للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا أَنْفَقَ (وَلَوْ جَهِلَ الْفَسَادَ) لِأَنَّهُ شُرِعَ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ ذَلِكَ

(وَإِنْ وَطِئَهَا) أَيْ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَاةَ شِرَاءً فَاسِدًا (لَمْ يُحَدَّ) وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِذَلِكَ (إلَّا إنْ عَلِمَ) الْفَسَادَ (وَالثَّمَنُ مَيْتَةٌ أَوْ دَمٌ) أَوْ نَحْوُهُمَا مِمَّا لَا يُمْلَكُ بِهِ أَصْلًا فَيُحَدُّ لِأَنَّ الشِّرَاءَ بِذَلِكَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ أَحَدٍ (لَا خَمْرٌ) وَنَحْوُهُ كَخِنْزِيرٍ لِأَنَّ الشِّرَاءَ بِهِ يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ بِعُلِمَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعِلْمِ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إنْ كَانَا أَيْ الْوَاطِئُ وَالْمَوْطُوءَةُ عَالِمَيْنِ وَأُلْحِقَتْ الْمَيْتَةُ هُنَا بِالدَّمِ وَفِي الْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ بِالْخَمْرِ لِأَنَّ النَّظَرَ ثَمَّ إلَى وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَى مَقْصُودٍ وَالْمَيْتَةُ مَقْصُودَةٌ لِإِطْعَامِ الْجَوَارِحِ وَالنَّظَرُ هُنَا إلَى مَا يَقُولُ الْحَنَفِيُّ أَنَّ الشِّرَاءَ بِهِ يُفِيدُ الْمِلْكَ وَعِنْدَهُ الْمَيْتَةُ كَالدَّمِ فِي عَدَمِ إفَادَةِ الْمِلْكِ بِالشِّرَاءِ بِهَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ (وَحَيْثُ لَا حَدَّ يَجِبُ الْمَهْرُ) وَلَا عِبْرَةَ بِالْإِذْنِ الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ التَّمْلِيكُ الْفَاسِدُ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْأَمَةُ (بِكْرًا فَمَهْرُ بِكْرٍ) لِلتَّمَتُّعِ بِهَا وَقِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِجَامِعِ التَّوَصُّلِ إلَى الْوَطْءِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ (وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ) لِإِتْلَافِهَا بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مَضْمُونٌ فِي صَحِيحِ الْبَيْعِ دُونَ النِّكَاحِ إذْ لَوْ أَزَالَ الْمُشْتَرِي بَكَارَتَهَا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ وَلَوْ أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ إيجَابِ مَهْرِ بِكْرٍ لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا مَغْصُوبَةً وَوَطِئَهَا جَاهِلًا لَزِمَهُ مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَهْرُ ثَيِّبٍ لِوُجُودِ الْعَقْدِ الْمُخْتَلِفِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِهِ هُنَا كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ (فَإِنْ أَحْبَلَهَا ضَمِنَ مَا يَحْدُثُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ إحْبَالِهَا حَتَّى لَوْ مَاتَتْ بِالطَّلْقِ وَلَوْ بَعْدَ عَوْدِهَا إلَى مَالِكِهَا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا (وَالْوَلَدُ) حَيْثُ لَا حَدَّ (حُرٌّ) نَسِيبٌ لِلشُّبْهَةِ (وَلَا تَصِيرُ بِهِ) الْأَمَةُ (أُمَّ وَلَدٍ) وَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدُ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ حَالَةَ الْعُلُوقِ (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) لِتَفْوِيتِهِ رِقِّهِ عَلَى مَالِكِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا بِالْفَسَادِ فَهُوَ غَارٌّ فَلَا يَغْرَمُ لَهُ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ لَوْ غَرِمَهَا لَهُ لَرَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَارًّا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ (يَوْمَ الْوِلَادَةِ) لِأَنَّهُ أَوَّلُ إمْكَانِ تَقْوِيمِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ (إنْ خَرَجَ حَيًّا لَا) إنْ خَرَجَ (مَيِّتًا) بِغَيْرِ جِنَايَةٍ (وَلَا يَرْجِعُ بِهَا) إذَا غَرِمَهَا عَلَى الْبَائِعِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى) أَمَةً (بِصِيغَةٍ صَحِيحَةٍ) وَاسْتَوْلَدَهَا (فَخَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْبَائِعِ) لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِصِيغَةٍ صَحِيحَةٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ مُضِرًّا (وَإِنْ مَاتَ بِجِنَايَةٍ فَالْغُرَّة) عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي (لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ لِلْمَالِكِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ مَوْلُودًا) أَيْ يَوْمَ الْوِلَادَةِ (وَ) مَنْ (الْغُرَّةِ وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ) مَنْ شَاءَ مِنْ (الْجَانِي وَالْمُشْتَرِي) وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ مَالَهُ بِهَذَا تَعَلُّقٌ

(فَرْعٌ بَيْعُهُ مَا اشْتَرَاهُ فَاسِدًا) كَبَيْعِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِمَالِكِهِ (وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمَا نَقَصَ فِي يَدِ الثَّانِي) كَمَا يُطَالِبُهُ بِمَا نَقَصَ فِي يَدِهِ (وَ) لَهُ (مُطَالَبَةُ الثَّانِي أَيْضًا) بِذَلِكَ (لَا بِمَا نَقَصَ قَبْلَ قَبْضِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ (وَالْقَرَارُ) فِيمَا يُطَالِبُ بِهِ كُلًّا مِنْهُمَا (عَلَى الثَّانِي إنْ تَلِفَ) فِي يَدِهِ لِحُصُولِ التَّلَفِ فِيهَا وَكُلُّ نَقْصٍ حَدَثَ فِي يَدِهِ يُطَالِبُ بِهِ الْأَوَّلَ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الثَّانِي وَكَذَا حُكْمُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ

[فَصْلٌ حَذَفَ الْعَاقِدَانِ الْمُفْسِدَ لِلْعَقْدِ فِي مَجْلِسِ الْخِيَارِ]

(فَصْلٌ لَوْ حَذَفَا) أَيْ الْعَاقِدَانِ (الْمُفْسِدَ لِلْعَقْدِ) وَلَوْ (فِي مَجْلِسِ الْخِيَارِ لَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا) إذْ لَا عِبْرَةَ بِالْفَاسِدِ (وَلَوْ زَادَا أَوْ نَقَصَا فِي الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ) وَلَوْ فِي السَّلَمِ (أَوْ أَحْدَثَا أَجَلًا أَوْ خِيَارًا) ابْتِدَاءً أَوْ زِيَادَةً (أَوْ شَرْطًا فَاسِدًا أَوْ صَحِيحًا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) أَيْ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ خِيَارِ الشَّرْطِ (اُلْتُحِقَ) كُلٌّ مِنْهَا (بِالْعَقْدِ) أَيْ بِالْمُقْتَرِنِ بِهِ وَكَذَا حَطُّ بَعْضِ مَا ذَكَرَ إذْ مَجْلِسُ الْعَقْدِ كَنَفْسِ الْعَقْدِ وَلِهَذَا صَلَحَ لِتَعْيِينِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَعِوَضِ الصَّرْفِ وَقِيسَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ خِيَارُ الشَّرْطِ بِجَامِعِ عَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ وَقَدْ يَحْتَاجُ فِي تَقَرُّرِ الْعَقْدِ إلَى هَذِهِ الْأُمُورِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْعَاقِدَيْنِ بَلْ الْمُوَكِّلُ وَمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْخِيَارُ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْوَارِثِ بِالنِّسْبَةِ لِزِيَادَةِ الثَّمَنِ وَبِهِ يُقَاسُ غَيْرُهُ أَمَّا بَعْدَ اللُّزُومِ فَلَا يُلْتَحَقُ بِالْعَقْدِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا لَوَجَبَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَهُ عَلَى الشَّفِيعِ كَمَا تَجِبُ عَلَيْهِ قَبْلَهُ

(الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْمَنَاهِي غَيْرِ الْمُفْسِدِ فَيَحْرُمُ الِاحْتِكَارُ) لِلتَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ» أَيْ آثِمٌ (وَهُوَ إمْسَاكُ مَا اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ) بِالْمَدِّ (لَا) فِي

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ أَيْ الْوَاطِئُ وَالْمَوْطُوءَةُ عَالِمَيْنِ وَجَبَ الْحَدُّ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَهِيَ أَفْيَدُ كا (قَوْلُهُ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ) إنَّمَا وَجَبَا لِاخْتِلَافِ سَبَبِهِمَا لِأَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْأَرْشَ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِهْلَاكِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) مَا ذَكَرَهُ كَالزَّرْكَشِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ مِنْ كَوْنِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ لَا يُضْمَنُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَلْ الْوَاجِبُ مَهْرُ بِكْرٍ فَقَطْ هُوَ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ مَهْرِ مِثْلٍ ثَيِّبًا وَأَرْشِ بَكَارَةٍ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ) قَالَ شَيْخُنَا فَالْعَقْدُ شَبَهُهُ بِالْعَقْدِ وَإِنْ فَسَدَ أَقْرَبُ فَهَذَا وَجْهُ الْإِلْحَاقِ لَا أَنَّ الْغَاصِبَ أَحَقُّ بِالتَّغْلِيظِ فَيَكُونُ الْمُنَاسِبُ فِيهِ مَهْرَ بِكْرٍ وَأَرْشَ بَكَارَةٍ (قَوْلُهُ لَا إنْ خَرَجَ مَيِّتًا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَلَا قِيمَةَ لَهُ) أَيْ بِلَا خِلَافٍ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَحَكَوْا فِي الْغَصْبِ وَجْهًا أَنَّهُ يُضْمَنُ وَلَمْ يُجْرُوهُ هُنَا لِتَعَدِّيهِ (قَوْلُهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ مَوْلُودًا وَمِنْ الْغُرَّةِ) وَإِنَّمَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ يَوْمِ وِلَادَتِهِ مَيِّتًا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ أَمَّا الْغَاصِبُ فَلِتَعَدِّيهِ وَأَمَّا الْمُشْتَرِي مِنْهُ فَلِابْتِنَاءِ يَدِهِ عَلَى يَدِهَا دِيَةٌ

[فَرْعٌ بَيْعُهُ مَا اشْتَرَاهُ فَاسِدًا]

(قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَا أَوْ نَقَصَا فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ خِيَارُ الشَّرْطِ) قَالَ الكوهكيلوني فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ خِيَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي أَثْنَاءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَفْظُهُ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ

[الْقَسْم الثَّانِي غَيْر الْمُفْسِد]

(قَوْلُهُ «لَا يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ» ) وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» (قَوْلُهُ وَلَا مَا اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ لِنَفْسِهِ إلَخْ) وَلَا مَا اشْتَرَاهُ وَقْتَ الْغَلَاءِ طَالِبًا لِرِبْحِهِ وَلَمْ يُمْسِكْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>