للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاقْتَضَى الْحَالُ تَصْدِيقَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ حَيْثُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ مُؤَبَّدَةٌ بِخِلَافِ فُرْقَةِ الْبَيْنُونَةِ وَخَرَجَ بِالْمُمْكِنِ غَيْرُهُ كَأَنْ قَالَ فُلَانَةُ بِنْتِي، وَهِيَ أَسَنُّ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَغْوٌ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِالزَّوْجَيْنِ تَجَوُّزٌ سَهَّلَهُ قَوْلُهُ (وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ النِّكَاحِ (حُكِمَ بِفَسَادِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا) عَمَلًا بِقَوْلِهِمَا وَسَقَطَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ كَانَتْ جَاهِلَةً وَدَخَلَ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ (وَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ الرَّضَاعَ (الزَّوْجُ، وَأَنْكَرَتْ حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ دَخَلَ بِهَا (أَوْ نِصْفُهُ) إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (وَلَهُ تَحْلِيفُهَا إنْ لَمْ يَطَأْ) هَا (أَوْ) وَطِئَهَا (وَكَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ) مِنْ الْمُسَمَّى (فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ وَلَا شَيْءَ لَهَا إنْ لَمْ يَطَأْ) ، وَإِلَّا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ (فَإِنْ ادَّعَتْهُ) أَيْ الرَّضَاعَ (فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهَا إنْ سَبَقَ مِنْهَا إذْنٌ) فِي تَزْوِيجِهَا بِهِ (أَوْ تَمْكِينٌ) لَهُ مِنْ وَطْئِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ حِلَّهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا نَقِيضُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ عَيْنًا ثُمَّ ادَّعَى وَقْفَهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ إذْنٍ لِصِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِإِذْنٍ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ وَطْئِهَا (صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) ؛ لِأَنَّ مَا تَدَّعِيهِ مُحْتَمَلٌ وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا مَا يُنَاقِضُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ذَكَرَتْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ (وَلَا شَيْءَ لَهَا إنْ لَمْ يَطَأْ) عَمَلًا بِقَوْلِهَا، وَإِلَّا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ (وَإِنْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ الْمُسَمَّى) أَوْ بَعْضَهُ (فَلَهُ حُكْمُ مَا لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ بِهِ، وَكَذَّبَهَا) فَلَا يَسْتَرِدُّهُ مِنْهَا بَلْ يَبْقَى فِي يَدِهَا لِزَعْمِهِ أَنَّهُ لَهَا (وَالْوَرَعُ) لَهُ (أَنْ يُطَلِّقَهَا) طَلْقَةً لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً.

(فَرْعٌ: يَحْرُمُ) عَلَى السَّيِّدِ (وَطْءُ أَمَةٍ أَقَرَّتْ بِالْمُرَاضَعَةِ) بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ (قَبْلَ الشِّرَاءِ) مِنْهُ لَهَا (وَكَذَا) بَعْدَهُ (وَقَبْلَ التَّمْكِينِ) ، وَقِيلَ لَا تَحْرُمُ فِي هَذِهِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةَ نَسَبٍ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ أَصْلٌ يُبْنَى عَلَيْهِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ بِخِلَافِ التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعِ.

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ) فِي الرَّضَاعِ (وَالْمُنْكِرُ لِلرَّضَاعِ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) ؛ لِأَنَّهُ يَنْفِي فِعْلَ الْغَيْرِ وَلَا نَظَرَ إلَى فِعْلِهِ فِي الِارْتِضَاعِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا (وَمُدَّعِيهِ) يَحْلِفُ (عَلَى الْبَتِّ وَلَوْ بَعْدَ نُكُولِ صَاحِبِهِ) عَنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ فِعْلَ الْغَيْرِ وَلَوْ ادَّعَتْ الرَّضَاعَ فَشَكَّ الزَّوْجُ فَلَمْ يَقَعْ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهَا وَلَا كَذِبُهَا لَمْ يَحْلِفْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.

