للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْفَسْخِ الطَّلَاقَ فَلَا يَلْغُو وَهَذَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ يُعْلَمُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ (وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ صَحَّ وَحَصَلَ الِاخْتِيَارُ ضِمْنًا) وَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا وَيُحْتَمَلُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهِ كَمَا يُحْتَمَلُ تَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ الضِّمْنِيِّ كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي غَدًا عَلَى كَذَا.

(فَلَوْ قَالَ كُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْكُنَّ (فَقَدْ طَلَّقْتهَا صَحَّ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ وَهُوَ جَائِزٌ وَالِاخْتِيَارُ حَصَلَ ضِمْنًا (إلَّا) أَيْ لَكِنْ (إنْ قَالَ) بَدَلَ فَقَدْ طَلَّقْتهَا (فَقَدْ فَسَخْت نِكَاحَهَا) فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْفُسُوخَ تَجْرِي مَجْرَى الْعُقُودِ فِي امْتِنَاعِ قَبُولِ التَّعْلِيقِ وَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ لِلْفَسْخِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ الْجَائِزِ غَيْرُ جَائِزٍ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الطَّلَاقَ) فَيَصِحُّ فَعُلِمَ أَنَّ الْفَسْخَ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوُجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى رِعَايَةً لِغَرَضِ مَنْ رَغِبَ فِي الْإِسْلَامِ

(الثَّالِثُ الْوَطْءُ لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ) لِلْمَوْطُوءَةِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ أَوْ كَاسْتِدَامَتِهِ كَمَا مَرَّ وَكِلَاهُمَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْقَوْلِ كَالرَّجْعَةِ (وَلِلْمَوْطُوءَةِ) مَعَ مَا اسْتَحَقَّتْهُ قَبْلَ هَذَا الْوَطْءِ (الْمَهْرُ) أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ بِهَذَا الْوَطْءِ (إنْ اخْتَارَ غَيْرَهَا) فَإِنْ اخْتَارَهَا فَلَهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ.

(الرَّابِعُ) لَوْ (حَصَرَ اخْتِيَارَهُ فِي خَمْسٍ) فَأَكْثَرَ (مُعَيَّنَاتٍ انْحَصَرَ) اخْتِيَارُهُ فِيهِنَّ وَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعْيِينًا تَامًّا لَكِنَّهُ يُفِيدُ ضَرْبًا مِنْ التَّعْيِينِ وَيَزُولُ بِهِ بَعْضُ الْإِبْهَامِ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ وَيَنْدَفِعُ نِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ

[فَصْلٌ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ وَثَنِيَّاتٍ وَأَسْلَمَ مِنْهُنَّ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَرْبَعٌ]

(فَصْلٌ) لَوْ (أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ وَثَنِيَّاتٍ وَأَسْلَمَ) مِنْهُنَّ (مَعَهُ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ (أَرْبَعٌ فَلَهُ) قَبْلَ انْقِضَائِهَا (فَسْخُ نِكَاحِ الْمُتَخَلِّفَاتِ لِاخْتِيَارِهِنَّ) لِلنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُنَّ قَدْ لَا يُسْلِمْنَ فَلَا يَتَحَقَّقُ الِاخْتِيَارُ وَيُفْسَخُ نِكَاحُهُنَّ بِتَعْيِينِ الْأُولَيَاتِ لِلزَّوْجِيَّةِ (وَلَهُ اخْتِيَارُ الْمُسْلِمَاتِ وَ) لَهُ (طَلَاقُهُنَّ) فَيَنْقَطِعُ نِكَاحُهُنَّ بِهِ وَنِكَاحُ الْأُخْرَيَاتِ بِالشَّرْعِ (لَا الْفَسْخِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ فَسْخُ نِكَاحِ الْمُسْلِمَاتِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِمَا ذُكِرَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ وَعَدَدُ الْمُسْلِمَاتِ لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَعٍ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الطَّلَاقَ) فَلَهُ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ أَنَّ الطَّلَاقَ اخْتِيَارٌ (وَبِاخْتِيَارِهِنَّ) أَيْ الْمُسْلِمَاتِ (يَنْدَفِعُ نِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ) أَيْ يَتَبَيَّنُ انْدِفَاعُهُ (بِاخْتِلَافِ الدِّينِ) .

