دِرْهَمٍ بِرَفْعِهِمَا وَتَنْوِينِهِمَا، وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا لَزِمَهُ الْأَقَلُّ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَرَدَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ بَنَاهُ عَلَى مَا تَوَهَّمَهُ مِنْ كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ عَدَدًا جَمْعٌ، وَتَمْيِيزُ الْمِائَةِ لَا يَقَعُ جَمْعًا وَمَا تَوَهَّمَهُ فَاسِدٌ إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ جَمْعٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ دَلَالَتِهِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا بَلْ هُوَ مُفْرَدٌ فَيَصِحُّ كَوْنُهُ تَمْيِيزًا لِلْمِائَةِ كَزَوْجٍ وَشَفْعٍ.
(فَرْعٌ: قَوْلُهُ) لَهُ عَلَيَّ (مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ) بِهِ (تِسْعَةٌ) إخْرَاجًا لِلطَّرَفِ الْأَخِيرِ، وَإِدْخَالًا لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الِالْتِزَامِ (وَ) قَوْلُهُ لَهُ عِنْدِي أَوْ بِعْتُك (مِنْ الْجِدَارِ إلَى الْجِدَارِ) يَلْزَمُهُ بِهِ (مَا بَيْنَهُمَا) إخْرَاجًا لِلطَّرَفَيْنِ (وَالْفَرْقُ) بَيْنَ هَذِهِ وَتِلْكَ (أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ) هُنَا (السَّاحَةُ وَلَيْسَ الْجِدَارُ مِنْهَا بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَذِكْرُ الْجِدَارِ مِثَالٌ فَالشَّجَرَةُ كَذَلِكَ بَلْ لَوْ قَالَ مِنْ هَذَا الدِّرْهَمِ إلَى هَذَا الدِّرْهَمِ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّحْدِيدُ لَا التَّعْدِيدُ (وَ) قَوْلُهُ لَهُ عَلَيَّ (مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ أَوْ) مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ (إلَى عَشَرَةٍ) يَلْزَمُهُ بِهِ (ثَمَانِيَةٌ) ؛ لِأَنَّ مَا بَيْنَهُمَا لَا يَشْمَلُهُمَا (وَ) قَوْلُهُ لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ) يَلْزَمُهُ بِهِ (لِمُرِيدِ الْحِسَابِ) إذَا فُهِمَ مَعْنَاهُ (عَشَرَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا مُوجَبَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُفْهَمْ مَعْنَاهُ، وَإِنْ أَرَادَ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِهِ إذْ لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ مَا لَا يَفْهَمُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ (وَ) يَلْزَمُ بِهِ (لِمُرِيدٍ) مَعْنَى (مَعَ) بِأَنْ قَالَ أَرَدْت مَعَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَهُ (أَحَدَ عَشَرَ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْحَاصِلُ بِضَمِّهِمَا وَوَرَدَتْ فِي بِمَعْنَى مَعَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: ٣٨] أَيْ مَعَهُمْ وَبِمَا فُسِّرَتْ بِهِ الْمَعِيَّةُ انْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ دِرْهَمٌ وَيُرْجَعَ فِي تَفْسِيرِ الْعَشَرَةِ إلَيْهِ كَنَظِيرِهِ فِي أَلْفٍ وَدِرْهَمٍ (وَ) يَلْزَمُ بِهِ (لِمُرِيدِ الظَّرْفِيَّةِ أَوْ الْمُطْلِقِ) بِكَسْرِ اللَّامِ بِأَنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ (دِرْهَمٌ) أَخْذًا بِالْيَقِينِ.
