلَى بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ لِذَلِكَ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ مَعَ مِائَةٍ لَمْ تَجِبْ الْأَلْفُ وَلَا الْمِائَةُ وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ هَذِهِ زَوْجَةُ فُلَانٍ حُكِمَ بِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ.

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ) أَيْ الْمَجْهُولِ (فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ) سَوَاءٌ أَكَانَ ابْتِدَاءً أَمْ جَوَابًا عَنْ دَعْوَى؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَالشَّيْءُ يُخْبَرُ عَنْهُ مُفَصَّلًا تَارَةً وَمُجْمَلًا أُخْرَى إمَّا لِلْجَهْلِ بِهِ أَوْ لِثُبُوتِهِ مَجْهُولًا بِوَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَيُخَالِفُ الْإِنْشَاءَانِ حَيْثُ لَا تُحْتَمَلُ الْجَهَالَةُ احْتِيَاطًا لِابْتِدَاءِ الثُّبُوتِ وَتَحَرُّزًا عَنْ الْغَرَرِ (مِثْلُ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ وَيُفَسِّرُهُ) وُجُوبًا (بِمَا شَاءَ) ، وَإِنْ لَمْ يُتَمَوَّلْ (وَلَوْ حَبَّةَ شَعِيرٍ) وَقِمْعَ بَاذِنْجَانَةٍ (وَحَدَّ قَذْفٍ وَحَقَّ شُفْعَةٍ وَدِيعَةً وَنَجَسًا يُقْتَنَى كَكَلْبٍ) مُعَلَّمٍ أَوْ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ (وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ) لَصُدِّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالشَّيْءِ مَعَ كَوْنِهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكِتَابَةَ بِلَا لَفْظٍ لَيْسَتْ إقْرَارًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَلَفَّظَ بِهِ كَانَ إقْرَارًا، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَيُخَالِفُهُ أَيْضًا مَا فِي فَتَاوِيهِ إذَا قَالَ لِلشُّهُودِ اشْهَدُوا عَلَيَّ إنَّنِي وَقَفْت جَمِيعَ أَمْلَاكِي وَذَكَرَ مَصَارِفَهَا أَوْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا صَارَتْ الْجَمِيعُ وَقْفًا، وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الشُّهُودِ بِالْحُدُودِ، وَلَا سُكُوتُهُ عَنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ قَالَ شَيْخُنَا فَالْمُعْتَمَد أَنَّهُ لَوْ تَلَفَّظَ بِمَا هُنَا كَانَ إقْرَارًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِأَنَّ عَلَيَّ لِزَيْدٍ كَذَا أَوْ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِأَنِّي، وَقَفْت كَذَا عَلَى كَذَا كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ آخِرًا، وَقَوْلُهُ وَذَكَرَ مَصَارِفَهَا كَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَيْضًا ذِكْرُ الْمَصَارِفِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ، وَلَعَلَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ إقْرَارٌ مُتَعَيَّنٌ، وَلَا الْتِفَاتَ إلَى قَوْلِهِ فِي الِاعْتِرَاضِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ إذَا رَأَى نَصًّا أَنْ يَهْجُمَ عَلَى الْأَخْذِ بِهِ وَالْفَتْوَى؛ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ سَبَرُوا نُصُوصَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَرَجَّحُوا مِنْهَا مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ وَوَجْهُ تَرْجِيحِ اللُّزُومِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْقِيَاسُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي مَعْنَاهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ لِي وَالْبَدَاءُ مَعْنَاهُ الظُّهُورُ فَإِنْ كَانَ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فَسَادُ الْإِقْرَارِ فَلَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ تَعْقِيبٌ لِلْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فَأَرْجِعُ عَنْ الْإِقْرَارِ فَفَاسِدٌ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ إلَّا أَنْ أَشَاءَ فَأَشَاءُ الْإِقْرَارَ أَوْ عَدَمَهُ لَزِمَ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْإِكْرَاهِ اُشْتُرِطَ تَفْصِيلُهَا) فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ كَذَا مُكْرَهًا قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى الْإِكْرَاهِ وَالشَّهَادَةِ إلَّا مُفَصَّلَةً، وَإِذَا فَصَّلَا، وَكَانَ أَقَرَّ فِي كِتَابِ التَّبَايُعِ بِالطَّوَاعِيَةِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِأَنَّهُ أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالطَّوَاعِيَةِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ) (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِلْحَاجَةِ لِحِفْظِ الْحُقُوقِ إذْ لَوْ أَلْغَيْنَا إقْرَارَهُ لَأَضْرَرْنَا بِالْمُقَرِّ لَهُ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِفَاسِدِهَا شَيْءٌ ثَابِتٌ (قَوْلُهُ: مِثْلُ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ مَا لَوْ قَالَ لَهُ فِي ذِمَّتِي شَيْءٌ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِكَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ حَبَّةِ حِنْطَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِمَّنْ يَرَى بَيْعَ الْكَلْبِ كَالشَّاةِ، وَقَوْلُهُ شَيْءٌ هُوَ أَعَمُّ النَّكِرَاتِ (قَوْلُهُ: وَيُفَسِّرُهُ بِمَا شَاءَ، وَلَوْ حَبَّةَ شَعِيرٍ إلَخْ) سَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْيَمِينِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ لَا يَصِحُّ وَظَاهِرُ النَّصِّ أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ مَا فَسَّرَ بِهِ (قَوْلُهُ: مُعَلَّمٍ) لَوْ قَالَ بَدَلَ مُعَلَّمٍ يُقْتَنَى لَدَخَلَ كَلْبُ الْمَاشِيَةِ وَنَحْوُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>