للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبْعَ سِنِينَ فَفَرِّقُوا بَيْنَ فُرُشِهِمْ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ إنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ الْمَشْهُورِ «وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» رَاجِعٌ إلَى أَبْنَاءِ سَبْعٍ وَأَبْنَاءِ عَشْرٍ جَمِيعًا

(وَيُسْتَحَبُّ تَصَافُحُ الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ) لِخَبَرِ «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، نَعَمْ يُسْتَثْنَى الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ الْوَجْهُ فَيَحْرُمُ مُصَافَحَتُهُ وَمَنْ بِهِ عَاهَةٌ كَالْأَبْرَصِ وَالْأَجْذَمِ فَتُكْرَهُ مُصَافَحَتُهُ كَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ

(وَتُكْرَهُ الْمُعَانَقَةُ وَالتَّقْبِيلُ) فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَلَوْ كَانَ الْمُقَبِّلُ أَوْ الْمُقَبَّلُ صَالِحًا «قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَفَيَلْزَمُهُ وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَهُمَا لِقَادِمٍ) مِنْ سَفَرٍ أَوْ تَبَاعُدِ لِقَاءٍ (سُنَّةٌ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، نَعَمْ الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ الْوَجْهُ يَحْرُمُ تَقْبِيلُهُ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ ثُمَّ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُعَانَقَتَهُ كَتَقْبِيلِهِ أَوْ قَرِيبَةٍ مِنْهُ (كَتَقْبِيلِ الطِّفْلِ) وَلَوْ وَلَدَ غَيْرِهِ (شَفَقَةً) فَإِنَّهُ سُنَّةٌ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَّلَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ وَشَمَّهُ وَقَبَّلَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ الْأَقْرَعُ إنَّ لِي عَشَرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْت مِنْهُمْ أَحَدًا فَنَظَرَ إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ «قَدِمَ نَاسٌ مِنْ الْأَعْرَابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا تُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: لَكِنَّا وَاَللَّهِ مَا نُقَبِّلُ فَقَالَ: أَوَأَمْلِكُ إنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى نَزَعَ مِنْكُمْ الرَّحْمَةَ» رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ

(فَرْعٌ لَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ الْمَيِّتِ الصَّالِحِ) لِمَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ (وَيُسْتَحَبُّ تَقْبِيلُ يَدِ الْحَيِّ لِصَلَاحٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ كَزُهْدٍ وَعِلْمٍ وَشَرَفٍ كَمَا كَانَتْ الصَّحَابَةُ تَفْعَلُهُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ (وَيُكْرَهُ) ذَلِكَ (لِغِنَاهُ وَنَحْوِهِ) مِنْ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَشَوْكَتِهِ وَوَجَاهَتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْيَا لِخَبَرِ «مَنْ تَوَاضَعَ لِغَنِيٍّ لِغِنَاهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ» (وَ) يُكْرَهُ (حَنْيُ الظَّهْرِ) مُطْلَقًا (لِكُلٍّ) مِنْ النَّاسِ لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ (وَيُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ) مِنْ عِلْمٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ شَرَفٍ أَوْ نَحْوِهَا (إكْرَامًا لَا رِيَاءً وَإِعْظَامًا) أَيْ تَفْخِيمًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَقَدْ ثَبَتَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَالرَّوْضَةِ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْمُصَافَحَةِ وَمَا بَعْدَهُ إلَى هُنَا أَعَادَهُ فِي السِّيَرِ مَعَ زِيَادَةٍ وَوَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ بَعْضُ ذَلِكَ

(فَرْعٌ الْخُنْثَى) الْمُشْكِلُ (كَامْرَأَةٍ مَعَ الرِّجَالِ وَرَجُلٍ مَعَ النِّسَاءُ) فِي حُكْمِ النَّظَرِ أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ وَيُفَارِقُ هَذَا مَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ أَنَّهُ يُغَسِّلُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الصِّغَرِ بِضَعْفِ الشَّهْوَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِهَا قَبْلَهُ

[فَصْلٌ نَظَرُ وَجْهِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ]

(فَصْلٌ وَيَجُوزُ نَظَرُ وَجْهِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ)

بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ لِلْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَتِهَا (وَ) عِنْدَ (تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ) عَلَيْهَا لِذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ جَمِيعَ وَجْهِهَا كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهَا بِبَعْضِهِ وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ (وَتَكَلُّفُ كَشْفِهِ عِنْدَ الْأَدَاءِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ: فَإِنْ امْتَنَعَتْ أَمَرَتْ امْرَأَةً بِكَشْفِهِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَكَهُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ الْمَرْأَةَ وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ أَنَّهُ إذَا خَافَ مِنْ النَّظَرِ لِتَحَمُّلِهَا الْفِتْنَةَ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ لَمْ يَنْظُرْ وَإِلَّا نَظَرَ وَيَلْحَقُ بِالنَّظَرِ لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهَا نَظَرُ الْحَاكِمِ لِتَحْلِيفِهَا أَوْ لِلْحُكْمِ عَلَيْهَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّهَادَةَ وَالْحُكْمَ لَهَا كَالشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ عَلَيْهَا.