(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِرْضَاعِ (يُقْبَلُ فِي الرَّضَاعِ، وَ) فِي (حَلْبِ لَبَنِهَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ) لِاخْتِصَاصِ النِّسَاءِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا كَالْوِلَادَةِ وَكُلُّ ثِنْتَيْنِ بِرَجُلٍ، وَمَا يُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ يُقْبَلُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنَّوْعَانِ (وَلَا يُقْبَلُ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ وَالْإِيجَارِ) لِلَّبَنِ (إلَّا رَجُلَانِ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِمَا الرِّجَالُ غَالِبًا (وَيُقْبَلُ فِي الرَّضَاعِ شَهَادَةُ أُمِّ الْمَرْأَةِ) أَيْ الزَّوْجَةِ (وَبِنْتِهَا) مَعَ غَيْرِهِمَا (حِسْبَةً بِلَا تَقَدُّمِ دَعْوَى) ، وَإِنْ اُحْتُمِلَ كَوْنُ الزَّوْجَةِ مُدَّعِيَةً؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ (كَمَا يَشْهَدُ أَبُوهَا وَابْنُهَا) أَوْ ابْنَاهَا (بِالطَّلَاقِ) لَهَا مِنْ زَوْجِهَا (حِسْبَةً) بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَتْهُ (وَكَذَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ أُمِّ الْمَرْأَةِ وَبِنْتِهَا (إنْ ادَّعَى الزَّوْجُ الرَّضَاعَ فَأَنْكَرَتْ) ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَيْهَا (لَا عَكْسُهُ) ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لَهَا، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ شَهَادَةُ بِنْتِهَا بِذَلِكَ إذَا شَهِدَتْ بِأَنَّ الزَّوْجَ ارْتَضَعَ مِنْ أُمِّهَا أَوْ نَحْوِهَا أَمَّا شَهَادَتُهَا بِأَنَّ أُمَّهَا ارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يُمْكِنُ لِاسْتِحَالَةِ الْمُشَاهَدَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ وَلَوْ ذَكَرَتْ فِعْلَهَا) بِأَنْ قَالَتْ أَرْضَعَتْهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجُرَّ بِشَهَادَتِهَا نَفْعًا وَلَمْ تَدْفَعْ بِهَا ضَرَرًا وَفِعْلُهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْإِثْبَاتِ بِخِلَافِ شَهَادَتِهَا بِوِلَادَتِهَا لِجَرِّهَا نَفْعَ النَّفَقَةِ وَالْإِرْثِ وَغَيْرِهِمَا وَبِخِلَافِ شَهَادَةِ الْحَاكِمِ بَعْدَ عَزْلِهِ لَهُ بِحُكْمِهِ لِتَضَمُّنِهَا تَزْكِيَةَ نَفْسِهِ لِتَوَقُّفِ حُكْمِهِ عَلَى الْعَدَالَةِ؛ وَلِأَنَّ فِعْلَهُ مَقْصُودٌ بِالْإِثْبَاتِ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِشَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ وَحِلِّ الْخَلْوَةِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُرَدُّ بِمِثْلِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَبُولِ شَهَادَةِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَإِنْ اُسْتُفِيدَ بِهَا حِلُّ الْمُنَاكَحَةِ (إلَّا إنْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ بَعْدَ حُكْمٍ بِفَسَادِهِ) لَوْ قَالَ الزَّوْجَاتُ عَلِمْنَا الرَّضَاعَ قَبْلَ الْوَطْءِ دُونَ التَّحْرِيمِ أَوْ قَالَتْهُ الزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيُشْبِهُ قَبُولَ ذَلِكَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ وَعِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ تَقْتَضِي الْعِلْمَ بِالتَّحْرِيمِ لَكِنَّهُ نَظَرَ فِي الْحَدِّ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ سَبَقَ مِنْهَا إذْنٌ إلَخْ) فِي الشَّرْحَيْنِ، وَالرَّوْضَةِ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ أَنَّ مَنْ زُوِّجَتْ بِرِضَاهَا ثُمَّ ادَّعَتْ مَحْرَمِيَّةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا إلَّا إذَا ذَكَرَتْ عُذْرًا كَغَلَطٍ أَوْ نِسْيَانٍ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْمَوْجُودُ هُنَا فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ سَمَاعُهَا مُطْلَقًا، وَالتَّحْلِيفُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ نَحْوَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا فِي الْحُرَّةِ أَمَّا الْأَمَةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَى السَّيِّدِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ شَيْءٌ.

[فَرْعٌ حُكْم وَطْء السَّيِّدِ أَمَة أَقَرَّتْ بِالْمُرَاضَعَةِ]

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ فِي هَذِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: الْوَجْهُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ عَدَمُ التَّحْرِيمِ، وَقَدْ سُئِلَ وَالِدِي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَرَحِمَهُ - عَنْهَا بِمَا حَاصِلُهُ بَلْ نَصُّهُ عَمَّا لَوْ أَقَرَّتْ أَنَّ سَيِّدَهَا أَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعِ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّمْكِينِ يُقْبَلُ ذَلِكَ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَى سَيِّدِهَا، وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فِيمَا إذَا ادَّعَتْ الْحُرَّةُ ذَلِكَ هَذَا فِي الْحُرَّةِ أَمَّا فِي الْأَمَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَى السَّيِّدِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ شَيْءٌ. اهـ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَيْهِ بِالنَّسَبِ مُطْلَقًا، وَفِي الرَّضَاعِ كَذَلِكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَلَا يُقْبَلُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فِيهِمَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ) قَالَ شَيْخُنَا، وَالْعُبَابُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّسَبَ أَصْلِيٌّ إلَخْ) وَلِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ، وَالرَّضَاعُ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِنَّ فَكَذَلِكَ التَّحْرِيمُ بِهِ.

[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ فِي الرَّضَاعِ]

(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ) ، وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ، وَقَدْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِحَلِفِهِ.

[الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِرْضَاعِ]

(الطَّرَفُ الثَّالِثُ الشَّهَادَةُ) (قَوْلُهُ: وَفِي حَلْبِ لَبَنِهَا إلَخْ) أَمَّا الشَّهَادَةُ بِرَضَاعِ لَبَنٍ حُلِبَ فِي آنِيَةٍ فَلَا تُقْبَلُ إلَّا مِنْ رَجُلَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>