للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَالشَّطْرُ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَالثُّلُثُ؟ قَالَ: الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ.» (وَأَنْ يَقْبَلَ النَّقْلَ) مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ (فَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِقِصَاصٍ وَحَقِّ شُفْعَةٍ) إذَا لَمْ تَبْطُلْ بِالتَّأْخِيرِ لِعُذْرٍ كَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ وَحَدِّ قَذْفٍ وَإِنْ قَبِلَتْ الِانْتِقَالَ بِالْإِرْثِ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ، نَعَمْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْقِصَاصِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَالْعَفْوِ عَنْهُ فِي الْمَرَضِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَمِثْلُهُ حَدُّ الْقَذْفِ وَحَقُّ الشُّفْعَةِ (بَلْ إنْ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ شِقْصٍ) مِنْ عَقَارٍ (فَأَوْصَى بِهِ بَقِيَتْ لِلْوَارِثِ) وَالشِّقْصُ لِلْمُوصَى لَهُ، نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ تَبْطُلُ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إذْ يَتَبَيَّنُ بِالْقَبُولِ أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ حِينِ مَوْتِ الْمُوصِي عَلَى الْأَصَحِّ فَلَا شُفْعَةَ لِلْوَارِثِ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ لِتَقَدُّمِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي عَلَى مِلْكِهِ انْتَهَى.

فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الشُّفْعَةُ لِلْمُوصَى لَهُ بِنَاءً عَلَى تَبَيُّنِ الْمِلْكِ بِالْقَبُولِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ قَالُوا بَدَلَ " فَأَوْصَى بِهِ ": " فَأَوْصَى بِبَعْضِهِ " لَسَلِمُوا مِنْ ذَلِكَ.

(فَصْلٌ: وَإِنْ أَوْصَى بِحَمْلٍ وَلَوْ غَيْرَ مَوْجُودٍ جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا جَوَّزَتْ رِفْقًا بِالنَّاسِ فَاحْتُمِلَ فِيهَا وُجُوهٌ مِنْ الْغَرَرِ، فَكَمَا تَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ تَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ، ثُمَّ إنْ أَوْصَى بِمَا تَحْمِلُهُ هَذَا الْعَامَ أَوْ كُلَّ عَامٍ فَذَاكَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَالَ: أَوْصَيْتُ بِمَا تَحْمِلُهُ فَهَلْ يَعُمُّ كُلَّ عَامٍ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ؟ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الظَّاهِرُ الْعُمُومُ (وَيَصِحُّ الْقَبُولُ) لِلْوَصِيَّةِ بِالْحَمْلِ (قَبْلَ الْوَضْعِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ (وَلَا تَبْطُلُ) الْوَصِيَّةُ (بِانْفِصَالِهِ) مِنْ الْأَمَةِ (مَيِّتًا مَضْمُونًا) لِأَنَّهُ انْفَصَلَ مُقَوَّمًا فَتُنَفَّذُ فِي بَدَلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِحَمْلٍ فَانْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِحَمْلِ بَهِيمَةٍ فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ، وَمَا يَغْرَمُهُ الْجَانِي لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي جَنِينِهَا بَدَلُ مَا نَقَصَ مِنْهَا وَمَا نَقَصَ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ بَدَلُهُ.

(وَتَجُوزُ) الْوَصِيَّةُ (بِتَمْرٍ وَصُوفٍ وَلَبَنٍ) وَوَبَرٍ وَشَعْرٍ وَرِيشٍ (سَتَحْدُثُ) كَالْحَمْلِ، وَتَصِحُّ (بِمَنَافِعِ عَيْنٍ) كَعَبْدٍ وَدَارٍ وَثَوْبٍ (دُونَهَا) مُؤَبَّدَةٍ وَمُؤَقَّتَةٍ لِأَنَّهَا أَمْوَالٌ مُقَابَلَةٌ بِالْعِوَضِ فَأَشْبَهَتْ الْأَعْيَانَ.

(وَتَتَأَبَّدُ) الْوَصِيَّةُ (إنْ أُطْلِقَ) عَقْدُهَا بِأَنْ لَمْ تُؤَبَّدْ وَلَمْ تُؤَقَّتْ.

(فَرْعٌ)

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ قَالَ إنْ وَلَدَتْ أَمَتِي ذَكَرًا فَهُوَ وَصِيَّةٌ لِزَيْدٍ أَوْ أُنْثَى فَوَصِيَّةٌ لِعَمْرٍو جَازَ وَكَانَ عَلَى مَا قَالَ سَوَاءٌ وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبِينَ، وَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى، فَقِيلَ: لَا حَقَّ فِيهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقِيلَ: إنَّهُ مَوْقُوفٌ بَيْنَهُمَا، حَتَّى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي.

(فَصْلٌ: وَتَصِحُّ بِمَا يَعْجِزُ عَنْ تَسْلِيمِهِ كَالْآبِقِ) وَالْمَغْصُوبِ وَالطَّيْرِ الْمُفْلِتِ (وَ) تَصِحُّ (بِالْمَجْهُولِ كَعَبْدٍ) وَثَوْبٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى عَبْدَهُ ثُلُثَ مَالِهِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَقَدْ لَا يَعْرِفُ حِينَئِذٍ ثُلُثَ مَالِهِ لِكَثْرَتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى تَجْوِيزِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَجْهُولِ

(فَرْعٌ: تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ)

لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْجَهَالَةَ فَاحْتَمَلَتْ الْإِبْهَامَ (وَالتَّعْيِينُ) لِلْمُبْهَمِ مِنْهُمَا وَاجِبٌ (عَلَى الْوَارِثِ وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِهَذَا الْأَلْفِ) مَثَلًا (لِأَحَدِ) هَذَيْنِ (الرَّجُلَيْنِ لَمْ تَصِحَّ) كَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ فِي الْمُوصَى بِهِ مَا لَمْ يُحْتَمَلْ فِي الْمُوصَى لَهُ (أَوْ) قَالَ (أَعْطُوا هَذَا الْأَلْفَ أَحَدَهُمَا صَحَّ) كَمَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: بِعْهُ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ.