(فَصْلٌ: الظَّرْفُ وَالْمَظْرُوفُ لَا يَتْبَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) فِي الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِهِ وَالْإِقْرَارُ يَعْتَمِدُ الْيَقِينَ كَمَا مَرَّ (فَيَجِبُ بِقَوْلِهِ) لَهُ عِنْدِي (سَيْفٌ فِي غِمْدٍ وَزَيْتٌ فِي جَرَّةٍ) وَنَحْوِهِمَا (الْمَظْرُوفُ لَا الظَّرْفُ وَبِعَكْسِهِ عَكْسُهُ) فَيَجِبُ بِقَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي غِمْدٌ فِيهِ سَيْفٌ وَجَرَّةٌ فِيهَا زَيْتٌ وَنَحْوُهُمَا الظَّرْفُ لَا الْمَظْرُوفُ (وَكَذَا) الْحُكْمُ فِي لَهُ عِنْدِي (فَرَسٌ عَلَيْهِ سَرْجٌ وَعَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ وَخَاتَمٌ فِيهِ) أَوْ عَلَيْهِ (فَصٌّ وَجَارِيَةٌ فِي بَطْنِهَا حَمْلٌ وَفَرَسٌ فِي حَافِرِهَا نَعْلٌ وَقُمْقُمَةٌ عَلَيْهَا عُرْوَةٌ وَعَكْسُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ كَقَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي سَرْجٌ عَلَى فَرَسٍ وَعِمَامَةٌ عَلَى عَبْدٍ وَفَصٌّ فِي خَاتَمٍ وَحَمْلٌ فِي بَطْنِ جَارِيَةٍ وَنَعْلٌ فِي حَافِرِ فَرَسٍ وَعُرْوَةٌ عَلَى قُمْقُمَةٍ فَتَجِبُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى الْفَرَسُ وَالْعَبْدُ وَالْخَاتَمُ وَالْجَارِيَةُ وَالْقُمْقُمَةُ لَا السَّرْجُ وَالْعِمَامَةُ وَالْفَصُّ وَالْحَمْلُ وَالنَّعْلُ وَالْعُرْوَةُ وَفِي صُوَرِ عَكْسِهَا عَكْسُ ذَلِكَ.
(أَوْ) قَالَ (لَهُ عِنْدِي جَارِيَةٌ) فَكَانَتْ حَامِلًا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ: فَرْعٌ قَوْلُهُ: مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ مِنْ عَشَرَةٍ إلَى دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ، وَإِدْخَالًا لِلْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الِالْتِزَامِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالثَّانِي وَمِنْ لَازِمِهِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ) أَيْ أَوْ الْمَبِيعُ السَّاحَةُ إلَخْ عُلِمَ مِنْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ إلَى هَذِهِ النَّخْلَةِ كَقَوْلِهِ مِنْ هَذَا الْجِدَارِ إلَى هَذَا الْجِدَارِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ النَّخْلَةَ إلَى هَذِهِ النَّخْلَةِ دَخَلَتْ النَّخْلَةُ الْأُولَى فِي الْإِقْرَارِ دُونَ الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ) وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ مِنْ هُنَا إلَى هُنَا (قَوْلُهُ بَلْ لَوْ قَالَ مِنْ هَذَا الدِّرْهَمِ إلَى هَذَا الدِّرْهَمِ) فَكَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْفَرْقِ يَقْتَضِي خِلَافَ إنْ أَرَادَ الدَّرَاهِمَ، وَقَوْلُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَلِمُرِيدٍ مَعَ أَحَدَ عَشَرَ) اسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ جَزْمًا لِاحْتِمَالِ مَعَ دِرْهَمٍ لِي فَمَعَ نِيَّةِ مَعَ أَوْلَى وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِ وُجُوبِ أَحَدَ عَشَرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ دِرْهَمٌ وَيَرْجِعَ فِي تَفْسِيرِ الْعَشَرَةِ إلَيْهِ قَالَ فَلْيُحْمَلْ ذَلِكَ عَلَى مَا لَوْ قَالَ مَعَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَهُ، وَلَا إشْكَالَ حِينَئِذٍ. اهـ. وَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْإِشْكَالِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُرِدْ الظَّرْفَ، وَإِلَّا اتَّحَدَ الْقِسْمَانِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ أَحَدَ عَشَرَ بِخِلَافِ مَعَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ مَعَ دِرْهَمٍ لِي، وَهُوَ مَعْنَى الظَّرْفِ. اهـ.
وَأَجَابَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ قَصْدَ الْمَعِيَّةِ بِمَثَابَةِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَالتَّقْدِيرُ لَهُ دِرْهَمٌ وَعَشَرَةٌ، وَلَفْظُ الْمَعِيَّةِ مُرَادِفٌ لِحَرْفِ الْعَطْفِ بِدَلِيلِ تَقْدِيرِهِمْ جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو بِقَوْلِهِمْ مَعَ عَمْرٍو بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ فَإِنَّ مَعَ فِيهِ لِمُجَرَّدِ الْمُصَاحَبَةِ، وَهِيَ تَصْدِيقٌ بِمُصَاحَبَةِ دِرْهَمٍ لِغَيْرِهِ، وَلَا يُقَدَّرُ فِيهَا عَطْفٌ بِالْوَاوِ وَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَعَ دِرْهَمٍ آخَرَ يَلْزَمُنِي فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ، وَأَيْضًا دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ صَرِيحٌ فِي الْمَعِيَّةِ وَدِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ صَرِيحٌ فِي الظَّرْفِ فَإِذَا نَوَى بِالثَّانِيَةِ الْمَعِيَّةَ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْمَعِيَّةَ لَمْ يَصِحَّ تَقْدِيرُ الْمَعِيَّةِ بِالْمُصَاحَبَةِ لِدِرْهَمٍ آخَرَ لِغَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْثِيرِ الْمُجَاوِزِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّ الْمَعِيَّةَ مُسْتَفَادَةٌ لَا مِنْ اللَّفْظِ بَلْ مِنْ نِيَّتِهِ، وَلَوْ قُدِّرَ مَعَهُ مَجَازُ الْإِضْمَارِ لَكَثُرَ الْمَجَازُ، وَأَمَّا دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ آخَرَ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمَعِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَ قَوْلِهِ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ وَبَيْنَ مَسْأَلَتِنَا بِأَنَّ الْعَطْفَ فِي الْأَلْفِ وَدِرْهَمٌ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي مَسْأَلَتِنَا وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ أَلْفًا وَدِرْهَمًا فِيهِ عَطْفُ الدِّرْهَمِ عَلَى الْأَلْفِ، وَالْأَلْفُ مُبْهَمٌ، وَهُنَا بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ عَطْفُ الْعَشَرَةِ تَقْدِيرًا عَلَى الدِّرْهَمِ، وَهُوَ غَيْرُ مُبْهَمٍ فَكَانَتْ مِنْ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مُشَارَكَةُ الْمَعْطُوفِ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فس. وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ مِنْ أَقْسَامِ الْمَسْأَلَةِ الضَّرْبَ، وَهُوَ تَضْعِيفُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِقَدْرِ مَا فِي الْعَدَدِ الْآخَرِ مِنْ الْآحَادِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْعَشَرَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ. (قَوْلُهُ: وَبِمَا فُسِّرَتْ بِهِ الْمَعِيَّةُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا مُقْتَضَى تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَرَدْت الْمَعِيَّةَ، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ عَدِمَ لُزُومَ أَحَدَ عَشَرَ لَهُ، وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ.
[فَصْلٌ الظَّرْفُ وَالْمَظْرُوفُ لَا يَتْبَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي الْإِقْرَارِ]
(فَصْلٌ) الظَّرْفُ وَالْمَظْرُوفُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يَتْبَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَا يَتَّصِلُ بِظَرْفِهِ خِلْقَةً وَعَادَةً، وَمَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَا لَوْ أَضَافَ الظَّرْفَ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ صُرَّةُ تَمْرٍ وَغِمْدُ سَيْفٍ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ إقْرَارٌ بِهِمَا (قَوْلُهُ: وَفَصٌّ فِي خَاتَمٍ) أَيْ مُرَكَّبٌ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute