مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقَبْضِ (قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِلْمُشْتَرِي) عَلَى الشَّرِيكِ بِقَبْضِهِ الثَّمَنَ كَمَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ (وَلَوْ بَاعَا عَبْدَهُمَا صَفْقَةً) أَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَبَاعَهُ (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (قَبْضُ نَصِيبِهِ) مِنْ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِالْبَيْعِ فَلَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيمَا قَبَضَهُ.
وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْمُشْتَرَكِ مِنْ إرْثٍ وَدَيْنِ كِتَابَةٍ أَنَّهُ يُشَارِكُهُ فِيهِ لِاتِّحَادِهِمَا فِي الْحَقِّ كَمَا هُوَ وَجْهٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَيُجَابُ بِمَنْعِ أَنَّ الثَّمَنَ مُشْتَرَكٌ بَلْ كُلٌّ يَمْلِكُ مِنْهُ نَصِيبَهُ مُنْفَرِدًا وَلَوْ سُلِّمَ فَيُجَابُ بِأَنَّ الِاتِّحَادَ الْمُقْتَضِيَ لِلْمُشَارَكَةِ فِيمَا يُقْبَضُ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا بِالِاسْتِحْقَاقِ لِنَصِيبِهِ فِيمَا اشْتَرَكَا فِيهِ كَمَا فِي ذَيْنِك بِخِلَافِ هَذِهِ نَعَمْ قَدْ تُشْكَلُ هَذِهِ بِالْمُشْتَرَكِ بِالشِّرَاءِ مَعًا إذَا ادَّعَيَاهُ، وَهُوَ فِي يَدِ ثَالِثٍ فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهِ فَإِنَّ الْآخَرَ يُشَارِكُهُ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ مَعَ أَنَّ شِرَاءَ أَحَدِهِمَا يَتَأَتَّى انْفِرَادُهُ عَنْ شِرَاءِ الْآخَرِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ ثَمَّ نَفْسُ الْمُدَّعِي، وَهُنَا بَدَلُهُ فَأُلْحِقَ ذَاكَ بِذَيْنِك، وَإِنْ تَأَتَّى الِانْفِرَادُ فِيهِ (وَإِنْ أَزَالَ غَاصِبٌ يَدَ أَحَدِهِمَا عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْعَبْدِ أَيْ عَنْ نَصِيبِهِ فِيهِ بِأَنْ نَزَّلَ نَفْسَهُ مَنْزِلَتَهُ (فَبَاعَهُ) أَيْ الْعَبْدَ (الْغَاصِبُ وَالشَّرِيكُ صَحَّ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ) فَقَطْ (لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِالْبَائِعِ) أَيْ بِتَعَدُّدِهِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَيْعُ نَصِيبِهِ إلَّا لِلْغَاصِبِ أَوْ الْقَادِرِ عَلَى انْتِزَاعِهِ مِنْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا الْأَصْلُ أَيْضًا
(كِتَابُ الْوَكَالَةِ) هِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لُغَةً: التَّفْوِيضُ، شَرْعًا: تَفْوِيضُ شَخْصٍ أَمْرَهُ إلَى آخَرَ فِيمَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ} [الكهف: ١٩] وَقَوْلُهُ {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا} [يوسف: ٩٣] وَهَذَا شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا وَوَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} [النساء: ٣٥] الْآيَةَ، وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ السُّعَاةَ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ» وَخَبَرِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ السَّابِقِ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَقَدْ «وَكَّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ فِي نِكَاحِ أُمِّ حَبِيبَةَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ
وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا
فَهِيَ جَائِزَةٌ بَلْ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: إنَّهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] وَلِخَبَرِ «اللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ: الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِهَا، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ: مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوْكِيلُ وَلَهُ شُرُوطٌ) ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ الْمِلْكُ) لِلْمُوَكِّلِ (فَلَا يَصِحُّ) التَّوْكِيلُ (فِي طَلَاقِ مَنْ سَيَنْكِحُهَا وَتَزْوِيجِ مَنْ سَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا وَنَحْوِهِ) كَبَيْعِ عَبْدٍ سَيَمْلِكُهُ أَوْ إعْتَاقِ مَنْ سَيَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَةِ مَا وُكِّلَ فِيهِ حَالَ التَّوْكِيلِ نَعَمْ لَوْ جَعَلَ مَا لَا يَمْلِكُهُ تَبَعًا لِمَا يَمْلِكُهُ كَتَوْكِيلِهِ بِبَيْعِ عَبْدِهِ وَمَا سَيَمْلِكُهُ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلرَّافِعِيِّ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الْمَوْجُودِ وَمَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ وَأَنْ يُبْتَاعَ بِثَمَنِهِ كَذَا صَحَّ الشَّرْطُ
(الثَّانِي قَبُولُ النِّيَابَةِ) ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَابَةٌ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ فِيمَا يَقْبَلُهَا (فَلَا يَصِحُّ) التَّوْكِيلُ (فِي الشَّهَادَاتِ) إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَاتِ لِاعْتِبَارِ أَلْفَاظِهَا مَعَ عَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى قَبُولٍ، وَلِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا مَنُوطٌ بِعِلْمِ الشَّاهِدِ، وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الشَّرِيكَيْنِ عَيْنًا لِلشِّرْكَةِ فِي ذِمَّتِهِ فَطُولِبَ بِثَمَنِهِ، فَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ أَدَّاهُ لِعَدَمِ نَضُوضِ مَالِ الشِّرْكَةِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ نَضُوضِهِ فَفِي رُجُوعِهِ بِهَا وَجْهَانِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَالٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى تَفَاوُتٍ بِإِرْثٍ بِإِقْرَارِهِمَا فَادَّعَى صَاحِبُ الْقَلِيلِ أَنَّ لَهُ زَائِدًا عَلَى مَا خَصَّهُ بِسَبَبِ رِبْحٍ حَدَثَ وَقَالَ صَاحِبُ الْكَثِيرِ: لَمْ يَحْدُثْ رِبْحٌ، وَالْبَاقِي بَعْدَ حِصَّةِ صَاحِبِ الْقَلِيلِ لِي، فَهَذِهِ وَقَعَتْ فِي الْبُرُلُّسِ وَأَفْتَيْت بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ صَاحِبِ الْكَثِيرِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّبْحِ، فَإِنْ قُلْت: فَفِي عَامِلِ الْقِرَاضِ إذَا ادَّعَى رِبْحًا، وَقَالَ الْمَالِكُ: لَا رِبْحَ فَإِنَّك تُصَدِّقُ الْعَامِلَ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّبْحِ، فَمَا الْفَرْقُ، قُلْت: قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَالِكَ أَثْبَتَ لِلْعَامِلِ عَلَى مَالِهِ عَمَلًا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ فَلَوْ صَدَّقْنَا الْمَالِكَ لَفَاتَ حَقُّ الْعَامِلِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ وَلِهَذَا صَارَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إلَى أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ.
وَالصَّوَابُ عِنْدِي خِلَافُ ذَلِكَ وَأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّبْحِ، وَعَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ هَذَا هُوَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ الشَّرْعِيَّةُ وَالشَّوَاهِدُ الْمَرْضِيَّةُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مَا صَحَّحُوهُ مِنْ تَصْدِيقِ الْعَامِلِ سَبَبُهُ أَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي أَنَّ الْعَامِلَ قَدْ اسْتَوْلَى عَلَى قَدْرٍ، وَالْعَامِلُ يُنْكِرُهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِاسْتِيلَاءِ فَصُدِّقَ الْعَامِلُ بِخِلَافِ الشِّرْكَةِ فَإِنَّهُمَا قَدْ اعْتَرَفَا بِأَنَّ مَالَ الشِّرْكَةِ بَيْنَهُمَا كَذَا، وَبِأَنَّ رَأْسَ مَالِ أَحَدِهِمَا مِنْهُ كَذَا
[كِتَابُ الْوَكَالَةِ وَفِيهَا ثَلَاثَة أَبْوَاب]
[الْبَاب الْأَوَّل أَرْكَان الْوَكَالَة]
(كِتَابُ الْوَكَالَةِ) (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا: تَفْوِيضُ شَخْصٍ أَمْرَهُ إلَى آخَرَ) أَيْ لِيَفْعَلَهُ حَالَ حَيَاتِهِ وَخَرَجَ بِهَذَا الْقَيْدِ الْإِيصَاءُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ وَكَّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ إلَخْ) وَأَبَا رَافِعٍ فِي نِكَاحِ مَيْمُونَةَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (قَوْلُهُ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُحْسِنُ كُلَّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ مَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ) قَدَّمَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُهِمُّ فِي الْبَابِ، وَعَلَيْهِ تَحْسُنُ إقَامَةُ الْأَدِلَّةِ الَّتِي هِيَ قَوَاعِدُ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ) هَذَا فِيمَنْ يُوَكِّلُ فِي مَالِهِ، وَإِلَّا فَالْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ وَكُلُّ مَنْ جَوَّزْنَا لَهُ التَّوْكِيلَ فِي مَالِ الْغَيْرِ لَا يَمْلِكُونَ الْمُوَكَّلَ فِيهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ أَوْ الْمُوَكِّلُ عَنْهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَهُوَ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّصَرُّفُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ لَا مَحَلُّ التَّصَرُّفِ. اهـ. قَالَ شَيْخِي وَوَالِدِي: وَمَا قَالَهُ هُوَ الْعَجِيبُ بَلْ الْمُرَادُ مَحَلُّ التَّصَرُّفِ بِلَا شَكٍّ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي، وَأَمَّا الْكَلَامُ عَلَى التَّصَرُّفِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ فَسَيَأْتِي فِي الرُّكْنِ الثَّانِي فس (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَةِ مَا وُكِّلَ فِيهِ حَالَ التَّوْكِيلِ) سَيَأْتِي فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ أَنَّهُ لَوْ وُكِّلَ فِي حَالِ إحْرَامِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ أَوْ الْمَرْأَةِ لِيُزَوِّجَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَأُطْلِقَ صَحَّ تَزْوِيجُهَا إذَا قَالَتْ لِوَلِيِّهَا، وَهِيَ فِي نِكَاحٍ أَوْ عِدَّةٍ: أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِي، إذَا فَارَقَنِي زَوْجِي أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْإِذْنُ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْقُولُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَأَفْتَى بِهَا ابْنُ رَزِينٍ (تَنْبِيهٌ) حَكَى ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْأَصْحَابِ الصِّحَّةَ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ ثَمَرَةٍ قَبْلَ إثْمَارِهَا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا إنَّمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ الْوَجْهُ الْمَرْجُوحُ
(قَوْلُهُ إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَاتِ) ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ يَتَعَلَّقُ بِبَدَنِ الشَّاهِدِ