للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُشْهِدُ) عَلَى الْفَسْخِ لِئَلَّا يُكَذِّبَهُ الْمُكَاتَبُ (وَكَذَا) يَفْسَخُ (بِالْحَاكِمِ) نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ بِالْعَجْزِ (لَكِنْ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ) أَيْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (بِالْحُلُولِ) لِلنَّجْمِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ لَهُ ثَمَّ أَنْ يَقُولَ هُنَا بِالْكِتَابَةِ وَالْحُلُولِ (وَالتَّعَذُّرِ) لِتَحْصِيلِ النَّجْمِ (وَالْحَلِفِ) مِنْ السَّيِّدِ (أَنَّهُ مَا قَبَضَ) ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا مِنْ وَكِيلِهِ (وَلَا أَبْرَأَهُ) مِنْهُ وَلَا أَنْظَرَهُ فِيهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْعِرَاقِيُّونَ (وَلَا يَعْلَمُ مَالًا حَاضِرًا) لِأَنَّ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى غَائِبٍ وَالْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِفَايَتِهِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ قُلْت وَالْقِيَاسُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدَوِيِّ (وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي الْأَدَاءُ) لِلنَّجْمِ (مِنْهُ وَيُمَكِّنُ) الْقَاضِيَ (السَّيِّدَ لِيَفْسَخَ) أَيْ مِنْهُ (وَإِنْ عَاقَ الْمُكَاتَبَ) عَنْ حُضُورِهِ (مَرَضٌ أَوْ خَوْفٌ) فِي الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَجَّزَ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَمْ يُؤَدِّ الْمَالَ وَرُبَّمَا فَسَخَ الْكِتَابَةَ فِي غَيْبَتِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَ أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لَهُ مَالًا حَاضِرًا لَا يَجْتَمِعَانِ انْتَهَى.

وَالتَّحْلِيفُ الْمَذْكُورُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَأَقَرَّهُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ غَرِيبٌ وَعَلَيْهِ لَا إشْكَالَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْأَدَاءِ عَنْ الْغَائِبِ قَدْ خَالَفَهُ آخِرَ الرُّكْنِ الثَّالِثِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَسِيرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَلَامٌ نَازِلٌ يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ وَعَلَى مَا تَخَيَّلَهُ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأَسِيرِ وَغَيْرِهِ.

(وَلَوْ أَنْظَرَهُ) السَّيِّدُ بَعْدَ حُلُولِ النَّجْمِ (وَسَافَرَ بِإِذْنِهِ، ثُمَّ نَدِمَ) عَلَى إنْظَارِهِ (لَمْ يَفْسَخْ) فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ غَيْرُ مُقَصِّرٍ وَرُبَّمَا اكْتَسَبَ فِي السَّفَرِ مَا يَفِي بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَلَا يَفْسَخُ سَيِّدُهُ (حَتَّى يُعْلِمَهُ) بِالْحَالِ (بِكِتَابِ الْقَاضِي) أَيْ قَاضِي بَلَدِ سَيِّدِهِ (إلَى قَاضِي بَلَدِهِ) بِأَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ وَيُثْبِتَ الْكِتَابَةَ وَالْحُلُولَ وَالْغَيْبَةَ وَيَحْلِفَ أَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ وَيَذْكُرَ أَنَّهُ نَدِمَ عَلَى الْإِذْنِ وَالْإِنْظَارِ وَرَجَعَ عَنْهُمَا. وَيَكْتُبُ الْقَاضِي إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمُكَاتَبِ بِذَلِكَ لِيُعَرِّفَهُ الْحَالَ (فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ كَتَبَ بِهِ) قَاضِي بَلَدِهِ (إلَى قَاضِي بَلَدِ السَّيِّدِ) لِيَفْسَخَ إنْ شَاءَ (وَإِنْ بَذَلَ) الْمُكَاتَبُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ (وَلِلسَّيِّدِ وَكِيلٌ هُنَاكَ سَلَّمَ إلَيْهِ) فَإِنْ أَبَى ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ لِلسَّيِّدِ وَلِلْوَكِيلِ أَيْضًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ هُنَاكَ وَكِيلٌ (أَلْزَمهُ الْقَاضِي إرْسَالَهُ) إلَيْهِ (فِي الْحَالِ) إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى رُفْقَةٍ (أَوْ مَعَ أَوَّلِ رُفْقَةٍ) يَخْرُجُ (إنْ احْتَاجَ إلَيْهَا وَعَلَى السَّيِّدِ الصَّبْرُ إلَى مُضِيِّ) مُدَّةِ (إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَيْهِ، ثُمَّ) إذَا مَضَتْ وَلَمْ يُوصِلْهُ (يَفْسَخُ إنْ قَصَّرَ) فِي إيصَالِهِ (وَإِنْ سَلَّمَ إلَى وَكِيلِهِ وَ) بَانَ أَنَّهُ (قَدْ عَزْله فَإِنْ كَانَ) التَّسْلِيمُ إلَيْهِ (بِأَمْرِ الْقَاضِي بَرِيءَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ) أَوْجُهُهُمَا الْمَنْعُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ بَرَاءَتِهِ بِذَلِكَ أَنَّ لِقَاضِي بَلَدٍ الْمُكَاتَبِ الْقَبْضَ عَلَى السَّيِّدِ.

(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) بِبَلَدِ السَّيِّدِ قَاضٍ (وَبَعَثَ السَّيِّدُ) إلَى الْمُكَاتَبِ (مَنْ يُعْلِمُهُ) بِالْحَالِ (وَيَقْبِضُ مِنْهُ) النَّجْمَ (فَهُوَ هُوَ كَكِتَابِ الْقَاضِي) إلَى الْقَاضِي فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ (أَمْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ) وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ.

(فَرْعٌ) لَوْ (امْتَنَعَ) الْمُكَاتَبُ (مِنْ الْأَدَاءِ) لِلنُّجُومِ بَعْدَ الْمَحِلِّ (وَهُوَ قَادِرٌ) عَلَيْهِ (لَمْ يُجْبَرْ) عَلَى أَدَائِهَا لِجَوَازِ الْكِتَابَةِ مِنْ جِهَتِهِ وَلِأَنَّ الْحَظَّ فِيهَا لَهُ وَلِتَضَمُّنِهَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ لَوْ حَلَّ نَجْمٌ وَالْمُكَاتَبُ غَائِبٌ وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَوْ غَابَ بَعْدَ حُلُولِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ]

قَوْلُهُ وَالْحَلِفُ مِنْ السَّيِّدِ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْمَحَامِلِيِّ وَالرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ إذَا جَاءَ السَّيِّدُ إلَى السُّلْطَانِ فَسَأَلَهُ تَعْجِيزَهُ لَمْ يُعَجِّزْهُ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ كِتَابَتُهُ وَحُلُولُ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ وَيُحَلِّفُهُ مَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا قَبَضَهُ مِنْهُ وَلَا قَابِضَ لَهُ وَلَا أَنْظَرَهُ بِهِ، فَإِذَا فَعَلَ عَجَّزَهُ لَهُ وَجَعَلَ الْمُكَاتَبَ عَلَى حُجَّتِهِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ (قَوْلُهُ وَلَا أَبْرَأَ مِنْهُ) أَيْ وَلَا احْتَالَ بِهِ (قَوْلُهُ قُلْت وَالْقِيَاسُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدَوِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُمَكِّنُ الْقَاضِي السَّيِّدَ الْفَسْخَ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنْ لِلسَّيِّدِ الْفَسْخَ فِي الْحَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يُوقَفُ مَالُهُ وَيُنْتَظَرُ فَإِنْ أَدَّى وَإِلَّا فَلِسَيِّدِهِ تَعْجِيزُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا النَّصَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) كَابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ (قَوْلُهُ لَا يَجْتَمِعَانِ) الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُمْكِنٌ بِأَنَّ ذَاكَ فِي فَسْخِ الْحَاكِمِ وَهَذَا فِي فَسْخِ السَّيِّدِ مُمْكِنٌ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الَّذِي قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ الْوَقْفِ كَمَا فِي الْإِنْظَارِ لَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْقَاضِيَ يُوَفِّيه مِنْهُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ كَلَامٌ نَازِلٌ يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْفَسْخِ لِلتَّعْجِيزِ وَهُنَا فِي الْفَسْخِ لِلْغَيْبَةِ وَأَمَّا الْفَرْقُ الْمُشَارُ إلَيْهِ فَهُوَ أَنَّ الْأَسِيرَ مَقْهُورٌ بِخِلَافِ الْغَائِبِ بِلَا أَسْرٍ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَنْظَرَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ حُلُولِ النَّجْمِ) إلَى غَيْرِ أَجَلٍ أَوْ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَمْضِ (قَوْلُهُ فَلَا يَفْسَخُ سَيِّدُهُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَكُونُ الْإِنْظَارُ فِيهِ مُؤَثِّرًا لَازِمًا غَيْرَ هَذَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْإِذْنِ وَالْإِنْظَارِ إلَّا أَنْ تَجْعَلَ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ وَاعْتَرَضَ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ الْإِنْظَارُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُلُولِ النَّجْمِ بَلْ لَوْ أَنْظَرَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَ الْحُلُولِ سَوَاءٌ كَمَا سَبَقَ فِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَلَا يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى الْإِذْنِ فِي السَّفَرِ قَالَ وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فَإِنْ جَاءَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَإِلَّا عَجَّزَهُ حَاكِمُ بَلَدِهِ فَظَاهِرٌ عِنْدِي أَنَّ الَّذِي يُعَجِّزُ حَاكِمُ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ وَتَقَدَّمَ عَنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ حَاكِمُ بَلَدِ السَّيِّدِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا عِنْدِي لَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ حَاكِمُ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الضَّرُورِيَّةِ أَنْ يَكْتُبَ إلَى حَاكِمِ بَلَدِ السَّيِّدِ وَذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ بِالتَّأْخِيرِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ إلَى مُدَّةٍ يَصِلُ فِيهَا كِتَابُ حَاكِمِ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ قَالَ وَهَذَا مَوْضِعٌ مُهِمٌّ يَتَّفِقُ الْأَصْحَابُ الْمَذْكُورُونَ عَلَى أَمْرٍ مُخَالِفٍ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَمُؤَدٍّ إلَى ضَرَرِ السَّيِّدِ. قُلْت الضَّرَرُ وَالتَّطْوِيلُ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْمُعَجِّزُ لَهُ حَاكِمَ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَحْتَاجُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ وُصُولِهِ إلَى الْكِتَابِ لَهُ وَإِرْسَالِ وَكِيلٍ لِطَلَبِ الْحُكْمِ مِنْهُ بِذَلِكَ ثُمَّ لَا يَظْهَرُ لَهُ الْحُكْمُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ، وَأَمَّا حَاكِمُ بَلَدِ السَّيِّدِ فَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ إلَى شَيْءٍ بَلْ يُبَادِرُ بِالْحُكْمِ وَقَوْلُهُ يَحْتَاجُ حَاكِمُ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ الْمُدَّةِ إلَى مُكَاتَبَةِ حَاكِمِ بَلَدِ السَّيِّدِ لَا مَعْنَى لَهُ ع (قَوْلُهُ أَوْجُهُهُمَا الْمَنْعُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ بَرَاءَتِهِ بِذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) هُوَ الرَّاجِحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>