للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ لَا يَنْتَظِمُ حَمْلُهَا عَلَى غَيْرِهَا بِقَيْدٍ أَوْ صِفَةٍ (فَلَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ دَابَّةً مِنْ دَوَابِّي وَمَعَهُ دَابَّةٌ مِنْ جِنْسٍ) مِنْ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ (تَعَيَّنَتْ، أَوْ دَابَّتَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ) مِنْهَا (يُخَيَّرُ الْوَارِثُ) بَيْنَهُمَا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ) مِنْهَا عِنْدَ مَوْتِهِ (بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ الْمَوْتِ لَا بِيَوْمٍ الْوَصِيَّةِ، نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ النَّعَمِ أَوْ نَحْوِهَا فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ الصِّحَّةُ، وَيُعْطَى مِنْهَا لِصِدْقِ اسْمِ الدَّابَّةِ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا ظِبَاءٌ فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا كَمَا مَرَّ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِذَلِكَ بِخِلَافِ كَلَامِ أَصْلِهِ.

(وَالرَّقِيقُ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَالْمَعِيبِ) وَالسَّلِيمِ (وَالصَّغِيرِ) وَالْكَبِيرِ (وَالْكَافِرِ) وَالْمُسْلِمِ لِصِدْقِهِ بِكُلٍّ مِنْهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ لَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ وَبِالْعَكْسِ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ قَالَ) : أَعْطُوهُ رَقِيقًا (لِيُقَاتِلَ أَوْ لِيَخْدُمَهُ فِي السَّفَرِ أُعْطِيَ ذَكَرًا) لِأَنَّهُ الَّذِي يَصْلُحُ لِذَلِكَ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْأُولَى: وَحِينَئِذٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا سَلِيمًا مِنْ الزَّمَانَةِ وَالْعَمَى وَنَحْوِهِمَا، وَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ سَلِيمًا مِمَّا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الْخِدْمَةُ، قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ رَقِيقًا يَخْدُمُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ، أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ لَا مُطْلَقًا، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِمَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْخِدْمَةِ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (أَوْ لِيَحْضُنَ وَلَدَهُ) أَوْ لِيَتَمَتَّعَ بِهِ (فَأُنْثَى) ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَصْلُحُ لِلْحَضَانَةِ غَالِبًا وَلِلتَّمَتُّعِ.

(وَلَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ رَأْسًا مِنْ رَقِيقِي أَوْ) مِنْ (غَنَمِي أَوْ مِنْ حُبْشَانِ عَبِيدِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَاحِدٌ أُعْطِيَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ (شَيْءٌ) مِنْ ذَلِكَ يَوْمَ الْمَوْتِ (بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ (فَلَوْ مَلَكَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ اسْتَحَقَّ) الْمُوصَى لَهُ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ الْمَوْتِ لَا بِيَوْمِ الْوَصِيَّةِ كَمَا مَرَّ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى مِنْ غَيْر أَرِقَّائِهِ وَإِنْ تَرَاضَيَا؛ لِأَنَّهُ صَلُحَ عَلَى) الْوَجْهِ مَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ عَنْ (مَجْهُولٍ) وَهُوَ بَاطِلٌ.

(فَرْعٌ) : لَوْ (أَوْصَى بِأَحَدِ عَبِيدِهِ فَقُتِلُوا) وَلَوْ قَتْلًا مُضَمَّنًا أَوْ مَاتُوا (أَوْ أَعْتَقَهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ إذْ لَا عَبِيدَ لَهُ يَوْمَ الْمَوْتِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهُمْ (أَوْ) قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا أَوْ أَعْتَقَهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ (إلَّا وَاحِدًا) مِنْهُمْ (تَعَيَّنَ) لِلْوَصِيَّةِ لِصِدْقِ الِاسْمِ بِهِ، وَلِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ، وَكَمَا لَوْ بَاعَهُ صَاعًا مِنْ صُبْرَةٍ فَلَمْ يَبْقَ سِوَاهُ، فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُمْسِكَ الَّذِي بَقِيَ وَيَدْفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ مَقْتُولٍ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُوصِيَ بِأَحَدِ عَبِيدِهِ الْمَوْجُودِينَ، فَلَوْ أَوْصَى بِأَحَدِ عَبِيدِهِ فَمَاتُوا إلَّا وَاحِدًا لَمْ يَتَعَيَّنْ حَتَّى لَوْ مَلَكَ غَيْرَهُ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ الْحَادِثِ (وَإِنْ قُتِلُوا بَعْدَ الْمَوْتِ) قَتْلًا مُضَمَّنًا (وَلَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ تَعَيَّنَ حَقُّهُ فِي الْقِيمَةِ) فَيُعْطِيهِ الْوَارِثُ بَعْدَ الْقَبُولِ قِيمَةَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ فَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ تَخَيَّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ دَفْعِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ أَحَدِ الْمَقْتُولِينَ (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ أَوْ قُتِلَ) قَتْلًا وَلَوْ غَيْرَ مُضَمَّنٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ (فَلِلْوَارِثِ تَعْيِينُهُ لِلْوَصِيَّةِ وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ (تَجْهِيزُهُ إنْ قَبِلَ) وَتَكُونُ الْقِيمَةُ لَهُ فِي صُورَةِ الْقَتْلِ الْمُضَمَّنِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْوَصِيَّةِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْقَبُولِ.

