للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعَمَلِهِ (ثَلَاثِينَ فَفَصَلَهُ بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمَالِكِ (غَرِمَ نَقْصَ الثَّوْبِ عَنْ الْعَشَرَةِ أَوْ) فَصَلَهُ (بِلَا إذْنٍ فَعَنْ) أَيْ فَيَغْرَمُ نَقْصَ الثَّوْبِ عَنْ (الْخَمْسَةَ عَشَرَ) نِصْفِ الثَّلَاثِينَ (فَإِنْ عَادَتْ قِيمَتُهُ) مَصْبُوغًا (عَشَرَةً لِلرُّخْصِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ (عَلَى نِسْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُمَا) أَيْ الْمَالِكُ وَالْغَاصِبُ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَصْبُوغِ (سَوَاءٌ) كَمَا كَانَ (وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ تَفَاوُتَ الْقِيمَةِ مَعَ رَدِّ الْعَيْنِ فَإِنْ فَصَلَهُ) بَعْدَ عَوْدِ الْقِيمَةِ إلَى عَشَرَةٍ (عُدْوَانًا فَسَاوَى الثَّوْبُ أَرْبَعَةً لَزِمَهُ خُمُسُ الثَّوْبِ مِنْ أَقْصَى قِيَمِهِ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَإِنْ فَصَلَهُ بِإِذْنٍ) مِنْ مَالِكِ الثَّوْبِ (فَخُمُسُ الْعَشَرَةِ) يَلْزَمُهُ.

(فَصْلٌ: وَمَتَى خَلَطَ الْغَاصِبُ الزَّيْتَ أَوْ الشَّيْرَجَ) أَوْ نَحْوَهُ (بِجِنْسِهِ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ صَارَ كَالْهَالِكِ) لَا مُشْتَرَكًا سَوَاءٌ أَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَمْ بِأَجْوَدَ أَمْ بِأَرْدَأَ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ (وَمَلَكَهُ) الْغَاصِبُ (وَلَهُ إبْدَالُهُ أَوْ إعْطَاؤُهُ مِمَّا خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَجْوَدَ) مِنْهُ (لَا بِأَرْدَأَ) ؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ (إلَّا بِرِضَاهُ) فَلَهُ ذَلِكَ (وَيَسْقُطُ) عَنْهُ (الْأَرْشُ) كَمَا لَوْ أَخَذَ الْأَرْدَأَ مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ، وَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ إلَى آخِرِهِ تَنَازَعَهُ إبْدَالُهُ، وَإِعْطَاؤُهُ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ إنْ خَلَطَ الدَّرَاهِمَ بِمِثْلِهَا بِحَيْثُ لَا تَتَمَيَّزُ هَلَاكٌ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ، وَالْأَوَّلُ أَوْجُهُ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ مُتَمَيِّزٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الزَّيْتِ وَنَحْوِهِ مُنْتَقَضٌ بِالْحُبُوبِ. وَلَوْ غَصَبَ وَرَقًا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قُرْآنًا أَوْ غَيْرَهُ كَانَ كَالْهَالِكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِحَالِهِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالصَّبْغِ فِيمَا مَرَّ (وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ غَصَبَ مِنْ اثْنَيْنِ) رَقِيقَيْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا (وَخَلَطَهُمَا) فَيَكُونُ الْمَخْلُوطُ كَالْهَالِكِ، وَيَمْلِكُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ أَوْفَقُ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا يَكُونُ كَالْهَالِكِ.

وَمِمَّا حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ فِيهِ، وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا وَالثَّانِيَ يَتَخَيَّرَانِ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَالْمُطَالَبَةِ بِالْمِثْلِ (وَلَوْ اخْتَلَطَا) أَيْ الزَّيْتَانِ أَوْ نَحْوُهُمَا (بِانْثِيَالٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ بِانْصِبَابٍ (وَنَحْوِهِ) كَصَبِّ بَهِيمَةٍ (أَوْ بِرِضَاهُمَا) أَيْ مَالِكَيْهِمَا (فَمُشْتَرَكٌ) لِعَدَمِ التَّعَدِّي، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ (فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَرْدَأَ أُجْبِرَ صَاحِبُهُ عَلَى قَبُولِ الْمُخْتَلِطِ) ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ عَيْنُ حَقِّهِ وَبَعْضَهُ خَيْرٌ مِنْهُ (لَا صَاحِبُ الْأَجْوَدِ) فَلَا يُجْبَرُ (أَخْذًا وَبَذْلًا) أَيْ عَلَى الْأَخْذِ مِنْ الْمُخْتَلِطِ وَالْبَذْلِ مِنْهُ (فَإِنْ أَخَذَ) مِنْهُ عَلَى قَوْلِ الشَّرِكَةِ فِي صُورَةِ الْغَصْبِ (فَلَهُ الْأَرْشُ) لِلنَّقْصِ لِتَعَدِّي الْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ إذَا خَلَطَ بِالْأَرْدَأِ فَإِنَّ الْبَائِعَ إذَا رَجَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوطِ لَا أَرْشَ لَهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ (وَإِلَّا بَيْعَ) الْمُخْتَلِطِ (وَقُسِّمَ الثَّمَنُ) بَيْنَهُمَا (بِنِسْبَةِ الْقِيمَةِ) فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ صَاعِهِ دِرْهَمَيْنِ، وَقِيمَةُ صَاعِ الْآخَرِ دِرْهَمًا قُسِّمَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا (فَإِنْ أَرَادَ قِسْمَةَ) عَيْنِ (الْمُتَفَاضِلَيْنِ فِي الْقِيمَةِ عَلَى نِسْبَةِ الْقِيمَةِ لَمْ تَجُزْ لِلتَّفَاضُلِ فِي الْكَيْلِ وَنَحْوِهِ) ، وَقَوْلُهُ هُنَا فَإِنْ كَانَ إلَى آخِرِهِ، وَفِيمَا يَأْتِي فَإِنْ اتَّفَقَا إلَى آخِرِهِ إنَّمَا فَرَّعَهُ الْأَصْلُ عَلَى قَوْلِ الشَّرِكَةِ فِي صُورَةِ الْغَصْبِ فَفَرَّعَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ الِانْثِيَالِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ إلَّا فِي أَخْذِ الْأَرْشِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ (وَإِنْ خَلَطَهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَزَيْتٍ بِشَيْرَجٍ وَدَقِيقِ حِنْطَةٍ بِدَقِيقِ شَعِيرٍ فَهَالِكٌ) أَيْ فَكَالْهَالِكِ لِمَا مَرَّ وَلِبُطْلَانِ فَائِدَةِ خَاصِّيَّتِهِ (يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ) قَدْ (غُصِبَ وَانْثَالَ) عَلَى الْآخَرِ (فَمُشْتَرَكٌ) لِمَا مَرَّ فِي اخْتِلَاطِ الشَّيْءِ بِجِنْسِهِ.

(فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى قِسْمَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ، وَقِسْمَةِ الثَّمَنِ) بَيْنَهُمَا (جَازَ) إذْ التَّفَاضُلُ جَائِزٌ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ (وَلَتُّ السَّوِيقِ) بِالزَّيْتِ وَنَحْوِهِ (كَصَبْغِ الثَّوْبِ) فِيمَا مَرَّ (وَإِنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ كَإِخْرَاجِ الْحِنْطَةِ الْحَمْرَاءِ مِنْ السَّمْرَاءِ وَالزَّيْتِ مِنْ الْمَاءِ) أَوْ مِنْ الزَّيْتِ كَأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ رَقِيقٌ وَاخْتَلَفَا لَوْنًا وَأُزِيلُ مَا بَيْنَهُمَا بِرِفْقٍ (وَجَبَ) عَلَى الْغَاصِبِ التَّمْيِيزُ، وَإِنْ شَقَّ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا تَمْيِيزُ بَعْضِهِ وَجَبَ، قَالَهُ فِي الشَّامِلِ (وَوَجَبَ) عَلَيْهِ (أَرْشُ النَّقْصِ) إنْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

فَهُوَ مَالٌ ضَائِعٌ وَلَوْ أَسْلَمَ أَوْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَسَلَّمَ الْمَغْصُوبَ صَحَّ الْعَقْدُ وَفَسَدَ التَّسْلِيمُ وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَمْلِكُ الْغَاصِبُ مَا أَخَذَ، وَأَرْبَاحَهُ.

[فَصْلٌ خَلَطَ الْغَاصِبُ الزَّيْتَ أَوْ الشَّيْرَجَ أَوْ نَحْوَهُ بِجِنْسِهِ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ]

(فَصْلٌ: وَمَتَى خَلَطَ الْغَاصِبُ الزَّيْتَ أَوْ الشَّيْرَجَ) (قَوْلُهُ: بِجِنْسِهِ) أَيْ مِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ) قَالَ الْفَتَى هَذِهِ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ تُفْسِدُ التَّصْوِيرَ فَإِنَّهُ مُتَعَذِّرٌ بِلَا شَكٍّ فَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِهِ فَحَذَفْتهَا فَلْتُحْذَفْ مِنْ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: صَارَ كَالْهَالِكِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يُعْطِيَ الْمَالِكَ بَدَلَهُ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ فس، وَقَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَلَّكَهُ إيَّاهُ بِعِوَضٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بَلْ لِمَالِكِهِ حَقُّ الْحَبْسِ حَتَّى يَرْضَى بِذِمَّتِهِ فَكَيْفَ إذَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ (قَوْلُهُ: لَا مُشْتَرَكًا) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْلِسِ إذَا خَلَطَ الْمَبِيعَ حَيْثُ جَعَلْنَا الْبَائِعَ شَرِيكًا فِيهِ أَنَّا لَوْ لَمْ نُثْبِتْ الشَّرِكَةَ لَمْ يَصِلْ الْبَائِعُ إلَى حَقِّهِ تَامًّا بَلْ احْتَاجَ إلَى الْمُضَارَبَةِ، وَهَاهُنَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ الْبَدَلَ كُلَّهُ وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ مُفْلِسًا وَخَلَطَ فَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ أَوْلَى بِثُبُوتِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَمَلَكَهُ الْغَاصِبُ) أَيْ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِمِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ خَلْطَ الدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَدْ رَوَى الْبُوَيْطِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الزَّيْتِ وَذَلِكَ جَارٍ فِي كُلِّ مِثْلِيٍّ (قَوْلُهُ: كَانَ كَالْهَالِكِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ إلَخْ) وَقَدْ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي الِاسْتِدْلَالِ. اهـ.

وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ إنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْبَرُ أَخْذًا وَبَذْلًا) ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ جَعَلَهُ كَالتَّالِفِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ انْثَالَتْ حِنْطَةٌ عَلَى حِنْطَةٍ مَبِيعَةٍ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ تَلِفَتْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَحِيحٌ إلَّا فِي أَخْذِ الْأَرْشِ إلَخْ) هُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا بِجَعْلِ ضَمِيرِ الْمُثَنَّى فِي قَوْلِهِ اخْتَلَطَا رَاجِعًا إلَى الْمَغْصُوبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: أَوْ بِرِضَاهُمَا إذْ رِضَاهُمَا بِاخْتِلَاطِهِمَا لَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ كَوْنِهِمَا مَغْصُوبَيْنِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ جَعْلِ قَوْلِهِ أَوْ بِرِضَاهُمَا لَا غَصْبَ مَعَهُ يَكُونُ قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأَرْشُ رَاجِعًا إلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>