الظَّاهِرَةِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْبَابِ السَّادِسِ مَا حَاصِلُهُ الْوُقُوعُ إلَّا بِقَرِينَةٍ أُخْرَى بِأَنْ مَنَعَ إتْمَامَ الْكَلَامِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ فَلَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا قَرِينَةَ فَالْقِيَاسُ الْوُقُوعُ لَا عَدَمُهُ كَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ الْإِتْمَامِ بِلَا مَانِعٍ دَالٌّ عَلَى الْإِضْرَابِ عَنْهُ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ السَّابِقُ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ إنَّ الصِّيغَةَ وَضْعُهَا التَّعْلِيقُ لِأَنَّ دَلَالَتَهَا عَلَى مَا وُضِعَتْ لَهُ مَشْرُوطٌ بِذِكْرِ مَدْخُولِهَا مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُجَامِعَ الطَّلَاقَ نَحْوُ إنْ كُنْت زَوْجَتِي.
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ فَإِنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ لَهَا أَنْت مُطَلَّقَةٌ أَنْت مُسَرَّحَةٌ أَنْت مُفَارِقَةٌ مُتَوَالِيًا) فِيهِمَا (وَكَذَا لَوْ لَمْ يُكَرِّرْ أَنْتِ) بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ مُسَرَّحَةٌ مُفَارِقَةٌ (وَقَعَ الثَّلَاثُ إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ (لَا إنْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ) فَلَا يَقَعُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ أَكَّدَ الْأُولَى بِالْأُخْرَيَيْنِ فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ تَقَعُ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ فِي الْكَلَامِ مَعْهُودٌ فِي جَمِيعِ اللُّغَاتِ (أَوْ) أَكَّدَهَا (بِالثَّانِيَةِ أَوْ) أَكَّدَ (الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ) فَطَلْقَتَانِ يَقَعَانِ عَمَلًا بِقَصْدِهِ (فَلَوْ أَكَّدَ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ فَثَلَاثٌ) لِتَخَلُّلِ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْمُؤَكَّدِ وَالْمُؤَكِّدِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا مُتَوَالِيًا عَمَّا لَوْ فَرَّقَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ تَأْكِيدٌ لِلْفَصْلِ نَعَمْ يُدَيَّنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَقَالَ أَكَّدْت الْأُولَى) بِالْأُخْرَيَيْنِ أَوْ بِإِحْدَاهُمَا (لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) لِاخْتِصَاصِهِمَا بِالْعَاطِفِ الْمُوجِبِ لِلتَّغَايُرِ (أَوْ) أَكَّدْت (الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ قُبِلَ) لِتَسَاوِيهِمَا (وَتَطْلُقُ ثَلَاثًا بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ فَطَالِقٌ لِلْمُغَايَرَةِ وَكَذَا) بِقَوْلِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ بَلْ طَالِقٌ (وَكَذَا) بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ (لَا بَلْ) طَالِقٌ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَى الْمُغَايَرَةِ (وَلَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا) مِنْ ذَلِكَ (إلَّا طَلْقَةٌ وَ) إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِهَا فَلَا يَقَعُ بِمَا بَعْدَهَا شَيْءٌ وَيُخَالِفُ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا حَيْثُ تَقَعُ بِهِ الثَّلَاثُ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا بَيَانٌ لِمَا قَبْلَهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَمَحَلُّهُ فِي الْمُنَجَّزِ (فَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا) الْأَوْلَى وَالْأَخْصَرُ فَلَوْ قَالَ لَهَا (إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ) أَوْ عَكَسَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَدَخَلَتْ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ) لِتَعَلُّقِهَا بِالدُّخُولِ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهَا وَكَمَا لَوْ قَالَهُ لِلْمَدْخُولِ بِهَا وَاسْتَشْكَلَ هَذَا فِي صُورَةِ الْعَكْسِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ نَحْوَهُ اخْتَصَّ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْأَخِيرَةِ وَتَقَعُ وَاحِدَةً وَقِيَاسُهُ هُنَا وُقُوعُ وَاحِدَةٍ مُنَجَّزَةٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ مُفَرَّقٍ فَاخْتَصَّ بِالْأَخِيرِ (لَا إنْ عَطَفَ بِثُمَّ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ فَلَا تَقَعُ الثَّلَاثُ بَلْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى وَقَعَ لِصَاحِبِ الْأَنْوَارِ إلْحَاقُ الْفَاءِ بِالْوَاوِ وَأَخْذًا مِنْ اقْتِصَارِهِمْ عَلَى تَمْثِيلِهِمْ بِثُمَّ وَهُوَ عَجِيبٌ.
