الْقَاضِي نَعَمْ لِحُصُولِ الضَّرَرِ وَقَدْ يُؤَيَّدُ الْأَوَّل بِمَا فِي الْإِبَانَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ فِيمَا إذَا تَجَعَّدَ شَعْرُهُ بِنَفْسِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّصْرِيَةَ تُعْلَمُ غَالِبًا مِنْ الْحَلْبِ كُلَّ يَوْمٍ فَالْبَائِعُ مُقَصِّرٌ بِخِلَافِ التَّجَعُّدِ (فَإِنْ زَادَ اللَّبَنُ بِقَدْرِ التَّصْرِيَةِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا أَشْعَرَتْ بِهِ (وَاسْتَمَرَّ فَلَا خِيَارَ) لِزَوَالِ الْمُقْتَضِي لَهُ
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلِمَ) الْمُشْتَرِي (بِالتَّصْرِيَةِ بَعْدَ الْحَلْبِ رَدَّهَا) أَيْ الْمُصْرَاةَ (وَلَزِمَهُ صَاعُ تَمْرٍ) وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى قِيمَتِهَا (بَدَلَ اللَّبَنِ) الْمَوْجُودِ حَالَةَ الْعَقْدِ (إنْ تَلِفَ اللَّبَنُ أَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى رَدِّهِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلَوْ عَلِمَ بِهَا قَبْلَ الْحَلْبِ رَدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَيَتَعَيَّنُ التَّمْرُ وَالصَّاعُ وَلَوْ قَلَّ اللَّبَنُ) لِلْخَبَرِ فِيهِمَا وَقَطْعًا لِلنِّزَاعِ فِي الثَّانِي فَلَا يَخْتَلِفُ قَدْرُ التَّمْرِ بِقِلَّةِ اللَّبَنِ وَكَثْرَتِهِ كَمَا لَا تَخْتَلِفُ غُرَّةُ الْجَنِينِ بِاخْتِلَافِ ذُكُورَةٍ وَأُنُوثَةٍ وَلَا أَرْشِ الْمُوضِحَةِ بِاخْتِلَافِهِمَا صِغَرًا وَكِبَرًا وَبِمَا قَالَهُ عَلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُكَلَّفُ رَدَّ اللَّبَنِ لِأَنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ مِلْكُهُ وَقَدْ اخْتَلَطَ بِالْمَبِيعِ وَتَعَذَّرَ تَمْيِيزُهُ فَإِذَا أَمْسَكَهُ كَانَ كَالتَّالِفِ وَأَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ قَهْرًا وَإِنْ لَمْ يَحْمُضْ لِذَهَابِ طَرَاوَتِهِ وَالْعِبْرَةُ بِغَالِبِ تَمْرِ الْبَلَدِ كَالْفِطْرَةِ (فَإِنْ تَرَاضَيَا بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ صَاعِ تَمْرٍ مِنْ مِثْلِيٍّ أَوْ مُتَقَوِّمٍ (جَازَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا وَفِي نُسْخَةٍ وَيَجُوزُ التَّرَاضِي بِغَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ بِغَيْرِ شَيْءٍ جَازَ (فَإِنْ أَعْوَزَهُ التَّمْرُ) أَيْ عَدَمَهُ وَالْمُرَادُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ (فَقِيمَتُهُ بِالْمَدِينَةِ) تَلْزَمُهُ كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا بَلْ حَكَى وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا هَذَا وَثَانِيَهُمَا قِيمَتُهُ فِي أَقْرَبِ بِلَادِ التَّمْرِ إلَيْهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمَدِينَةِ لَا وَجْهَ لَهُ بَلْ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْحِجَازِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ يُشِيرُ إلَيْهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَمَسْأَلَةُ الْإِعْوَازِ سَاقِطَةٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الرَّوْضِ وَكَأَنَّهُ لِمَا عَرَفْت (وَلَوْ اشْتَرَى مُصْرَاةً بِصَاعٍ) مِنْ تَمْرٍ (رَدَّهَا وَصَاعَ تَمْرٍ إنْ شَاءَ وَاسْتَرَدَّ صَاعَهُ) قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الرِّبَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْفُسُوخِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاسْتِرْدَادُ الصَّاعِ مِنْ الْبَائِعِ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ بَاقِيًا بِيَدِهِ فَلَوْ تَلِفَ وَكَانَ مِنْ نَوْعِ مَا لَزِمَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ فَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُمَا يَقَعَانِ فِي التَّقَاصِّ إنْ جَوَّزْنَاهُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لِلرَّافِعِيِّ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ إنْ شَاءَ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مَا ذَكَرَ بَلْ إنْ شَاءَ فَعَلَهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْمُصْرَاةَ وَحْدَهَا وَاكْتَفَى عَنْ رَدِّ الصَّاعِ بِالصَّاعِ الَّذِي وَقَعَ ثَمَنًا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ تَالِفًا وَتَرَاضَيَا أَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا لَكِنْ كَانَ مِنْ نَوْعِ مَا لَزِمَهُ رَدَّهُ وَقُلْنَا بِالتَّقَاصِّ فِي غَيْرِ النَّقْدِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ
(فَرْعٌ) لَوْ (رَدَّ غَيْرَ الْمُصْرَاةِ) بَعْدَ الْحَلْبِ (بِعَيْبٍ فَهَلْ يَرُدُّ بَدَلَ اللَّبَنِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْقَاضِي وَابْنُ الرِّفْعَةِ نَعَمْ كَالْمُصْرَاةِ فَيَرُدُّ صَاعَ تَمْرٍ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بَلْ قِيمَةَ اللَّبَنِ لِأَنَّ الصَّاعَ عِوَضُ لَبَنِ الْمُصْرَاةِ وَهَذَا لَبَنُ غَيْرِهَا فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهَا صُدِّقَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَثَانِيهِمَا لَا لِأَنَّهُ قَلِيلٌ غَيْرُ مُعْتَنًى بِجَمْعِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُصْرَاةِ وَنَقَلَهُ السُّبْكِيُّ كَغَيْرِهِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ قَالَ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَوْ كَانَ يَسِيرًا كَالرَّشْحِ رَدَّهَا وَلَا شَيْءَ مَعَهَا لِأَنَّ اللَّبَنَ حَدَثَ عَلَى مِلْكِهِ وَإِلَّا فَفِيهِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا قَوْلُ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَرُدُّ مَعَهَا الصَّاعَ كَالْمُصْرَاةِ بِجَامِعِ أَنَّ اللَّبَنَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ
(فَرْعٌ لَا يَخْتَصُّ هَذَا) أَيْ خِيَارُ التَّصْرِيَةِ (بِالنَّعَمِ بَلْ لَوْ اشْتَرَى أَتَانًا أَوْ جَارِيَةً مُصْرَاةً رَدَّهَا) لِأَنَّ لَبَنَهَا مَقْصُودٌ لِلتَّرْبِيَةِ (وَ) لَكِنْ (لَا بَدَلَ لِلَبَنِهَا) لِأَنَّ لَبَنَ الْأَتَانِ نَجِسٌ وَلَبَنَ الْجَارِيَةِ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ غَالِبًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ إنَّ رَدَّ الصَّاعِ جَارٍ فِي كُلِّ مَأْكُولٍ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَاسْتَبْعَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْأَرْنَبِ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبُعِ وَنَحْوِهَا (وَإِنْ حَبَسَ مَاءِ الْقَنَاةِ أَوْ) مَاءِ (الرَّحَى وَأَرْسَلَهُ عِنْدَ الْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ) تَخْيِيلًا لِكَثْرَتِهِ (أَوْ حَمَّرَ وَجْنَةَ الْجَارِيَةِ) تَخْيِيلًا لِحُسْنِهَا (أَوْ وَرَّمَ وَجْهَهَا لِيَظُنَّ) الْمُشْتَرِي (سِمَنَهَا أَوْ سَوَّدَ شَعْرَهَا أَوْ جَعَّدَهُ) لِيُوهِمَ أَنَّهُ خِلْقَةٌ (فَلَهُ الْخِيَارُ) كَالتَّصْرِيَةِ بِجَامِعِ التَّلْبِيسِ وَخَرَجَ بِ جَعَّدَهُ مَا لَوْ سَبَّطَهُ وَبَانَ جَعْدًا فَلَا خِيَارَ لِأَنَّ الْجُعُودَةَ أَحْسَنُ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْجَارِيَةِ بَلْ الْعَبْدُ كَذَلِكَ وَكَذَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَالْعِرَاقِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ وَالْمِفْتَاحِ لِلْمُعَاوِي وَجَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَحَقِيقَةُ الْوَجْهَيْنِ تَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ يَلْحَقُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَيَثْبُتُ أَوْ خِيَارُ الْخَلْفِ فَلَا يَثْبُتُ (قَوْلُهُ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لَهُ) كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ إلَّا بَعْدَ زَوَالِهِ وَكَمَا لَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِعِتْقِهَا تَحْتَ رَقِيقٍ حَتَّى عَتَقَ
[فَرْعٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالتَّصْرِيَةِ بَعْدَ الْحَلْبِ]
(قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ صَاعُ تَمْرٍ) يَتَعَدَّدُ الصَّاعُ بِتَعَدُّدِ الْمُصَرَّاةِ وَإِنْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ التَّمْرُ هُنَا وَلَمْ يَجُزْ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ فِي الْقِيمَةِ وَالِاقْتِيَاتُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا قَطْعُ النِّزَاعِ مَعَ ضَرْبِ تَعَبُّدٍ وَالْمَقْصُودُ فِي الْفِطْرَةِ سَدُّ الْخَلَّةِ (قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ فِيهِمَا) احْتَجَّ لَهُ الشَّافِعِيُّ فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِتَقْدِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّاعِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ بِاخْتِلَافِ أَلْبَانِهَا (قَوْلُهُ وَالْعِبْرَةُ بِغَالِبِ تَمْرِ الْبَلَدِ كَالْفِطْرَةِ) وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ الْوَسَطُ مِنْ تَمْرِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَقِيمَتُهُ بِالْمَدِينَةِ) أَيْ لِكَثْرَةِ التَّمْرِ بِهَا رِفْقًا بِالْمُشْتَرِي يَوْمَ الرَّدِّ قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ بَاقِيًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَفِيهِ أَوْجُهٌ) هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ
[فَرْعٌ لَا يَخْتَصُّ خِيَارُ التَّصْرِيَةِ بِالنَّعَمِ]
(قَوْلُهُ بِالنِّعَمِ) وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَثُبُوتُهُ فِي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ بِالنَّصِّ وَفِي الْبَقَرِ إمَّا بِالنَّصِّ لِرِوَايَةِ «مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً» وَإِمَّا بِالْقِيَاسِ الْأَوْلَوِيِّ عَلَى الْإِبِلِ فَإِنَّهَا أَكْثَرُ لَبَنًا مِنْ الْإِبِلِ وَأَمَّا تَعْمِيمُهُ فِي كُلِّ مَأْكُولٍ وَالْجَارِيَةِ وَالْأَتَانِ فَلِرِوَايَةِ «مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً» (قَوْلُهُ أَوْ الْإِجَارَةُ) مِثْلُهَا جَمِيعُ الْمُعَوَّضَاتِ (قَوْلُهُ أَوْ جَعَّدَهُ) أَيْ أَوْ وَضَعَ قُطْنًا فِي شِدْقِهَا