(وَيَجُوزُ النَّظَرُ وَاللَّمْسُ) بِقَدْرِ الْحَاجَةِ (لِلْفَصْدِ وَالْعِلَاجِ) كَالْحِجَامَةِ لِلْحَاجَةِ الْمُلْجِئَةِ إلَى ذَلِكَ (وَ) يَجُوزُ (بِمَحْضَرِ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ) النَّظَرُ (مِنْ رَجُلٍ إنْ عُدِمَتْ امْرَأَةٌ) تُعَالِجُ كَعَكْسِهِ أَيْ كَمَا يَجُوزُ بِمَحْضَرِ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ النَّظَرُ مِنْ امْرَأَةٍ إنْ عُدِمَ رَجُلٌ مُعَالِجٌ وَكُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ يَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ قِبَلِ الْمُعَالَجِ أَمْ الْمُعَالِجِ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ رَجُلَانِ مَعَ امْرَأَةٍ لِامْتِنَاعِ الْخَلْوَةِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ اجْتِمَاعِ رَجُلٍ مَعَ امْرَأَتَيْنِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ بَلْ السَّيِّدُ وَالْمَمْسُوحُ وَنَحْوُهُمَا كَذَلِكَ وَضَابِطُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ مَنْ يَمْنَعُ حُصُولَ الْخَلْوَةِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْعَدَدِ

(وَ) يَجُوزُ النَّظَرُ مِنْ (ذِمِّيٍّ) لِمُسْلِمَةٍ (إنْ عُدِمَ مُسْلِمٌ يُعَالِجُ) بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي نَظَرِ الْكَافِرَةِ أَنْ لَا يَجُوزَ مَعَ وُجُودِ مُسْلِمَةٍ وَيُمْكِنُ إدْرَاجُهَا فِي كَلَامِهِ (وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى السَّوْأَتَيْنِ إلَّا فِي حَاجَةٍ لَا يَهْتِكُ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ فَفَرِّقُوا بَيْنَ فُرُشِهِمْ) أَيْ نَدْبًا

(قَوْلُهُ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ ثَمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ إلَخْ

[فَرْع تَقْبِيل وَجْهِ الْمَيِّتِ الصَّالِحِ]

(فَصْلٌ وَيَجُوزُ نَظَرُ وَجْهِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ إلَخْ) (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَيَرْجِعُ إلَى الثَّانِي وَلَا خِلَافَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ لَمْ يَنْظُرْ وَإِلَّا نَظَرَ) يَنْبَغِي الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَمَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى فَرْجِ الزَّانِيَيْنِ لِتُحْمَلَ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِهَا فَإِذَا أُبِيحَ الْمُحَرَّمُ مَعَ عَدَمِ الْوُجُوبِ فَلَأَنْ يُبَاحَ مَعَ وُجُوبِ التَّحَمُّلِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَكَمَا يَجُوزُ لِلنِّسْوَةِ أَنْ يَنْظُرْنَ إلَى ذَكَرِ الرَّجُلِ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَبَالَتَهُ وَامْتَنَعَتْ مِنْ التَّمْكِينِ وَكَمَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى فَرْجِ الْمُفْضَاةِ إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ الْتَحَمَ وَأَنْكَرَتْ وَكَمَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى عَانَةِ الْكَافِرِ لِيَنْظُرَ هَلْ نَبَتَتْ أَمْ لَا وَإِذَا كَانَتْ الشَّهْوَةُ أَمْرًا طَبِيعِيًّا لَا يَنْفَكُّ عَنْ النَّظَرِ لَمْ يُكَلَّفْ الشَّاهِدُ بِإِزَالَتِهَا وَلَا يُؤَاخَذُ بِهَا كَمَا لَا يُؤَاخَذُ الزَّوْجُ بِمَيْلِ قَلْبِهِ إلَى بَعْضِ النِّسْوَةِ وَكَمَا لَا يُؤَاخَذُ الْحَاكِمُ بِمَيْلِ قَلْبِهِ إلَى بَعْضِ الْخُصُومِ ت.

(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّهَادَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مِنْ رَجُلٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ النَّظَرِ وَاللَّمْسِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ

(قَوْلُهُ إلَّا فِي حَاجَةٍ) الْأَصْلُ فِي جَوَازِ النَّظَرِ لِلْحَاجَةِ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَكَّمَ سَعْدًا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ كَانَ يَكْشِفُ عَنْ مُؤْتَزِرِهِمْ وَأَلْحَقَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرَهَا بِجَامِعِ الْحَاجَةِ اللَّائِقَةِ لِإِنَاطَةِ الْحُكْمِ بِهَا فِي كُلٍّ مِنْهَا اب وَاللَّائِقُ بِالتَّرْتِيبِ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي الْوَجْهِ سُومِحَ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْمُعَامَلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>