للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَعَمْ لَوْ آجَرَ شَيْئًا بِأُجْرَةٍ بَعْضُهَا حَالٌّ وَبَعْضُهَا مُؤَجَّلٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَفْسَخُ فِي الْحَالِّ بِالْقِسْطِ (وَإِنْ فَسَخَ مُؤَجِّرُ الدَّابَّةِ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ أَوْ مُؤَجِّرُ الْأَرْضِ وَهِيَ مَزْرُوعَةٌ فَعَلَيْهِ) فِي الْأُولَى (حَمْلُ الْمَتَاعِ) مِنْ غَيْرِ مَأْمَنٍ (إلَى الْمَأْمَنِ) لِئَلَّا يَضِيعَ (بِأُجْرَةِ مِثْلٍ يُقَدِّمُ بِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ لِصِيَانَةِ الْمَالِ وَإِيصَالِهِ إلَى الْغُرَمَاءِ فَأَشْبَهَ أُجْرَةَ الْكَيَّالِ.

(وَيَضَعُهُ) وُجُوبًا فِي الْمَأْمَنِ (عِنْدَ الْحَاكِمِ) إنْ لَمْ يَجِدْ الْمَالِكَ أَوْ وَكِيلَهُ لِيَحْفَظَ لَهُ (فَإِنْ وَضَعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ فَوَجْهَانِ كَنَظَائِرِهِ) فِي الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهَا فَالْأَصَحُّ الضَّمَانُ (وَعَلَيْهِ) فِي الثَّانِيَةِ (تَبْقِيَةُ الزَّرْعِ إلَى) وَقْتِ (الْحَصَادِ) إنْ لَمْ يُسْتَحْصَدْ (وَلِلْمُؤَجِّرِ) أَقَامَ فِيهِ الظَّاهِرَ مَقَامَ الْمُضْمَرِ أَيْ وَلَهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) عَلَى الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ (يُقَدَّمُ بِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ) لِمَا مَرَّ هَذَا (إنْ أَرَادَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ إبْقَاءَهُ) وَإِلَّا فَإِنْ أَرَادُوا قَطْعَهُ فَذَاكَ (وَإِنْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ الْقَطْعَ) وَبَعْضُهُمْ الْإِبْقَاءَ (وَلِلْمَقْطُوعِ قِيمَةٌ أُجِيبَ) مُرِيدُ الْقَطْعِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُهُ تَأْخِيرُ حَقِّهِ بِرِضَا غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْمُفْلِسَ لَيْسَ عَلَيْهِ تَنْمِيَةُ مَالِهِ لَهُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ الصَّبْرُ إلَى النَّمَاءِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْطُوعِ قِيمَةٌ (فَلَا) يُجَابُ مُرِيدُ الْقَطْعِ بَلْ مُرِيدُ الْإِبْقَاءِ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ لِمُرِيدِ الْقَطْعِ فِيهِ أَمَّا إذَا اُسْتُحْصِدَ الزَّرْعُ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْحَصَادِ وَتَفْرِيغِ الْأَرْضِ (فَإِنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ لَمْ يَأْخُذْ الْأُجْرَةَ الْمَاضِيَةَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمَقْطُوعِ قِيمَةٌ (فَهُوَ غَرِيمٌ فَلَهُ طَلَبُ الْقَطْعِ) وَحَيْثُ وَجَبَ بَقَاءُ الزَّرْعِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَالسَّقْيُ وَسَائِرُ الْمُؤَنِ إنْ تَطَوَّعَ بِهَا الْغُرَمَاءُ أَوْ بَعْضُهُمْ أَوْ اتَّفَقُوا عَلَيْهَا بِقَدْرِ دُيُونِهِمْ فَذَاكَ وَإِنْ اتَّفَقَ بَعْضُهُمْ لِيَرْجِعَ اُعْتُبِرَ إذْنُ الْحَاكِمِ أَوْ اتِّفَاقُ الْغُرَمَاءِ وَالْمُفْلِسِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: (وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الزَّرْعِ لِيَرْجِعَ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ بِاتِّفَاقِ الْغُرَمَاءِ وَالْمُفْلِسِ وَحِينَئِذٍ يُقَدَّمُ) الْمُنْفِقُ (بِهِ) أَيْ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لِإِصْلَاحِ الزَّرْعِ.

