الْمُسْتَأْجِرُ لِلْخِيَاطَةِ (مِنْ تَمْكِينِهِ مِنْ الْخِيَاطَةِ) بِأَنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الثَّوْبَ (لَمْ يُكَلَّفْ تَمْكِينَهُ) مِنْهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَسْنَحُ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ (لَكِنْ بِتَسْلِيمِ الْأَجِيرِ نَفْسَهُ) لَهُ (وَ) مُضِيِّ مُدَّةِ (إمْكَانِ الْعَمَلِ تَسْتَقِرُّ أُجْرَتُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِاسْتِقْرَارِ الْأُجْرَةِ لَهُ وَقَوْلُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ وَفَاءً بِمَا وَعَدَ بِهِ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ (وَالثَّوْبُ مَحْبُوسٌ) حَيْثُ اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ (لِتَسْلِيمِهَا فَيَمْتَنِعُ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (بَيْعُهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ قَدَّمَهُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ (فَإِنْ الْتَزَمَ عَمَلًا) فِي الذِّمَّةِ (وَمَاتَ وَلَهُ تَرِكَةٌ اُسْتُؤْجِرَ مِنْهَا) لِتَوْفِيَةِ مَا الْتَزَمَهُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ (فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهَا) أَيْ الْإِجَارَةَ أَيْ عَمَلَهَا (الْوَارِثُ ثَبَتَ) لِلْمُسْتَأْجِرِ (الْفَسْخُ) لِمَوْتِ الْمُلْتَزِمِ مُفْلِسًا وَإِلَّا اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ (وَالْمُوصَى لَهُ بِالدَّارِ) أَيْ بِمَنْفَعَتِهَا كَمَا عَبَّرَ بِهَا الرَّافِعِيُّ إذَا أَجَّرَهَا وَقَدْ أَوْصَى لَهُ بِهَا (مُدَّةَ حَيَاتِهِ تَنْفَسِخُ إجَارَتُهُ بِمَوْتِهِ) لِانْتِهَاءِ حَقِّهِ بِمَوْتِهِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَنْفَعَةِ إبَاحَةٌ لَهَا لَا تَمْلِيكٌ فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا مَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِالدَّارِ لَا بِمَنْفَعَتِهَا كَمَا هُنَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ الِانْفِسَاخِ بِمَوْتِهِ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا لِرُجُوعِ الْمَنْفَعَةِ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي وَإِنَّمَا رَجَعَتْ إلَيْهِمْ بِمَوْتِهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا مُدَّةَ حَيَاتِهِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْعَيْنِ فَلَمَّا أَوْصَى بِهَا وَحْدَهَا وَغَيَّاهَا بِمُدَّةٍ وَانْقَضَتْ اسْتَتْبَعَتْهَا الْعَيْنُ بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمَتْبُوعَةِ لَهَا.
(فَصْلٌ وَإِنْ هَرَبَ الْمُكْرِي) لِجِمَالٍ (بِجِمَالِهِ وَالْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ اكْتَرَى الْحَاكِمُ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ) بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِجَارَةِ وَالْهَرَبِ وَتَعَذُّرِ إحْضَارِهِ وَطَلَبِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْهُ ذَلِكَ (لَا الْمُسْتَأْجِرُ) فَلَا يَكْتَرِي عَنْهُ (وَلَوْ بِإِذْنِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ الْحَاكِمُ مَالًا (اقْتَرَضَ) عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ غَيْرِهِ وَاكْتَرَى عَلَيْهِ (وَكَذَا) يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ يَقْتَرِضُ (لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْجِمَالِ إنْ لَمْ يَهْرُبْ الْمُكْرِي بِهَا فَإِنْ وَثِقَ بِالْمُسْتَأْجِرِ دَفَعَهُ إلَيْهِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْهُ وَإِلَّا دَفَعَهُ إلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ سَوَاءٌ فِي هَذَا وَفِيمَا يَأْتِي إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَجِدْ مَالًا يَقْتَرِضُهُ أَوْ لَمْ يَرَ الِاقْتِرَاضَ (بَاعَ مِنْهَا) بِقَدْرِ الْحَاجَةِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ ثَمَنِهِ (إنْ لَمْ يَهْرُبْ بِهَا) نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْ حَاجَةِ الْمُسْتَأْجِرِ بَاعَ الْحَاكِمُ مِنْهَا قَبْلَ الِاقْتِرَاضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعِهَا وَالِاكْتِرَاءِ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِبَعْضِ الثَّمَنِ فَلَهُ ذَلِكَ جَزْمًا حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ مَالِ الْغَائِبِ بِالْمَصْلَحَةِ (وَتَبْقَى) أَيْ الْجِمَالُ (بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ كُلُّهُ) أَيْ الْأَخْذُ مِنْ مَالِهِ وَالِاقْتِرَاضُ وَالِاكْتِرَاءُ عَلَيْهِ وَيَكْفِي أَنْ يُقَالَ: تَعَذَّرَ الِاكْتِرَاءُ (فَسَخَ) الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ (أَوْ صَبَرَ) حَتَّى تَحْضُرَ الْجِمَالُ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ هَذَا (فِي الصُّورَةِ الْأُولَى) وَهِيَ مَا إذَا هَرَبَ بِالْجِمَالِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَهْرُبْ بِهَا لِوُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَكِنْ إنْ تَعَذَّرَ فِيهَا الْأَخْذُ وَالِاقْتِرَاضُ وَبَيْعُ بَعْضِهَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ بِذَلِكَ فِي الْأُولَى (وَإِذَا أَذِنَ) الْحَاكِمُ (لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لِيُنْفِقَ) عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ (وَيَرْجِعَ) عَلَى الْمُكْرِي (جَازَ) كَمَا لَوْ اقْتَرَضَ مِنْهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ (وَيُصَدَّقُ فِي إنْفَاقِ) قَدْرٍ (مُعْتَادٍ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) ثَمَّ (حَاكِمٌ أَوْ) كَانَ لَكِنْ (عَسُرَ إثْبَاتُ الْوَاقِعَةِ عِنْدَهُ فَأَنْفَقَ) عَلَيْهَا (وَأَشْهَدَ عَلَى مَا أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ) عَلَى الْمُكْرِي (رَجَعَ) عَلَيْهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَ صُدِّقَ الْمُنْفِقُ (وَيَحْفَظُهَا) أَيْ الْجِمَالَ (الْحَاكِمُ بَعْدَ) مُضِيِّ (الْمُدَّةِ أَوْ يَبِيعُ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا اقْتَرَضَ فَإِنْ خَشِيَ أَنْ تَأْكُلَ نَفْسَهَا) لَوْ بَاعَ بَعْضَهَا (بَاعَ الْكُلَّ)
(فَصْلٌ وَإِنْ سَلَّمَ الْمُؤَجِّرُ الْعَيْنَ وَكَذَا الْأَجِيرُ الْحُرُّ نَفْسَهُ) إلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ عَرَضَهَا عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهَا (اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ) عَلَيْهِ (بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْعَمَلِ) بِحَسَبِ مَا ضُبِطَتْ بِهِ الْمَنْفَعَةُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِجَارَةُ إجَارَةَ عَيْنٍ أَمْ ذِمَّةٍ (وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ سَوَاءٌ أَتَرَكَ اسْتِعْمَالَهَا.
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَسْنَحُ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَصِيرُ بِسَبِيلٍ عَلَى رَأْيٍ مِنْ إبْطَالِ مَا أَلْزَمَ بِهِ ذِمَّتَهُ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ عَلَيْهِ وَلَا إثْمٍ وَعَقْدُ الْإِجَارَةِ يُصَانُ عَنْ هَذَا وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْمُسَاقَاةِ إذَا اسْتَأْجَرَ قَصَّارًا لِقِصَارَةِ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ يُكَلَّفَ تَسْلِيمَهُ إلَيْهِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ إنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ صَبَّاغًا لِيَصْبُغَ لَهُ ثَوْبًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ مَا لَمْ يَصْبُغْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ قَصَّارًا عَلَى قِصَارَةِ ثَوْبٍ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ مَا لَمْ يَقْصُرْهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا عَلَى عَمَلٍ ذَهَبَ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ مَا لَمْ يَعْمَلْ وَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ لَاقْتَضَى طَرْدَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَيُمَكَّنُ عَلَى رَأْيٍ مِنْ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْنَحُ لَهُ غَرَضٌ خِلَافُ الْغَرَضِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِي الْفَرْقِ إنَّا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَوْ وَجَبَ التَّسْلِيمُ لَكَانَ فِيهِ إجْبَارٌ عَلَى الْقَطْعِ وَهُوَ يَنْقُصُ الْمَالَ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسَائِلِ فَإِنَّ الْمَالِيَّةَ فِيهَا مَحْفُوظَةٌ بَلْ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُوصَى لَهُ بِالدَّارِ إلَخْ) مِثْلُهُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ بِإِقْطَاعٍ.
[فَصْلٌ هَرَبَ الْمُكْرِي لِجِمَالٍ بِجِمَالِهِ وَالْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ]
(قَوْلُهُ: وَلِلْإِجَارَةِ فِي الذِّمَّةِ) أَمَّا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَلَهُ الْفَسْخُ كَمَا لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ إلَخْ) أَيْ إنْ رَضِيَ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي قَوْلِهِ فَرْعٌ وَتَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ (قَوْلُهُ: كَنَظِيرِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَى غَائِبٍ فَجَازَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَنْ يَتَوَصَّلَ صَاحِبُهُ إلَيْهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَلَّمَ الْمُؤَجِّرُ الْعَيْنَ إلَخْ) لَوْ عَرَضَهَا عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الِاسْتِيفَاءُ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَبَضَهَا وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرُهُمَا وَفِي الِاسْتِقْصَاءِ عَنْ مِنْهَاجِ أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِ إلَّا بِالنَّقْلِ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَفِي الْبَيَانِ قَضِيَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْبِضُ مِنْهُ فَإِنْ رَكِبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِلَّا أَجَّرَهُ الْحَاكِمُ كَمَسْأَلَةِ السَّلَمِ وَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الطَّيِّبِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَضَعْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute