للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ الْإِمَامِ لَكِنَّهُ بَحَثَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ يُونُسَ لَكِنَّ الْقَاضِيَ قَالَ بِمَا قَالَ بِهِ الْإِمَامُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ فَجَعَلَ إتْلَافَهُ فَسْخًا كَالْمَالِكِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَنَقَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَسْخَ الْبَيْعِ وَمَعَ ذَلِكَ لَيْسَ إتْلَافُهُ فَسْخًا وَيُجَابُ بِأَنَّ وَضْعَ الْبَيْعِ عَلَى اللُّزُومِ فَلَمْ يَكُنْ إتْلَافُ الْمَبِيعِ فَسْخًا بِخِلَافِ الْقِرَاضِ، وَذِكْرُ الِانْفِسَاخِ بِتَلَفِ الْبَعْضِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ تَكْرَارٌ فِيمَا إذَا تَلِفَ بِآفَةٍ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَغَيْرُ ظَاهِرٍ فِيمَا إذَا تَلِفَ بِهَا بَعْدَهُ (لَا) بِفِعْلِ (الْأَجْنَبِيِّ) فَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ (بَلْ يَسْتَمِرُّ) الْقِرَاضُ (فِي الْبَدَلِ) إذَا أُخِذَ مِنْهُ (وَالْخَصْمُ) فِي الْبَدَلِ (هُوَ الْمَالِكُ إنْ لَمْ يَكُنْ) فِي الْمَالِ (رِبْحٌ وَهُمَا) أَيْ الْمَالِكُ وَالْعَامِلُ (إنْ كَانَ) فِيهِ رِبْحٌ.

(فَرْعٌ: وَإِنْ قُتِلَ عَبْدُ الْقِرَاضِ وَقَدْ ظَهَرَ) فِي الْمَالِ (رِبْحٌ فَالْقِصَاصُ) مُشْتَرَكٌ (بَيْنَهُمَا) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِهِ (فَإِنْ عَفَا الْعَامِلُ) عَنْ الْقِصَاصِ (سَقَطَ الْقِصَاصُ) وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ كَمَا لَوْ عَفَا الْمَالِكُ (وَفِيهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الْحُكْمَيْنِ (إشْكَالٌ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ الرِّبْحَ بِالظُّهُورِ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ بِهِ ثَبَتَ لَهُ بِهِ فِي الْمَالِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ كَمَا مَرَّ وَالْقِصَاصُ مَبْنِيٌّ عَلَى الدَّرْءِ كَمَا سَيَأْتِي (وَيَسْتَمِرُّ الْقِرَاضُ فِي بَدَلِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَلِلْمَالِكِ الْقِصَاصُ وَالْعَفْوُ مَجَّانًا) .

(فَرْعٌ وَإِنْ تَلِفَ مَالُ قِرَاضٍ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ ثَوْبًا) مَثَلًا وَوَقَعَ تَلَفُهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ

(انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَالْقِرَاضُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ وَتَلِفَ) مَالُ الْقِرَاضِ (قَبْلَ الشِّرَاءِ انْقَلَبَ) الشِّرَاءُ (لِلْعَامِلِ) فَيَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَعَ لِلْمَالِكِ فَلَوْ كَانَ الْمَالُ أَلْفًا وَتَلِفَ لَزِمَهُ أَلْفٌ آخَرُ وَقِيلَ الشِّرَاءُ لِلْعَامِلِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ وَيَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ لِأَنَّ إذْنَهُ يَنْصَرِفُ إلَى التَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ الْأَلْفِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ الثَّانِيَ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَعَلَى الْأَوَّلِ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفٌ أَوْ أَلْفَانِ، وَجْهَانِ فَإِنْ قُلْنَا أَلْفٌ فَهَلْ هُوَ الْأَلْفُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ وَجْهَانِ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَلْفَيْنِ فِي صِفَةِ الصِّحَّةِ وَغَيْرِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَنَّهُ أَلْفَانِ فَقَدْ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَرَجَّحَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَمِنْ الْأَخِيرَيْنِ الثَّانِي فَقَدْ جَزَمَ بِهِ سُلَيْمٌ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَابْنُ الصَّبَّاغِ.

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي فَسْخِ الْقِرَاضِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ وَفِيهِ طَرَفَانِ)

