تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ (وَكَذَا) تَبْطُلُ (الشُّفْعَةُ) كُلُّهَا فِي الْأُولَى وَبَعْضُهَا فِي الثَّانِيَةِ لِتَرَتُّبِهَا عَلَى الْبَيْعِ (وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (فِي الذِّمَّةِ) وَخَرَجَ كَذَلِكَ (صَحَّا) أَيْ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ وَأَبْدَلَ الثَّمَنَ بِمَا يَجِبُ بَدَلُهُ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُ الشِّقْصِ) إنْ لَمْ يَكُنْ تَبَرَّعَ بِتَسْلِيمِهِ (لِلْحَبْسِ) أَيْ لِيَحْبِسَهُ إلَى أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ (وَكَذَا لَوْ خَرَجَ) الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ، أَوْ الْمَبْذُولُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ (رَدِيئًا) يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُ الشِّقْصِ لِلْحَبْسِ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ مَا سَلَّمَهُ الشَّفِيعُ أَوْ خَرَجَ نُحَاسًا لَمْ تَبْطُلْ) شُفْعَتُهُ (وَلَوْ كَانَ عَالِمًا) بِذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تُسْتَحَقُّ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي الطَّلَبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ كَ تَمَلَّكْتُ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهِ كَ تَمَلَّكْتُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ (نَعَمْ إنْ شَفَعَ بِالْعَيْنِ احْتَاجَ تَمَلُّكًا جَدِيدًا لَا إنْ شَفَعَ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ خَرَجَ) مَا سَلَّمَهُ (رَدِيئًا) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَمَلُّكٍ جَدِيدٍ فَعُلِمَ أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَبْطُلُ بِخُرُوجِ مَا سَلَّمَهُ رَدِيئًا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ أَدَاءَهُ صَحِيحٌ بِدَلِيلِ مَا إذَا رَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي (وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُ الرَّدِيءِ) مِنْ الشَّفِيعِ (وَلَوْ قُبِلَ) أَيْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ (مِنْهُ) .
(فَصْلٌ)
لَوْ (بَنَى الْمُشْتَرِي، أَوْ غَرَسَ) أَوْ زَرَعَ فِي الْمَشْفُوعِ (وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّرِيكُ) وَهُوَ الشَّفِيعُ بِذَلِكَ، ثُمَّ عَلِمَ (قَلَعَ) الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ وَالزَّرْعَ (مَجَّانًا) لَا بِحَقِّ الشُّفْعَةِ بَلْ (لِعُدْوَانِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي عَلَى شَرِيكِهِ (لَا إنْ بَنَى) الْمُشْتَرِي فِي نَصِيبِهِ (بَعْدَ الْقِسْمَةِ، ثُمَّ شَفَعَ) أَيْ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يَقْلَعُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ بَنَى فِي مِلْكِهِ الَّذِي يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، وَتَعَلُّقُ حَقِّ الشُّفْعَةِ لَا يُمَكِّنُ مِنْ الْقَلْعِ مَجَّانًا كَتَعَلُّقِ حَقِّ الرُّجُوعِ بِالْأَرْضِ الْمَوْهُوبَةِ (وَيُتَصَوَّرُ) ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مَعَ أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ غَالِبًا رِضَا الشَّفِيعِ بِتَمَلُّكِ الْمُشْتَرِي (بِأَنْ أَظْهَرَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ هِبَةٌ) لَا بَيْعٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ بَيْعٌ (أَوْ) أَظْهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ (بِثَمَنٍ كَثِيرٍ) ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ بِأَقَلَّ (أَوْ ظَنَّهُ) أَيْ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَ الْقِسْمَةِ (وَكِيلًا لِلْبَائِعِ) فِيهَا (أَوْ سَأَلَ) الْمُشْتَرِي (الْقِسْمَةَ مِنْ الْحَاكِمِ فِي غَيْبَتِهِ) أَيْ الشَّفِيعِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْحَاكِمِ (إجَابَتُهُ) لِذَلِكَ (وَلَوْ عَلِمَ بِالشُّفْعَةِ) وَسَاغَ الْأَخْذُ بِهَا، وَإِنْ صَارَ الشَّرِيكَانِ بِالْقِسْمَةِ جَارَيْنِ؛ لِأَنَّ الْجِوَارَ إنَّمَا يَمْنَعُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَصَرَّحَ مَعَ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ بِصُورَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ لِلشَّفِيعِ وَكِيلٌ بِالْقِسْمَةِ مَعَ شُرَكَائِهِ وَالْمُشْتَرِي مِنْهُمْ فَيُقَاسِمَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ بِغَيْرِ عِلْمِ الشَّفِيعِ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَكِيلٌ فِي الْقِسْمَةِ، وَفِي أَخْذِ الْأَشْقَاصِ بِالشُّفْعَةِ فَيَرَى فِي شِقْصِ الْحَظِّ فِي تَرْكِهِ فَيَتْرُكَهُ وَيُقَاسِمَ، ثُمَّ يَقْدَمَ الشَّفِيعُ وَيُظْهِرَ لَهُ أَنَّ الْحَظَّ فِي الْأَخْذِ (وَلِبِنَائِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (حُكْمُ بِنَاءِ الْمُسْتَعِيرِ) فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْتَرْ الْقَلْعَ يُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَيْنَ الْقَلْعِ وَضَمَانِ الْأَرْشِ وَالتَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ عَلَى مَا مَرَّ ثَمَّ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ (إلَّا أَنَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ (لَا يُكَلَّفُ التَّسْوِيَةَ) لِلْأَرْضِ (إنْ اخْتَارَ الْقَلْعَ) لِأَنَّهُ كَانَ مُتَصَرِّفًا فِي مِلْكِهِ فَإِنْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ عَلَى صِفَتِهِ، أَوْ يَتْرُكُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَصَرَّحَ أَيْضًا بِأَنَّ الْغِرَاسَ كَالْبِنَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِأَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَخْتَارَ مَعَ مَا قَدَّمْتُهُ التَّبْقِيَةَ بِالْأُجْرَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ لَهُ فِي الْعَارِيَّةِ وَالْمُصَنِّفِ سَالِمٌ مِنْ هَذَا (وَيَبْقَى زَرْعُهُ) إنْ زَرَعَ (إلَى) أَوَانِ (الْحَصَادِ بِلَا أُجْرَةٍ) لِأَنَّهُ زَرَعَ مِلْكَ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ (وَلِلشَّفِيعِ تَأْخِيرُ الشُّفْعَةِ) أَيْ الْأَخْذِ بِهَا (إلَى) أَوَانِ (الْحَصَادِ) لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ قَبْلُ وَيَخْرُجُ الثَّمَنُ عَنْ يَدِهِ (وَفِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ) لِلْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ (إلَى) أَوَانِ (جِذَاذِ الثَّمَرَةِ) فِيمَا لَوْ كَانَ فِي الشِّقْصِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الثَّمَنُ بِنِسْيَانٍ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَنَسِيت الثَّمَنَ ثُمَّ لَا شُفْعَةَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الشَّفِيعُ بَيِّنَةً فَيُؤْخَذَ لَهُ بِبَيِّنَتِهِ. اهـ.، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ صَارَ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَالْمَجْهُولُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَلَا تُسْتَحَقُّ الشُّفْعَةُ بِهِ.
