للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِصْفَيْنِ (فَإِنَّهُ عُدْوَانٌ لَا مِنْ جِهَةِ الْإِزْهَاقِ) بَلْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ عَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَحَقِّ.

(وَالنَّظَرُ) بَعْدَ ذَلِكَ (فِي أَطْرَافٍ) أَرْبَعَةٍ (الْأَوَّلُ فِي) بَيَانِ (الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ وَشِبْهِهِ) وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا فَإِذَا قَتَلَ غَيْرَهُ (فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْفِعْلَ) كَأَنْ زَلِقَ فَوَقَعَ عَلَى غَيْرِهِ فَمَاتَ بِهِ أَوْ تَوَلَّدَ الْمَوْتُ مِنْ اضْطِرَابِ يَدِ الْمُرْتَعِشِ (أَوْ قَصَدَ) الْفِعْلَ لَكِنْ قَصَدَ (بِهِ شَخْصًا) مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (فَأَصَابَ غَيْرَهُ) مِنْ الْآدَمِيِّينَ (فَهُوَ الْخَطَأُ، وَإِنْ قَصَدَهُمَا) أَيْ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ (فَإِنْ كَانَ) أَيْ قَصَدَهُمَا (بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَمْدٌ، وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَهُمَا بِمَا يَقْتُلُ نَادِرًا كَغَرْزِ إبْرَةٍ بِغَيْرِ مَقْتَلٍ كَعَقِبٍ أَوْ بِمَا يَقْتُلُ لَا غَالِبًا وَلَا نَادِرًا (فَشِبْهُ عَمْدٍ) .

(فَرْعٌ:) لَوْ (جَرَحَهُ بِمُحَدَّدٍ مُؤَثِّرٍ) مِنْ حَدِيدٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ قَصَبٍ أَوْ نَحْوِهَا (فَمَاتَ) بِذَلِكَ الْجُرْحِ، وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ (وَجَبَ الْقَوَدُ) بِالْإِجْمَاعِ (وَكَذَا) لَوْ جَرَحَهُ (بِإِبْرَةٍ) بِأَنْ غَرَزَهَا (فِي مَقْتَلٍ) بِفَتْحِ التَّاءِ (كَدِمَاغٍ وَعَيْنٍ، وَأَصْلِ أُذُنٍ وَحَلْقٍ وَثُغْرَةٍ) لِنَحْرٍ (، وَأَخْدَعَ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ عِرْقُ الْعُنُقِ (وَخَاصِرَةٍ، وَإِحْلِيلٍ وَأُنْثَيَيْنِ وَمَثَانَةٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ بَعْدَ الْمِيمِ مُسْتَقَرُّ الْبَوْلِ مِنْ الْآدَمِيِّ (وَعِجَانٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مَا بَيْنَ الْخُصْيَةِ وَالدُّبُرِ وَيُسَمَّى الْعَضَّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَيَجِبُ الْقَوَدُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ أَثَرٌ لِعِظَمِ الْخَطَرِ فِيهِ.

(أَمَّا) لَوْ غَرَزَهَا (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَقْتَلٍ كَفَخِذٍ (فَإِنْ مَاتَ فِي الْحَالِ) وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا بِغَيْرِ سِرَايَةٍ وَتَأَلُّمٍ فَأَشْبَهَ السَّوْطَ الْخَفِيفَ نَعَمْ الْغَرْزُ فِي بَدَنِ الصَّغِيرِ وَالشَّيْخِ الْهَرِمِ وَنَضْوِ الْخَلْقِ عَمْدٌ مُطْلَقًا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْعَبَّادِيِّ، وَأَقَرَّهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ لَمْ يَشِنْهُ لَا أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ أَصْلًا إذْ لَا بُدَّ مِنْ أَلَمٍ مَا غَالِبًا.

(وَإِنْ أَوْغَلَ) مِنْ الْإِيغَالِ، وَهُوَ السَّيْرُ السَّرِيعُ وَالْإِمْعَانُ أَيْ أَمْعَنَ فِي الْغَرْزِ (وَبَقِيَ مُتَوَرِّمًا مُتَأَلِّمًا مِنْهُ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ فَعَمْدٌ) لِظُهُورِ أَثَرِ الْجِنَايَةِ وَسِرَايَتِهَا إلَى الْهَلَاكِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّأَلُّمِ كَانَ أَوْلَى فَإِنَّهُ الْمُقْتَضِي لِلْقَوَدِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ، وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْغَزَالِيُّ لِلْأَلَمِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ الْوَرَمَ لَا يَخْلُو عَنْ الْأَلَمِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ فَعُلِمَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْأَلَمِ لَكِنَّ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ لَمْ يَضُرَّ أَيْ فِي مُرَادِ الْغَزَالِيِّ، وَإِلَّا فَيَضُرُّ فِي الْحُكْمِ إذْ الْحُكْمُ مَنُوطٌ بِالْأَلَمِ، وَإِنْ عُدِمَ الْوَرَمُ (وَلَا أَثَرَ لِغَرْزِهَا فِي جِلْدَةِ الْعَقِبِ) ، وَنَحْوِهَا إذَا لَمْ يَتَأَلَّمْ بِهِ لِعِلْمِنَا بِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ بِهِ، وَالْمَوْتُ عَقِبَهُ مُوَافَقَةُ قَدْرٍ فَهُوَ (كَمَنْ ضُرِبَ بِقَلَمٍ) أَوْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ خِرْقَةٌ (فَمَاتَ، وَإِبَانَةُ الْفِلْقَةِ الْخَفِيفَةِ) مِنْ اللَّحْمِ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا مَعَ إسْكَانِ اللَّامِ فِيهِمَا، وَهِيَ الْقِطْعَةُ (كَغَرْزِ الْإِبْرَةِ) فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ.

(فَرْعٌ:) لَوْ (ضَرَبَهُ بِمُثْقَلٍ يَقْتُلُ غَالِبًا) كَحَجَرٍ وَدَبُّوسٍ كَبِيرَيْنِ (أَوْ أَوَطْأَهُ دَابَّةً أَوْ عَصَرَ خُصْيَتَيْهِ) عَصْرًا (شَدِيدًا) أَوْ دَفَنَهُ حَيًّا (فَمَاتَ فَعَمْدٌ) فَيَجِبُ الْقَوَدُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَقَتَلَهَا فَأَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرَضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ» ؛ وَلِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَأَشْبَهَ الْقَتْلَ بِالْمُحَدَّدِ؛ وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نُوجِبْ الْقَوَدَ لَاُتُّخِذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى إهْلَاكِ النَّاسِ (وَإِنْ ضَرَبَهُ بِجُمْعِ كَفِّهِ) بِضَمِّ الْجِيمِ، وَإِسْكَانِ الْمِيمِ، وَهُوَ قَبْضُ الْكَفِّ أَيْ الْكَفُّ الْمَقْبُوضَةُ الْأَصَابِعِ (أَوْ بِعَصًا خَفِيفَةٍ أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ فِي مَقْتَلٍ أَوْ وَالَى ضَرْبَهُ مَرَّاتٍ بِحَيْثُ يَضْرِبُهُ) الضَّرْبَةَ (الثَّانِيَةَ، وَأَلَمُ الْأُولَى، وَأَثَرُهَا بَاقٍ) كُلٌّ مِنْهُمَا (أَوْ) لَمْ يُوَالِهِ لَكِنْ (كَانَ) الْمَضْرُوبُ (صَغِيرًا أَوْ نَضْوًا) أَيْ نَحِيفَ الْخِلْقَةِ (أَوْ ضَعِيفًا لِمَرَضٍ أَوْ) ضَرَبَهُ (فِي) شِدَّةِ (حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ) فِي غَيْرِهَا لَكِنْ (اشْتَدَّ أَلَمُهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الضَّرْبَةِ (مُدَّةً حَتَّى مَاتَ فَعَمْدٌ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُهْلِكٌ غَالِبًا سَوَاءٌ قَصَدَ الضَّارِبُ فِي الرَّابِعَةِ الْمُوَالَاةَ أَمْ لَا كَأَنْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً، وَقَصَدَ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهَا فَشَتَمَهُ فَضَرَبَهُ ثَانِيَةً وَهَكَذَا، وَلَا حَاجَةَ فِيهَا لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَلَمِ وَالْأَثَرِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَإِنْ خَنَقَهُ) أَوْ وَضَعَ عَلَى فَمِهِ يَدَهُ أَوْ مِخَدَّةً أَوْ نَحْوَهَا (فَأَطَالَ حَتَّى مَاتَ أَوْ لَمْ) يَمُتْ لَكِنْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَهُمَا) أَيْ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ إلَخْ فَيُشْتَرَطُ لَهُ قَصْدُ عَيْنِ الشَّخْصِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا جَزَمَا بِهِ فِي مَوْضِعَيْنِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُ إنْسَانٌ فَلَوْ رَمَى شَخْصًا اعْتَقَدَهُ نَخْلَةً فَكَانَ إنْسَانًا لَمْ يَكُنْ عَمْدًا عَلَى الصَّحِيحِ وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْمُرَادُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا ذَلِكَ الْفِعْلُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَمْدٌ) اعْتَرَضَ فِي الْبَسِيطِ بِقَطْعِ الْأُنْمُلَةِ فَإِنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا، قَالَ: وَلَا جَوَادَ عَنْهُ وَمَالَ إلَى حَدِّهِ بِمَا عُلِمَ حُصُولُ الْمَوْتِ بِهِ مَعَ قَصْدِ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ سَوَاءٌ قَصَدَ قَتْلَهُ أَمْ لَا يَشْمَلُ قَطْعَ الْأُنْمُلَةِ وَغَرْزَ الْإِبْرَةِ وَغَيْرَهُمَا وَشَمِلَ أَيْضًا مَا لَوْ ضَرَبَ كُوعَهُ بِعَصًا فَتَوَرَّمَ وَدَامَ الْأَلَمُ حَتَّى مَاتَ وَالْمُرَادُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا الْآلَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَلَا يُشْكِلُ بِغَرْزِ الْإِبْرَةِ.