(الْأَوَّلُ فِي فَسْخِهِ وَيَنْفَسِخُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا وَمَوْتِهِ وَجُنُونِهِ، وَإِغْمَائِهِ وَقَوْلِ الْمَالِكِ) لِلْعَامِلِ (لَا تَتَصَرَّفْ وَاسْتِرْجَاعِهِ الْمَالَ، وَإِعْتَاقِهِ) وَاسْتِيلَادِهِ لَهُ كَالْوَكَالَةِ بِخِلَافِ اسْتِرْدَادِ الْمُوَكِّلِ مَا وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ (لَا بَيْعِهِ) مَا اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ (وَ) لَا (حَبْسِهِ الْعَامِلَ) وَمَنْعِهِ التَّصَرُّفَ لِعَدَمِ دَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى الْفَسْخِ بَلْ بَيْعُهُ إعَانَةً لِلْعَامِلِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُوَكِّلِ مَا وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ. (وَإِنْكَارُهُ الْقِرَاضَ كَإِنْكَارِهِ الْوَكَالَةَ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ لَوْ قَالَ لَا قِرَاضَ بَيْنَنَا فَوَجْهَانِ أَشْبَهُهُمَا لَا يَنْعَزِلُ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ قَدْ حَذَفَ النَّوَوِيُّ هَذَا التَّرْجِيحَ ثُمَّ قَالَ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ الِانْعِزَالَ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَإِنْكَارِ الْوَكَالَةِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهِ لِغَرَضٍ، أَوْ لَا انْتَهَى، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْفِقْهَ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ فِي الْوَكَالَةِ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهَا الْمَالِكُ فَيُنْكِرُهَا وَصُورَتَهُ فِي الْقِرَاضِ أَنْ يُنْكِرَهُ ابْتِدَاءً حَتَّى لَوْ عَكَسَ انْعَكَسَ الْحُكْمُ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

عَنْ الْإِمَامِ قَالَ شَيْخُنَا: نَقَلَ عَنْ الْوَالِدِ اعْتِمَادَهُ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ بَحَثَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ.

(قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ إلَخْ) وَبِأَنَّ الْبَدَلَ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَحَقَّ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ السَّابِقِ.

[فَرْعٌ قُتِلَ عَبْدُ الْقِرَاضِ وَقَدْ ظَهَرَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى نَقْلٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي بِذَلِكَ فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ فَهَلْ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْ قَاتِلِهِ بِعَفْوِ الْعَامِلِ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ مِنْ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ هَلْ هُوَ شَرِيكٌ أَوْ وَكِيلٌ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِصَاصُ إذَا قِيلَ إنَّهُ شَرِيكٌ فِي فَضْلِ ثَمَنِهِ كَمَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ بِعَفْوِ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ وَالثَّانِي أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَسْقُطُ إذَا قِيلَ إنَّهُ وَكِيلٌ لَكِنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ رَبِّ الْمَالِ بِحِصَّتِهِ مِنْ فَاضِلِ ثَمَنِهِ، وَرَبُّ الْمَالِ عَلَى حَقِّهِ فِي الِاقْتِصَاصِ مِنْ قَاتِلِهِ.

[فَرْعٌ تَلِفَ مَالُ قِرَاضٍ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ ثَوْبًا مَثَلًا وَوَقَعَ تَلَفُهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ]

(قَوْلُهُ: وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ) فَإِنَّهُ عَلَّلَ مَنْعَ الشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَهْلِكُ رَأْسُ الْمَالِ فَتَبْقَى الْعُهْدَةُ مُتَعَلِّقَةً بِهِ أَيْ بِرَبِّ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَلْفَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ) أَيْ وَالرُّويَانِيُّ

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي فَسْخِ الْقِرَاضِ]

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: حَقِيقَةُ الِانْفِسَاخِ انْقِلَابُ كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ إلَى دَافِعِهِ وَالْفَسْخُ قَلْبُ كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ إلَى دَافِعِهِ فَهَذَا فِعْلُ الْفَاسِخِ وَالْأَوَّلُ صِفَةُ الْعِوَضَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَيَنْفَسِخُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَكَالَةٌ، وَفِي الِانْتِهَاءِ شَرِكَةٌ، أَوْ جَعَالَةٌ وَكُلٌّ مِنْهَا غَيْرُ لَازِمٍ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَوْ فَسَخَ وَلِيُّهُ الْعَقْدَ تَعَطَّلَ الْمَالُ، أَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ ظَالِمٌ امْتَنَعَ الْفَسْخُ وَقَوْلُهُ: وَفِي الِانْتِهَاءِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا إنْ حُمِلَ قَوْلُهُ: وَفِي الِانْتِهَاءِ عَلَى انْتِهَاءِ الْعَقْدِ بِنَحْوِ فَسْخٍ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ وَالْأَرْجَحُ خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ: كَالْوَكَالَةِ) مُقْتَضَى تَشْبِيهِهِ بِالْوَكَالَةِ عَدَمُ انْعِزَالِهِ بِالْخِيَانَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا أَنَّ عَامِلَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إذَا خَانَ أَوْ فُسِّقَ انْعَزَلَ بِخِلَافِ عَامِلِ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْكَارُ الْقِرَاضِ كَإِنْكَارِ الْوَكَالَةِ) لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْقِرَاضِ أَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي التَّصَرُّفِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا فَاسِدٌ فَإِنَّ ذَاكَ فِي إنْكَارِ الْوَكَالَةِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَلِهَذَا جَاءَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِغَرَضٍ أَمْ لَا وَهَاهُنَا الْإِنْكَارُ مَعَ الْعَاقِدِ الْآخَرِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ وَقَدْ جَزَمَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ بِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِإِنْكَارِ الْعَامِلِ فَقَالَ: وَإِنْ أَنْكَرَ الْعَامِلُ الْقِرَاضَ ضَمِنَهُ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى عَقْدِ الْقِرَاضِ حَكَاهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>