للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ) الرَّجْعَةُ مُخْتَصَّةٌ بِعِدَّةِ الطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ (وَطِئَ) الرَّجْعِيَّةَ (فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهِ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ) الْفَرَاغِ مِنْ (الْوَطْءِ) وَدَخَلَ فِيهَا مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ (وَاخْتَصَّتْ الرَّجْعَةُ بِبَقِيَّةِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ) دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا بِالْوَطْءِ (فَلَوْ أَحْبَلَهَا بِالْوَطْءِ رَاجَعَهَا مَا لَمْ تَلِدْ) لِوُقُوعِ عِدَّةِ الْوَطْءِ عَنْ الْجِهَتَيْنِ كَالْبَاقِي مِنْ الْأَقْرَاءِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ يَتَبَعَّضُ وَمُدَّةُ الْحَمْلِ لَا تَتَبَعَّضُ فَإِنْ وَلَدَتْ فَلَا رَجْعَةَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الرَّجْعَة]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا) (فَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالرَّجْعِيَّةِ وَالنَّظَرُ) إلَيْهَا وَسَائِرُ التَّمَتُّعَاتِ؛ لِأَنَّهَا مُفَارَقَةٌ كَالْبَائِنِ (وَيُعَزَّرُ بِوَطْئِهَا) إنْ كَانَ عَالِمًا مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَ الْوَطْءِ وَرَأَى الْإِمَامُ ذَلِكَ لِإِقْدَامِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ عِنْدَهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِهِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حُصُولِ الرَّجْعَةِ بِهِ (لَا جَاهِلًا وَ) لَا (مُعْتَقِدًا حِلَّهُ) لِعُذْرِهِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمَرْأَةُ.

وَكَالْوَطْءِ فِي التَّعْزِيرِ سَائِرُ التَّمَتُّعَاتِ (وَيَلْزَمُهُ) بِالْوَطْءِ (مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ رَاجَعَ بَعْدَهُ) لِأَنَّهَا فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ كَالْبَائِنِ فَكَذَا فِي الْمَهْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُزِيلُ أَثَرَ الرِّدَّةِ وَالرَّجْعَةُ لَا تُزِيلُ أَثَرَ الطَّلَاقِ.

(وَيَصِحُّ فِيهَا طَلَاقٌ وَخُلْعٌ وَلِعَانٌ وَظِهَارٌ) وَإِيلَاءٌ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكٍ لِرَجْعَةٍ لَكِنْ لَا حُكْمَ لِلْأَخِيرَيْنِ حَتَّى يُرَاجِعَ بَعْدَهُمَا مِمَّا سَيَأْتِيَانِ فِي بَابَيْهِمَا (وَيَتَوَارَثَانِ وَتَجِبُ نَفَقَتُهَا) عَلَيْهِ لِبَقَاءِ أَثَرِ الزَّوْجِيَّةِ فِيهَا بِصِحَّةِ مَا مَرَّ.

(وَلَوْ قَالَ زَوْجَاتِي طَوَالِقُ دَخَلَتْ) فِيهِمْ الرَّجْعِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ.

(وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ) الرَّقِيقَةَ (فِي الرَّجْعَةِ) الْأُولَى فِي الْعِدَّةِ (اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ) لِأَنَّهَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَإِحْدَاثُ مِلْكِ الرَّقَبَةِ لَيْسَ كَالرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ النِّكَاحَ وَيُضَادُّهُ فَلَا يَصْلُحُ اسْتِدْرَاكًا لِمَا وَقَعَ مِنْ الْخَلَلِ فَوَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا (وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَلَا يُجْزِئُ بَقِيَّةُ طُهْرِ الْعِدَّةِ) عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حَيْضَةٍ كَامِلَةٍ، وَإِذَا ثَبَتَ تَحْرِيمُ التَّمَتُّعِ بِالرَّجْعَةِ وَوُجُوبُ الْمَهْرِ بِوَطْئِهَا وَصِحَّةُ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ وَالطَّلَاقِ وَالتَّوَارُثِ (فَالرَّجْعَةُ عَلَى الْمُخْتَارِ) عِنْدَ الْأَصْلِ (مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ) وَإِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّهَا زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ آيَاتِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْأَخِيرَةِ فِي كَلَامِي (وَالتَّرْجِيحُ) لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا زَوْجَةٌ أَوْ بِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ يَخْتَلِفُ (بِحَسَبِ ظُهُورِ دَلِيلٍ) لِأَحَدِهِمَا تَارَةً وَلِلْآخِرِ أُخْرَى قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَنَظِيرُهُ الْقَوْلَانِ فِي أَنَّ النَّذْرَ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ أَمْ جَائِزِهِ وَفِي أَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ أَمْ تَمْلِيكٌ.

(فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ: لَوْ ادَّعَى الرَّجْعَةَ وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ) وَأَنْكَرَتْ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهَا (وَكَانَ) أَيْ وَجَعَلَ دَعْوَاهُ لَهَا (إنْشَاءً) لَهَا وَقِيلَ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى إقْرَارٌ وَالْإِقْرَارُ وَالْإِنْشَاءُ مُتَنَافِيَانِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا رَجَّحَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ بَلْ النَّصُّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إقْرَارٌ مَقْبُولٌ لَا إنْشَاءٌ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَحْسَبُهُ إجْمَاعَ الْعِرَاقِيِّينَ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ إنْشَاءً.

(أَوْ) دَعَاهَا (بَعْدَ انْقِضَائِهَا وَقَبْلَ النِّكَاحِ فَإِنْ قَالَا انْقَضَتْ أَمْسِ وَادَّعَى الرَّجْعَةَ قَبْلَهُ) وَادَّعَتْهَا هِيَ بَعْدَهُ (صُدِّقَتْ هِيَ) بِيَمِينِهِ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ رَاجَعَهَا أَمْسِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ قَبْلَ أَمْسِ وَلِأَنَّهُ يَدَّعِي بَعْدَ انْقِضَاءِ سَلْطَنَتِهِ وُقُوعَ تَصَرُّفِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ إذَا ادَّعَى بَعْدَ الْعَزْلِ أَنَّهُ تَصَرَّفَ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ (أَوْ قَالَا رَاجَعَ أَمْسِ، وَادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا قَبْلَهُ) وَادَّعَاهُ بَعْدَهُ (صُدِّقَ هُوَ) بِيَمِينِهِ أَنَّهَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ الرَّجْعَةُ مُخْتَصَّةٌ بِعِدَّةِ الطَّلَاقِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا) (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالرَّجْعِيَّةِ) إنَّمَا حُرِّمَ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ أَوْجَبَتْ عَلَيْهَا بَرَاءَةَ رَحِمِهَا فَلَوْ أَبَحْنَا لَهُ وَطْأَهَا لَلَزِمَهَا تَمْكِينُهُ وَالْوَطْءُ سَبَبٌ لِشَغْلِ رَحِمِهَا فَتَصِيرُ فِي الْحَالَةِ الْوَاحِدَةِ مَأْمُورَةً بِمَا يُوجِبُ رَحِمَهَا وَمَا هُوَ سَبَبٌ لِشَغْلِهِ، وَأَمَّا الِاسْتِمْتَاعُ فَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ حَرَّمَ الْوَطْءَ فَحَرَّمَ مُقَدِّمَاتِهِ كَالْبَائِنِ (قَوْلُهُ وَالنَّظَرُ إلَيْهَا) أَيْ وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِهِ) لِلشُّبْهَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ سَلْطَنَةُ الرَّدِّ وَخِلَافُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إبَاحَتِهِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ بِالْوَطْءِ مَهْرُ الْمِثْلِ) ظَاهِرُهُ مَهْرٌ وَاحِدٌ وَلَوْ تَكَرَّرَ الْوَطْءُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْقِيَاسُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَوَطْءِ الْأَبِ وَالشَّرِيكِ وَالْمُكَاتَبِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ.

(قَوْلُهُ التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ) كَمَا لَوْ اسْتَبْرَأَ الْمُسْتَوْلَدَةَ ثُمَّ أَعْتَقَهَا.

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّهَا زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ إلَخْ) ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فِي سِتَّةَ عَشْرَ آيَةً وَبَيَّنَهَا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ إلَخْ وَلَا نَفَقَةَ فِي الْعِدَّةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلْيُعْرَفْ أَنَّ الْقَاعِدَةَ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَإِنْ رَاجَعَهَا وَكَذَا لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُمَا فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ فَادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَنْكَرَ وَحَلَفَ.

[فَصْلٌ الِاخْتِلَافِ فِي الرَّجْعَةَ]

(قَوْلُهُ صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ) عِبَارَتُهُ وَإِنْ قَالَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ قَدْ رَاجَعْتُك أَمْسِ أَوْ يَوْمَ كَذَا الْيَوْمُ مَاضٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ كَانَ رَجْعَةً وَهَكَذَا لَوْ قَالَ كُنْت رَاجَعْتُك بَعْدَ الطَّلَاقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ إسْقَاطَ حَقٍّ لَهَا بِأَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَيَرْفَعَهُ بِالْإِقْرَارِ بِالرَّجْعَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْمَذْهَبِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ) وَقَالَ بَلْ النَّصُّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إقْرَارٌ مَقْبُولٌ لِإِنْشَاءٍ وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ

(قَوْلُهُ أَوْ ادَّعَاهَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا إلَخْ) لَوْ كَانَتْ امْرَأَةً صَبِيَّةً أَوْ مَعْتُوهَةً فَقَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا رَاجَعْتهَا فِيهَا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ سَوَاءٌ صَدَقَهُ وَلِيُّهَا أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ غَيْرَ أَبٍ، وَلَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَعَرَضَ لَهَا مَرَضٌ أَذْهَبَ عَقْلَهَا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كُنْت رَاجَعْتهَا فِيهَا لَمْ يُقْبَلْ، فَإِنْ أَفَاقَتْ وَصَدَّقَتْهُ قُبِلَ وَكَانَتْ زَوْجَتَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>