(فَرْعٌ) : لَوْ (قَالَ: أَعْطُوهُ رَقِيقًا أَوْ رَقِيقًا مِنْ مَالِي لَمْ يَتَعَيَّنْ) إعْطَاؤُهُ (مِنْ أَرِقَّائِهِ، وَيَجِبُ شِرَاؤُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَقِيقٌ فَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدٍ لَمْ يُعْطَ أَمَةً وَلَا خُنْثَى وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ لَوْ أَوْصَى بِأَمَةٍ أَوْ خُنْثَى لَمْ يُعْطَ عَبْدًا وَلَا يُعْطَى خُنْثَى فِي الْأُولَى، وَلَا أُنْثَى فِي الثَّانِيَةِ.

(فَصْلٌ) : لَوْ (أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ) تَطَوُّعًا (أَجْزَأَهُ) إعْتَاقُ (مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) كَمَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوا فُلَانًا رَقِيقًا (وَإِنْ أَوْصَى) شَخْصًا (أَنْ يَشْتَرِيَ بِثُلُثِهِ عَبْدًا وَيَعْتِقَهُ) عَنْهُ (فَاشْتَرَاهُ بِعَيْنِهِ) أَيْ الثُّلُثَ (وَأَعْتَقَهُ) عَنْهُ (ثُمَّ ظَهَرَ) عَلَيْهِ (دَيْنٌ) وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ (بَطَلَ الشِّرَاءُ وَالْعِتْقُ) لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَأَشْبَهَ التَّصَرُّفَ فِي الْمَرْهُونِ (وَإِنْ اشْتَرَا) هـ (فِي ذِمَّتِهِ وَقَعَ) الشِّرَاءُ (عَنْهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ) لِأَنَّ الشِّرَاءَ اعْتَمَدَ ذِمَّتَهُ فَوَقَعَ عَنْهُ (وَوَقَعَ الْعِتْقُ عَنْ الْمَيِّتِ) لِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَنْهُ (وَإِنْ قَالَ: أَعْتِقُوا) عَنِّي (ثُلُثِي رِقَابًا) أَوْ اشْتَرُوا بِثُلُثِي رِقَابًا وَأَعْتِقُوهُمْ (فَأَقَلُّهُ) أَيْ أَقَلُّ عَدَدٍ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الرِّقَابِ (ثَلَاثٌ) ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ، فَإِنْ وَفَّى الثُّلُثُ بِثَلَاثٍ فَأَكْثَرَ فُعِلَ (وَالِاسْتِكْثَارُ مَعَ الِاسْتِرْخَاصِ أَوْلَى) مِنْ الِاسْتِقْلَالِ مَعَ الِاسْتِغْلَاءِ، فَإِعْتَاقُ خَمْسِ رِقَابٍ مَثَلًا قَلِيلَةِ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْ إعْتَاقِ أَرْبَعٍ مَثَلًا كَثِيرَةِ الْقِيمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْلِيصِ رَقَبَةٍ زَائِدَةٍ عَنْ الرِّقِّ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ» وَلَا يَصْرِفُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ الصِّحَّةُ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: وَيُعْطَى مِنْهَا لِصِدْقِ اسْمِ الدَّابَّةِ عَلَيْهَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَعْنَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ الْعُرْفِيِّ، قَالَ: وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَوْلَادُ أَوْلَادٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَيُصْرَفُ إلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ الْوَلَدِ عَلَيْهِمْ مَجَازًا لَكِنْ يَتَعَيَّنُ الْمَجَازُ بِمُقْتَضَى الْوَاقِعِ.

(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَلَحَ عَلَى مَجْهُولٍ) " عَلَى " فِيهِ بِمَعْنَى " عَنْ " كَمَا فِي قَوْلِهِ: إذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ (قَوْلُهُ: قَتْلًا مُضَمَّنًا) أَمَّا إذَا كَانَ الْقَتْلُ غَيْرَ مُضَمَّنٍ كَأَنْ قَتَلَهُمْ حَرْبِيٌّ أَوْ سَبُعٌ فَهُوَ كَالْمَوْتِ، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: فَيُعْطِيهِ الْوَارِثُ بَعْدَ الْقَبُولِ قِيمَةَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إلَخْ) وَفِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ أَنَّ لَهُ قِيمَةَ أَقَلِّهِمْ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ كَمَا تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ، نَعَمْ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ طِفْلٌ أَوْ نَحْوُهُ تَعَيَّنَ ذَلِكَ غ. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ تَجْهِيزُهُ شَمِلَ مَا لَوْ عَيَّنَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ تَحْتَ يَدِهِ.

[فَصْلٌ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ تَطَوُّعًا]

(قَوْلُهُ: لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ تَطَوُّعَا) خَرَجَ بِهِ الْعِتْقُ الْوَاجِبُ عَنْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَنْهُ) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ أَنَّهُ هُنَا صَرَّحَ بِعِتْقِهِ عَنْ الْمَيِّتِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ قُبَيْلَ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ عِتْقِهِ عَنْ الْمُبَاشِرِ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا أَعْتَقَهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِكَوْنِهِ عَنْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِكْثَارُ مَعَ الِاسْتِرْخَاصِ أَوْلَى) وَشِرَاءُ الرَّقَبَةِ الْمَضْرُورَةِ الْمُضَيَّقِ عَلَيْهَا أَوْلَى مِنْ الْمُرَفَّهَةِ عِنْدَ أَهْلِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَالِغَ أَوْلَى مِنْ الصَّغِيرِ، وَأَنَّ الذَّكَرَ أَوْلَى مِنْ الْأُنْثَى

<<  <  ج: ص:  >  >>