للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ طَلَّقْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا]

(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِامْرَأَتَيْهِ (طَلَّقْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا فَشَاءَتْ إحْدَاهُمَا لَمْ تَطْلُقْ) بِعَدَمِ مَشِيئَتِهِمَا هَذَا مِنْ زِيَادَةٍ (أَوْ شَاءَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (طَلَاقَهَا) أَيْ طَلَاقَ نَفْسِهَا (دُونَ ضَرَّتِهَا فَفِي وُقُوعِهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ تَعْلِيقُ طَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَشِيئَتِهَا وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَا لِأَنَّ مَشِيئَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا طَلَاقَهُمَا عِلَّةٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَعَلَى ضَرَّتِهَا.

(وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ شِئْت أَمْ أَبَيْت طَلَاقٌ مُنَجَّزٌ) إذَا لَا تَعْلِيقَ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ شِئْت أَوْ أَبَيْت تَعْلِيقٌ بِإِحْدَاهُمَا) فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِهِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ قُمْت أَوْ قَعَدْت (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (كَيْفَ شِئْت أَوْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شِئْت طَلُقَتْ شَاءَتْ أَمْ لَا) وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَشَاءَ فِي الْمَجْلِسِ الطَّلَاقَ أَوْ عَدَمَهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْعِتْقِ يَقْتَضِي رُجْحَانَ الثَّانِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ.

(وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَشَاءَتْ أَقَلَّ) مِنْهَا (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ مَشِيئَةَ أَقَلَّ مِنْهَا لَيْسَتْ مَشِيئَةً لَهَا (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَشَاءَتْ ثَلَاثًا) أَوْ ثِنْتَيْنِ (طَلُقَتْ وَاحِدَةً) لِأَنَّهَا إذَا شَاءَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَقَدْ شَاءَتْ وَاحِدَةً.

[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك]

(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك) أَوْ فُلَانٌ (وَاحِدَةً فَشَاءَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ شَاءَ وَاحِدَةً فِيهِمَا وَزَادَ فِي الثَّانِيَةِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك وُقُوعَ وَاحِدَةٍ فَتَقَعُ) لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ.

(أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك) أَوْ فُلَانٌ (ثَلَاثًا فَشَاءَ ثَلَاثًا لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ شَاءَ ثَلَاثًا (أَوْ شَاءَ دُونَهَا) أَيْ الثَّلَاثِ (أَوْ لَمْ يَشَأْ) شَيْئًا (طَلُقَتْ) وَاحِدَةً.

[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك]

(فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك) أَوْ نَحْوُهُ كَلَوْلَا اللَّهُ وَلَوْلَا دِينُك (لَمْ تَطْلُقْ) إذْ الْمَعْنَى لَوْلَاهُ لَطَلَّقْتُك (وَكَذَا) لَا تَطْلُقُ لَوْ قَالَ (أَنْت طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك) لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْلَا حُرْمَةُ أَبِيهَا لَطَلَّقْتهَا وَأَكَّدَ هَذَا الْخَبَرَ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك هَذَا (إنْ تَعَارَفُوهُ يَمِينًا) بَيْنَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَتَعَارَفُوهُ يَمِينًا طَلُقَتْ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ بَعْدُ وَمَحِلُّ عَدَمِ الطَّلَاقِ إذَا صُدِّقَ فِي خَبَرِهِ (فَإِنْ كَذَبَ فِيهِ طَلُقَتْ بَاطِنًا وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ بِكَذِبِهِ (فَظَاهِرًا) أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَنَا إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ إلَّا مِنْهُ.

[فَرْعٌ قَالَ لَهَا شَائِي أَوْ أَحِبِّي أَوْ اخْتَارِي الطَّلَاقَ]

(فَرْعٌ لَوْ قَالَ) لَهَا (شَائِي أَوْ أَحِبِّي أَوْ أَرِيدِي أَوْ ارْضَيْ أَوْ اهْوَيْ أَوْ اخْتَارِي الطَّلَاقَ وَأَرَادَ التَّفْوِيضَ) لِلطَّلَاقِ إلَيْهَا (فَقَالَتْ شِئْته أَوْ أَحْبَبْته) أَوْ أَرَدْته (أَوْ رَضِيته أَوْ هَوِيته أَوْ اخْتَرْته طَلُقَتْ لَا فِي) الصُّوَرِ (الثَّلَاثِ الْأَوَّلِ) فَلَا تَطْلُقُ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ لِأَنَّهُ اسْتَدْعَى مِنْهَا كُلًّا مِنْ الثَّلَاثِ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا وَلَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا وَلَا فَوَّضَهُ إلَيْهَا وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ تَفْوِيضٌ فَقَوْلُهَا شِئْت أَوْ أَحْبَبْت أَوْ أَرَدْت لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ هَذَا مَا أَفْهَمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ حَيْثُ نَقَلَ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا وَعَنْ الْبُوشَنْجِيِّ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا أَقْوَى انْتَهَى وَلَمْ يُرِدْ الْبُوشَنْجِيُّ الْحَصْرَ فِي الثَّلَاثِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا أَمْثِلَةً بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِ الْجَارِي فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ.

(وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت فَقَالَتْ أَحْبَبْت) مَثَلًا (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَحْبَبْت فَقَالَتْ شِئْت مَثَلًا (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ لَفْظَيْ الْمَشِيئَةِ وَالْمَحَبَّةِ يَقْتَضِي مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْآخَرُ وَلِهَذَا يُقَالُ الْإِنْسَانُ يَشَاءُ دُخُولَ الدَّارِ وَلَا يُقَالُ يُحِبُّهُ وَيُحِبُّ وَلَدَهُ وَلَا تَسُوغُ لَفْظَةُ الْمَشِيئَةِ فِيهِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ أَرَدْت فَتَقُولُ هِيَ شِئْت أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا تَطْلُقُ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الْبُوشَنْجِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى قَالَ فِي الْأَنْوَارِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ أَيْ لِأَنَّ اللَّفْظَيْنِ مُتَرَادِفَانِ (أَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِفُلَانٍ) غَيْرُ ذَلِكَ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يُرِيدَ) أَوْ يَشَاءَ أَوْ يَرَى (غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَبْدُ لَهُ طَلُقَتْ قُبَيْلَ مَوْتِهِ) أَوْ جُنُونِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ لِفَوَاتِ مَا جَعَلَهُ مَانِعًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (إلَّا أَنْ أَشَاءَ أَوْ يَبْدُوَ لِي طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ وَأَرَادَ رَفْعَهُ إذَا بَدَا لَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الْبَغَوِيّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَا الْبَحْثُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَحَكَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فَهُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَلَمْ يَطَّلِعْ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى هَذَا النَّصِّ فَقَالَ إنَّهُ نَصٌّ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ فَثَبَتَ أَنَّهُ نَصٌّ عَلَيْهِ وَعَلَى نَظِيرِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يُخَالِفُهُ فَيُعْمَلُ بِهِ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ لَمْ يَشَأْ فُلَانٌ فَقَالَ لَمْ أَشَأْ) أَيْ الطَّلَاقَ أَوْ سَكَتَ حَتَّى مَاتَ (طَلُقَتْ) فِي الْحَالِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك وُقُوعَ وَاحِدَةٍ إلَخْ) أَوْ عَدَمَ وُقُوعِهَا إذَا شَاءَهَا فَطَلْقَتَانِ

(قَوْلُهُ هَذَا مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَذَا فَهِمَهُ مِنْهُ الْأَصْفُونِيُّ وَالْحِجَازِيُّ

(قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَرَدْت فَتَقُولُ هِيَ شِئْت أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ) قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ أَشَاءَ) أَوْ يَبْدُوَ لِي طَلُقَتْ فِي الْحَالِ أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ الطَّلَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>