(فَصْلٌ: تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِنَجِسٍ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَكَلْبِ صَيْدٍ وَلَوْ جَرْوًا) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ كَمَا مَرَّ (يُرْجَى) الِانْتِفَاعُ بِهِ (وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ وَشَحْمِ مَيْتَةٍ لِدَهْنِ السُّفُنِ) لِثُبُوتِ الِاخْتِصَاصِ فِيهَا وَانْتِقَالِهَا مِنْ يَدٍ إلَى يَدٍ بِالْإِرْثِ وَغَيْرِهِ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنْ اسْتَحْكَمَتْ الْخَمْرُ وَلَيْسَ مِنْ عَوْدِهَا خَلًّا إلَّا بِصُنْعِ آدَمِيٍّ فَالْأَشْبَهُ فِيمَا نَظُنُّهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ إمْسَاكُهَا فَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهَا. انْتَهَى.

وَقَدْ يُقَالُ: لَمَّا كَانَتْ مُحْتَرَمَةً لَا يَمْتَنِعُ إمْسَاكُهَا لِمَنَافِعَ قَدْ تَعْرِضُ مِنْ إطْفَاءِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ. . . إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يُجَابُ بِأَنَّ حَقَّهَا ثَبَتَ لِلْمُوَرِّثِ وَيَنْتَقِلُ لِوَارِثِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ انْتِقَالُ الْعَيْنِ كا (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْصَى بِحَمْلٍ إلَخْ) يُشْتَرَطُ انْفِصَالَهُ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْحَمْلِ وَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْبَهَائِمِ، فَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِحَمْلِهَا وَكَانَتْ حِينَئِذٍ غَيْرَ حَامِلٍ لَا تَصِحُّ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الظَّاهِرُ الْعُمُومُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَبَنَى الْبُلْقِينِيُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا هَذِهِ هَلْ تَعُمُّ أَوْ لَا؟ وَفِيهَا خِلَافٌ، فَمَنْ قَالَ بِعُمُومِهَا كَالْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ صَحَّحَهَا بِكُلِّ السِّنِينَ وَمَنْ قَالَ لَا تَعُمُّ قَالَ لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا سَنَةً وَاحِدَةً، وَقَوْلُهُ: فَمَنْ قَالَ بِعُمُومِهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ أَوْصَى بِحَمْلٍ وَلَوْ غَيْرَ مَوْجُودٍ]

(قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِحَمْلِ بَهِيمَةٍ إلَخْ) لِيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ ذَبَحَ الْوَارِثُ أَوْ غَيْرُهُ الْبَهِيمَةَ الْمُوصَى بِحَمْلِهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ وَضْعِهَا فَإِنَّ الْجَنِينَ يَكُونُ مَأْكُولًا فَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُوصَى لَهُ كَمَا لَوْ انْفَصَلَ حَيًّا فَذُبِحَ غ

(قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ بِثَمَرَةٍ) لَوْ أَطْلَعَتْ النَّخْلَةُ مَرَّتَيْنِ كَانَتْ الثَّانِيَةُ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ بِمَنَافِعِ عَيْنٍ دُونَهَا) فَتَصِحُّ بِالْعَيْنِ لِوَاحِدٍ وَبِالْمَنْفَعَةِ لِآخَرَ فَلَوْ قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ وَرَدَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ عَادَتْ إلَى الْوَرَثَةِ لَا إلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّيْخَانِ لِلْمَسْأَلَةِ، قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْخِلَافُ مُحْتَمَلٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، أَمَّا إذَا نَصَّ عَلَى أَنَّ الرَّقَبَةَ مَسْلُوبَةُ الْمَنْفَعَةِ فَيُجْزَمُ بِهِ فش

(قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ الْوَصِيَّة بِمَا يَعْجِزُ عَنْ تَسْلِيمِهِ كَالْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ وَالطَّيْرِ الْمُفْلِتِ]

(قَوْلُهُ: كَالْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ إلَخْ) وَالْمَرْهُونِ الْمَقْبُوضِ (قَوْلُهُ: فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى تَجْوِيزِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَجْهُولِ) لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَخْلُفُ الْمَيِّتَ فِي ثُلُثِهِ كَمَا يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِي ثُلُثَيْهِ فَلَمَّا جَازَ أَنْ يَخْلُفَ الْوَارِثُ الْمَيِّتَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ جَازَ أَنْ يَخْلُفَهُ الْمُوصَى لَهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَعْطُوا هَذَا الْأَلْفَ أَحَدَهُمَا صَحَّ) قَالَ شَيْخُنَا لِأَنَّهُ جَعَلَ الْخَيْرَ لِلْوَرَثَةِ بِخِلَافِ الْأُولَى، وَأَيْضًا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَعْطُوا بَعْدَ مَوْتِي كَذَا لِكَذَا لَمْ يُمْلَكْ بِالْقَبُولِ وَحْدَهُ بَلْ بِإِعْطَاءِ الْوَارِثِ، وَلَا كَذَلِكَ لَفْظُ أَوْصَيْتُ

[فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ بِنَجِسٍ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَكَلْبِ صَيْدٍ]

(قَوْلُهُ: شَحْمِ مَيْتَةٍ لِدَهْنِ السُّفُنِ) وَمَيْتَةٍ لِإِطْعَامِ الْجَوَارِحِ وَلَوْ مَيْتَةَ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ لِمَا كَانَتْ مُحْتَرَمَةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>