الْإِشْكَالُ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعَاصِرْهُ وَاعْتُبِرَتْ مُعَاصَرَتُهُ لَهُ لِتَمَكُّنِ مُعَامَلَتِهِ لَهُ وَنَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي اعْتِبَارِ الْمُعَاصَرَةِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الدَّيْنِ عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يُعَاصِرْهُ بِمُعَامَلَةٍ مَعَ مُوَرِّثِهِ مَثَلًا قَالَ، وَإِنَّمَا الْمَدَارُ عَلَى إمْكَانِ صُدُورِ الْمُدَّعَى بِهِ مَعَ الْمَيِّتِ (أَوْ حَاضِرًا حَضَرَ فَإِنْ أَنْكَرَ) الْحَقَّ (كَتَبَ) الْحَاكِمُ الثَّانِي (إلَى الْأَوَّلِ) بِمَا وَقَعَ مِنْ الْإِشْكَالِ (لِيَأْخُذَ مِنْ الشُّهُودِ مَا يَدْرَأُ) أَيْ يَدْفَعُ (الْإِشْكَالَ فِيهِ) أَيْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ طُولِبَ بِهِ وَخَلَصَ الْأَوَّلُ هَذَا كُلُّهُ إذَا أَثْبَتَ الْقَاضِي اسْمَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَنَسَبَهُ وَصِفَتَهُ كَمَا مَرَّ (أَمَّا لَوْ حَكَمَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ مَثَلًا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى مُبْهَمٍ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ الِاسْمِ رَجُلٌ وَأَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُقِرَّ) بِالْحَقِّ (لَمْ يَلْزَمْهُ) ذَلِكَ الْحُكْمُ لِبُطْلَانِهِ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْحَقِّ لَزِمَهُ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْإِنْهَاءِ بِالْمُكَاتَبَةِ شَرَعَ فِي الْإِنْهَاءِ بِالْمُشَافَهَةِ فَقَالَ (فَإِنْ شَافَهَ قَاضٍ قَاضِيًا بِالْحُكْمِ وَالْمُنْهَى) لَهُ (فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَمْ يَحْكُمْ) الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ؛ لِأَنَّ إخْبَارَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَإِخْبَارِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ كَانَ الْمُنْهَى فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَالْمُنْهَى إلَيْهِ فِي غَيْرِهِ.
(فَلَهُ الْحُكْمُ إذَا رَجَعَ وِلَايَتَهُ) أَيْ إلَيْهَا أَيْ مَحَلِّهَا (وَهُوَ حَكَمَ بِعِلْمِهِ فَإِنْ كَانَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِمَا كَانَ تَنَادِيًا مِنْ الطَّرَفَيْنِ) بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي طَرَفِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَنَادَى الْحَاكِمُ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ وَأَخْبَرَهُ بِمَا حَكَمَ (أَوْ كَانَا قَاضِيَ بَلَدٍ أَوْ أَنْهَى إلَيْهِ نَائِبَهُ فِي الْبَلَدِ وَعَكْسُهُ) بِأَنْ أَنْهَى إلَيْهِ مُنِيبَهُ (أَوْ خَرَجَ الْقَاضِي إلَى قَرْيَةٍ لَهُ فِيهَا نَائِبٌ فَأَخْبَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) بِحُكْمِهِ (أَمْضَاهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْكِتَابِ وَلِأَنَّ الْقَرْيَةَ فِي الْأَخِيرَةِ مَحَلُّ وِلَايَتِهِمَا (وَلَوْ دَخَلَ النَّائِبُ) بَلَدَ مُنِيبِهِ (فَأَنْهَى) إلَيْهِ (حُكْمَهُ لَمْ يُقْبَلْ) ؛ لِأَنَّ الْمُنْهَى فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (أَوْ أَنْهَى إلَيْهِ الْقَاضِي) حُكْمَهُ (نَفَّذَهُ) إذَا عَادَ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (وَكَانَ حُكْمًا بِعِلْمٍ.)
(فَرْعٌ لَهُ أَنْ يُشَافِهَ بِالْحُكْمِ وَالِيًا غَيْرَ قَاضٍ لِيَسْتَوْفِيَ) الْحَقَّ مِمَّنْ لَزِمَهُ (وَلَوْ مِمَّنْ هُوَ فِي غَيْرِ) مَحَلِّ (وِلَايَتِهِ) ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ الْوَلِيِّ مُشَافَهَةً كَشَهَادَةِ الشُّهُودِ عِنْدَ الْقَاضِي وَاخْتَارَ الْإِمَامُ خِلَافَ ذَلِكَ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَيْهِ سَمَاعُ قَوْلِ الْقَاضِي كَمَا لَيْسَ إلَيْهِ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ (وَلَا يَكْتُبُ إلَيْهِ إلَّا إنْ فُوِّضَ إلَيْهِ) مِنْ الْإِمَامِ (نَظَرُ الْقَضَاءِ) أَيْ تَوْلِيَةُ مَنْ يَرَاهُ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ (وَهُوَ صَالِحٌ لَهُ) فَلَهُ مُكَاتَبَتُهُ كَمَا يَجُوزُ مُكَاتَبَةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِنَّمَا لَمْ يُكَاتِبْهُ فِيمَا عَدَا هَذَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ وَمَنْصِبُ سَمَاعِهَا يَخْتَصُّ بِالْقَضَاءِ لَكِنَّهُ خَالَفَ فِيهِ فِي الرَّوْضَةِ فَصَحَّحَ فِيهَا قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ فِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْقُضَاةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ
(فَصْلٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ وَأَنْهَى سَمَاعَ الْحُجَّةِ) الْمَسْبُوقَةِ بِالدَّعْوَى (إلَى قَاضٍ آخَرَ مُشَافَهَةً) لَهُ بِهِ (لَمْ يَجُزْ) لَهُ الْحُكْمُ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إنْهَاءَ سَمَاعِهَا نُقِلَ لَهَا كَنَقْلِ الْفَرْعِ شَهَادَةَ الْأَصْلِ فَكَمَا لَا يُحْكَمُ بِالْفَرْعِ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ غَابَ الشُّهُودُ عَنْ بَلَدِ الْقَاضِي لِمَسَافَةٍ يَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ جَازَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ مُكَاتَبَةً جَازَ) الْحُكْمُ بِهِ (حَيْثُ) تَكُونُ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ بِحَيْثُ (يَسْمَعُ) فِيهَا (الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ) بِخِلَافِ الْكِتَابِ بِالْحُكْمِ يَجُوزُ وَلَوْ مَعَ الْقُرْبِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الِاسْتِيفَاءُ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْحُجَّةِ إذْ يَسْهُلُ إحْضَارُهَا مَعَ الْقُرْبِ وَيُسَمَّى كِتَابُ سَمَاعِهَا كِتَابَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَتْ مُعَاصَرَتُهُ لَهُ لِتَمَكُّنِ مُعَامَلَتِهِ) قَيَّدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْمُعَاصَرَةَ بِمَا إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ عَامِلَهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ ر قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالتَّقْيِيدُ بِإِمْكَانِ الْمُعَامَلَةِ مُتَعَيِّنٌ سَوَاءٌ مَاتَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَوْ قَبْلَهُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إقْرَارٍ وَكُلُّ مَا لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ الْمُكَلَّفِ وَكَانَ الْمُوَافِقُ صَغِيرًا طِفْلًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ أَنْكَرَ الْحَقَّ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَغَيْرُهُ قِيلَ لِلْمَحْكُومِ لَهُ أَلَكَ بَيِّنَةٌ تُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَإِذَا أَتَى بِالْبَيِّنَةِ حَكَمَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا كَتَبَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إلَى الْكَاتِبِ وَذَكَرُوا مَا سَاقَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُ فَإِنَّ الْمُكَاتَبَةَ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَالرَّافِعِيُّ يَقُولُ: بِذَلِكَ وَلَكِنْ الْإِيضَاحُ أَوْلَى (قَوْلُهُ لِيَأْخُذَ مِنْ الشُّهُودِ مَا يَدْرَأُ الْإِشْكَالَ فِيهِ) يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى كِتَابَةِ الصِّفَةِ الْمُمَيِّزَةِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ لَا بُدَّ عِنْدَنَا مِنْ حُكْمٍ مُسْتَأْنَفٍ عَلَى الْمَوْصُوفِ بِالصِّفَةِ الزَّائِدَةِ الْمُمَيِّزَةِ لَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ دَعْوَى وَلَا حَلِفٍ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الْحُكْمِ عَلَى مَا قَدَّرْنَاهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ طُولِبَ بِهِ وَخُلِّصَ الْأَوَّلُ) إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى مُبْهَمٍ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ لَا بِالْإِشَارَةِ وَلَا بِالصِّفَةِ الْكَامِلَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَقْصَى الْوَصْفَ وَظَهَرَ اشْتِرَاكٌ عَلَى النُّدُورِ (قَوْلُهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ قَدْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ حَيْثُ حَلَّ مِنْ الْبِلَادِ
[فَصْلٌ لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي وَأَنْهَى سَمَاعَ الْحُجَّةِ الْمَسْبُوقَةِ بِالدَّعْوَى إلَى قَاضٍ آخَرَ مُشَافَهَةً لَهُ بِهِ]
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ يَحْكُمُ بِذَلِكَ إذَا كَانَ الْكَاتِبُ وَالْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِيمَا لَوْ وَقَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي طَرَفِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَأَخْبَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ الْقُرْبِ) كَأَنْ كَانَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ وَتَيَسَّرَ اجْتِمَاعُهُمَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْحُجَّةِ إلَخْ) قَضِيَّةُ الْفَرْقِ السَّابِقِ بَيْنَ الْقَضَاءِ الْمُبْرَمِ وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ شُهُودَ الْأَصْلِ لَوْ حَضَرُوا فِي بُعْدِ الْمَسَافَةِ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْكِتَابِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِمَا اقْتَضَاهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ حَتَّى يَسْمَعَ الشَّهَادَةَ مِنْهُمْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ حَيْثُ خَصَّ جَوَازَ الْمُكَاتَبَةِ مَعَ الْقُرْبِ وَالْعَمَلِ بِالْمُشَافَهَةِ بِفَقْدِ شُهُودِ الْأَصْلِ أَوْ غَيْبَتِهِمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ نَقْلُ شَهَادَةٍ لَا حُكْمٌ بِأَدَائِهَا وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ بِلَا شَكٍّ مُنَزَّلٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَعَدَمُ الْعَمَلِ مَعَ مُصَاحَبَةِ شُهُودِ الْأَصْلِ لَهُ أَوْلَى بِأَنْ لَا يَعْمَلَ بِهِ، وَإِنْ وُجِدَ الْبُعْدُ وَحِينَئِذٍ فَظَهَرَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمَنْعِ سُهُولَةُ إعَادَةِ الشَّهَادَةِ فَلَوْ مَاتُوا أَوْ تَعَذَّرَ حُضُورُهُمْ عِنْدَهُ لِغَيْبَةٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ تُعْتَبَرْ الْمَسَافَةُ الْمَذْكُورَةُ وَيَجُوزُ كِتَابُ الْقَاضِي بِالسَّمَاعِ مَعَ الْبُعْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute