للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْأَلْفِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْأَدَاءِ وَقِسْ عَلَيْهِ فَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ أَوْ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِخَمْسَةٍ؛ لِأَنَّهَا الْمَغْرُومَةُ فِي الْأُولَى، وَلِتَبَرُّعِهِ بِالزَّائِدِ عَلَيْهَا فِي الثَّانِيَةِ (وَلَوْ بَاعَهُ الْعَبْدُ بِالدَّيْنِ) الَّذِي ضَمِنَهُ (رَجَعَ بِالدَّيْنِ) عَلَى الْأَصِيلِ وَيُقَدَّرُ أَنَّهُ دَخَلَ بِالْبَيْعِ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ وَفُهِمَ مِمَّا قَالَهُ بِالْأُولَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِأَلْفٍ وَتَقَاصَّا رَجَعَ بِالْأَلْفِ، وَمَا قَالَهُ فِي الْأُولَى هُوَ مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ: الْوَجْهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ الْأَرْدَبِيلِيُّ فِيمَا شَرَحَهُ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَا انْتَهَى وَقَدْ يُفَرَّقُ بِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْآتِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ (وَلَوْ أَدَّى مُكَسَّرَةً عَنْ صِحَاحٍ رَجَعَ بِالْمُكَسَّرَةِ) لِأَنَّهَا الَّتِي غَرِمَهَا (لَا عَكْسُهُ) بِأَنْ أَدَّى صِحَاحًا عَنْ مُكَسَّرَةٍ فَلَا يَرْجِعُ بِالصِّحَاحِ لِتَبَرُّعِهِ بِالزَّائِدِ نَعَمْ إنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا

(مَسَائِلُ) تَتَعَلَّقُ بِالرُّجُوعِ لَوْ (صَالَحَهُ) أَيْ الْمُسْتَحِقَّ (الضَّامِنُ) مِنْ الدَّيْنِ (عَلَى الْبَعْضِ) مِنْهُ (أَوْ أَدَّى الْبَعْضَ) لَهُ (وَأَبْرَأَهُ) الْمُسْتَحِقُّ (مِنْ الْبَاقِي رَجَعَ بِمَا أَدَّى) وَبَرِئَ فِيهِمَا (وَبَرِئَ الْأَصِيلُ عَنْ الْبَاقِي فِي صُورَةِ الصُّلْحِ فَقَطْ) أَيْ لَا فِي صُورَةِ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الضَّامِنِ لَا تَسْتَلْزِمُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ، وَإِنَّمَا بَرِئَ فِي تِلْكَ، وَإِنْ كَانَ صُلْحُ الْحَطِيطَةِ إبْرَاءً فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يُشْعِرُ بِقَنَاعَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّهُ مُسَلَّمٌ فِيمَنْ جَرَى الصُّلْحُ مَعَهُ لَا مُطْلَقًا، وَفَرَّقَ غَيْرُهُمْ بِأَنَّ الصُّلْحَ يَقَعُ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ، وَبَرَاءَةُ الضَّامِنِ إنَّمَا تَقَعُ عَنْ الْوَثِيقَةِ

(وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عَنْ مُسْلِمٍ دَيْنًا فَصَالَحَ صَاحِبَهُ عَلَى خَمْرٍ لَغَا) الصُّلْحُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ أَدَاءَ الضَّامِنِ لِلْمُسْتَحِقِّ يَتَضَمَّنُ إقْرَاضَ الْأَصِيلِ مَا أَدَّاهُ وَتَمْلِيكَهُ إيَّاهُ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ هُنَا فَلَا يَبْرَأُ الْمُسْلَمُ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْخَمْرَ بِنَفْسِهِ

(وَلَوْ وَهَبَ) الْمُسْتَحِقُّ (لِلضَّامِنِ مَا أَدَّى) لَهُ (رَجَعَ بِهِ) كَمَا لَوْ وَهَبَتْ الصَّدَاقَ لِلزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَحِقُّ لِلضَّامِنِ: وَهَبْتُك الدَّيْنَ الَّذِي ضَمِنْته لِي كَانَ كَالْإِبْرَاءِ فَلَا رُجُوعَ

(وَلَوْ ضَمِنَ رَجُلٌ عَنْ الضَّامِنِ وَأَدَّى) الدَّيْنَ لِلْمُسْتَحِقِّ (فَرُجُوعُهُ) إنْ ثَبَتَ لَهُ الرُّجُوعُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الضَّامِنِ الْأَوَّلِ لَا عَلَى الْأَصِيلِ، وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ لَمْ يَثْبُتْ بِأَدَائِهِ الرُّجُوعُ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ، وَبِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ فَرَجَعَ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَصِيلِ بِشَرْطِهِ، وَبِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ شَخْصٌ الضَّامِنَ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ رَجَعَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَدِّ دَيْنِي فَأَدَّاهُ وَبِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ عَنْ الْأَصِيلِ بِإِذْنِهِ رَجَعَ مَنْ أَدَّى مِنْهُمَا عَلَيْهِ لَا عَلَى الْآخَرِ، وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا بِبَعْضِ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَقَالَ فِي نُسْخَةٍ: فَرُجُوعُهُ عَلَيْهِ كَرُجُوعِ الضَّامِنِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَصِيلِ فَلَوْ ضَمِنَ الْفَرْعُ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَفِي أُخْرَى يَدُلُّ هَذَا الْأَخِيرُ فَلَوْ ضَمِنَ الْفَرْعُ عَنْ الْأَصِيلِ بِإِذْنِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ (أَوْ) ضَمِنَ (عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الضَّامِنِ وَالْأَصِيلِ (بِإِذْنِهِمَا) وَأَدَّى (رَجَعَ عَلَى مَنْ شَاءَ) مِنْهُمَا بِمَا شَاءَ