(وَلَوْ كَرَّرَ) فِي مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ غَيْرِهَا (إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ) كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ (لَمْ يَتَعَدَّدْ) أَيْ الطَّلَاقُ (إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ) فَيَتَعَدَّدُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَقَصْدُ الِاسْتِئْنَافِ يَقْتَضِي اسْتِيفَاءَهُ.
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ الْوُقُوعُ لَا عَدَمُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ فِي الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَرَّرَ اللَّفْظَ أَرْبَعًا فَالْحُكْمُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ كَالْحُكْمِ فِي صُورَةِ تَكْرِيرِهِ ثَلَاثًا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَخَيَّلَ أَنَّ الرَّابِعَةَ يَقَعُ بِهَا طَلْقَةٌ لِفَرَاغِ الْعَدَدِ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ التَّأْكِيدُ بِمَا يَقَعُ لَوْلَا قَصْدُ التَّأْكِيدِ فَلِإِنْ يُؤَكَّدُ بِمَا لَا يَقَعُ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ التَّأْكِيدِ أَوْلَى. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّمْهِيدِ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَقْبَلُ التَّأْكِيدَ مُطْلَقًا كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي امْتِنَاعِهِ وَبِتَقْدِيرِهِ فَالْخُرُوجُ عَنْ الْمَهِيعِ النَّحْوِيِّ لَا أَثَرَ لَهُ كَمَا أَوْضَحَهُ الْأَصْحَابُ فِي الْإِقْرَارِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ أَجَابَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيه بِحَاصِلِ مَا ذَكَرْته اهـ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ لَفْظِيٌّ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ يَجْرِي فِي الزَّوَائِدِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرَةَ لَمَّا «عَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَةَ الزُّورِ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ أَنَّهُ نَطَقَ بِذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ» إذْ يَبْعُدُ حَمْلُهُ عَلَى الثَّلَاثِ فَإِنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ كَانَ إذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ ثَلَاثًا فِي الْغَالِبِ وَقَوْلُهُ فَالْحُكْمُ عِنْدِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ نَحْوِهِ) وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَأْتِي فِي تَكْرِيرِ الْكِنَايَاتِ كَقَوْلِهِ اعْتَدِّي اعْتَدِّي اعْتَدِّي (قَوْلُهُ عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ) لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْإِيقَاعِ كَاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَلِهَذَا يُقَالُ إذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ التَّأْسِيسِ وَالتَّأْكِيدِ فَالتَّأْسِيسُ أَوْلَى (قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ تَأْكِيدٌ لِلْفَصْلِ) نَعَمْ إذَا كَانَ فَصْلُهُ لِعُذْرٍ كَأَنْ كَانَ بِهِ عِيٌّ أَوْ مَنَعَهُ سُعَالٌ طَوِيلٌ مُتَوَاصِلٌ قَبْلَ قَوْلِهِ إنَّهُ أَرَادَ التَّأْكِيدَ لِلْقَرِينَةِ الدَّالَّةَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ اتِّصَالِ الْكَلَامِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فَوَضَعَ إنْسَانٌ يَدَهُ عَلَى فِيهِ مَعَ تَمَامِ قَافِ طَالِقٍ ثُمَّ أَرْسَلَهُ بَعْدَ سَاعَةٍ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت بِهِ تَأْكِيدَ مَا تَقَدَّمَ وَكُنْت عَازِمًا عَلَيْهِ فَمَنَعَنِي وَضْعُ الْيَدِ عَلَى فِي مِنْهُ. (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا لِاخْتِصَاصِهِمَا إلَخْ) أَيْ وَيُدَيَّنُ.
(فَرْعٌ) فِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقًا فَإِنْ أَرَادَ طَلْقَتَيْنِ وَقَعَتَا وَإِنْ أَرَادَ لِتَأْكِيدٍ وَنَصَبَ عَلَى الْحَالِ قُبِلَ مِنْهُ وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِنْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ قُبِلَ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَهَا (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا إلَخْ) قَالَ الدَّارِمِيُّ لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى ثَلَاثًا أَوْ كَرَّرَهُ وَنَوَى بِالْأَوَّلِ ثَلَاثًا وَقَعْنَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَرَّرَهُ وَنَوَى بِالْأَوَّلِ ثَلَاثًا فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ وَاضِحَةٌ وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهَا جَرْيًا عَلَى ظَاهِرِ الْإِطْلَاقِ فَاسْتَحْضَرَهَا فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ فِي صُوَرِ التَّكْرَارِ لَا سِيَّمَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرَ وَالْأَرْجَحُ إلَى الْجَمِيعِ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ جَمْعِ الْمُفَرَّقِ فَالْجَوَابُ الَّذِي أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute