للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَلْ يَنْفَسِخْ وَالْأَرْجَحُ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ انْفَسَخَ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ قُلْنَا يَنْفَسِخُ فَحُدُوثُهُ كَوُجُودِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ (فَالْمُرْتَدُّ يَصِحُّ بَيْعُهُ) كَالْمَرِيضِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْهَلَاكِ (كَذَا الْمُتَحَتِّمُ قَتْلُهُ بِالْمُحَارَبَةِ) بِأَنْ لَمْ يَتُبْ أَوْ تَابَ بَعْدَ الظَّفْرِ بِهِ يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالْمُرْتَدِّ (وَلَا قِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِمَا) لِاسْتِحْقَاقِهِمَا الْقَتْلَ وَالثَّانِيَةُ نَقَلَهَا الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَفَّالِ وَلَعَلَّهُ بَنَاهَا عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي قَتْلِ الْمُحَارَبِ مَعْنَى الْحَدِّ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ وَأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَزِمَهُ دِيَتُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ قَاتِلَ الْعَبْدِ الْمُحَارَبِ قِيمَتُهُ لِمَالِكِهِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَنْحَصِرُ فِيهِ الْمُرْتَدُّ بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِهِمَا كَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَالصَّائِلِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ بِأَنْ زَنَى ذِمِّيٌّ ثُمَّ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ فَيَصِحُّ بَيْعُهُمْ وَلَا قِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِمْ.

وَخَرَجَ بِالْإِتْلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ إنْسَانٌ الْمُرْتَدَّ مَثَلًا فَتَلِفَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِتَعَدِّيهِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ بِالْقَتْلِ لِأَنَّ قَتْلَهُ فِي حُكْمِ إقَامَةِ الْحَدِّ فَمَنْ ابْتَدَرَ قَتْلَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانَ مُقِيمًا حَدَّ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا يُمَثَّلُ بِعَبْدٍ مَغْصُوبٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَقُولُ لَهُ مَوْلَاهُ اُقْتُلْهُ فَلَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ جَزَمَ بِذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فَلَوْ قَتَلَهُ الْغَاصِبُ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ قَتَلَهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْحَدِّ ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ ضَمَانٌ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ الْقَتْلَ وَإِلَّا فَلْيُقْتَلْ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْغَاصِبِ نَعَمْ يَنْبَغِي فِي تَعَدِّي الْغَاصِبِ بِوَضْعِ يَدِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَكَمَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُتَحَتِّمِ قَتْلَهُ بِالْمُحَارَبَةِ يَصِحُّ بَيْعُ الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ قِصَاصٌ كَمَا مَرَّ (فَلَوْ اشْتَرَاهُمَا) شَخْصٌ (أَوْ اشْتَرَى الْجَانِي فَقُتِلُوا) أَيْ الثَّلَاثَةُ بِالرِّدَّةِ وَالْمُحَارَبَةِ وَالْقِصَاصِ (فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا) بِهَا (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ قُبَيْلَ الْقَتْلِ (وَاسْتَرَدَّ) الْمُشْتَرِي (جَمِيعَ الثَّمَنِ وَمُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ) مِنْ الْكَفَنِ وَغَيْرِهِ (عَلَى الْبَائِعِ) لِأَنَّ الْقَتْلَ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَالْمُتَقَدِّمِ.

(وَإِنْ كَانَ عَالِمًا) بِهَا (عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَفْسَخْ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ) مِنْ الثَّمَنِ وَمُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ عَلَى بَصِيرَةٍ وَإِمْسَاكِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ (وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ) أَيْ الرَّقِيقِ (قَطْعٌ بِجِنَايَةٍ أَوْ سَرِقَةٍ صَحَّ بَيْعُهُ فَإِنْ قُطِعَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا) بِحَالِهِ حَتَّى قُطِعَ (فَلَهُ الرَّدُّ) وَاسْتِرْدَادُ جَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَالْمُتَقَدِّمِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ عَالِمًا بِحَالِهِ (فَلَا) رَدَّ لَهُ وَلَا أَرْشَ (فَلَوْ حَدَثَ بِهِ قَبْلَ الْقَطْعِ عَيْبٌ امْتَنَعَ الرَّدُّ) لِأَنَّهُ بِقَبْضِ مُشْتَرِيهِ صَارَ مِنْ ضَمَانِهِ وَتَقْيِيدُهُ بِقَبْلِ الْقَطْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُضِرٌّ إذْ لَا فَرْقَ (وَرَجَعَ) عَلَى الْبَائِعِ (بِمَا) أَيْ بِنِسْبَةِ مَا (بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَأَقْطَعَ) إلَى قِيمَتِهِ سَلِيمًا مِنْ الثَّمَنِ (وَلَهُ رَدُّ مُزَوَّجَةٍ اشْتَرَاهَا جَاهِلًا) بِزَوَاجِهَا (وَلَوْ افْتَضَّهَا الزَّوْجُ) بِالْفَاءِ وَبِالْقَافِ (بَعْدَ الْقَبْضِ) لِمَا مَرَّ فِي الَّتِي قَبْلَهَا (فَلَوْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ رَجَعَ مِنْ الثَّمَنِ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا بِكْرًا غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ وَمُزَوَّجَةٍ مُفْتَضَّةٍ وَلَا رَدَّ) وَلَا أَرْشَ (إنْ عَلِمَ) بِذَلِكَ (وَإِنْ جَهِلَ مَرَضَ الْمَبِيعِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ وَجَبَ) لَهُ (الْأَرْشُ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَرِيضًا بِالْمَرَضِ الَّذِي كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ دُونَ الزَّائِدِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الرِّدَّةِ (لِأَنَّ الْمَرَضَ يَتَزَايَدُ فَهُوَ) أَيْ الْمَبِيعُ (مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) وَالرِّدَّةُ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ وُجِدَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ لَكِنْ زَادَ الْمَرَضُ فَعَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي امْتَنَعَ الرَّدُّ وَرَجَعَ بِالْأَرْشِ أَيْضًا

