للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْكِتْمَانِ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِكِتْمَانِهِنَّ حِينَئِذٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: ٢٨٣] وَخَرَجَ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ غَيْرُهُ كَالنَّسَبِ وَالِاسْتِيلَادِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَبِمَا سِوَى الْأَشْهُرِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِيَمِينِهِ لِرُجُوعِ النِّزَاعِ إلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ وَهُوَ الْمُصَدَّقُ فِي أَصْلِهِ فَكَذَا فِي وَقْتِهِ وَبِقَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ دَعْوَاهَا لِصِغَرٍ أَوْ إيَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ أَيْضًا وَفُرِّعَ عَلَى قَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَ.

قَوْلُهُ (فَيُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا بِالْوِلَادَةِ لِتَمَامِ سِتَّةٍ) الْأَوْلَى التَّمَامُ بِسِتَّةِ (أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ) لَحْظَةٌ لِلْوَطْءِ وَلَحْظَةٌ لِلْوِلَادَةِ (مِنْ) حِينِ (إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ النِّكَاحِ (وَلِمَنْصُورٍ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا (وَلَحْظَتَيْنِ) مِنْ حِينِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ (وَلِمُضْغَةٍ) بِلَا صُورَةٍ بِمُضِيِّ (ثَمَانِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ) مِنْ حِينِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَقْسَامُ الْحَمْلِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَدَلِيلُ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ الْأُولَى بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ قَوْله تَعَالَى {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥] مَعَ قَوْلِهِ {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: ١٤] وَدَلِيلُ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بِمَا ذُكِرَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَشَقِيٍّ أَوْ سَعِيدٍ» .

وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا» الْحَدِيثَ فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْخَبَرَ الْأَوَّلَ أَصَحُّ أَوْ أَنَّ هَذَا مِنْ التَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ كَأَنْ قَالَ أُخْبِرُكُمْ بِكَذَا ثُمَّ أُخْبِرُكُمْ كَذَا وَيُجَابُ أَيْضًا بِحَمْلِ التَّصْوِيرِ فِي الثَّانِي عَلَى غَيْرِ التَّامِّ وَفِي الْأَوَّلِ عَلَى التَّامِّ أَوْ بِحَمْلِهِ عَلَى التَّصْوِيرِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُفَادَةِ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ فَاءُ فَصَوَّرَهَا إذْ التَّقْدِيرُ فَمَضَتْ مُدَّةٌ فَصَوَّرَهَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَجَعَلَهُ غُثَاءً} [الأعلى: ٥] (وَ) يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا (بِالْأَقْرَاءِ لِمُطَلَّقَةٍ بِطُهْرٍ) أَيْ فِيهِ وَهِيَ حُرَّةٌ مُعْتَادَةٌ (بِاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ) لَحْظَةٍ لِلْقَرْءِ الْأَوَّلِ وَلَحْظَةٍ لِلطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَةٌ ثُمَّ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثُمَّ تَطْهُرُ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ كَذَلِكَ ثُمَّ تَطْعَنُ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً (وَلَوْ خَالَفَ) ذَلِكَ (عَادَتَهَا) فَإِنَّهُ يُمْكِنُ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا بِهِ (وَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً فَبِثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ) لِلطَّعْنِ فِي الدَّمِ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا لِأَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ لَيْسَ بِقَرْءٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُحْتَوَشٍ بِدَمَيْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ لَحْظَةٌ أُخْرَى لِاحْتِمَالِ طَلَاقِهَا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ الطُّهْرِ (وَ) بِمُضِيِّ (سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ لِمَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِآخِرِ الْحَيْضِ) فَتَطْهُرُ بِعِدَّةِ أَقَلِّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثُمَّ تَطْهُرُ وَتَحِيضُ كَذَلِكَ ثُمَّ تَطْهُرُ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَطْعَنُ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً (وَكَذَا) بِمُضِيِّ سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ لِمَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا (بِالْوِلَادَةِ) بِأَنْ لَمْ تَرَ نِفَاسًا وَهِيَ مُعْتَادَةٌ فَإِنْ رَأَتْهُ أَوْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً زَادَتْ الْمُدَّةُ فَقَوْلُ الْأَصْلِ بَعْدَمَا ذُكِرَ وَيُعْتَبَرُ مُضِيُّ ثَلَاثِ حِيَضٍ وَالطَّعْنُ فِي الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ سَهْوٌ وَصَوَابُهُ حَيْضَتَانِ وَالطَّعْنُ فِي الثَّالِثَةِ (وَإِنْ كَانَتْ قِنَّةً) فَطَلُقَتْ فِي طُهْرٍ وَهِيَ مُعْتَادَةٌ (فَسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) تَنْقَضِي بِهَا عِدَّتُهَا بِأَنْ يُطَلِّقَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَةٌ ثُمَّ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثُمَّ تَطْهُرُ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَطْعَنُ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً (أَوْ وَهِيَ مُبْتَدَأَةٌ فَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ) تَنْقَضِي بِهَا عِدَّتُهَا (أَوْ) طَلُقَتْ (فِي حَيْضٍ) أَوْ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ بِالْوِلَادَةِ (فَأَحَدٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ) تَنْقُصِي بِهَا عِدَّتُهَا (وَاللَّحْظَةُ الْأَخِيرَةُ) فِي مُدَّةِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ (فَأَصْلُهُ) لِلْقَرْءِ الثَّالِثِ عَمَّا بَعْدَهُ أَيْ مُبَيِّنَةً لَهُ لَا مِنْ الْعِدَّةِ فَهِيَ (لَا تَصْلُحُ الرَّجْعَةُ) وَلَا لِغَيْرِهَا مِنْ آثَارِ نِكَاحِ الْمُطَلِّقِ كَإِرْثٍ.

وَلَوْ لَمْ تَذْكُرْ الْمَرْأَةُ هَلْ طَلُقَتْ فِي طُهْرٍ أَوْ حَيْضٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَخَذَتْ بِالْأَقَلِّ وَهُوَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ وَقَالَ شَيْخُهُ الصَّيْمَرِيُّ أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ عِدَّتِهَا إلَّا بِيَقِينٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ وَالصَّوَابُ (فَإِنْ ادَّعَتْهُ) أَيْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ (لِدُونِ الْإِمْكَانِ كَذَّبْنَاهَا وَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَ ثُمَّ إنْ ادَّعَتْهُ) أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ (لِلْإِمْكَانِ صَدَّقْنَاهَا وَلَوْ أَصَرَّتْ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى) لِأَنَّ إصْرَارَهَا يَتَضَمَّنُ دَعْوَى الِانْقِضَاءِ الْآنَ وَكَمَا لَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ فِي الزَّكَاةِ غَلَطًا فَاحِشًا مِنْ الْخَارِصِ وَرُدَّ قَوْلُهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْخَرَصِ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

(قَوْلُهُ كَالنَّسَبِ وَالِاسْتِيلَادِ) أَيْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِوَضْعِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي الْعِدَّةِ وَلَيْسَتْ مُؤْتَمَنَةً فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَلْ مُتَّهَمَةً فِيهِ.

(قَوْلُهُ مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا) التَّعْبِيرُ بِهَا هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْهُرَ عَدَدِيَّةٌ لَا هِلَالِيَّةٌ وَمِنْ الْأَشْهُرِ الْعَدَدِيَّةِ الْأَشْهُرُ السِّتَّةُ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَحَيْثُ صَدَّقْنَاهَا فِي الْوَضْعِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِدَّةِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّسَبِ وَثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِوَضْعِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي الْعِدَّةِ وَلَيْسَتْ مُؤْتَمَنَةً فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَلْ مُتَّهَمَةً فِيهِ وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّوَابُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً» إلَخْ) أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ بَعْثَهُ الْمَلَكَ فِي الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةَ لِلتَّصْوِيرِ وَخَلْقِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْجِلْدِ وَاللَّحْمِ وَالْعِظَامِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَبَعْثَتِهِ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ لِنَفْخِ الرُّوحِ وَقَدْ حَصَلَتْ الْمُغَايِرَةُ بَيْنَ الْبَعْثَتَيْنِ اهـ وَالْحَدِيثَانِ كَالصَّرِيحِينَ فِي هَذَا الْجَمْعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ الْأَجْوِبَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَأَمَّا مَا يُشَاهَدُ مِنْ تَحَرُّكِ الْوَلَدِ قَبْلَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا خُصُوصًا فِي الذَّكَرِ فَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهَا غَايَةُ نِهَايَةِ الْإِرْسَالِ فَلَا بِدْعَ فِي أَنْ يَحْصُلَ النَّفْخُ قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ قِنَّةً) أَيْ أَوْ مُبَعَّضَةً

(قَوْلُهُ وَقَالَ شَيْخُهُ الصَّيْمَرِيُّ أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ وَالصَّوَابُ) لَا سِيَّمَا فِيمَنْ أَرَادَتْ التَّزْوِيجَ بِغَيْرِ الْمُطَلِّقِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَصَرَّتْ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى) قَالَ الْفَتَى مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْإِصْرَارَ مَعَ دَعْوَاهَا لِلْإِمْكَانِ وَلَيْسَ هُوَ فِي الرَّوْضَةِ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا فِيهَا أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِصْرَارِ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى كَافٍ فِي تَصْدِيقِهَا الْآنَ عَلَى الْأَصَحِّ فَزِدْت لَفَظَّةً وَكَذَا فَاسْتَقَامَ بِهَا الْكَلَامُ فَصَارَ ثُمَّ إنْ ادَّعَتْ لِلْإِمْكَانِ صَدَّقْنَاهَا وَكَذَا لَوْ أَصَرَّتْ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى فَلْتَصِرْ فِي النُّسَخِ هَكَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>