للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمًا أَوْ حَتَّى أَقْعُدَ أَوْ أَفْتَحَ) الْكِيسَ أَوْ نَحْوَهُ (أَوْ أَجِدَ) الْمِفْتَاحَ مَثَلًا أَوْ نَحْوَهُمَا كَابْعَثْ مَنْ يَأْخُذُهُ أَوْ أَمْهِلْنِي حَتَّى أَصْرِفَ الدَّرَاهِمَ أَوْ اُقْعُدْ حَتَّى تَأْخُذَ أَوْ لَا أَجِدُ الْيَوْمَ أَوْ لَا تُدِمْ الْمُطَالَبَةَ أَوْ مَا أَكْثَرَ مَا تَتَقَاضَى أَوْ وَاَللَّهِ لَأَقْضِيَنَّكَ كَمَا صَرَّحَ بِهَا أَصْلُهُ (إقْرَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهَا عُرْفًا لَكِنْ مَا نَقَلَ الْأَصْلُ هَذِهِ الصُّورَةَ قَالَ وَجَمِيعُهَا إقْرَارٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَمُخْتَلِفُونَ فِيهَا وَالْمَيْلُ إلَى مُوَافَقَتِهِ فِي أَكْثَرِهَا. انْتَهَى.

وَالصُّوَرُ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ وَحَكَمَ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا إقْرَارٌ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَحَكَمَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّ بَقِيَّةَ الصُّوَرِ كَذَلِكَ إلَّا قَوْلَهُ لَا تُدِمْ الْمُطَالَبَةَ وَمَا أَكْثَرَ مَا تَتَقَاضَى فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِإِقْرَارٍ لِعَدَمِ صَرَاحَتِهِمَا فِيهِ وَعَلَيْهِمَا يُحْمَلُ مَفْهُومُ كَلَامِ الْأَصْلِ السَّابِقِ هَذَا، وَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ بَعْدَ إيرَادِهِ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ: وَالْأَشْبَهُ عِنْدِي فِي غَيْرِ نَعَمْ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَقَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ وَمِثْلُهُ أَسْرِجْ دَابَّةَ فُلَانٍ هَذِهِ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ أَخْبَرَنِي زَيْدٌ أَنَّ لِي عَلَيْك أَلْفًا فَقَالَ نَعَمْ أَوْ مَتَى تَقْضِي حَقِّي فَقَالَ غَدًا (وَلَوْ قَالَ كَانَتْ لَك أَوْ كَانَ لَك عِنْدِي دَارٌ) مَثَلًا (فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَرِفُ فِي الْحَالِ بِشَيْءٍ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَانَ مِلْكُك أَمْسِ كَانَ مُؤَاخَذًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ وَقَعَ جَوَابًا لِلدَّعْوَى، وَهُنَا بِخِلَافِهِ فَطُلِبَ فِيهِ الْيَقِينُ، وَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ لَك عِنْدِي مِنْ زِيَادَتِهِ، وَذَكَرَهُ الْقَمُولِيُّ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ أَصْلِهِ أَوْ كَانَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ لِلِاكْتِفَاءِ بِمَا زَادَهُ وَبِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ.

(أَوْ) قَالَ (أَسْكَنْتُك) هَذِهِ (الدَّارَ حِينًا ثُمَّ أَخْرَجْتُك) مِنْهَا فَهُوَ (إقْرَارٌ بِالْيَدِ) ؛ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِثُبُوتِهَا مِنْ قَبْلُ وَادَّعَى زَوَالَهَا وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَانَ فِي يَدِك أَمْسِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ هُنَا بِيَدٍ صَحِيحَةٍ بِقَوْلِهِ أَسْكَنْتُكهَا بِخِلَافِهِ ثُمَّ لِاحْتِمَالِ كَلَامِهِ أَنَّ يَدَهُ كَانَتْ مِنْ غَصْبٍ أَوْ سَوْمٍ أَوْ نَحْوِهِ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ دَارِي إلَى قَوْلِهِ الدَّارُ لِقَوْلِ السُّبْكِيّ وَغَيْرِهِ فِي التَّعْبِيرِ بِدَارِي نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْإِقْرَارِ لَا يَجْتَمِعَانِ كَمَا لَوْ قَالَ دَارِي لِزَيْدٍ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مَحَلُّهُ إذَا أَقَرَّ بِمِلْكٍ أَمَّا بِيَدٍ فَلَا، إذْ لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا أَوْ فَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِأَنَّ الْعَيْنَ لَهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ (وَلَوْ قَالَ مُعْسِرٌ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ أَيْسَرْت وَأَمْكَنَ اسْتِفْهَامُهُ اُسْتُفْهِمَ) أَيْ اُسْتُفْسِرَ فَإِنْ فَسَّرَ بِالتَّأْجِيلِ صَحَّ أَوْ بِالتَّعْلِيقِ لَغَا (وَإِلَّا) بِأَنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ (فَإِقْرَارٌ) نُقِلَ تَصْحِيحُهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْعُدَّةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْهَرَوِيُّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ فَرَاغُ الذِّمَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ مِثْلَهُ. انْتَهَى.

وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ مَا أَرَدْت شَيْئًا وَيُصَدَّقُ فِيهِ بِيَمِينِهِ (وَقَوْلُهُ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ) وَلَوْ وَاحِدًا بِشَيْءٍ (هُوَ صَادِقٌ أَوْ عَدْلٌ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ حَتَّى يَقُولَ فِيمَا شَهِدَ بِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت فِي لُزُومِهِ بِقَوْلِهِ عَدْلٌ يَعْنِي فِيمَا شَهِدَ بِهِ نَظَرٌ، (وَقَوْلُهُ إذَا شَهِدَا) أَيْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَوْ شَاهِدَانِ (عَلَيَّ بِكَذَا) كَأَلْفٍ (فَهُمَا صَادِقَانِ لَا صَدَّقْتهمَا إقْرَارٌ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ صَادِقَيْنِ إلَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَلْفُ الْآنَ فَيَلْزَمُهُ بِخِلَافِ صَدَقَتِهِمَا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الصَّادِقِ قَدْ يُصَدَّقُ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ وَعْدٌ وَخَرَجَ بِكَذَا مَا لَوْ قَالَ مَا يَشْهَدُ بِهِ شَاهِدَانِ عَلَيَّ فَهُمَا صَادِقَانِ عَدْلَانِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بَلْ تَزْكِيَةٌ وَتَعْدِيلٌ، كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي التَّزْكِيَةِ عَنْ الْهَرَوِيِّ وَأَقَرَّهُ كَذَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ الشَّهَادَةِ بَلْ قَالَ إذَا قَالَ زَيْدٌ إنَّ لِعَمْرٍو عَلَيَّ كَذَا فَهُوَ صَادِقٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ. (وَإِنْ قَالَ أَقْرَضْتُك كَذَا فَقَالَ كَمْ ثَمَنٌ بِهِ عَلَيَّ أَوْ لَا اقْتَرَضْت مِنْك) هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَاَللَّهِ لَا اقْتَرَضْت مِنْك (غَيْرَهُ، فَإِقْرَارٌ) قَالَ فِيهَا، وَإِنْ قَالَ مَا أَعْجَبَ هَذَا أَوْ نَتَحَاسَبُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ (لَا) إنْ قَالَ لِمَنْ قَالَ لَهُ لِي عَلَيْك كَذَا (لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لَك) بِفَتْحِ اللَّامِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَالَهُ اسْتِهْزَاءً أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ الْحُرْمَةِ وَالْكَرَامَةِ أَكْثَرُ مِمَّا لَك بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَكْثَرُ مِنْ مَالِك بِكَسْرِ اللَّامِ أَوْ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ أَكْثَرُ مِنْ مَالِك أَوْ لَهُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا ادَّعَيْت فَإِقْرَارٌ فِيهَا لِزَيْدٍ.

وَسَتَأْتِي الثَّانِيَةُ فِي الْبَابِ الْآتِي وَالثَّالِثَةُ فِي الدَّعَاوَى فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا هُنَا؛ لِأَنَّهَا مَسَائِلُ مُخْتَلِفَةٌ وَاَلَّتِي هُنَا أَعَادَهَا كَأَصْلِهِ فِي الدَّعَاوَى وَلَوْ قَالَ لِي مَخْرَجٌ مِنْ دَعْوَاك فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا وَالْمُصَنِّفُ فِي الدَّعَاوَى.

(وَلَوْ كَتَبَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ كَتَبَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ) لِشُهُودٍ (اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ مَرْدُودٌ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ التَّصْوِيرُ عِنْدَ انْضِمَامِ الضَّمِيرِ كَقَوْلِهِ أَعْطِيهِ وَنَحْوِهِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ أَنَا مُقِرٌّ أَوْ لَسْت مُنْكِرًا أَوْ أَنَا أُقِرُّ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ أَنَا مُوَافِقُهُمْ فِي الْأَكْثَرِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ هَذِهِ الصُّورَةِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، وَمَا اسْتَدْرَكَهُ لَا يَبْعُدُ أَيْضًا مَعَ الضَّمِيرِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَقْضِيهِ يَحْتَمِلُ أَقْضِيهِ غَيْرَك فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَقْضِيهِ لَك وَالْوَجْهُ إجْرَاءُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اقْضِ هَذَا جَوَابٌ لِقَوْلِهِ اقْضِ الْأَلْفَ الَّتِي لِي عَلَيْك وَالسُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ تَقْدِيرًا، وَإِلَّا فَالظُّهُورُ مِنْهُ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ مَا أَكْثَرَ مَا نَتَقَاضَى؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ تَتَقَاضَى مِنِّي أَوْ غَيْرِي، وَقَوْلُهُ فَالْوَجْهُ إجْرَاءُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا اللُّزُومَ فِي أُعْطِي غَدًا وَنَحْوِهِ مِمَّا عَرَا عَنْ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَالِ مَرْدُودٌ فَيَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُهُ بِوُجُودِ الضَّمِيرِ كَأُعْطِيهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ بِدُونِ بِهِ فَكَانَ الرَّافِعِيُّ احْتَرَزَ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ) أَيْ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ إنَّهُمَا لَيْسَا بِإِقْرَارٍ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَإِقْرَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَدْيُونُ الْمُعْسِرُ يَجِبُ إمْهَالُهُ إلَى يَسَارِهِ حُمِلَ قَوْلُهُ إنْ أَيْسَرْت عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِوُجُوبِ أَدَاءِ الْأَلْفِ لَا لِوُجُوبِهِ (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لَا لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مَالِك فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) لَوْ قَالَ مَا لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالْمِائَةِ، وَلَا بِمَا فَوْقَهَا، وَلَا بِمَا دُونَهَا؛ لِأَنَّ نَفْيَ الزَّائِدِ عَلَى الْمِائَةِ لَا يُوجِبُ إثْبَاتَ الْمِائَةِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ قَائِلٌ غَصَبْت ثَوْبِي فَقَالَ مَا غَصَبْت مِنْ أَحَدٍ قَبْلَك، وَلَا بَعْدَك لَا يَكُونُ مُقِرًّا؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْغَصْبِ مِنْ غَيْرِهِ لَا يُوجِبُ الْغَصْبَ مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>