[فَصْلٌ خَرَجَ ثَمَنُ الشِّقْصِ الْمُعَيَّنِ مُسْتَحَقًّا]
(قَوْلُهُ: تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَمِنْ هَذَا يُؤْخَذُ أَنَّ الصَّفْقَةَ تُفَرَّقُ فِي الثَّمَنِ كَمَا تُفَرَّقُ فِي الْمُثَمَّنِ وَقَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُسْتَحَقُّ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ إلَخْ) عُلِمَ أَنَّ صُورَتَهَا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُ الرَّدِيءِ) وَلَوْ قَبِلَ مِنْهُ قَالَ شَيْخُنَا: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الرِّضَا بِالْعَيْبِ بِأَنَّ ضَرَرَ الرَّدِيءِ أَكْثَرُ مِنْ ضَرَرِ الْمَعِيبِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَيْبِ الرَّدَاءَةُ فَلَزِمَهُ قَبُولُ الْمَعِيبِ بِالرِّضَا دُونَ الرَّدِيءِ
[فَصْلٌ بَنَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ فِي الْمَشْفُوعِ وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّرِيكُ وَهُوَ الشَّفِيعُ بِذَلِكَ ثُمَّ عَلِمَ]
(قَوْلُهُ: لَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي) شَمِلَ الْمُشْتَرِيَ أَوَّلًا وَمَنْ اشْتَرَى مِنْهُ (قَوْلُهُ: قَلَعَ مَجَّانًا لِعُدْوَانِهِ) أَيْ بِلَا أَرْشٍ، وَغَرَّمَهُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ بِقَلْعِهِمَا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ خَرَجَ الشِّقْصُ الْمَشْفُوعُ مُسْتَحَقًّا بَعْدَ أَنْ بَنَى فِيهِ الشَّفِيعُ، أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ.
(قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ) أَيْ الْأَصْلُ مَعَ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ بِصُورَتَيْنِ إلَخْ، سَابِعُهَا أَنْ يُوَكِّلَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي الْقِسْمَةِ فَيُقَاسِمَهُ الشَّرِيكُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ وَالتَّوْكِيلِ، وَثَامِنُهَا أَنْ يُخْبِرَهُ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَيُؤَخِّرَ الْأَخْذَ إلَى الْحُلُولِ وَيُطَالِبَهُ الْمُشْتَرِي بِالْقِسْمَةِ وَيُقَاسِمَهُ، ثُمَّ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَتَاسِعُهَا أَنْ يَتْرُكَ الْوَلِيُّ الشُّفْعَةَ لِلْمَصْلَحَةِ وَيُقَاسِمَ، ثُمَّ يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَيَخْتَارَ الْأَخْذَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ، وَعَاشِرُهَا أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يُقَاسِمُ مَنْ يَشْتَرِي مِنْ شَرِيكِهِ فَقَاسَمَهُ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَصِحُّ وَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْمُقَاسَمَةِ إسْقَاطٌ لِلشُّفْعَةِ قَبْلَ ثُبُوتِهَا وَذَكَرَ الْمُتَوَلِّي صُورَةً يَكُونُ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ فِيهَا مُحْتَرَمَيْنِ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ وَهِيَ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَيَسْتَأْجِرَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَ آخَرَ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَيَشْتَرِيَ نَصِيبَ الثَّالِثِ، ثُمَّ يَبْنِيَ فِي الْأَرْضِ وَيَغْرِسَ فَبِنَاؤُهُ وَغِرَاسُهُ مُحْتَرَمَانِ وَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَلِبِنَائِهِ) أَيْ وَغِرَاسِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَيْنَ الْقَلْعِ وَضَمَانِ الْأَرْشِ وَالتَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا فَإِنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ.
(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَخْتَارَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ لَهُ فِي الْعَارِيَّةِ) قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ قَالَ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ كَمَا زَعَمَهُ الشَّيْخَانِ بَلْ الْكُلُّ مُتَّفِقُونَ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي الصُّلْحِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَى جِذَاذِ الثَّمَرَةِ وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: الرَّاجِحُ الْمَنْعُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