للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَصِيُّ الثُّلُثَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ إلَى رَقَبَتَيْنِ (فَإِنْ صَرَفَهُ فِي اثْنَتَيْنِ غَرِمَ ثَالِثَةً) بِأَقَلَّ مَا يَجِدُ بِهِ رَقَبَةً لَا بِثُلُثِ مَا نُفِّذَتْ فِيهِ الْوَصِيَّةُ كَمَا فِي دَفْعِ نَصِيبِ أَحَدِ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ إلَى اثْنَيْنِ (فَلَوْ لَمْ يَفِ إلَّا بِرَقَبَتَيْنِ وَشِقْصٍ) مِنْ رَقَبَةٍ (أَخَذَ) رَقَبَتَيْنِ (نَفِيسَتَيْنِ) يَسْتَغْرِقُ ثَمَنُهُمَا الثُّلُثَ (فَقَطْ) أَيْ لَا رَقَبَتَيْنِ وَشِقْصًا؛ لِأَنَّ الشِّقْصَ لَيْسَ بِرَقَبَةٍ فَصَارَ كَقَوْلِهِ: اشْتَرُوا بِثُلُثِي رَقَبَةً وَأَعْتِقُوهَا فَلَمْ يَجِدْ بِهِ رَقَبَةً لَا يَشْتَرِي شِقْصًا، وَلِأَنَّ نَفَاسَةَ الرَّقَبَةِ مَرْغُوبٌ فِيهَا وَقَدْ «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَفْضَلِ الرِّقَابِ فَقَالَ: أَكْثَرُهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَعُورِضَ بِالْخَبَرِ السَّابِقِ، وَيُجَابُ بِحَمْلِ ذَاكَ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَفَ عَدَدُ الْخَسِيسِ وَالنَّفِيسِ، وَهَذَا عَلَى مَا إذَا اتَّحَدَ، أَوْ يُحْمَلُ ذَاكَ عَلَى مَا إذَا تَيَسَّرَ تَكْمِيلُ الرِّقَابِ الْمُسْتَكْثِرَةِ، وَهَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ.

(فَإِنْ فَضَلَ) عَنْ أَنْفُسِ رَقَبَتَيْنِ وُجِدَتَا (شَيْءٌ فَلِلْوَرَثَةِ) لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ فِيهِ حِينَئِذٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي امْتِنَاعِ شِرَاءِ الشِّقْصِ بَيْنَ كَوْنِ بَاقِيهِ حُرًّا وَكَوْنِهِ رَقِيقًا، وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ فِيمَا إذَا كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ (وَإِنْ قَالَ: اصْرِفُوهُ) أَيْ ثُلُثِي (إلَى الْعِتْقِ اشْتَرَى الشِّقْصَ) لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ صَرْفُ الثُّلُثِ إلَى الْعِتْقِ، وَقَضِيَّةَ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَشْتَرِي الشِّقْصَ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّكْمِيلِ، وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ: يُشْتَرَى شِقْصٌ لَكِنْ التَّكْمِيلُ أَوْلَى إذَا أَمْكَنَ، وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الطَّاوُسِيُّ وَالْبَارِزِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِي ذَلِكَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ التَّكْمِيلِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ، قُلْتُ بَلْ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (وَإِنْ قَالَ: أَعْتِقُوا) عَنِّي (عَبْدًا) تَأْخُذُونَهُ (بِمِائَتَيْنِ وَالثُّلُثُ مِائَةٌ) وَأَمْكَنَ أَخْذُنَا عَبْدًا بِهَا (أَخَذْنَا بِهَا عَبْدًا) وَأَعْتَقْنَاهُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَلَمْ يَخْرُجْ جَمِيعُهُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَتَعَيَّنُ إعْتَاقُ الْقَدْرِ الَّذِي يَخْرُجُ.

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْمُوصَى لَهُ: فَإِنْ أَوْصَى لِحَمْلِ هِنْدٍ) بِكَذَا (فَوَلَدَتْ) وَلَدَيْنِ حَيَّيْنِ وَلَوْ (ذَكَرًا وَأُنْثَى) وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَبَيْنَهُمَا أَقُلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (اسْتَوَيَا) كَمَا لَوْ وَهَبَ لِذَكَرٍ وَأُنْثَى شَيْئًا، وَإِنَّمَا التَّفْضِيلُ فِي التَّوْرِيثِ بِالْعُصُوبَةِ (أَوْ) وَلَدَتْ (حَيًّا وَمَيِّتًا فَلِلْحَيِّ) مِنْهُمَا الْكُلُّ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَالْمَعْدُومِ بِدَلِيلِ الْبُطْلَانِ بِانْفِصَالِهِمَا مَيِّتَيْنِ (فَإِنْ قَالَ: إنْ كَانَ حَمْلُهَا أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا ذَكَرًا فَلَهُ كَذَا أَوْ أُنْثَى فَكَذَا، فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى) جَمِيعًا (فَلَا شَيْءَ لَهُمَا) لِأَنَّ حَمْلَهَا جَمِيعَهُ لَيْسَ بِذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى (وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ قُسِّمَ) الْمُوصَى بِهِ (بَيْنَهُمَا، وَإِنْ قَالَ: إنْ كَانَ) حَمْلُهَا أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا (ابْنًا فَلَهُ كَذَا) أَوْ بِنْتًا فَكَذَا (فَوَلَدَتْ ابْنَيْنِ) أَوْ بِنْتَيْنِ (فَلَا شَيْءَ لَهُمَا) وَإِنَّمَا لَمْ يُقَسَّمْ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا (لِأَنَّ الذَّكَرَ) وَالْأُنْثَى (لِلْجِنْسِ) فَيَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْعَدَدِ بِخِلَافِ الِابْنِ وَالْبِنْت، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ الْفَرْقُ بِوَاضِحٍ، وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ، وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: بَلْ الْفَرْقُ وَاضِحٌ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَفِيمَا قَالَهُ مِنْ وُضُوحٍ الْفَرْقِ نَظَرٌ.

(وَإِنْ قَالَ: إنْ وَلَدَتْ غُلَامًا أَوْ إنْ كَانَ فِي بَطْنِكِ) غُلَامٌ (أَوْ إنْ كُنْتِ حَامِلًا بِغُلَامٍ فَلَهُ كَذَا، أَوْ أُنْثَى فَكَذَا، فَوَلَدَتْهُمَا أُعْطِيَاهُ) أَيْ أُعْطِيَ كُلُّ مِنْهُمَا مَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ (وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ) وَلَوْ مَعَ أُنْثَيَيْنِ (أَعْطَى الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَحَدِ الشَّخْصَيْنِ بِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ) وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَقُلْنَا بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِمُبْهَمٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى أُعْطِيَ الْأَقَلَّ) لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْقِيَاسُ أَنَّا نُوقِفُ لَهُ تَمَامَ مَا جُعِلَ لِلذَّكَرِ حَتَّى يَظْهَرَ الْحَالُ، وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الذَّكَرِ بِالْآخَرِ كَانَ أَوْلَى وَإِنْ قَالَ: إنْ وَلَدَتْ غُلَامًا فَلَهُ كَذَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً اسْتَحَقَّهُ الْغُلَامُ أَوْ غُلَامَيْنِ أَعْطَى الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

(وَإِنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ صُرِفَ إلَى أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) مِنْ جَوَانِبِ دَارِهِ الْأَرْبَعَةِ لِخَبَرِ: «حَقُّ الْجِوَارِ أَرْبَعُونَ دَارًا هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَأَشَارَ قُدَّامًا وَخَلْفًا وَيَمِينًا وَشِمَالًا.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مُرْسَلًا، وَلَهُ طُرُقٌ تُقَوِّيهِ، فَيُصْرِفُ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِ وَالْغَنِيِّ وَضِدِّهِمَا (عَلَى عَدَدِ الدُّورِ لَا) عَلَى عَدَدِ (السُّكَّانِ) قَالَ السُّبْكِيُّ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ أَنَّ الْبَعْضَ لَيْسَ بِرَقَبَةٍ فَلَا فَرْقَ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ إلَخْ) سِيَاقُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِيمَا يَفْضُلُ عَنْ الرِّقَابِ الْكَوَامِلِ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الطَّاوُسِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ) إذْ الشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ إلَى التَّخْلِيصِ مِنْ الرِّقِّ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ التَّشْقِيصُ فِيمَنْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَّا عِنْدَ عَجْزِ الثُّلُثِ عَنْ التَّكْمِيلِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ) أَيْ أَوْ أُنْثَيَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ أُعْطِيَ الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا أَوْصَى لِحَمْلِهَا أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا وَأَتَتْ بِذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ حَيْثُ يُقَسَّمُ أَنَّ حَمْلَهَا مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ وَ (مَا) عَامَّةٌ بِخِلَافِ النَّكِرَةِ فِي الْأُولَى فَإِنَّهَا لِلتَّوْحِيدِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَحَدِ الشَّخْصَيْنِ بِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ) أَيْ بِلَفْظِ أَعْطُوا أَحَدَ الشَّخْصَيْنِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْهَامُ الْمُوصَى لَهُ إلَّا بِصِيغَةِ أَعْطُوا الْعَبْدَ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ فَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُ هُنَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْقِيَاسُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ إلَخْ) لَوْ رَدَّ بَعْضُ الْجِيرَانِ فَهَلْ يَرُدَّ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ؟ أَوْ يَكُونُ الْمَرْدُودُ لِلْوَرَثَةِ؟ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ أَوْجَبْنَا الِاسْتِيعَابَ كَانَ لِلْوَرَثَةِ وَإِلَّا فَلِبَقِيَّةِ الْجِيرَانِ. غ وَقَوْلُهُ: فَهَلْ يَرُدَّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: صُرِفَ إلَى أَرْبَعِينَ دَارًا) قَالَ الكوهكيلوني: لَا اعْتِبَارَ بِدَارٍ لَا سَاكِنَ بِهَا. اهـ. الْعِبْرَةُ فِي الْجِوَارِ بِمِلْكِ الدَّارِ أَوْ بِالسُّكْنَى؟ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْجِيلِيُّ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِي دَارٍ لِشَخْصٍ سَكَنَهَا غَيْرُهُ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ، أَمَّا لَوْ سَكَنَهَا غَصْبًا فَلَا يَسْتَحِقُّ قَطْعًا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْجِوَارِ حَالَةُ الْمَوْتِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِالسُّكْنَى أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَعَدَدُ الدُّورِ مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ دَارًا. اهـ. وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ دَارُ الْمُوصِي كَبِيرَةً فِي التَّرْبِيعِ فَيُسَامِتُهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَكْثَرُ مِنْ دَارٍ لِصِغَرِ الْمُسَامِتِ لَهَا أَوْ يُسَامِتُهَا دَارَانِ، وَقَدْ يَكُونُ لِدَارِهِ جِيرَانٌ فَوْقَهَا وَجِيرَانٌ تَحْتَهَا (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>