للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّفْرِقَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَنْهُ (فَلَا) تُجْزِئُهُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ (وَأَثِمَ الْإِمَامُ) بِتَرْكِهِ لَهَا لِأَنَّهُ فِي الزَّكَاةِ كَالْوَلِيِّ وَالْمُمْتَنِعُ مَقْهُورٌ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ.

وَيَجِبُ رَدُّ الْمَأْخُوذِ أَوْ بَدَلُهُ وَالزَّكَاةُ بِحَالِهَا عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ نِيَّتِهِ عِنْدَ الْأَخْذِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي لَا عِنْدَ الصَّرْفِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَمُولِيُّ (وَلَا يَأْخُذُ الْإِمَامُ مَعَهَا) أَيْ مَعَ الزَّكَاةِ (شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمُمْتَنِعِ) لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ فَقَطْ وَأَمَّا خَبَرُ مَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ فَضَعَّفَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ (وَلَوْ نَوَى) الْمَالِكُ (عِنْدَ عَزْلِهَا أَوْ إعْطَائِهَا الْوَكِيلَ وَفُرِّقَتْ) عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ (بِلَا نِيَّةٍ) عِنْدَ التَّفْرِقَةِ (أَجْزَأَهُ) لِوُجُودِهَا مِنْ الْمُخَاطَبِ بِالزَّكَاةِ مُقَارَنَةً لِفِعْلِهِ وَكَمَا لَوْ قَارَنَتْ الْإِعْطَاءَ إلَى الْإِمَامِ وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّفْرِقَةِ كَالصَّوْمِ لِعُسْرِ الِاقْتِرَانِ بِأَدَاءِ كُلِّ مُسْتَحِقٍّ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الزَّكَاةِ سَدَّ حَاجَةَ الْمُسْتَحِقِّينَ بِهَا.

وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عِنْدَ عَزْلِهَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ نَوَى بَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّفْرِقَةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَإِنْ لَمْ تُقَارِنْ النِّيَّةُ أَحَدَهُمَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْكَلَامِ فِيمَا إذَا دَفَعَ إلَى الْوَكِيلِ بِلَا نِيَّةٍ وَقَالَ فِيهِ عَنْ زِيَادَةِ الْعَبَّادِيِّ إنَّهُ لَوْ دَفَعَ مَالًا إلَى وَكِيلِهِ لِيُفَرِّقَهُ تَطَوُّعًا ثُمَّ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ ثُمَّ فَرَّقَهُ الْوَكِيلُ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ إذَا كَانَ الْقَابِضُ مُسْتَحِقًّا (وَلَهُ تَفْوِيضُ النِّيَّةِ إلَى وَكِيلِهِ) فِي الْأَدَاءِ إذَا كَانَ أَهْلًا لَهَا لِإِقَامَتِهِ إيَّاهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِيهَا بِخِلَافِ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهَا وَمِنْهُ الْكَافِرُ وَالصَّبِيُّ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُمَا فِي أَدَائِهَا لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ تَعْيِينُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَتَتَعَيَّنُ نِيَّةُ الْوَكِيلِ إذَا وَقَعَ الْفَرْضُ بِمَالِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ مُوَكِّلُهُ أَدِّ زَكَاتِي مِنْ مَالِكِ لِيَنْصَرِفَ فِعْلُهُ عَنْهُ كَمَا فِي الْحَجِّ نِيَابَةً فَلَا تَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ (وَنِيَّتُهُمَا مَعًا أَكْمَلُ) مِنْ نِيَّةِ أَحَدِهِمَا (وَمَنْ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ) وَلَوْ (بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَلَمْ يَنْوِ الزَّكَاةَ لَمْ تَسْقُطْ زَكَاتُهُ) كَمَا لَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ وَكَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاةُ فَرْضٍ فَصَلَّى مِائَةَ صَلَاةٍ نَافِلَةٍ لَا تُجْزِئُهُ عَنْ فَرْضِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(فَصْلٌ وَيَبْعَثُ الْإِمَامُ) وُجُوبًا لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ (السُّعَاةَ) وَهُمْ عُمَّالُهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ السَّعْيِ فِي إيصَالِ الْحُقُوقِ إلَى أَهْلِهَا وَلِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَا يَعْرِفُونَ الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ فَإِنْ عَلِمَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يُؤَدُّونَهَا بِأَنْفُسِهِمْ لَمْ يَجِبْ الْبَعْثُ وَيُنْدَبُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ (عِنْدَ إدْرَاكِ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ) بِحَيْثُ يَصِلُونَ أَرْبَابَهَا وَقْتَ الْجِدَادِ وَالْحَصَادِ وَلَوْ اعْتَبَرُوا فِي الْحُبُوبِ وُصُولَهُمْ عِنْدَ تَنْقِيَتِهَا كَانَ أَقْرَبَ إذْ لَا يُمْكِنُ الْأَدَاءُ إلَّا حِينَئِذٍ وَالثِّمَارُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ الْأَدَاءُ فِيهَا إلَّا حِينَ جَفَافِهَا لَكِنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى خَرْصٍ غَالِبًا حِينَ إدْرَاكِهَا فَنَاسَبَ اعْتِبَارَ الْوُصُولِ حِينَئِذٍ (وَيُسْتَحَبُّ لِلسَّاعِي أَنْ يُعَيِّنَ لِلْحَوْلِيِّ شَهْرًا) يَأْتِيهِمْ فِيهِ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ (وَالْمُحَرَّمُ أَوْلَى) صَيْفًا كَانَ أَوْ شِتَاءً لِقَوْلِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهِ هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ (وَ) أَنْ (يُخْرِجَ قَبْلَهُ لِيَحْضُرَ فِي أَوَّلِهِ فَمَنْ تَمَّ فِيهِ حَوْلُهُ أَدَّاهَا وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّعْجِيلُ فَإِنْ كَرِهَ) التَّعْجِيلَ عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ (أَمْهَلَهُ إلَى قَابِلٍ أَوْ نَوَّبَ) بِمَعْنَى أَنَابَ (مَنْ يُطَالِبُهُ أَوْ فَوَّضَ إلَيْهِ إنْ أَمِنَهُ وَ) أَنْ (يَأْمُرَهُمْ) أَيْ الْمُزَكِّينَ (بِجَمْعِ الْمَاشِيَةِ عَلَى الْمَاءِ) إنْ كَانَتْ تَرِدُهُ فَيَأْخُذَ زَكَاتَهَا عِنْدَهُ وَلَا يُكَلِّفُهُمْ رَدَّهَا إلَى الْبَلَدِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَتَبَّعَ الْمَرَاعِيَ وَبِهَذَا فُسِّرَ خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «لَا جَلْبَ وَلَا جَنَبَ» أَيْ لَا تُكَلِّفُوهُمْ أَنْ يَجْلِبُوهَا مِنْ الْمَرْعَى إلَى الْبَلَدِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُجَنِّبُوهَا السَّاعِيَ أَيْ يُكَلِّفُوهُ بِأَنْ يُجَنِّبَهَا مَعَهُ مِنْ الْمَرْعَى فَيَشُقُّوا عَلَيْهِ.

قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهَا إلَى الْأَئِمَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ التَّمْكِينُ دُونَ التَّسْلِيمِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُزَكِّي مَا إنْ أُمِرَ بِجَمْعِهَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَالْخِيَرَةُ فِي تَعْيِينِهِ لَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (فَإِنْ لَمْ تَرِدْهُ) كَأَنْ اكْتَفَتْ بِالْكَلَأِ فِي وَقْتِ الرَّبِيعِ (فَفِي بُيُوتِ أَهْلِهَا) وَأَفْنِيَتِهِمْ يَأْخُذُ زَكَاتَهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَمُقْتَضَاهُ تَجْوِيزُ تَكْلِيفِهِمْ الرَّدَّ إلَى الْأَفْنِيَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ (وَيُسْتَحَبُّ جَمْعُهَا فِي) مَضِيقٍ نَحْوِ (حَظِيرَةٍ وَعَدُّهَا بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ) أَوْ نَائِبِهِ إنْ لَمْ يَثِقْ السَّاعِي بِقَوْلِهِ (وَ) أَنْ (يُخْرِجَهَا) مِنْ مَحَلَّهَا بَعْدَ اجْتِمَاعِهَا (وَاحِدَةً وَاحِدَةً) لِيَسْهُلَ عَدُّهَا وَأَنْ يَقِفَ مِنْ جَانِبٍ وَالسَّاعِي مِنْ جَانِبٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَ) أَنْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

فَعِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ خ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْقَمُولِيُّ) الْقِيَاسُ إجْزَاءُ نِيَّتِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ وَلَوْ نَوَى عِنْدَ عَزْلِهَا إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عِنْدَ إقْرَارِ الزَّكَاةِ أَوْ مَعَهُ أَوْ عِنْدَ إعْطَائِهَا الْوَكِيلَ أَوْ عِنْدَ تَفْرِيقِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ تَصَدَّقْ بِهَذَا تَطَوُّعًا ثُمَّ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ ثُمَّ فَرَّقَهُ الْوَكِيلُ أَوْ قَالَ بِعْ هَذَا وَاصْرِفْ ثَمَنَهُ عَنْ زَكَاتِي وَنَوَى بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ الثَّمَنَ لَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَلَهُ تَفْوِيضُ النِّيَّةِ إلَى وَكِيلِهِ إلَخْ) كَأَنْ قَالَ لَهُ زَكِّ هَذَا الْمَالَ أَوْ أَدِّ زَكَاتِي أَوْ فِطْرَتِي وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى وَكِيلِهِ لِيَبِيعَهُ وَيَصْرِفَهُ فِي زَكَاتِهِ وَنَوَى عِنْدَ دَفْعِ الثَّوْبِ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ نَوَى بَعْدَ حُصُولِ الثَّمَنِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ جَازَ لِأَنَّا وَإِنْ جَوَّزْنَا تَقْدِيمَ النِّيَّةِ فَإِنَّمَا نُجَوِّزُهَا فِي وَقْتٍ يَقْبَلُ ذَلِكَ الْمَالَ أَنْ يَكُونَ زَكَاةً قَالَ الْقَفَّالُ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجُوزُ يَعْنِي فِي الْحَالَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ وُجُودِ النِّيَّةِ فِي مَالٍ مُعَيَّنٍ وَيَعْلَمُ مَا يَصْرِفُهُ فِي الزَّكَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ زَكَاةً فَأَمَرَ وَكِيلَهُ بِأَدَائِهَا وَنَوَى عِنْدَ أَمَرَهُ بِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ رُبَّمَا يُحَصِّلُهَا بِبَيْعِ مَتَاعٍ أَوْ اسْتِقْرَاضٍ لِدَرَاهِمَ وَعَلَى هَذَا لَوْ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ زَكَاةً فَقَالَ لِآخَرَ أَخْرِجْهَا إلَى الْفُقَرَاءِ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْنِي خَمْسَةً وَأَدِّهَا عَنِّي زَكَاةً جَازَ انْتَهَى وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ كَثِيرِينَ أَوْ الْأَكْثَرِينَ يُنَازِعُ فِي أَكْثَرِ مَا ذَكَرَهُ.

[فَصْلٌ بَعَثَ الْإِمَامُ السُّعَاةَ لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ]

(قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ التَّمْكِينُ إلَخْ) إذَا كَانَتْ الْمَاشِيَةُ مُتَوَحِّشَةً وَكَانَ فِي أَخْذِهَا وَإِمْسَاكِهَا مَشَقَّةٌ كَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ السِّنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمَهُ إلَى السَّاعِي فَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ إمْسَاكُهَا إلَّا بِعِقَالٍ كَانَ عَلَى الْمَالِكِ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا حَمَلُوا قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا لِأَنَّ الْعِقَالَ هَا هُنَا مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ وَقِيلَ الْعِقَالُ هُوَ صَدَقَةُ عَامٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>