للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْئًا لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ شَرْعًا فَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ عِوَضًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّالُّ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اسْتَحَقَّ (أَوْ) جَعَلَ (لِمَنْ أَخْبَرَهُ) بِكَذَا جُعْلًا (فَأَخْبَرَهُ) بِهِ (فَلَا) يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عَمَلٍ (إلَّا إنْ تَعِبَ وَصُدِّقَ) فِي إخْبَارِهِ (وَكَانَ لِلْمُسْتَخْبِرِ غَرَضٌ) فِي الْمُخْبَرِ بِهِ فَيَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ آخِرَ الْبَابِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ الْقَاضِي كَالنَّاطِقِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا.

الرُّكْنُ (الرَّابِعُ الْجُعْلُ يُشْتَرَطُ) وَفِي نُسْخَةٍ " وَيُشْتَرَطُ " (كَوْنُهُ مَعْلُومًا كَالْأُجْرَةِ) فِي الْإِجَارَةِ (فَلَوْ كَانَ مَجْهُولًا) كَثَوْبٍ (أَوْ خَمْرًا أَوْ مَغْصُوبًا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ) تَجِبُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ بِجَهْلِ الْجُعْلِ أَوْ بِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ أَوْ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَوَجْهُ فَسَادِهِ بِالْجَهْلِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى احْتِمَالِهِ فِيهِ كَالْإِجَارَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْعَمَلِ وَالْعَامِلِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَرْغَبُ فِي الْعَمَلِ مَعَ جَهْلِهِ بِالْجُعْلِ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْعَقْدِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْعِلْجِ وَسَتَأْتِي فِي السِّيَرِ (فَإِنْ قَالَ مَنْ رَدَّهُ فَلَهُ ثِيَابُهُ - وَهِيَ مَعْلُومَةٌ - اسْتَحَقَّهَا، أَوْ مَجْهُولَةٌ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ) وَحَذَفَ قَوْلَ أَصْلِهِ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ وَصَفَهَا بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ اسْتَحَقَّهَا لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فَإِنَّهُ خِلَافُ الصَّحِيحِ فَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ لَا يُغْنِي وَصْفُهُ عَنْ رُؤْيَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ قَوْلُ الْأَصْلِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ تِلْكَ الْعُقُودَ عُقُودٌ لَازِمَةٌ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ فَاحْتِيطَ لَهَا مَا لَمْ يُحْتَطْ لِلْجَعَالَةِ (وَكَذَا) يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ (لَوْ قَالَ) مَنْ رَدَّهُ (فَلَهُ رُبُعُهُ) مَثَلًا وَقِيلَ يَسْتَحِقُّ الْمَشْرُوطَ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَرَّبَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ مِنْ اسْتِئْجَارِ الْمُرْضِعَةِ بِحُرٍّ مِنْ الرَّقِيقِ الرَّضِيعِ بَعْدَ الْفِطَامِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُعَيَّنَةَ تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ فَإِذَا جُعِلَتْ جُزْءًا مِنْ الرَّقِيقِ بَعْدَ الْفِطَامِ اقْتَضَى عَدَمَ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ أَوْ تَأْجِيلَهُ وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ وَهُنَا إنَّمَا يَحْصُلُ الْمِلْكُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَا مُخَالَفَةَ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَا وَجْهَ إلَّا الصِّحَّةُ إنْ عَلِمَ بِالْعَبْدِ وَمَكَانِهِ وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ مَوْضِعُ الْخِلَافِ وَيَكُونُ مَأْخَذُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي هَذَا الْعَقْدِ بِحَالِهِ أَوْ بِحَالِ الرَّدِّ كَمَا ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا تَغَيَّرَ النَّقْدُ اهـ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ خَصَّصَ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَنَازَعَهُ فِي الْمَأْخَذِ.

(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي مِنْ بَلَدِ كَذَا فَلَهُ دِينَارٌ فَرَدَّهُ) سَامِعٌ (مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ) الْمُتَسَاوِيَةِ سُهُولَةً وَحُزُونَةً (اسْتَحَقَّ النِّصْفَ) مِنْ الْجُعْلِ أَوْ مِنْ ثُلُثِهَا اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ لِأَنَّ كُلَّ الْجُعْلِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ فَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبَعْضِ (أَوْ) قَالَ مَنْ رَدَّ (الْعَبْدَيْنِ مِنْ كَذَا فَلَهُ دِينَارٌ فَرَدَّهُمَا) سَامِعٌ (مِنْ نِصْفِ الْمَسَافَةِ) الْمُتَسَاوِيَةِ سُهُولَةً وَحُزُونَةً (أَوْ) رَدَّ (أَحَدَهُمَا) مِنْ جَمِيعِهَا (اسْتَحَقَّ النِّصْفَ) عَمَلًا بِالتَّوْزِيعِ عَلَى الْعَمَلِ (أَوْ) قَالَ لِاثْنَيْنِ (إنْ رَدَدْتُمَا الْعَبْدَيْنِ) فَلَكُمَا كَذَا (فَرَدَّهُمَا وَاحِدٌ) مِنْهُمَا (فَلَهُ النِّصْفُ أَوْ رَدَّ) أَحَدُهُمَا (وَاحِدًا) مِنْ الْعَبْدَيْنِ (فَلَهُ الرُّبُعُ) بِذَلِكَ فِيهِمَا (أَوْ) رَدَّ الْعَبْدَ (مِنْ) مَكَان (أَبْعَدَ) مِمَّا عَيَّنَ (فَالزَّائِدُ هَدَرٌ) لَا جُعْلَ لَهُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ.

قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَوْ قَالَ: أَيُّ رَجُلٍ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِرْهَمٌ فَرَدَّهُ اثْنَانِ قُسِّطَ الدِّرْهَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَقْرَبِ عِنْدِي.

(وَإِنْ قَالَ لِزَيْدٍ رُدَّهُ وَلَك كَذَا فَأَعَانَهُ آخَرُ) فِي رَدِّهِ بِعِوَضٍ أَوْ مَجَّانًا (فَالْكُلُّ لِزَيْدٍ) فَقَدْ يَحْتَاجُ لِلْمُعَاوَنَةِ وَغَرَضُ الْمُلْتَزِمِ الْعَمَلُ بِأَيِّ وَجْهٍ أَمْكَنَ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى قَصْرِ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّالُّ عَلَيْهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اسْتَحَقَّ) الْخِطَابُ مُتَعَلِّقٌ بِوَلِيِّهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ مَعْلُومَةٌ) بِأَنْ رَآهَا الْعَامِلُ أَوْ وَصَفَهَا الْجَاعِلُ لَهُ بِمَا يُفِيدُهُ الْعِلْمَ بِهَا (قَوْلُهُ: كَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ) وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْعَمَلِ وَالْمُطْلَقِ مِنْ نَقْدِ بَلَدِ الِالْتِزَامِ فَإِنْ تَغَيَّرَ اُعْتُبِرَ يَوْمَ الْعَقْدِ فَعُلِمَ أَنَّ شُرُوطَ الْجُعْلِ - إنْ كَانَ مُعَيَّنًا - شُرُوطُ الْبَيْعِ، - وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ - شُرُوطُ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ تِلْكَ الْعُقُودَ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِدُخُولِ التَّخْفِيفِ هُنَا وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَسْتَحِقُّ الْمَشْرُوطَ) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَعْلُومًا اسْتَحَقَّ الْمَشْرُوطَ وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهُوَ وَاضِحٌ، ثُمَّ رَأَيْت الْفَتِيَّ قَالَ أَيْ فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا اسْتَحَقَّهُ، أَوْ مَجْهُولًا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَجَمَالُ الدِّينِ وَالْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّرَّاجِ (قَوْلُهُ: وَبِمَكَانِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ مَعْرُوفًا فَلَا وَجْهَ إلَّا الْبُطْلَانُ وَلَا وَجْهَ لِمَا أَبْدَيْته فِي الْكِفَايَةِ.

[فَصْلٌ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي مِنْ بَلَدِ كَذَا فَلَهُ دِينَارٌ فَرَدَّهُ سَامِعٌ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ]

(قَوْلُهُ: مِنْ نِصْفِ الْمَسَافَةِ) أَوْ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ، أَوْ مِنْ مَسَافَةٍ مِثْلِ مَسَافَتِهِ وَلَوْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الْمَكَانِ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْإِرْشَادُ إلَى مَوْضِعِ الْآبِقِ، أَوْ مَظِنَّتِهِ وَنَحْوُهُ لَا أَنَّ الرَّدَّ مِنْهُ شَرْطٌ فِي أَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ إذْ لَوْ أُرِيدَ حَقِيقَةُ ذَلِكَ لَكَانَ إذَا رَدَّهُ مَنْ دُونَهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ مِنْهُ وَفِي الْكَافِي لَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي مِنْ الْبَصْرَةِ فَلَهُ دِينَارٌ وَلَوْ رَدَّهُ مِنْ هَمْدَانَ وَالْمَسَافَةُ كَالْمَسَافَةِ إلَى الْبَصْرَةِ اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: قُسِّطَ الدِّرْهَمُ بَيْنَهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ يَحْتَاجُ لِلْمُعَاوَنَةِ وَغَرَضُ الْمُلْتَزِمِ إلَخْ) اسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْهُ - وَمِنْ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ فِي الْمُسَاقَاةِ نَصِيبَهُ إذَا تَبَرَّعَ الْمَالِكُ عَنْهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِالْعَمَلِ - جَوَازَ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْإِمَامَةِ وَنَحْوِهَا بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَنِيبَ مِثْلَهُ، أَوْ خَيْرًا مِنْهُ وَيَسْتَحِقُّ كُلَّ الْمَعْلُومِ قَالَ وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالنَّوَوِيُّ بِخِلَافِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ فَإِنْ اسْتَنَابَ لِعُذْرٍ لَا يُعَدُّ مَعَهُ مُقَصِّرًا اسْتَحَقَّ الْإِمَامُ الْأَصْلِيُّ الْجَامِكِيَّةَ وَإِنْ سَمَّى لِلنَّائِبِ شَيْئًا اسْتَحَقَّهُ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ النَّاظِرِ وَقَوْلُهُ: اسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْمَالِكِ) أَيْ أَوْ لَهُمَا، أَوْ لِنَفْسِهِ وَالْعَامِلِ أَوْ لِلْعَامِلِ وَالْمَالِكِ، أَوْ لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ قَصَدَ الْمَالِكَ أَوْ قَصَدَهُمَا، أَوْ عَاوَنَ مُطْلَقًا فَلِزَيْدٍ نِصْفُ الْجُعْلِ. اهـ. وَلَوْ قَالَ لَهُ الْعَامِلُ قَصَدْتنِي فَقَالَ بَلْ قَصَدْت نَفْسِي فَلِلْعَامِلِ إنْ صَدَّقَهُ الْمَالِكُ وَإِلَّا حَلَفَ وَلَزِمَهُ النِّصْفُ وَلَوْ أَعَانَهُ اثْنَانِ وَلَمْ يَقْصِدَاهُ فَلَهُ الثُّلُثُ، أَوْ ثَلَاثَةٌ فَلَهُ الرُّبُعُ وَإِنْ قَصَدَهُ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ وَالْآخَرُ الْمَالِكَ فَلَهُ ثُلُثَاهُ وَلَوْ تَلِفَ الْجُعْلُ الْمُعَيَّنُ بِيَدِ الْمُلْتَزِمِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَعَلِمَ بِهِ الْعَامِلُ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الرَّدِّ وَإِنْ جَهِلَهُ أَوْ تَلِفَ بَعْدَ الرَّدِّ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>