للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاُعْتِيدَ مَا لَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ لَا يَعْتَادُونَ دُخُولَهُ فَلَا يَجِبُ لَهَا أُجْرَتُهُ وَيُفَاوَتُ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ (لَا طِيبٌ) فَلَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ (إلَّا لِقَطْعِ سَهُوكَةٍ) أَيْ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ (وَلَا) يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ (كُحْلٌ، وَ) لَا (خِضَابٌ) أَوْ نَحْوُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلتَّلَذُّذِ لَا لِلتَّمَتُّعِ وَذَلِكَ حَقٌّ لَهُ رَاجِعٌ إلَى اخْتِيَارِهِ (فَإِنْ أَحْضَرَهُ) لَهَا (وَجَبَ) عَلَيْهَا (اسْتِعْمَالُهُ وَلَا دَوَاءٌ) لِمَرَضٍ (وَ) لَا (أُجْرَةُ طَبِيبٍ وَحِجَامَةٍ) وَفَصْدٍ (وَخِتَانٍ) وَوَجْهُ ذَلِكَ بِأَنَّ الزَّوْجَ كَالْمُكْتَرِي فَلَا يَلْزَمُهُ مُؤَنُ حِفْظِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْمُشْطِ وَالدُّهْنِ كَمَا مَرَّ فَإِنَّهُمَا لِلتَّنْظِيفِ، وَهُوَ لَازِمٌ لِلْمُكْتَرِي (وَلَا تَضْحِيَةٌ) نَذَرَتْهَا أَمْ لَا (وَعَلَيْهِ الْمَاءُ لِغُسْلِ جِمَاعٍ وَنِفَاسٍ وَوُضُوءٍ نَقَضَهُ) هُوَ كَأَنْ لَمَسَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِهِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ فِيمَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ، وَهُوَ نَائِمٌ كَمَا لَوْ احْتَلَمَتْ، وَأَنَّهُ يَجِبُ فِيمَا لَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ وَلَوْ غَيْرَ مُكْرَهَةٍ أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ، وَفِي الثَّانِي حَيْثُ لَا إكْرَاهَ نَظَرٌ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَقَدْ أَفْتَى فِيهِ الْقَفَّالُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ لَكِنَّ الْقِيَاسَ فِيهِ وَفِي الثَّانِي مَعَ الْإِكْرَاهِ الْوُجُوبُ كَمَا يَجِبُ الْمَهْرُ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ مُعْتَبَرٌ فِي التَّعْلِيلِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَتْ هِيَ السَّبَبُ فِي نَقْضِ طُهْرِهِ، وَكَالنِّفَاسِ فِيمَا ذُكِرَ الْوِلَادَةُ بِلَا بَلَلٍ كَمَا فَهِمْت مِنْهُ بِالْأَوْلَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ فِيهِمَا إذَا كَانَ الْإِحْبَالُ بِفِعْلِ الزَّوْجِ، وَإِلَّا فَلَا وُجُوبَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ الْمَاءِ أَوْ ثَمَنِهِ مَا يَكْفِي الْمَفْرُوضَ مِنْهُ دُونَ السُّنَنِ (لَا) لِغُسْلِ (حَيْضٍ وَلَا احْتِلَامٍ) إذْ لَا صُنْعَ مِنْهُ (وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَكْلِ سُمٍّ، وَكَذَا لِغَيْرِهِ) مَنْعُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إهْلَاكٌ لِلنَّفْسِ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ (وَمِنْ أَكْلِ مُمْرِضٍ) لِخَوْفِ الْهَلَاكِ، وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ تَنَاوُلِ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ كَثُومٍ (وَيَجِبُ تَرْفِيهُ الْخَادِمِ إنْ تَأَذَّى بِالْهَوَامِّ لِلْوَسَخِ) أَوْ لِأَجْلِهِ (وَفِي تَكْفِينِهِ وَنَحْوِهِ) مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ إذَا مَاتَ (وَجْهَانِ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ عَدَمَ الْوُجُوبِ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِالْوُجُوبِ كَالْمَخْدُومَةِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ.

(الْوَاجِبُ السَّادِسُ الْإِسْكَانُ) لَهَا كَالْمُعْتَدَّةِ بَلْ أَوْلَى (فَيَلْزَمُهُ) لَهَا مَسْكَنٌ لَائِقٌ بِهَا عَادَةً لِلضَّرُورَةِ إلَيْهِ وَفَارَقَ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ حَيْثُ اُعْتُبِرَ بِحَالِ الزَّوْجِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِمَا التَّمْلِيكُ، وَهُنَا الِامْتِنَاعُ؛ وَلِأَنَّهُمَا مَا إذَا لَمْ يَلِيقَا بِهَا يُمْكِنُهَا إبْدَالُهُمَا بِلَائِقٍ فَلَا إضْرَارَ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ فَإِنَّهَا مُلْزَمَةٌ بِمُلَازَمَتِهِ فَاعْتُبِرَ بِحَالِهِ وَاكْتَفَى بِهِ (وَإِنْ اسْتَعَارَهُ) الزَّوْجُ لِحُصُولِ الْإِيوَاءِ بِهِ (وَلَا يَثْبُتُ) السَّكَنُ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ إمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ.

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْإِنْفَاقِ) فِي هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ (وَكُلِّ مَا يُسْتَهْلَكُ) كَطَعَامٍ وَأُدْمٍ وَطِيبٍ (يَسْتَحِقُّ تَمْلِيكَهُ) لَهَا بِأَنْ يُسَلِّمَهُ لَهُ بِقَصْدِ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى لَفْظٍ (وَكَذَا الْكِسْوَةُ وَالْفَرْشُ وَالْآلَةُ) أَيْ آلَةُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالتَّنْظِيفِ كَمُشْطٍ وَدُهْنٍ وَاعْتُبِرَ فِي ذَلِكَ التَّمْلِيكُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ، وَقِيَاسًا عَلَى الْكِسْوَةِ فِي الْكَفَّارَةِ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ كِسْوَةَ الْأَهْلِ أَصْلًا لِلْكِسْوَةِ فِي الْكَفَّارَةِ كَالطَّعَامِ، وَالْكِسْوَةُ تَمْلِيكٌ مِنْهَا فَوَجَبَ هُنَا مِثْلُهُ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ فَإِنَّهُ إمْتَاعٌ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ لِمُجَرَّدِ الِانْتِفَاعِ كَالْخَادِمِ؛ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ يَسْكُنُهُ بِخِلَافِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّهَا تُدْفَعُ إلَيْهَا.

وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْفَرْشَ كَالْمَسْكَنِ، وَقَدْ قِيلَ بِهِ فِيهِ وَفِي سَائِرِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ خِلَافُهُ وَالتَّرْجِيحُ فِي الْفَرْشِ وَالْمُشْطِ وَآلَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَا يَسْقُطُ بِمُسْتَأْجَرٍ، وَمُسْتَعَارٍ) بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ (فَلَوْ لَبِسَتْ الْمُسْتَعَارَ وَتَلِفَ) بِغَيْرِ اسْتِعْمَالٍ (فَضَمَانُهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَعِيرُ، وَهِيَ نَائِبَةٌ عَنْهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْمُسْتَأْجَرِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

أُجْرَةِ الْحَمَّامِ، وَلَا يُمْكِنُهَا الْغُسْلُ فِي الْبَيْتِ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ فَهَلْ لَهَا مَنْعُهُ إلَى أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ؟ . فَأَجَبْت لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ. اهـ. وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا لَيْلًا لَا تَغْتَسِلُ وَقْتَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَتَفُوتُهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَيَأْمُرُهَا بِالْغُسْلِ وَقْتَ الصَّلَاةِ، وَفِي فَتَاوَى الْأَحْنَفِ نَحْوُهُ، وَقَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَيْهَا إخْلَاؤُهُ لَهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: فَأَجَبْت لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَكَذَا قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَحْرُمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا لِقَطْعِ سَهْوَكَةٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمَا إلَّا لِقَطْعِ سَهْوَكَةٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ مِنْ الطِّيبِ مَا يَقْطَعُ بِهِ أَثَرَ الدَّمِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ، وَقَوْلُهُ: إنَّهُ يَجِبْ عَلَيْهِ إذَا طَهُرَتْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْضَرَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الطِّيبِ، وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْمَاءُ لِغُسْلِ الْجِمَاعِ وَنِفَاسٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ احْتَاجَتْ إلَى تَسْخِينِ الْمَاءِ لِشِدَّةِ بَرْدِهِ أَوْ بَرْدِ الْوَقْتِ فَيُشْبِهُ أَنْ تَلْزَمَهُ مُؤْنَتُهُ أَوْ أُجْرَةُ الْحَمَّامِ، وَقَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ احْتَاجَتْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ لَمَسَهَا) أَيْ أَوْ، وَقَعَ اللَّمْسُ مِنْهُمَا مَعًا، وَبَحَثَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ نَائِمٌ) أَيْ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْوُجُوبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَوَجَبَ عَلَيْهَا ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَتْ هِيَ السَّبَبُ فِي نَقْضِ طُهْرِهِ) أَيْ أَوْ لَمَسَتْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيًّا أَوْ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيهِمَا إذَا كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاجِبَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا.

(قَوْلُهُ: الْوَاجِبُ السَّادِسُ الْإِسْكَانُ) لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَسُدَّ الطَّاقَاتِ عَلَى زَوْجَتِهِ فِي مَسْكَنِهَا، وَلَهُ أَنْ يُغْلِقَ عَلَيْهَا الْبَابَ إذَا خَافَ ضَرَرًا يَلْحَقُهُ مِنْ فَتْحِهِ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ الْغَزْلِ، وَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا فِي مَنْزِلِهِ قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ بِخَطِّ الْوَالِدِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَةٌ تَنْظُرُ مِنْ طَاقٍ فِي غَرْفَةٍ أَوْ نَحْوِهَا إلَى الْأَجَانِبِ وَجَبَ عَلَيْهِ سَدُّهَا أَوْ بِنَاؤُهَا (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ مَسْكَنٌ لَائِقٌ بِهَا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى حَالِ الزَّوْجِ فِي الْمَسْكَنِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَلَا فِي غَيْرِهِ فِيمَا أَظُنُّ.

[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الزَّوْجَةِ]

(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إلَخْ) مَا تَفَقَّهَهُ مَمْنُوعٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>