للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْخَصِيِّ (وَلَهُ) أَيْ لِلْقَاضِي (تَعْيِينُ وَقْتٍ لِلْحُكْمِ) فِيهِ بِحَسَبِ حَاجَةِ النَّاسِ وَدَعَاوِيهِمْ (وَأَنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ (يَسْمَعَ الدَّعْوَى فِي غَيْرِهِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ إذَا اتَّفَقَ حُضُورُ الْخَصْمَيْنِ (وَيُعْذَرُ) فِي عَدَمِ سَمَاعِهَا (لِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ) كَصَلَاةٍ وَحَمَّامٍ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَّخِذَ دِرَّةً) لِلتَّأْدِيبِ (وَسِجْنًا) لِأَدَاءِ حَقٍّ وَتَعْزِيرٍ وَنَحْوِهِمَا كَمَا اتَّخَذَهُمَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَدْ «حَبَسَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا فِي تُهْمَةٍ ثُمَّ خَلَّى عَنْهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (فَرْعٌ) لَوْ (خَشِيَ) الْقَاضِي (هَرَبَ خَصْمٍ مِنْ حَبْسِهِ فَنَقَلَهُ إلَى حَبْسِ الْجَرَائِمِ جَازَ وَلَا يُمْنَعُ) الْمَحْبُوسُ (مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِنِسَائِهِ) فِي الْحَبْسِ (إنْ أَمْكَنَ) فِيهِ (فَإِنْ امْتَنَعْنَ) مِنْ ذَلِكَ (أُجْبِرَتْ أَمَتُهُ) عَلَيْهِ (لَا زَوْجَتُهُ) الْحُرَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى وَلَا الْأَمَةِ (إلَّا إنْ رَضِيَ سَيِّدُهَا) بِذَلِكَ فَتُجْبَرُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ مَنْعِ الْمَحْبُوسِ مِمَّا ذُكِرَ خَالَفَهُ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ ثَمَّ (وَيُجَابُ الْخَصْمُ إلَى مُلَازَمَةِ خَصْمِهِ) بَدَلًا عَنْ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّهَا أَخَفُّ (فَإِنْ اخْتَارَ الْغَرِيمُ الْحَبْسَ عَلَى الْمُلَازَمَةِ وَشَقَّ عَلَيْهِ بِسَبَبِهَا الْعِبَادَةُ أُجِيبَ) فَيُحْبَسُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ (وَهَلْ يُحْبَسُ مَرِيضٌ وَمُخَدَّرَةٌ وَابْنُ سَبِيلٍ) مَنْعًا لَهُمْ مِنْ الظُّلْمِ (أَوْ) لَا يُحْبَسُونَ بَلْ (يُوَكَّلُ بِهِمْ) لِيَتَرَدَّدُوا وَيَتَجَمَّلُوا (وَجْهَانِ) أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ (وَيُحْبَسُ الْوَكِيلُ وَأَبُو الطِّفْلِ وَقَيِّمُهُ فِي دَيْنٍ وَجَبَ بِمُعَامَلَتِهِمْ لَا غَيْرِهَا وَلَا يُحْبَسُ صَبِيٌّ وَ) لَا (مَجْنُونٌ) لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا (وَلَا مُكَاتَبٌ بِالنُّجُومِ) أَيْ بِسَبَبِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ مِنْ جِهَتِهِ وَكَذَا بِغَيْرِهَا فِي حَقِّ السَّيِّدِ (وَلَا عَبْدٌ جَانٍ) جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا (وَلَا سَيِّدُهُ) لِيُؤَدِّيَ أَوْ يَبِيعَ (بَلْ يُبَاعُ) عَلَيْهِ (إنْ) وُجِدَ رَاغِبٌ (وَ) امْتَنَعَ (مِنْ بَيْعٍ وَفِدَاءٍ) لَهُ (وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ عَلَى الْمَحْبُوسِ) كَمَا تَجِبُ أُجْرَةُ الْجَلَّادِ عَلَى الْمَجْلُودِ (وَ) أُجْرَةُ (الْوَكِيلِ) أَيْ الْمُوَكَّلِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَبِهِ عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ (عَلَى مَنْ وُكِّلَ بِهِ) بِضَمِّ الْوَاوِ (إنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ)

(الطَّرَفُ) الثَّانِي فِي (مُسْتَنَدِ قَضَائِهِ، وَهُوَ الْحُجَّةُ وَإِقْرَارُهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعِي (فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَكَذَا عِلْمُهُ) أَيْ الْقَاضِي بِصِدْقِ الْمُدَّعِي (وَلَوْ فِي قِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ) سَوَاءٌ أَعَلِمَهُ فِي زَمَنِ وِلَايَتِهِ وَمَكَانِهَا أَمْ فِي غَيْرِهِمَا وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْوَاقِعَةِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي بِالْبَيِّنَةِ، وَهِيَ إنَّمَا تُفِيدُ ظَنًّا فَبِالْعِلْمِ أَوْلَى لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فَلَوْ رَامَ الْبَيِّنَةَ نَفْيًا لِلرِّيبَةِ كَانَ أَحْسَنَ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي خُلَاصَتِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ لَنَا مِنْ الْحُجَجِ مَا لَا يَلْزَمُ مَعَهُ الْحُكْمُ إلَّا هَذَا وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ إلَّا مَعَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ عِلْمُهُ بِذَلِكَ فَيَقُولُ قَدْ عَلِمْت أَنَّ لَهُ عَلَيْك مَا ادَّعَاهُ وَحَكَمْت عَلَيْك بِعِلْمِي فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَنْفُذْ الْحُكْمُ (لَا) فِي

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ كَمَا اتَّخَذَهُمَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَهِيَ أَهْيَبُ مِنْ سَيْفِ الْحَجَّاجِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْحَبْسُ أَنْوَاعٌ مِنْهَا حَبْسُ الْجَانِي عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُسْتَحِقِّ حِفْظًا لِمَحَلِّ الْقِصَاصِ وَمِنْهَا الْمُمْتَنِعُ مِنْ دَفْعِ الْحَقِّ الْحَالِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَمِنْهَا حَبْسُ التَّعْزِيرِ دَرْءًا عَنْ الْمَعَاصِي وَمِنْهَا حَبْسُ كُلِّ مُمْتَنِعٍ مِنْ تَصَرُّفٍ وَاجِبٍ لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ كَحَبْسِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ وَامْتَنَعَ مِنْ تَعْيِينِ إحْدَاهُمَا أَوْ أَقَرَّ بِإِحْدَى عَيْنَيْنِ وَامْتَنَعَ مِنْ تَعْيِينِهَا وَمِنْهَا مَنْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ حُقُوقِ اللَّهِ الَّتِي لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ كَصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَذَكَرَ الْإِمَامُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْحَبْسِ وَالتَّعْزِيرِ إنْ رَأَى ذَلِكَ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَقٌّ وَامْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ لَيْسَ بِمُعْسِرٍ وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَمْ غَيْرُهُ أَمِينًا أَوْ خَائِنًا فَخَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْقَيِّمُ وَالْوَلِيُّ وَالْوَكِيلُ فِي دَيْنٍ لَمْ يَجِبْ بِمُعَامَلَتِهِمْ وَالْعَبْدُ الْجَانِي وَسَيِّدُهُ وَالْمُكَاتَبُ كَمَا سَيَأْتِي وَيَلْحَقُ بِهِمْ مَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ عَيْنُهُ وَتَعَذَّرَ عَمَلُهُ بِالْحَبْسِ وَالْأَصْلُ فِي حُقُوقِ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ إلَى حَبْسِ الْجَرَائِمِ) أَوْ قَيَّدَهُ إنْ أَمْكَنَ فِيهِ أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَقْتَضِهِ الْمَصْلَحَةُ (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعْنَ أُجْبِرَتْ أَمَتُهُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْقَاضِي: وَإِنْ أَرَادَ أَنْ تَكُونَ مَعَهُ فِي الْحَبْسِ فَرَضِيَتْ لَمْ تُمْنَعْ فَإِنْ امْتَنَعَتْ وَكَانَتْ حُرَّةً لَمْ تُجْبَرْ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَبْسٌ وَلَا تُحْبَسُ ظُلْمًا إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهَا لُزُومُ الْمَنْزِلِ، وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ أَمَةً فَرَضِيَ السَّيِّدُ أُجْبِرَتْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ سَيِّدُهَا لَمْ تُجْبَرْ عَلَيْهِ، وَإِنْ طَلَبَ امْرَأَتَهُ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهَا أُجْبِرَتْ عَلَى ذَلِكَ إنْ كَانَ فِي الْحَبْسِ مَوْضِعٌ خَالٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ لِمِثْلِهِ مَسْكَنًا وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّبِيلِيُّ إذَا كَانَ مَحْبُوسًا بِصَدَاقِ امْرَأَتِهِ أَوْ بِدُيُونِ النَّاسِ فَدَعَا امْرَأَتَهُ إلَى الْحَبْسِ يَلْزَمُهَا أَنْ تَأْتِيَهُ إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ خَالِيًا يَصْلُحُ أَنْ يَخْلُوَ لِرَجُلٍ بِامْرَأَتِهِ لِحَاجَتِهِ فِيهِ، وَإِنْ قَالَ لَهَا كُونِي مَعِي فِي الْحَبْسِ لَمْ يَلْزَمْهَا ذَلِكَ وَإِنَّمَا عَلَيْهَا أَنْ تَأْتِيَهُ فِي الْأَوْقَاتِ إذَا اسْتَدْعَاهَا ثُمَّ الرُّجُوعُ إلَى مَنْزِلِهَا (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ) لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّ مَا فِي بَابِ التَّفْلِيسِ فِيمَا إذَا رَأَى الْقَاضِي الْمَصْلَحَةَ فِي مَنْعِهِ وَمَا هُنَا إذَا لَمْ يَرَهَا فِيهِ (قَوْلُهُ أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ) أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ وَيُحْبَسُ الْوَكِيلُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِحَبْسِ الْأُمَنَاءِ فِي دَيْنٍ وَجَبَ بِمُعَامَلَتِهِمْ مَا إذَا كَانُوا قَدْ فَرَّطُوا فِيهِ أَوْ فِي شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ بِحَيْثُ لَزِمَهُمْ ضَمَانُهُ ع

[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي مُسْتَنَدِ قَضَاءِ الْقَاضِي]

(قَوْلُهُ وَكَذَا عِلْمُهُ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ مُسْتَنَدُ عِلْمِهِ التَّوَاتُرَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْقَوَاعِدِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالتَّوَاتُرِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَنَازَعَتْهُ فِي التَّوَاتُرِ الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ طَرِيقَ الْحُكْمِ الْبَيِّنَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ أَوْ يَنْقُصُ عَنْهُ اهـ قَالَ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ الْحُسْبَانِيُّ الْأَشْبَهُ أَنَّ كُلَّ مَا تَسُوغُ الشَّهَادَةُ بِهِ يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهِ بَلْ بَابُ الْقَضَاءِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ؛ وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ وَلَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا سَمِعَهُ مِنْ عَدْلَيْنِ فَمَتَى تَحَقَّقَ الْحَاكِمُ طَرِيقًا تَسُوغُ الشَّهَادَةُ لِلشَّاهِدِ بِهَا جَازَ لَهُ الْحُكْمُ بِهَا فَلَوْ عَلِمَ مِنْ مُكَلَّفٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ ثُمَّ أَظْهَرَ الرِّدَّةَ قَضَى بِعِلْمِهِ بِالْإِسْلَامِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامَهُ (قَوْلُهُ وَحَدُّ قَذْفٍ) وَإِعْسَارٍ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ إلَّا مَعَ التَّصْرِيحِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَنْفُذْ الْحُكْمُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَهُ وَجْهٌ فِي النَّظَرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَيْهِ وَشَرَطَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَوْنَ الْحَاكِمِ بِهِ ظَاهِرَ التَّقْوَى وَالْوَرَعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>