للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزِيَادَتُهُ لِلْمُشْتَرِي فَمَا يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَكْثَرُ لِيَكُونَ النُّقْصَانُ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ مَا يَبْقَى لِلْمُفْلِسِ، وَيُضَارِبُ الْبَائِعُ بِثَمَنِهِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَقَلُّ لِيَكُونَ النُّقْصَانُ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ أَيْضًا، وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ فِي الشَّجَرِ قِيمَةُ يَوْمِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَهُ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ فَيَفُوزُ بِهَا الْبَائِعُ وَلَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الشَّجَرِ يَوْمَ الْعَقْدِ عِشْرِينَ وَ) قِيمَةُ (الثَّمَرَةِ) فِيهِ (عَشَرَةً فَنَقَصَا) الْأَوْلَى فَنَقَصَتَا (يَوْمَ الْقَبْضِ النِّصْفَ ضَارَبَ بِخُمْسِ الثَّمَنِ) وَأَخَذَ الشَّجَرَ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ، وَهِيَ هُنَا عِشْرُونَ وَفِي الثَّمَرَةِ أَقَلُّهُمَا وَهِيَ هُنَا خَمْسَةٌ، وَمَجْمُوعُهُمَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَنِسْبَةُ الْخَمْسَةِ إلَيْهَا خَمْسٌ، وَنِسْبَةُ الْعِشْرِينَ إلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ (وَإِنْ لَمْ يَنْقُصَا) شَيْئًا (ضَارَبَ بِالثُّلُثِ) مِنْ الثَّمَنِ، وَأَخَذَ الشَّجَرَ بِثُلُثَيْهِ؛ إذْ مَجْمُوعُ الْقِيمَتَيْنِ ثَلَاثُونَ، وَنِسْبَةُ الْعَشَرَةِ إلَيْهَا ثُلُثٌ وَنِسْبَةُ الْعِشْرِينَ إلَيْهَا ثُلُثَانِ وَهَكَذَا سَبِيلُ التَّوْزِيعِ فِي كُلِّ صُورَةٍ تَلِفَ فِيهَا أَحَدُ الْمَبِيعِينَ وَاخْتَلَفَتْ الْقِيمَةُ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فِي الْبَاقِي قَالَهُ فِي الْأَصْلِ، وَفِيهِ قَالَ الْإِمَامُ وَإِذَا اعْتَبَرْنَا فِي الثَّمَرَةِ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ فَتَسَاوَتَا لَكِنْ وَقَعَ بَيْنَهُمَا نَقْصٌ فَإِنْ كَانَ لِانْخِفَاضِ السُّوقِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ أَوْ لِعَيْبٍ طَرَأَ، وَزَالَ فَكَذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا يَسْقُطُ بِزَوَالِهِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، وَإِنْ لَمْ يَزُلْ لَكِنْ عَادَتْ قِيمَتُهُ إلَى مَا كَانَتْ لِارْتِفَاعِ السُّوقِ فَاَلَّذِي أَرَاهُ اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَالِارْتِفَاعُ بَعْدَهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَجْبُرُهُ قَالَ يَعْنِي الْإِمَامَ وَإِذَا اعْتَبَرْنَا فِي الشَّجَرِ أَكْثَرَ الْقِيَمِ فَكَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْعَقْدِ مِائَةً وَيَوْمَ الْقَبْضِ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَيَوْمَ رُجُوعِ الْبَائِعِ مِائَتَيْنِ أَوْ مِائَةً اُعْتُبِرَ يَوْمُ الرُّجُوعِ، وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ مَا طَرَأَ مِنْ الزِّيَادَةِ وَزَالَ لَيْسَ ثَابِتًا يَوْمَ الْعَقْدِ حَتَّى يَقُولَ: إنَّهُ وَقْتُ الْمُقَابَلَةِ، وَلَا يَوْمَ رُجُوعِ الْبَائِعِ حَتَّى يُحْسَبَ عَلَيْهِ انْتَهَى وَلِلرَّافِعِيِّ فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ.

(فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ لَوْ (غَرَسَ) الْمُشْتَرِي (فِي الْأَرْضِ أَوْ بَنَى) فِيهَا (ثُمَّ رَجَعَ) يَعْنِي أَرَادَ (الْبَائِعُ) الرُّجُوعَ فِيهَا (فَإِنْ اتَّفَقَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ عَلَى الْقَلْعِ) لِلْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ قَلَعُوا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لَا يَعْدُوهُمْ، وَرَجَعَ فِيهَا الْبَائِعُ وَإِذَا قَلَعُوا (لَزِمَ) وَفِي نُسْخَةٍ لَزِمَهُمْ (أَرْشُ نَقْصِ الْأَرْضِ) مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ إنْ نَقَصَتْ بِالْقَلْعِ (وَ) لَزِمَ (تَسْوِيَتُهَا) أَيْ تَسْوِيَةُ حَفْرِهَا مِنْ مَالِهِ (وَهَلْ يُقَدِّمُ) الْبَائِعُ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ (بِهِ) أَيْ بِمُلْزِمٍ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لِتَخْلِيصِ مَالِهِ وَإِصْلَاحِهِ (أَوْ يُضَارِبُ) بِهِ كَسَائِرِ الْغُرَمَاءِ فِيهِ (وَجْهَانِ) الْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُمْ أَخْذَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ لِيَتَمَلَّكَهُمَا مَعَ الْأَرْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ اخْتَلَفُوا) بِأَنْ طَلَبَ الْمُفْلِسُ الْقَلْعَ وَالْغُرَمَاءُ أَخْذَ الْقِيمَةِ مِنْ الْبَائِعِ لِيَتَمَلَّكَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ وَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَطَلَبَ بَعْضُهُمْ الْبَيْعَ، وَبَعْضُهُمْ الْقِيمَةَ مِنْ الْبَائِعِ (عَمِلَ بِالْمَصْلَحَةِ) وَعِبَارَتُهُ لِشُمُولِهَا لِلصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ وَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ الْقَلْعِ لَمْ يُجْبَرُوا عَلَيْهِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.

(وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَخْذُ الْأَرْضِ وَحْدَهَا) وَإِبْقَاءُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ لَهُمْ لِلضَّرَرِ بِنَقْصِ قِيمَتِهِمَا بِلَا أَرْضٍ بَلْ (يَتَخَيَّرُ بَيْنَ) ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ (الْمُضَارَبَةِ بِالثَّمَنِ وَتَمَلُّكِ الْجَمِيعِ بِالْقِيمَةِ وَالْقَلْعِ بِالْأَرْشِ) لِلنَّقْصِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُفْلِسِ مَبِيعٌ كُلُّهُ وَالضَّرَرُ يَنْدَفِعُ بِكُلٍّ مِنْهَا فَأُجِيبَ الْبَائِعُ لِمَا طَلَبَهُ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ زَرَعَ الْمُشْتَرِي الْأَرْضَ وَرَجَعَ الْبَائِعُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلزَّرْعِ أَمَدًا يُنْتَظَرُ فَسَهُلَ احْتِمَالُهُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ يُضَارِبُ بِالثَّمَنِ أَوْ يَعُودُ إلَى بَدَلِ قِيمَتِهِمَا أَوْ قَلْعِهِمَا مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَكَتَبَ النَّوَوِيُّ عَلَى حَاشِيَةِ الرَّوْضَةِ: قَوْلُهُ يَعُودُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ اُمْتُنِعَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ مُكِّنَ (فَإِنْ رَضُوا بِأَخْذِهِ الْأَرْضَ وَبَاعُوا مَا فِيهَا) مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ (وَامْتَنَعَ) هُوَ (مِنْ بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَهُمْ) بَعْدَ أَخْذِهِ لَهَا (فَتَخَيُّرُهُ) بَيْنَ الْأَخِيرَيْنِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ (بَاقٍ) فَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ إفْرَادَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ بِالْبَيْعِ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ صَبَغَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا وَافَقَ عَلَى بَيْعِهَا مَعَهُمْ فَظَاهِرٌ وَطَرِيقُ التَّوْزِيعِ مَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِصِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ، وَفِيهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَلِلرَّافِعِيِّ فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: هَذَا إنْ اسْتَقَامَ فِي طَرَفِ الزِّيَادَةِ تَخْرِيجًا عَلَى أَنَّ مَا يَفُوزُ بِهِ الْبَائِعُ مِنْ الزِّيَادَةِ الْحَادِثَةِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي يُقَدَّرُ كَالْمَوْجُودِ عِنْدَ الْبَيْعِ لَا يَسْتَقِيمُ فِي طَرَفِ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّعَيُّبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا رَجَعَ الْبَائِعُ إلَى الْعَيْنِ الْمَعِيبَةِ لَا يُطَالَبُ لِلْعَيْبِ بِشَيْءٍ، وَفِي اسْتِقَامَةِ ذَلِكَ فِي طَرَفِ الزِّيَادَةِ تَخْرِيجًا عَلَى مَا قَالَهُ نَظَرٌ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ تَعْبِيرُهُ بِأَنَّ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الزِّيَادَةِ هُنَا يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَفُوزَ الْعَائِدُ بِزِيَادَةٍ فَلَا يُنَاسِبُ مَا خَرَجَ عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ غَرَسَ الْمُشْتَرِي فِي الْأَرْضِ أَوْ بَنَى فِيهَا ثُمَّ رَجَعَ الْبَائِع]

(فَصْلٌ غَرَسَ فِي الْأَرْضِ إلَخْ) (قَوْلُهُ قَلَعُوا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لَا يَعْدُوهُمْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْلَعَ إلَّا بَعْدَ رُجُوعِهِ فِي الْأَرْضِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْعِمْرَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا فَقَدْ يُوَافِقُهُمْ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ فَيَتَضَرَّرُوا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ لَهُمْ فَلَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ رُجُوعِهِ، وَقَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يُقَدِّمُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يُقَدِّمُ بِهِمَا الْبَائِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَأَنْكَرَ عَلَى الرَّافِعِيِّ حِكَايَةَ الْخِلَافِ فِيهِ وَأَوَّلَهُ ح (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمُضَارَبَةِ بِالثَّمَنِ وَتَمَلُّكِ الْجَمِيعِ بِالْقِيمَةِ) ، وَعِبَارَةُ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَنْ يَتَمَلَّكَ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الرُّجُوعَ لَا يَصِحُّ بِدُونِهِ عَلَى خِلَافِ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يُشْتَرَطُ الْإِتْيَانُ بِهِ مَعَ الرُّجُوعِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ أَمْ يَكْفِي الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ وَعَلَى كِلَا الْأَمْرَيْنِ إذَا لَمْ يَفْعَلْ بَعْدَ الشَّرْطِ أَوْ الِاتِّفَاقِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ أَوْ يُنْقَضُ الرُّجُوعُ أَوْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الثَّانِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>