(وَإِنْ ضَمِنَ اثْنَانِ عَنْ رَجُلٍ عَشَرَةً) بِأَنْ ضَمِنَ (كُلٌّ) مِنْهُمَا (خَمْسَةً وَتَضَامَنَا فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا الْعَشَرَةَ طَالَبَ الْأَصِيلَ بِخَمْسَةٍ وَصَاحِبَهُ بِخَمْسَةٍ) وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالْجَمِيعِ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَصِيلُ أَذِنَ لَهُ فِي الضَّمَانِ الْآخَرِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (أَدَّى) أَحَدُهُمَا (خَمْسَةً رَجَعَ عَلَى مَنْ أَدَّاهَا عَنْهُ) مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا

(فَرْعٌ) لَوْ قَالَا: ضَمِنَّا الْعَشَرَةَ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِكُلِّهَا كَمَا لَوْ قَالَ رَهَنَّا عَبْدَنَا هَذَا بِالْأَلْفِ الَّتِي لَك عَلَى فُلَانٍ فَإِنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ أَوْ لِنِصْفِهَا كَقَوْلِهِمَا اشْتَرَيْنَا عَبْدَك بِالْأَلْفِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمُتَوَلِّي الْأَوَّلُ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَبِهِ أَفْتَيْت؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ تَوْثِقَةٌ كَالرَّهْنِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَيُخَالِفُ الشِّرَاءَ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ عِوَضُ الْمِلْكِ فَبِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْمِلْكِ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ لَا مُعَاوَضَةَ فِيهِ، وَقَالَ بِالثَّانِي الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالرُّويَانِيُّ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ) فَرَّقَ الْغَزِّيِّ بِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ قَابَلَهُ بِالدَّيْنِ فَكَأَنَّهُ وَزَنَهُ وَفِي الْمُصَالَحَةِ سَامَحَهُ بِتَرْكِ بَعْضِ الْحَقِّ. اهـ. وَضَعَّفَهُ وَالِدِي بِأَنَّ الصُّلْحَ بَيْعٌ أَيْضًا فس

[مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالرُّجُوعِ فِي الْكَفَالَة]

(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ وَهَبَتْ الصَّدَاقَ لِلزَّوْجِ إلَخْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الزَّائِدَ الْعَائِدَ كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ

(قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ عَنْ الْأَصِيلِ بِإِذْنِهِ رَجَعَ مَنْ أَدَّى مِنْهُمَا عَلَيْهِ لَا عَلَى الْآخَرِ) صُورَتُهَا أَنْ يَضْمَنَ عَنْ الْأَصِيلِ وَحْدَهُ مَعَ وُجُودِ الضَّامِنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: أَوْ ضَمِنَ عَنْهُمَا) إمَّا عَلَى التَّرْتِيبِ أَوْ دَفْعَةً (قَوْلُهُ رَجَعَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْأَدَاءَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ دُونَ الْآخَرِ

(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ رَهَنَّا عَبْدَنَا هَذَا بِالْأَلْفِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ تَوْثِقَةٌ كَالرَّهْنِ وَلِأَنَّهُمَا لَوْ كَفَلَا رَجُلًا لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا إحْضَارُهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ) قَالَ شَيْخُنَا عَلَى رَأْيٍ فِيهِ وَالْأَصَحُّ فِيهِ أَيْضًا التَّقْسِيطُ (قَوْلُهُ أَوْ لِنِصْفِهَا كَقَوْلِهِمَا اشْتَرَيْنَا عَبْدَك إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَفْتَى بِهِ فُقَهَاءُ عَصْرِ السُّبْكِيّ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: لَا وَجْهَ لِهَذَا.

(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ إلَخْ) وَبِهِ أَفْتَيْت عِنْدَ دَعْوَى الضَّامِنَيْنِ ذَلِكَ، وَحَلِفِهِمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِيهِ فس وَبِالتَّبْعِيضِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ فَقَالَ إنَّ رَجُلَيْنِ لَوْ ضَمِنَا لِرَجُلٍ أَلْفًا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِخَمْسِمِائَةٍ وَلَا يَكُونُ ضَامِنًا لِكُلِّ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّجُلَيْنِ مَعَ الرَّجُلِ بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدَيْنِ، وَمِثْلُهُ مَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَيْنِ كَالْعَاقِدَيْنِ فَذَلِكَ يَتَبَعَّضُ، وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ إذَا كَانَا فِي عَقْدٍ كَانَ مُتَبَعِّضًا كَالضَّامِنَيْنِ وَتَابَعَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ فَقَالَ فِي ثَلَاثَةٍ ضَمِنُوا أَلْفًا: إنَّهُ لَا يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ إلَّا ثُلُثُ الْأَلْفِ إلَّا أَنْ يَقُولُوا: إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ ضَامِنٌ لِجَمِيعِهِ، وَمِثْلُهُ مَا فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ لِلصَّيْمَرِيِّ لَوْ ضَمِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>