(فَلَوْ أَنْفَقُوا) عَلَيْهِ بِقَدْرِ دُيُونِهِمْ لِيَرْجِعُوا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ (ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ قَدَّمُوا) عَلَيْهِ (بِمَا أَنْفَقُوا) وَقَوْلِي بِإِذْنِ الْحَاكِمِ قُلْته تَفَقُّهًا فَلَا يَكْفِي إذْنُ الْمُفْلِسِ لِقُصُورِ رَأْيِهِ عَنْ رَأْيِ الْحَاكِمِ (فَلَوْ أَنْفَقُوا) عَلَيْهِ (مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ) بِإِذْنِهِ أَوْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ (جَازَ) لِحُصُولِ الْفَائِدَةِ لَهُ وَلَهُمْ (وَإِنْ أَنْفَقَ أَحَدُهُمْ بِإِذْنِ الْمُفْلِسِ) فَقَطْ (لِيَرْجِعَ) بِمَا أَنْفَقَهُ جَازَ وَ (لَزِمَ ذِمَّتَهُ) أَيْ الْمُفْلِسِ (وَلَا يُضَارِبُ بِهِ) الْغُرَمَاءَ لِحُدُوثِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ (أَوْ) أَنْفَقَ (بِإِذْنِ بَاقِي الْغُرَمَاءِ) فَقَطْ (لِيَرْجِعَ) عَلَيْهِمْ (رَجَعَ) عَلَيْهِمْ (فِي مَالِهِمْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَلِلشَّافِعِيِّ نَصٌّ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْغُرَمَاءَ مَتَى طَلَبُوا إبْقَاءَ الزَّرْعِ وَتَطَوَّعُوا بِالسَّقْيِ أُجِيبُوا لَكِنَّهُ مُؤَوَّلٌ بِمَا إذَا وَافَقَهُمْ الْمُفْلِسُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي إدَامَةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ النَّصَّ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمَقْطُوعِ قِيمَةٌ؛ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ وَطَلَبُوا الْإِبْقَاءَ أُجِيبُوا وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُمْ الْمُفْلِسُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَالنَّصُّ إنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حُمِلَ عَلَيْهَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ.

(فَصْلٌ يُشْتَرَطُ قَبْضُ عِوَضِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ فِي الْمَجْلِسِ) ؛ لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ (وَبَعْدَ قَبْضِهِ لَا أَثَرَ لِلْفَلَسِ) لِقَبْضِ الْمُؤَجِّرِ حَقَّهُ (فَلَوْ فُرِضَ الْفَلَسُ فِي الْمَجْلِسِ) وَتَفَرَّقَا وَقَبَضَ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ بَعْضَ الْعِوَضِ (صَحَّ) الْعَقْدُ (فِيمَا قُبِضَ بِقِسْطِهِ) وَبَطَلَ فِي الْبَاقِي تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَلَوْ فُرِضَ الْفَلَسُ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ أَثْبَتْنَا خِيَارَ الْمَجْلِسِ فِيهَا اسْتَغْنَى عَنْ هَذَا الْخِيَارِ وَإِلَّا فَهِيَ كَإِجَارَةِ الْعَيْنِ أَيْ فَلِلْمُؤَجِّرِ الْفَسْخُ.

(فَصْلٌ وَإِذَا أَفْلَسَ مُؤَجِّرُ الْعَيْنِ فَلَا فَسْخَ) لِمُسْتَأْجَرِهَا (وَيُقَدَّمُ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَنْفَعَتِهَا) كَمَا يُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ بِحَقِّهِ (وَتُبَاعُ) الْعَيْنُ (لِلْغُرَمَاءِ مُؤَجَّرَةً) بِطَلَبِهِمْ أَوْ طَلَبِ الْمُفْلِسِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُؤَجِّرِ وَلَا يُبَالِي بِمَا يَنْقُصُ مِنْ ثَمَنِهَا بِسَبَبِ الْإِجَارَةِ؛ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ الصَّبْرُ لِتَنْمِيَةِ الْمَالِ (فَإِنْ الْتَزَمَ فِي ذِمَّتِهِ عَمَلًا) كَنَقْلِ مَتَاعٍ إلَى بَلَدٍ (ثُمَّ أَفْلَسَ، وَالْأُجْرَةُ فِي يَدِهِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الرُّجُوعُ فِيهَا) بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ (فَإِنْ تَلِفَتْ لَمْ يُفْسَخْ وَضَارَبَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ) كَنَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ، وَلَا تُسَلِّمُ إلَيْهِ حِصَّتَهُ مِنْهَا بِالْمُضَارَبَةِ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إجَارَةِ الذِّمَّةِ سَلَمٌ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ (وَحَصَلَ لَهُ بَعْضُ الْمَنْفَعَةِ الْمُلْتَزَمَةِ إنْ كَانَتْ تَتَبَعَّضُ بِلَا ضَرَرٍ) كَحَمْلِ مِائَةِ رِطْلٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ لَا تَتَبَعَّضُ أَوْ تَتَبَعَّضُ بِضَرَرٍ كَقِصَارَةِ ثَوْبٍ وَرِيَاضَةِ دَابَّةٍ وَرُكُوبٍ إلَى بَلَدٍ وَلَوْ نُقِلَ إلَى نِصْفِ الطَّرِيقِ لَبَقِيَ ضَائِعًا (فَسَخَ وَضَارَبَ بِالْأُجْرَةِ الْمَبْذُولَةِ) وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ بِلَا ضَرَرٍ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

لَمْ تَحُلَّ كِلَاهُمَا فِي مُقَابَلَةِ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ فَلَا يُمْكِنُ الْفَسْخُ فِيمَا بَقِيَ بِمَا تَقَابُلُهُ الْأُجْرَةُ الَّتِي لَمْ تَحُلَّ إلَى الْآنَ، وَإِنَّمَا يَفْسَخُ فِيمَا يُقَابِلُ الْحَالَّ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: وَيَضَعُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ) أَيْ الْأَمِينِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلِي بِإِذْنِ الْحَاكِمِ قُلْتُهُ تَفَقُّهًا إلَخْ) هَذَا التَّفَقُّهُ مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إمَّا إذْنُ الْحَاكِمِ، أَوْ اتِّفَاقُ الْغُرَمَاءِ وَالْمُفْلِسِ، وَهُوَ الْوَجْهُ صِيَانَةً لِمَالِ الْمُفْلِسِ.

[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ قَبْضُ عِوَضِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ فِي الْمَجْلِسِ]

(قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ) لِمَا ذُكِرَ أَنَّ شَرْطَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ قَبْضُ عِوَضِهَا فِي الْمَجْلِسِ رُبَّمَا تُوُهِّمَ مِنْهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ عِنْدَ انْتِفَاءِ قَبْضِ بَعْضِهِ فِيهِ فَدَفَعَ هَذَا الْوَهْمَ بِمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهِيَ كَإِجَارَةِ الْعَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَصْلٌ أَفْلَسَ مُؤَجِّرُ الْعَيْنِ]

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَدَقُّ إلَخْ) النَّصُّ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ؛ إذْ الدَّابَّةُ الْمُلْتَزَمَةُ فِي الذِّمَّةِ لَا يُبَدِّلُهَا الْمُؤَجِّرُ إلَّا لِتَلَفِهَا أَوْ تَعَيُّبِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>