وَقَدْ يَرُدُّ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا مَا إذَا قَتَلَهُ بِجِهَةِ حُكْمٍ ثُمَّ بَانَ الْخَلَلُ فِي مُسْتَنَدِ الْحُكْمِ وَلَمْ يُقَصِّرْ الْقَاضِي فِي الْبَحْثِ كَمَا إذَا قَتَلَهُ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ثُمَّ بَانَا رَقِيقَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ فَإِنَّ هَذَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْخَطَأِ حَتَّى تَجِبَ فِيهِ الدِّيَةُ مُخَفَّفَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَوْ رَمَى إلَى حَرْبِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ أَصَابَهُ السَّهْمُ وَمَاتَ فَالْأَرْجَحُ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ خَطَأٌ وَعَنْ النَّصِّ أَنَّهَا حَالَّةٌ فِي مَالِ الْجَانِي وَلَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ ثُمَّ عَفَا عَنْ الْجَانِي أَوْ عَزَلَ الْوَكِيلَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ ذَلِكَ وَاسْتَوْفَى الْقِصَاصَ لِمُوَكِّلِهِ ثُمَّ ظَهَرَ الْحَالُ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ حَالَّةٍ عَلَى الْوَكِيلِ.

[فَرْعٌ جَرَحَهُ بِمُحَدَّدٍ مُؤَثِّرٍ فَمَاتَ]

(قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ) ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ الصَّحِيحَ إذَا كَانَ يَقْتُلُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَرَمَ) أَيْ النَّاشِئَ عَنْ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْأَلَمِ) يَكْفِي وُجُودُ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنَّ الْوَرَمَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ أَلَمٍ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْغَزَالِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فِي جِلْدَةِ الْعَقِبِ) خَرَجَ بِجِلْدَةِ الْعَقِبِ مَا إذَا جَاوَزَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقَوَدُ قَطْعًا.

[فَرْعٌ ضَرَبَهُ بِمُثْقَلٍ يَقْتُلُ غَالِبًا فَمَاتَ]

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَشِبْهُ عَمْدٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ عَقِبَ الضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي لَا يَقْتُلُ مِثْلُهَا غَالِبًا كَانَ شِبْهَ عَمْدٍ وَاقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَكْثَرِينَ وَالْمُرَادُ مَا إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>