مَعَ ذَلِكَ غَيْرُهُ (اللَّفْظُ الْمُتَنَاوِلُ غَيْرَهُ) فِي عَقْدِ الْبَيْعِ (سِتَّةٌ الْأَوَّلُ الْأَرْضُ وَمِثْلُهَا الْبُقْعَةُ وَالسَّاحَةُ وَالْعَرْصَةُ فَإِنْ بَاعَهَا أَوْ رَهَنَهَا بِمَا فِيهَا مِنْ أَشْجَارٍ وَأَبْنِيَةٍ دَخَلَتْ) فِي الْعَقْدِ وَلَوْ بِقَوْلِهِ بِعْتُك أَوْ رَهَنْتُك الْأَرْضَ بِمَا فِيهَا أَوْ عَلَيْهَا أَوْ بِهَا أَوْ بِحُقُوقِهَا (وَإِنْ اسْتَثْنَاهَا) كَبِعَّتِك أَوْ رَهَنْتُك الْأَرْضَ دُونَ مَا فِيهَا (خَرَجَتْ) أَيْ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) كَبِعْتُكَ أَوْ رَهَنْتُك الْأَرْضَ (دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ) لِأَنَّهَا لِلثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ فِي الْأَرْضِ فَأَشْبَهَتْ جُزْأَهَا فَتَتَبَّعَهَا كَمَا فِي الشُّفْعَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْأَشْجَارِ بِالرَّطْبَةِ فَتَخْرُجُ الْيَابِسَةُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الشَّجَرَ لَا يَتَنَاوَلُ غُصْنَهُ الْيَابِسَ وَلَا يَشْكُلُ بِتَنَاوُلِ الدَّارِ مَا أُثْبِتَ فِيهَا مِنْ وَتَدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ ذَلِكَ أَثْبَتُ فِيهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مُثَبَّتًا فَصَارَ كَجُزْئِهَا بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ نَعَمْ إنْ عُرِّشَ عَلَيْهَا عَرِيشٌ لِعِنَبٍ وَنَحْوِهِ أَوْ جُعِلَتْ دِعَامَةً لِجِدَارٍ أَوْ غَيْرِهِ صَارَتْ كَالْوَتَدِ فَتَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ (لَا) فِي (الرَّهْنِ) لِأَنَّ الْبَيْعَ قَوِيٌّ يَنْقُلُ الْمِلْكَ فَيَسْتَتْبِعُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْوَقْفُ وَالْهِبَةُ كَالْبَيْعِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الثَّانِي الدَّارِمِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا وَالْعَارِيَّةُ كَالرَّهْنِ وَكَذَا الْإِقْرَارُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِهِ (وَلَا يَدْخُلُ) فِي بَيْعِ الْأَرْضِ (مَسِيلُ الْمَاءِ وَشِرْبُهَا) بِكَسْرِ الشِّينِ أَيْ نَصِيبُهَا (مِنْ الْقَنَاةِ) وَالنَّهْرِ الْمَمْلُوكَيْنِ (حَتَّى) يَشْرِطَهُ كَأَنْ (يَقُولَ بِحُقُوقِهَا) وَالْمُرَادُ الْخَارِجُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ الْأَرْضِ أَمَّا الدَّاخِلُ فِيهَا فَلَا رَيْبَ فِي دُخُولِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَاهَا لِزَرْعٍ أَوْ غِرَاسٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ
(فَصْلٌ لَا يَدْخُلُ فِي) بَيْعِ (الْأَرْضِ) مِنْ الزَّرْعِ (مَا يُؤْخَذُ دَفْعُهُ كَزَرْعٍ) يُوهِمُ أَنَّ مَا بَعْدَهُ لَيْسَ بِزَرْعٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ (وَنَحْوِهِ مِنْ الْفُجْلِ وَالْجَزَرِ وَقُطْنِ خُرَاسَانَ) وَالثُّومِ وَغَيْرِهَا (وَإِنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا) لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّوَامِ فَأَشْبَهَ مَنْقُولَاتِ الدَّارِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ أَزْدِرَاعَهَا) بِأَنْ رَآهَا قَبْلَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ لَمْ يَشْتَرِهَا الزَّرْعَ لِتَأَخُّرِ انْتِفَاعِهِ نَعَمْ إنْ تَرَكَهُ لَهُ الْبَائِعُ أَوْ قَصُرَ زَمَنُ التَّفْرِيغِ سَقَطَ خِيَارُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْبَذْرِ أَمَّا الْعَالِمُ بِذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ نَعَمْ إنْ ظَهَرَ أَمْرٌ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْحَصَادِ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ بَيْعَ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ صَحِيحٌ كَبَيْعِ دَارٍ مَشْحُونَةٍ بِأَمْتِعَةٍ (وَيَصِحُّ قَبْضُهَا مَزْرُوعَةً) فَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ قَبْضِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ (لِتَعَذُّرِ التَّفْرِيغِ) هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ (وَيَتْرُكُ) الزَّرْعَ (إلَى) أَوَّلِ إمْكَانِ (الْحَصَادِ) دُونَ نِهَايَتِهِ (بِلَا أُجْرَةٍ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ مَا فِيهَا مِنْ أَشْجَارٍ) وَلَوْ أَشْجَارِ الْمَوْزِ فَقَدْ عَدَّهَا الْبَغَوِيّ مِمَّا يَنْدَرِجُ عَلَى أَصَحِّ الطُّرُقِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ فَأَشْبَهَتْ جُزْأَهَا إلَخْ) وَجَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ لَفْظَ الْأَرْضِ يَشْمَلُ الْأُسَّ وَالْمُغْرِسَ فَلَوْ بَقِيَ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ لِلْبَائِعِ لَخَلَا الْأُسُّ وَالْمُغْرِسُ عَنْ الْبُقْعَةِ وَتَكُونُ مَنْفَعَتُهُمَا مُسْتَثْنَاةً لَا إلَى غَايَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَلْعُ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ يُرَادُ لِلْبَقَاءِ وَلَا تَبْقِيَتُهُ بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ حِينَ أَحْدَثَهُ أَحْدَثَهُ فِي مِلْكِهِ فَإِذَا كَانَ الْأُسُّ وَالْمُغْرِسُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مُفْرَدًا بِالِاتِّفَاقِ فَوَجَبَ إذَا ضُمَّ إلَى مَبِيعٍ خَلَا عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ لِلْجَهَالَةِ بِالثَّمَنِ فَلَمَّا أَفْضَى الْأَمْرُ إلَى هَذَا الْمَحْذُورِ حُكِمَ بِالِانْدِرَاجِ حِرْصًا عَلَى تَصْحِيحِ الْعَقْدِ كَمَا أُدْرِجَ الْحَمْلُ وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الرَّهْنِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ مَنَافِعِهِ حَتَّى يَكُونَ اسْتِثْنَاءُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مُخْرِجًا لِلْعَقْدِ عَنْ وَضْعِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْأَشْجَارِ بِالرَّطْبَةِ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ بِهَا الدَّوَامَ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ دُخُولِ الشَّجَرِ بِجُمْلَتِهِ مَا إذَا كَانَ يُقْطَعُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَالْحَوَرِ بِالْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَيَكُونُ هَذَا مِنْ قِسْمِ مَا يُجَزُّ مِنْ الْبُقُولِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَنَحْوِهَا فَيَدْخُلُ أَصْلُهُ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الْأَرْضِ وَمَا عَلَا مِنْهُ وَارْتَفَعَ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ يَكُونُ لِلْبَائِعِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي أَغْصَانِ الْخِلَافِ الَّتِي تُجَزُّ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَقَدْ يَغْفُلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ إلَخْ) أَيْ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا تَدْخُلُ جَزْمًا (قَوْلُهُ وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الشَّجَرَ إلَخْ) لَا شَكَّ فِي أَنَّ دُخُولَ الْغُصْنِ فِي اسْمِ الشَّجَرَةِ أَقْرَبُ مِنْ دُخُولِ الشَّجَرَةِ فِي اسْمِ الْأَرْضِ وَلِهَذَا يَدْخُلُ الْغُصْنُ الرَّطْبُ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الثَّانِي الدَّارِمِيُّ) وَبِالْأَوَّلِ ابْنُ رَضْوَانَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ فَقَالَ إذَا وَقَفَ الْأَرْضَ دَخَلَ كُلُّ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهَا إلَّا الثَّمَرَةَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَالْوَصِيَّةُ) وَنَحْوُهُمَا مِنْ كُلِّ عَقْدٍ يُزِيلُ الْمِلْكَ كَجَعْلِهَا صَدَاقًا أَوْ أُجْرَةً أَوْ جَعَالَةً أَوْ قَرْضًا إنْ جَوَّزْنَا قَرْضَ الْعَقَارِ وَكَذَا الْإِجَازَةُ لِأَنَّهَا لَا تَنْقُلُ الْمِلْكَ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِهِ) وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِبِنَائِهِ عَلَى الْيَقِينِ وَإِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ أَمَّا الدَّاخِلُ فِيهَا فَلَا رَيْبَ فِي دُخُولِهِ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ السَّوَّاقِي الَّتِي تَشْرَبُ مِنْهَا وَأَنْهَارُهَا وَعَيْنُ مَاءَهَا
[فَصْلٌ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ مَا يُؤْخَذُ دَفْعُهُ]
(قَوْلُهُ مِنْ الْفُجْلِ) بِضَمِّ الْفَاءِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّوَامِ) لِأَنَّهُ نَمَاءٌ ظَاهِرٌ يُرَادُ لِلنَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ دُونَ الْبَقَاءِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ لَمْ يَسْتُرْهَا الزَّرْعُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ رُؤْيَةٍ مَعَ الْجَهْلِ بِالزَّرْعِ أَوْ يَرَاهَا مَزْرُوعَةً وَلَمْ يَمْنَعْ الزَّرْعُ الرُّؤْيَةَ وَيُظَنُّ حَصَادُ مَا فِيهَا وَيَتَبَيَّنُ بَقَاؤُهُ (قَوْلُهُ وَيُتْرَكُ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ) إلَّا أَنْ تَجْرِيَ الْعَادَةُ بِأَخْذِهِ قَصِيلًا رَطْبًا وَكَتَبَ أَيْضًا مُقْتَضَى كَلَامِهِ اسْتِحْقَاقِ الْبَائِعِ لَا بَقَائِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا شَرَطَ الْإِبْقَاءَ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ فَفِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِهِ تَرَدُّدٌ لِلْأَصْحَابِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرَ أَنَّهُ جَزَمَ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِوُجُوبِ الْقَطْعِ إذَا شَرَطَهُ وَهُوَ نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ) لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً لِمُدَّةِ التَّفْرِيغِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ إمَّا بِإِعَارَةٍ مِنْهُ أَوْ بِنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ بِغَصْبٍ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْأُجْرَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ لِلْبَائِعِ ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَجِبُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute