للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّفِيعُ أَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُلْزِمَهُ التَّسْلِيمَ، أَوْ يَقْبِضَ عَنْهُ (أَوْ) حَتَّى (يَرْضَى بِذِمَّتِهِ حَيْثُ لَا رِبَا بِنَحْوِ صَفَائِحَ مِنْ ذَهَبٍ وَالثَّمَنُ فِضَّةٌ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ الشِّقْصَ) لَهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمُعَاوَضَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبًا كَأَنْ بَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ عَلَيْهَا صَفَائِحُ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ الْمَفْهُومِ مِنْ لَفْظَةِ " نَحْوِ " وَجَبَ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ حَذَرًا مِنْ الرِّبَا كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " وَالثَّمَنُ فِضَّةٌ " مَا لَوْ كَانَ ذَهَبًا فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ (أَوْ بِأَنْ يَتَمَلَّكَ عِنْدَ الْقَاضِي وَيَحْكُمَ لَهُ) بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ الْعِوَضَ؛ لِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي حَتَّى كَانَ الْعَقْدُ وَقَعَ لَهُ إلَّا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ فَإِذَا طَلَبَ وَتَأَكَّدَ طَلَبُهُ بِالْقَضَاءِ وَجَبَ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِالْمِلْكِ (لَا) إنْ تَمَلَّكَهُ (عِنْدَ الشُّهُودِ) وَلَوْ عِنْدَ فَقْدِ الْقَاضِي فَلَا يَمْلِكُهُ بِالْإِشْهَادِ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ الْقَضَاءِ لِقُوَّتِهِ وَقِيلَ يَمْلِكُ بِهِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَوْلُهُ " يَتَمَلَّكَ " مَعْطُوفٌ عَلَى " يَقْبِضَ " فَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ " بِأَنْ " كَانَ أَوْلَى، وَقَوْلِي " وَلَوْ عِنْدَ فَقْدِ الْقَاضِي " هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا يَبْعُدُ التَّفْصِيلُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ هَرَبِ الْجِمَالِ حَيْثُ يَقُومُ الْإِشْهَادُ مَقَامَ الْقَضَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الضَّرَرَ هُنَاكَ أَشَدُّ مِنْهُ هُنَا.

(وَيَتَوَقَّفُ وُجُوبُ تَسْلِيمِ الشِّقْصِ) لِلشَّفِيعِ (عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ) أَيْ عِوَضِهِ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ تَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَدَائِهِ الثَّمَنَ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَقَّهُ بِتَأْخِيرِ الْبَائِعِ حَقَّهُ (وَيُمْهَلُ) الشَّفِيعُ (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ (إنْ غَابَ مَالُهُ، ثُمَّ) إنْ انْقَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْ الثَّمَنَ (يَفْسَخُهُ) أَيْ التَّمَلُّكَ (الْقَاضِي وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ خِيَارُ مَجْلِسٍ) لِمَا مَرَّ فِي بَابِهِ.

(فَرْعٌ: الشَّفِيعُ يَرُدُّ) جَوَازَ الشِّقْصِ (بِالْعَيْبِ) عَلَى الْمُشْتَرِي (وَلَا يَتَصَرَّفُ) فِيهِ (قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ سَلَّمَ الثَّمَنَ) لِلْمُشْتَرِي (فَإِنْ قَبَضَهُ) الشَّفِيعُ (بِالْإِذْنِ) مِنْ الْمُشْتَرِي (وَأَفْلَسَ) بِالثَّمَنِ (رَجَعَ فِيهِ الْمُشْتَرِي) كَمَا فِي الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (وَيَتَصَرَّفُ) فِيهِ (الْمُشْتَرِي بَعْدَ الطَّلَبِ وَقَبْلَ التَّمَلُّكِ) لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ التَّمَلُّكِ.

