للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْوَاعٍ شَقٌّ، وَقَطْعٌ، وَإِزَالَةُ مَنْفَعَةٍ، الْأَوَّلُ الْجُرْحُ) قَالَ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] (وَيَقَعُ عَلَى الشِّجَاجِ، وَهِيَ) بِكَسْرِ الشِّينِ جَمْعُ شَجَّةٍ بِفَتْحِهَا (عَشْرٌ) بِالِاسْتِقْرَاءِ (الْحَارِصَةُ) بِمُهْمَلَاتٍ، وَهِيَ الَّتِي (تَشُقُّ الْجِلْدَ) قَلِيلًا نَحْوَ الْخَدْشِ وَتُسَمَّى الْحَرْصَةَ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَالْحَرِيصَةَ كَمَا فِي الْمُحْكَمِ (وَالدَّامِيَةُ) ، وَهِيَ الَّتِي (تُدْمِيهِ) بِضَمِّ التَّاءِ أَيْ الشَّقَّ مِنْ غَيْرِ سَيْلَانِ دَمٍ، وَقِيلَ مَعَهُ (وَالْبَاضِعَةُ) بِمُوَحَّدَةٍ وَمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ، وَهِيَ الَّتِي (تَقْطَعُ لَحْمًا) بَعْدَ الْجِلْدِ (وَالْمُتَلَاحِمَةُ) بِالْمُهْمَلَةِ، وَهِيَ الَّتِي (تَغُوصُ فِيهِ) أَيْ فِي اللَّحْمِ، وَلَا تَبْلُغُ الْجِلْدَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبِين الْعَظْمِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَتُسَمَّى اللَّاحِمَةَ.

(وَالسِّمْحَاقُ) بِكَسْرِ السِّينِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَهِيَ الَّتِي (تَبْلُغُ جِلْدَةَ الْعَظْمِ) أَيْ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّحْمِ وَتُسَمَّى الْجِلْدَةُ بِهِ أَيْضًا، وَكَذَا كُلُّ جِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَقَدْ تُسَمَّى هَذِهِ الشَّجَّةُ الْمَلْطَاءَ وَالْمِلْطَاةَ والمِلَاطِيَّةَ (وَالْمُوضِحَةُ، وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ) بَعْدَ خَرْقِ الْجِلْدَةِ أَيْ تُظْهِرُهُ مِنْ اللَّحْمِ بِحَيْثُ يُقْرَعُ بِالْمِرْوَدِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ كَمَا سَيَأْتِي.

(وَالْهَاشِمَةُ) ، وَهِيَ الَّتِي (تُكَسِّرُهُ) أَيْ الْعَظْمَ، وَإِنْ لَمْ تُوضِحْهُ (وَالْمُنَقِّلَةُ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا وَتُسَمَّى الْمَنْقُولَةَ، وَهِيَ الَّتِي (تَنْقُلُهُ) مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ، وَإِنْ لَمْ تُوضِحْهُ وَتُهَشِّمْهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيُقَالُ هِيَ الَّتِي تَكْسِرُ وَتَنْقُلُ وَيُقَالُ هِيَ الَّتِي تَكْسِرُ الْعَظْمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا فِرَاشُ الْعِظَامِ وَالْفَرَاشَةُ كُلُّ عَظْمٍ رَقِيقٍ (وَالْمَأْمُومَةُ) جَمْعُهَا مَآمِيمُ كَمَكَاسِيرَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَتُسَمَّى الْآمَّةُ، وَهِيَ الَّتِي تَبْلُغُ (خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ) الْمُحِيطَةِ بِهِ، وَهِيَ أُمُّ الرَّأْسِ.

(وَالدَّامِغَةُ) بِالْمُعْجَمَةِ، وَهِيَ الَّتِي (تَخْرِقُ الْخَرِيطَةَ) وَتَصِلُ الدِّمَاغَ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهِيَ مُذَفَّفَةٌ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِيهَا أَلْفَاظٌ أُخَرُ تَؤُولُ إلَيْهَا فِي الْحُكْمِ كَالدَّامِعَةِ بِالْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ زَادَهَا الْمَاوَرْدِيُّ بَعْدَ الدَّامِيَةِ، وَقَالَ هِيَ الَّتِي يَجْرِي دَمُهَا جَرَيَانَ الدَّمْعِ (وَكُلُّهَا تُتَصَوَّرُ فِي الرَّأْسِ وَفِي الْجَبْهَةِ، وَكَذَا) تُتَصَوَّرُ (فِي الْخَدِّ، وَقَصَبَةِ الْأَنْفِ وَاللَّحْيِ الْأَسْفَلِ) وَسَائِرِ الْبَدَنِ (سِوَى الدَّامِغَةِ وَالْمَأْمُومَةِ) ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ الشِّجَاجِ لَا يَقَعُ عَلَى جُرُوحِ سَائِرِ الْبَدَنِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ (وَلَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا فِي الْمُوضِحَةِ) ، وَلَوْ مَعَ هَشْمٍ وَتَنْقِيلٍ لِتَيَسُّرِ ضَبْطِهَا وَاسْتِيفَاءِ مِثْلِهَا بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ (وَ) إلَّا (فِي جُرْحٍ يَنْتَهِي إلَى الْعَظْمِ، وَلَمْ يَكْسِرْهُ فِي) سَائِرِ (الْبَدَنِ) كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ إلَّا فِي الْمُوضِحَةِ، وَلَوْ فِي الْبَدَنِ لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ، وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ، وَلَمْ يَكْسِرْهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا كَسَرَهُ مَعَ الْإِيضَاحِ لَا قِصَاصَ فِي الْإِيضَاحِ بَلْ الْمُرَادُ لَا قِصَاصَ فِي الْكَسْرِ فَقَطْ، وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ.