قَالَ الْبَغَوِيّ إنْ لَمْ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَبِاخْتِيَارِ الْأُولَيَاتِ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا فَرْقَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ عَلَى إمَاءٍ وَأَسْلَمَ مَعَهُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ فَاخْتَارَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ فِي الْعِدَّةِ بِنَّ مِنْ وَقْتِ اخْتِيَارِ الْأُولَى فَالْمُوَافِقُ لَهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الِاخْتِيَارَ ثَمَّ لَمْ يَنْقَطِعْ لِجَوَازِ أَنْ تُعْتَقَ وَاحِدَةٌ مَثَلًا مِنْ الْبَاقِيَاتِ ثُمَّ تُسْلِمَ فَيَخْتَارَهَا أَيْضًا فَكَانَ بِهِ الِاعْتِبَارُ بِخِلَافِهِ هُنَا لِاسْتِيفَائِهِ الْعَدَدَ الشَّرْعِيَّ فَاعْتُبِرَ اخْتِلَافُ الدِّينِ (وَإِنْ فُسِخَ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ) الْأُوَلِ وَلَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ (وَأَسْلَمَتْ الْمُتَخَلِّفَاتُ) فِي الْعِدَّةِ (اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ) أَيْ مِنْ الْجَمِيعِ (وَلِكُلٍّ مِنْهُنَّ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْفَسْخِ الطَّلَاقَ) وَخَرَجَ بِإِسْلَامِ الْمُتَخَلِّفَاتِ مَا لَوْ لَمْ يُسْلِمْنَ فَيَتَعَيَّنُ الْأُولَيَاتُ (فَإِنْ تَخَلَّفَ الْجَمِيعُ) عَنْهُ فِي الْإِسْلَامِ (ثُمَّ أَسْلَمْنَ بَعْدَهُ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فِي الْعِدَّةِ وَ) الْحَالَةُ أَنَّ كُلَّ (مَنْ أَسْلَمَتْ فُسِخَ نِكَاحُهَا) وَلَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ (لَغَا) الْفَسْخُ (فِي الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ وَبَقِيَ نِكَاحُهُنَّ) وَنَفَذَ فِي الْبَاقِيَاتِ؛ لِأَنَّ فَسْخَ نِكَاحِهِنَّ وَقَعَ وَرَاءَ الْعَدَدِ الْكَامِلِ فَنَفَذَ.

فَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ صَارَ مُخْتَارًا لِلْأُوَلِ وَقَوْلُهُ وَاحِدَةً وَاحِدَةً مِثَالٌ فَمِثْلُهُ إسْلَامُ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً وَاحِدَةً أَوْ نَحْوَهَا (وَإِنْ أَسْلَمَ) مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ مِنْ الثَّمَانِ (خَمْسٌ فَفُسِخَ نِكَاحُهُنَّ) وَلَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ (وَقَعَ) الْفَسْخُ (عَلَى وَاحِدَةٍ لَا بِعَيْنِهَا فَإِنْ أَسْلَمَ الْبَوَاقِي فِي الْعِدَّةِ) بَعْدَ فَسْخِ نِكَاحِ الْخَمْسِ (اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْ الْجَمِيعِ) فَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ صَارَ مُخْتَارًا لِأَرْبَعٍ مِنْهُنَّ وَبِنَّ بِالطَّلَاقِ وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ (وَإِنْ فَسَخَ نِكَاحَ وَاحِدَةٍ) مُبْهَمَةٍ أَوْ ثِنْتَيْنِ مُبْهَمَتَيْنِ مِنْ الْخَمْسِ وَلَمْ يُرِدْ طَلَاقًا (فَعَيَّنَ ثِنْتَيْنِ انْفَسَخَ) النِّكَاحُ (فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَيُعَيِّنُهَا وَلَهُ اخْتِيَارُ الْأُخْرَى مَعَ ثَلَاثٍ) وَإِنْ عَيَّنَ وَاحِدَةً اخْتَارَ مِنْ الْبَاقِيَاتِ أَرْبَعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

(فَصْلٌ الِاخْتِيَارُ وَالتَّعْيِينُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (وَاجِبٌ) فِيمَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ غَيْلَانَ السَّابِقِ فَيُطَالِبُهُ بِهِ الْحَاكِمُ وَإِنْ سَكَتْنَ عَنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ) يَمْنَعُ وُجُودُهُ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ عِنْدَ إرَادَتِهِ بِهِ الطَّلَاقَ إذَا الْمُرَادَةُ بِالطَّلَاقِ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهِ

(قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا فَرْقَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>