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَا يَأْخُذُ بِهِ) الشَّفِيعُ (فَإِنْ بَاعَ) الشَّرِيكُ (الشِّقْصَ أَوْ أَسْلَمَهُ) أَيْ جَعَلَهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ (أَوْ صَالَحَ بِهِ عَنْ دَيْنٍ، أَوْ نَجْمِ كِتَابَةٍ أَخَذَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ) فِي الْأُولَى (أَوْ) بِمِثْلِ (الْمُسْلَمِ فِيهِ) فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ) بِمِثْلِ (الدَّيْنِ) فِي الثَّالِثَةِ (أَوْ) بِمِثْلِ (النَّجْمِ) فِي الرَّابِعَةِ (إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً) وَقُدِّرَ كُلٌّ مِنْهَا (بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ فَإِنْ قُدِّرَ بِغَيْرِهِ كَمِائَةِ رِطْلٍ حِنْطَةً أُخِذَ بِهِ) أَيْ بِمِثْلِهِ وَزْنًا (فَإِنْ عُدِمَ الْمِثْلُ وَقْتَ الْأَخْذِ، أَوْ كَانَ) الْعِوَضُ (مُتَقَوِّمًا فَالْقِيمَةُ) يَأْخُذُ بِهَا وَاعْتِبَارُهُمْ الْمِثْلَ وَالْقِيمَةَ فِيمَا ذُكِرَ مَقِيسٌ عَلَى الْغَصْبِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ مَلَكَ الثَّمَنَ قَبْلَ الْأَخْذِ تَعَيَّنَ الْأَخْذُ بِهِ لَا سِيَّمَا الْمُتَقَوِّمَ؛ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْهُ إنَّمَا كَانَ لِتَعَذُّرِهِ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ (وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُتَقَوِّمِ) إذَا بِيعَ بِهِ (قِيمَةُ يَوْمِ الْبَيْعِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ إثْبَاتِ الْعِوَضِ وَاسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ (وَإِنْ صَالَحَ بِهِ عَنْ دَمٍ، أَوْ اسْتَأْجَرَ بِهِ أَوْ أَصْدَقَهُ) امْرَأَةً (أَوْ خَالَعَ) زَوْجَتَهُ (عَلَيْهِ، أَوْ أَمْتَعَهُ) مُطَلَّقَتَهُ (أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الدِّيَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ) مِنْ الْأُولَى كَذَا فِي الْأَصْلِ أَيْضًا وَصَوَابُهُ يَوْمَ الصُّلْحِ (أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ) لِمُدَّةِ الْإِجَارَةِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ (أَوْ مَهْرِهِ) أَيْ الْمِثْلِ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ، وَقِيمَتُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ (أَوْ مُتْعَتِهِ) أَيْ الْمِثْلِ فِي الْخَامِسَةِ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ بِالطَّلَاقِ، وَالشِّقْصُ عِوَضُهَا وَيُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ، أَوْ مُتْعَتُهُ (حَالَ النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْإِمْتَاعِ) وَذِكْرُ اعْتِبَارِ حَالِ الِامْتِنَاعِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَإِنْ أَجْعَلَهُ) أَيْ جَعَلَهُ جُعْلًا عَلَى عَمَلٍ (أَوْ أَقْرَضَهُ أَخَذَهُ بَعْدَ الْعَمَلِ بِأُجْرَتِهِ) أَيْ الْعَمَلِ فِي الْأُولَى وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ بَعْدَ مِلْكِ الْمُسْتَقْرِضِ) الشِّقْصَ (بِقِيمَتِهِ) فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: أَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي إلَخْ) وَلَوْ ظَفِرَ بِهِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْبَيْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَجَبَ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِالْمِلْكِ لَهُ) صَرَّحَ صَاحِبُ الْكَافِي بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَكُونُ بِثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يُسَاعِدُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْحُكْمِ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فَإِنَّهَا ثَابِتَةٌ بِالشَّرْعِ قَبْلَ الْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَتَمَلَّكُهُ بِهِ) وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ

(قَوْلُهُ: وَيَتَوَقَّفُ وُجُوبُ تَسْلِيمِ الشِّقْصِ عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَيْ عِوَضِهِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا وَاضِحٌ فِي غَيْرِ الرِّضَا بِذِمَّتِهِ فَأَمَّا إذَا رَضِيَ بِذِمَّتِهِ فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَنْ يَكُونَ كَالْبَائِعِ حَتَّى يُجْبَرَ عَلَى التَّسْلِيمِ أَوَّلًا عَلَى الصَّحِيحِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي رُتْبَةِ الْبَائِعِ وَالشَّفِيعَ فِي رُتْبَةِ الْمُشْتَرِي.

[فَرْعٌ الشَّفِيعُ يَرُدُّ جَوَازَ الشِّقْصِ بِالْعَيْبِ عَلَى الْمُشْتَرِي]

(قَوْلُهُ: أَوْ نَجْمِ كِتَابَةٍ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَشَرْحِ اللُّبَابِ وَغَيْرِهَا جَزَمُوا هُنَا بِأَنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ فِي الْمَأْخُوذِ عِوَضًا عَنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ بِمِثْلِهَا، أَوْ قِيمَتِهَا وَذَكَرُوا فِي الْكِتَابَةِ أَنَّ الِاعْتِيَاضَ وَالِاسْتِبْدَالَ عَنْ النُّجُومِ بَاطِلٌ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا صَعْبٌ مُشْكِلٌ وَتَكَلُّفٌ مُعْضِلٌ. اهـ.

يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْكِفَايَةِ عَامٌّ وَمَا ذُكِرَ هُنَا خَاصٌّ فَيُخَصُّ بِهِ الْعَامُّ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَنَاقِضِ فِيهَا كَلَامُ الْأَصْحَابِ اعْتِمَادُ مَا وَقَعَ فِي بَابِهَا وَوَجْهُ جَوَازِ هَذِهِ الصُّورَةِ تَشَوُّفُ الشَّارِعِ إلَى حُصُولِ الْعِتْقِ بِالِاسْتِبْدَالِ الْمَذْكُورِ وَقُوَّةُ التَّصَرُّفِ فِي الْعَقَارِ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقَدْ يُتَكَلَّفُ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِي الْمَأْخُوذِ عِوَضًا عَنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ عَلَى الْوَجْهِ الرَّاجِحِ فِيمَا إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: مَا تَوَهَّمَهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ عَلَى الِاعْتِيَاضِ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ حَصَلَ الْمِلْكُ، وَإِذَا حَصَلَ الْمِلْكُ حَصَلَ الْعِتْقُ وَثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ، وَقَوْلُهُ: إنَّ الصَّوَابَ جَوَازُ الِاعْتِيَاضِ خَطَأٌ بَلْ الصَّوَابُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِدَيْنِ السَّلَمِ. اهـ.، وَقَوْلُهُ: عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ حَصَلَ الْمِلْكُ فِيهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ: فَالْقِيمَةُ يَأْخُذُ بِهَا مِنْ نَقْدِ بَلَدِ الْبَيْعِ) وَلَوْ ظَفِرَ بِهِ فِي غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ) الْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَهُ نَظَائِرُ.

(قَوْلُهُ: أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الدِّيَةِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ الصَّوَابُ بِقِيمَةِ الدَّمِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُتْعَتِهِ) وَهُوَ مَا يُقَدِّرُهُ الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>