(النَّوْعُ الثَّانِي: الْقَطْعُ) لِلطَّرَفِ (فَيُقْتَصُّ فِي كُلِّ طَرَفٍ يَنْضَبِطُ) إمَّا (بِمَفْصِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الصَّادِ، وَهُوَ مَوْضِعُ اتِّصَالِ عُضْوٍ بِعُضْوٍ عَلَى مُنْقَطِعِ عَظْمَيْنِ بِرِبَاطَاتٍ وَاصِلَةٍ بَيْنَهُمَا أَمَّا مَعَ دُخُولِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، أَوْ لَا فَالثَّانِي (كَأُنْمُلَةٍ وَكُوعٍ) وَالْأَوَّلُ كَرُكْبَةٍ (وَمَرْفِقٍ، وَكَذَا أَصْلُ فَخْذٍ وَمَنْكِبٍ إنْ أُمِنَتْ الْجَافَّةُ، وَ) إمَّا (بِتَحَيُّزِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفْصِلٌ (كَعَيْنٍ وَأُذُنٍ وَجِفْنٍ وَمَارِنٍ وَذَكَرٍ وَأُنْثَيَيْنِ وَشَفَةٍ وَلِسَانٍ، وَكَذَا شُفْرَانِ) بِضَمِّ الشِّينِ، وَأَلْيَانِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ خَطَرٌ فَاخْتَصَّ بِمَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْحَيْفُ وَالتَّعَدِّي إلَى مَا لَا يَسْتَحِقُّ وَذَلِكَ فِي الْأَعْضَاءِ الْمُنْضَبِطَةِ بِمَا ذُكِرَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: ٤٥] الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ النَّضْرِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَقَدْ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ «كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ» أَمَّا إذَا لَمْ تُؤْمَنْ الْإِجَافَةُ فِي أَصْلِ الْفَخْذِ وَالْمَنْكِبِ فَلَا قِصَاصَ، وَإِنْ أَجَافَ الْجَانِي، وَقَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ يُمْكِنُ أَنْ يُقْطَعَ وَيُجَافَ مِثْلَ تِلْكَ الْجَائِفَةِ؛ لِأَنَّ الْجَوَائِفَ لَا تَنْضَبِطُ ضِيقًا وَسَعَةً وَتَأْثِيرًا وَنِكَايَةً، وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ الْقِصَاصُ فِيهَا نَعَمْ إنْ مَاتَ بِالْقَطْعِ قُطِعَ الْجَانِي، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِلَا إجَافَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ (لَا إطَارُ شَفَةٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ الْمُحِيطُ بِهَا إذْ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ مُقَدَّرٌ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ وَغَيْرِهَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَجِبُ فِي آخِرِهَا كَمَا يَجِبُ فِي جَمِيعِهَا، وَأَوَّلِهَا وَصَوَابُهُ هُنَا السَّهِ بِمُهْمَلَةٍ بَعْدَهَا هَاءٌ بِلَا فَاءٍ، وَهُوَ حَلْقَةُ الدُّبُرِ؛ لِأَنَّ الْمُحِيطَ بِهَا لَا حَدَّ لَهُ، وَهِيَ كَذَلِكَ فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الصَّحِيحَةِ.

(فَرْعٌ:) لَوْ (قَطَعَ فِلْقَةً) بِفَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ قَافٍ بَعْدَ اللَّامِ وَبِقَافٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ فَاءٍ بَعْدَ اللَّامِ أَيْ قِطْعَةٌ (مِنْ أُذُنٍ، أَوْ مَارِنٍ، أَوْ لِسَانٍ، أَوْ حَشَفَةٍ) ، أَوْ شَفَةٍ (وَجَبَ الْقِصَاصُ) إنْ أَبَانَهَا (وَكَذَا إنْ لَمْ يُبِنْهَا) لِتَيَسُّرِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهَا (وَيُضْبَطُ الْمَقْطُوعُ بِالْجُزْئِيَّةِ) كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَيُسْتَوْفَى مِنْ الْجَانِي مِثْلُهُ (لَا الْمِسَاحَةِ) ؛ لِأَنَّ الْأَطْرَافَ الْمَذْكُورَةَ تَخْتَلِفُ كِبَرًا وَصِغَرًا بِخِلَافِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ]

قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهِيَ مُذَفَّفَةٌ) أَيْ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَقَدْ جَزَمَ مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ بِأَنَّ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ اسْمُ الشِّجَاجِ لَا يَقَعُ عَلَى جُرُوحِ سَائِرِ الْبَدَنِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لُغَوِيٌّ أَيْ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْمُوضِحَةِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ إذْ لَا يُعْتَبَرُ الْقِصَاصُ بِالْأَرْشِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَصَابِعَ الزَّائِدَةَ يُقْتَصُّ بِمِثْلِهَا، وَلَيْسَ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، وَكَذَلِكَ السَّاعِدُ بِلَا كَفٍّ وَعَلَى عَكْسِهِ الْجَائِفَةُ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، وَلَا قِصَاصَ فِيهَا (قَوْلُهُ: كَعَيْنٍ وَأُذُنٍ إلَخْ) شَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ رَدَّهَا فِي حَرَارَةِ الدَّمِ فَالْتَصَقَتْ فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالِالْتِصَاقِ لِحُصُولِ الْإِبَانَةِ وَوَجَّهَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بِأَنَّ الْإِلْصَاقَ مُسْتَحِقٌّ الْإِزَالَةَ فَلَا أَثَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ مَاتَ بِالْقَطْعِ قُطِعَ الْجَانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَصَوَابُهُ السَّهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْكُلُّ صَحِيحٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ إطَارِ الشَّفَةِ وَالِاسْتِ فِي ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>