الْأَمْرُ (الثَّالِثُ مَا يُظَنُّ) حُصُولُهُ (بِالتَّغْرِيرِ فَالتَّصْرِيَةُ حَرَامٌ) وَهِيَ أَنْ يَتْرُكَ حَلْبَ النَّاقَةِ أَوْ غَيْرِهَا عَمْدًا مُدَّةً قَبْلَ بَيْعِهَا لِيُوهِمَ الْمُشْتَرِيَ كَثْرَةَ اللَّبَنِ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهَا وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّدْلِيسُ وَالضَّرَرُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَصُرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ النَّهْيِ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» وَتَصُرُّوا بِوَزْنِ تُزَكُّوا مِنْ صَرَّ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ جَمَعَهُ (وَيَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ إذَا عَلِمَ بِهَا وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ) كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «مَنْ اشْتَرَى مُصْرَاةً وَفِي رِوَايَةٍ شَاةً مُصْرَاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» فَحُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ التَّصْرِيَةَ لَا تَظْهَرُ إلَّا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا حَالَةَ نَقْصِ اللَّبَنِ قَبْلَ تَمَامِهَا عَلَى اخْتِلَافِ الْعَلَفِ أَوْ الْمَأْوَى أَوْ تَبَدُّلِ الْأَيْدِي أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (هَذَا إذَا قَصَدَهَا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهَا كَأَنْ تَرَكَ حَلْبَ الدَّابَّةِ نَاسِيًا أَوْ لِشَغْلٍ أَوْ تَصَرُّفٍ بِنَفْسِهَا (فَوَجْهَانِ) فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ وَالْحَاوِي الصَّغِيرُ لَا لِعَدَمِ التَّدْلِيسِ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ مَا قَطَعَ بِهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

أَيْ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ فَحُدُوثُهُ كَوُجُودِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ) وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ عِنْدَ الْكَلَامِ فِي وَضْعِ الْحَوَائِجِ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنَّ مَنْ ضَمِنَ الْكُلَّ ضَمِنَ الْجُزْءَ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ) يُجَابُ بِحَمْلِهِ عَلَى قَاتِلِهِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا فَرْقَ فِي قَاتِلِهِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ إلَخْ) يُسْتَثْنَى أَيْضًا مِنْ قَتْلِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ لِظَنِّهِ حِرَابَتَهُ أَوْ كَانَ لِحَرْبِيٍّ وَقَتْلُ الْعَادِلِ الْبَاغِيَ أَوْ عَكْسَهُ بِسَبَبِ الْقِتَالِ (قَوْلُهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ) هَذَا ضَعِيفٌ إذْ الْمُرْتَدُّ لَا قِيمَةَ لَهُ فَكَمَا لَا يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ لَا يَضْمَنُ بِالتَّلَفِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ قَوْلِ مَالِكٍ الْمَغْصُوبُ لِغَاصِبِهِ أَقْتُلُهُ وَاضِحٌ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الرِّدَّةَ إنْ طَرَأَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ضَمِنَهُ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْغَصْبِ لَمْ يَضْمَنْهُ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَى الْجَانِي) أَيْ أَوْ تَارِكُ الصَّلَاةِ أَوْ الزَّانِي الْمُحْصَنُ بِأَنْ زَنَى الذِّمِّيُّ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُضِرٌّ إذْ لَا فَرْقَ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِكَوْنِ امْتِنَاعِ الرَّدِّ حِينَئِذٍ سَبَبُهُ حُدُوثُ الْعَيْبِ فَإِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَعْلَمْ بِمُوجِبِ الْقَطْعِ حَتَّى قُطِعَ وَأَمَّا حُدُوثُهُ بَعْدَ الْقَطْعِ فَقَدْ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ بِأَنْ أَخَّرَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ بَعْدَ الْعِلْمِ

(قَوْلُهُ فَالتَّصْرِيَةُ حَرَامٌ) أَيْ إنْ قَصَدَ بَيْعَهَا أَوْ تَضَرَّرَتْ (قَوْلُهُ وَتُصِرُّوا بِوَزْنِ تُزَكُّوا إلَخْ) وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيَهُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّاءِ (قَوْلُهُ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَصَحُّ مَا رَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>