للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَكِتَابَ الثَّبْتِ أَيْ تَثْبِيتُ الْحُجَّةِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِنَائِبِهِ اسْمَعْ الْبَيِّنَةَ) بَعْدَ الدَّعْوَى (وَانْهَهَا إلَيَّ) فَفَعَلَ (فَإِنَّ الْأَشْبَهَ الْجَوَازُ) أَيْ جَوَازُ حُكْمِ مُنِيبِهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَجْوِيزَ النِّيَابَةِ لِلِاسْتِعَانَةِ بِالنَّائِبِ، وَهُوَ يَقْتَضِي الِاعْتِدَادَ بِسَمَاعِهِ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْقَاضِي الْمُسْتَقِلِّ وَمُقَابِلُ الْأَشْبَهِ عَدَمُ الْجَوَازِ كَإِنْهَاءِ أَحَدِ الْقَاضِيَيْنِ فِي الْبَلَدِ إلَى الْآخَرِ لِإِمْكَانِ حُضُورِ الشُّهُودِ عِنْدَهُ (وَلِيُبَيِّنَ) الْقَاضِي الْكَاتِبُ (الْحُجَّةَ) أَهِيَ بَيِّنَةٌ أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ أَوْ يَمِينٌ مَرْدُودَةٌ لِيَعْرِفَهَا الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فَقَدْ لَا يَرَى بَعْضَ ذَلِكَ حُجَّةً (وَيُسَمِّي لَهُ الشُّهُودَ لِيَبْحَثَ عَنْهُمْ) .

وَالْأَوْلَى أَنْ يَبْحَثَ عَنْ حَالِهِمْ وَيُعَدِّلَهُمْ؛ لِأَنَّ أَهْلَ بَلَدِهِمْ أَعْرَفُ بِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَى الثَّانِي الْبَحْثُ وَالتَّعْدِيلُ وَإِذَا عَدَّلَهُمْ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ لِلثَّانِي إعَادَةُ التَّعْدِيلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الْقَاضِي الْمُوَافِقِ فِي الْمَذْهَبِ فِي التَّعْدِيلِ لَا الْمُخَالِفِ وَفِي نُسْخَةٍ وَلِيَبْحَثَ بِالْوَاوِ (فَلَوْ عَدَّلَهُمْ) الْكَاتِبُ (وَسَكَتَ عَنْ تَسْمِيَتِهِمْ كَفَى) كَمَا فِي الْحُكْمِ وَلَا حَاجَةَ هُنَا إلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلِلْخَصْمِ تَجْرِيحُهَا) أَيْ الْحُجَّةِ وَالْأَوْلَى تَجْرِيحُهُمْ (وَيُمْهِلُ لَهُ) أَيْ لِتَجْرِيحِهِمْ أَيْ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِهِ (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ فَأَقَلَّ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ إذَا اسْتَمْهَلَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ يَسِيرَةٌ لَا يَعْظُمُ ضَرَرُ الْمُدَّعِي بِتَأْخِيرِ الْحُكْمِ فِيهَا وَبِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاجَةٌ إلَيْهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ أَبْرَأْتنِي أَوْ قَضَيْت الْحَقَّ وَاسْتُمْهِلَ لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ (لَا) إنْ اسْتَمْهَلَ (لِيَذْهَبَ إلَى الْكَاتِبِ وَيَجْرَحَهُمْ عِنْدَهُ) أَوْ لِيَأْتِيَ مِنْ بَلَدِهِ بِبَيِّنَةٍ أُخْرَى دَافِعَةٍ فَلَا يُمْهَلُ (بَلْ يُسَلِّمُ الْمَالَ) لِلْمُدَّعِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا تَوَقَّفَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعَ مُطْلَقًا سَدًّا لِلْبَابِ (فَإِنْ أَقَامَ دَافِعًا اسْتَرَدَّ) مَا سَلَّمَهُ (فَلَوْ سَأَلَ) الْخَصْمُ (وَالْكَاتِبُ بِالْحُكْمِ تَحْلِيفَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَنَّهُ مَا اسْتَوْفَى) مِنْهُ الْحَقَّ أَوْ أَنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ (فَهَلْ يُجَابُ) إلَيْهِ.

كَمَا لَوْ ادَّعَى عِنْدَهُ ابْتِدَاءً أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْكَاتِبَ حَلَّفَهُ (وَجْهَانِ) أَرْجَحُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الثَّانِي وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَغَيْرِهِمْ نَعَمْ إنْ ادَّعَى إيقَاعَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ بِلَا شَكٍّ (أَوْ) سَأَلَ تَحْلِيفَهُ (أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَدَاوَةَ الشُّهُودِ لَهُ أُجِيبَ) إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَا عَدَاوَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَمِنْ هُنَا زَادَ الْمُصَنِّفُ يَعْلَمُ عَلَى قَوْلِ أَصْلِهِ أَوْ لَا عَدَاوَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشُّهُودِ (أَوْ) تَحْلِيفَهُ (أَنَّهُمْ عُدُولٌ لَمْ يُجَبْ) بَلْ يَكْفِي تَعْدِيلُ الْحَاكِمِ إيَّاهُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِسْقَهُمْ كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى

(الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْحُكْمِ بِالشَّيْءِ الْغَائِبِ عَلَى غَائِبٍ وَهَذَا فِي الْأَعْيَانِ) ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَتَّصِفُ بِالْغَيْبَةِ وَالْحُضُورِ (أَمَّا الدَّيْنُ وَنَحْوُ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ) مِنْ رَجْعَةٍ وَإِثْبَاتِ وَكَالَةٍ وَنَحْوِهِمَا (فَلَا يُوصَفُ بِغَيْبَةٍ وَلَا حُضُورٍ) لَا فِي الدَّعْوَى بِهَا وَلَا فِي غَيْرِهَا (ثُمَّ الْعَيْنُ) الْمُدَّعَاةُ (الْغَائِبَةُ عَنْ الْبَلَدِ إنْ كَانَتْ مِمَّا تُعْرَفُ) بِأَنْ يُؤْمَنَ اشْتِبَاهُهَا (كَالْعَقَارِ) الْمَعْرُوفِ وَيُعْتَمَدُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَيَعْرِفُهُ) الْمُدَّعِي (بِذِكْرِ الْبُقْعَةِ وَالسِّكَّةِ وَالْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ) عَلَى مَا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى (وَكَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ) الْمَعْرُوفَيْنِ (بِالشُّهْرَةِ سُمِعَتْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ بِهَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ عَلَى الْأَصَحِّ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ دُونَهُ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى.

(وَمَا لَا شُهْرَةَ لَهُ) كَغَيْرِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ (تُسْمَعُ فِيهِ الْأَوْصَافُ) أَيْ الدَّعْوَى بِهِ اعْتِمَادًا عَلَى الْأَوْصَافِ (أَيْضًا لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا كَمَا فِي الْعَقَارِ وَكَمَا تُسْمَعُ عَلَى الْخَصْمِ الْغَائِبِ اعْتِمَادًا عَلَى الصِّفَةِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

وَالْقُرْبِ وَحَصَلَ أَنَّ الْقُرْبَ وَالْبُعْدَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْكِتَابِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ بَلْ الضَّابِطُ مَا ذَكَرْنَاهُ.

(قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَبْحَثَ عَنْ حَالِهِمْ وَيُعَدِّلَهُمْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يُمْكِنُ أَنْ يُعَدِّلَهُمَا أَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَعَلِمَ الْكَاتِبُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعْدِيلُهُمَا هُنَاكَ إمَّا لِعَدَمِ مَنْ يَعْرِفُهُمَا ثُمَّ لِبُعْدِ الدَّارِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَالْوَجْهُ وُجُوبُ تَعْدِيلِهِمَا بِبَلَدِهِمَا ثُمَّ الْمُكَاتَبَةُ بِمَا شَهِدَا بِهِ غ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْله قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) : أَيْ وَغَيْرُهُ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ) يُشْبِهُ أَنَّهُ مُرَادُ الْأَئِمَّةِ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا الْمَنْعَ بِالْأَمْرِ بِطُولٍ فَلَوْ فَعَلْنَا هَذَا وَالظَّنُّ بِالْقَاضِي كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَمْ يَأْلُ جَهْدًا وَلَمْ يُقَصِّرْ لَبَطَلَ أَثَرُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَرَأَيْت فِي الْعُمْدَةِ لِلْفُورَانِيِّ فَإِنْ قَالَ الْمَكْتُوبُ عَلَيْهِ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى جَرْحِهِمْ فَلَهُ ذَلِكَ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُثْبِتَ أَوَّلًا أَنَّ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ ثُمَّ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى جَرْحِهِمْ فَإِنْ اسْتَمْهَلَ مُدَّةً لِيَخْرُجَ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَيُنْجِزَ كِتَابًا بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ ثُمَّ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ هَا هُنَا عَلَى الْجَرْحِ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ اهـ وَقَالَ فِي الْإِبَانَةِ: إذَا اسْتَمْهَلَ حَتَّى يَذْهَبَ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبُ وَيُبَيِّنَ الشُّهُودَ بِالْجَرْحِ يُمْهَلُ غ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَامَ دَافِعًا اسْتَرَدَّ مَا سَلَّمَهُ) لِإِخْفَاءِ أَنَّهُ إذَا قَدِمَ الْغَائِبُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَنَّهُ عَلَى حُجَّتِهِ مِنْ قَادِحٍ فِي الْبَيِّنَةِ بِجَرْحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْ الْمُعَارَضَةِ بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا عَلَى إبْرَاءٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَرْجَحُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الثَّانِي) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ أَوْ إنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَدَاوَةَ الشُّهُودِ) أَوْ أَنَّ فِيهِمْ رِقًّا أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مِنْ النَّسَبِ مَا يَمْنَعُ قَبُولَ شَهَادَتِهِمْ لَهُ أَوْ أَنَّهُمْ يَجُرُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ بِهَا نَفْعًا أَوْ يَدْفَعُونَ بِهَا عَنْهُمْ ضَرَرًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِسْقَهُمْ) أَيْ أَوْ كَذِبَهُمْ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ لَنَفَعَهُ

(قَوْلُهُ الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْحُكْمِ بِالشَّيْءِ الْغَائِبِ عَلَى غَائِبٍ) لَا فَرْقَ فِي مَسَائِلِ هَذَا الطَّرَفِ بَيْنَ حُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَغَيْبَتِهِ وَإِنَّمَا ذُكِرَ هُنَا لِمُنَاسَبَةِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ (قَوْلُهُ وَالْحُدُودُ الْأَرْبَعَةُ) إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ إلَّا بِهَا فَلَوْ حَصَلَ الْعِلْمُ وَلَوْ بِوَاحِدٍ كَفَى بَلْ لَوْ كَانَتْ مَشْهُورَةً بِاسْمٍ تَنْفَرِدُ بِهِ كَدَارِ النَّدْوَةِ بِمَكَّةَ كَفَى ذِكْرُهُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّرْطَ ذِكْرُ مَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ وَلَوْ بِذِكْرِ حَدٍّ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ كَانَ مَشْهُورًا لَا يَشْتَبِهُ لَا حَاجَةَ إلَى تَحْدِيدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>