أَوْ مِلْكِي) أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَقْتَضِي أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ وَعُدِلَ إلَى مَا قَالَهُ عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ، وَهِيَ مِلْكُهُ إلَى الْآنَ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّهَا الْآنَ مِلْكٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَيْسَ مُرَادٌ إذْ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ مِلْكَ الْغَيْرِ (وَإِنْ قَالَ غَصَبْت دَارَهُ) وَلَوْ بِإِسْكَانِ الْهَاءِ (وَقَالَ أَرَدْت دَارَةَ الشَّمْسِ) أَوْ الْقَمَرِ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ غَصْبَ ذَلِكَ مُحَالٌ فَلَا تُقْبَلُ إرَادَتُهُ (وَإِنْ أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى بِثِيَابِ بَدَنِهِ دَخَلَ) فِيهِ (كُلُّ مَا يَلْبَسُهُ) مِنْ قَمِيصٍ وَطَيْلَسَانٍ وَلِحَافٍ، وَقَلَنْسُوَةٍ وَغَيْرِهَا (حَتَّى الْفَرْوَةِ لَا الْخُفِّ) وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ فِي الْمُهِمَّاتِ مِمَّا يَقْتَضِي عَدَمَ دُخُولِ الْفَرْوَةِ وَاللِّحَافِ وَالْقَلَنْسُوَةِ، وَهِيَ مَا يُغَطِّي الرَّأْسَ مِنْ قُبْعٍ وَطَاقِيَّةٍ وَنَحْوِهِمَا رَدُّوهُ عَلَيْهِ (وَإِنْ أَقَرَّ) الْبَائِعُ (بِالْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِأَحَدٍ انْفَسَخَ الْبَيْعُ) ؛ لِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْفَسْخِ.
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ) (يُشْتَرَطُ صُدُورُهُ مِنْ أَهْلِ الْإِقْرَارِ) فِي الْجُمْلَةِ فَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ السَّفِيهِ (وَهُوَ قِسْمَانِ الْأَوَّلُ أَنْ يُلْحِقَ الْمَنْسُوبَ بِنَفْسِهِ) كَهَذَا ابْنِي أَوْ أَنَا أَبُوهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِكَوْنِ الْإِضَافَةِ فِيهِ إلَى الْمُقِرِّ (فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُعْلَمَ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِهِ) ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ بِهِ لِأَنَّ النَّسَبَ الثَّابِتَ مِنْ شَخْصٍ لَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ فَالشَّرْعُ مُكَذِّبٌ لَهُ نَعَمْ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ النَّافِي أَنْ يَسْتَلْحِقَ الْمَنْفِيَّ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ اللِّعَانِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِلْحَاقُ وَلَدِ الزِّنَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (وَإِنْ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ) فَلَوْ كَانَ فِي سِنٍّ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ مِنْهُ أَوْ كَانَ قَدْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ مِنْ زَمَنٍ يَتَقَدَّمُ عَلَى زَمَنِ الْعُلُوقِ بِهِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ؛ لِأَنَّ الْحِسَّ يُكَذِّبُهُ (فَإِنْ قَدِمَتْ كَافِرَةٌ بِطِفْلٍ وَادَّعَاهُ مُسْلِمٌ) الْأَوْلَى رَجُلٌ (وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا) بِأَنْ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ خَرَجَ إلَيْهَا أَوْ أَنَّهَا قَدِمَتْ إلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ أَنْفَذَ إلَيْهَا مَاءَهُ فَاسْتَدْخَلَتْهُ (لَحِقَهُ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ اجْتِمَاعُهُمَا لَمْ يَلْحَقْهُ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ كَبِيرًا) حَيًّا عَاقِلًا (فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِهِ أَوْ الْبَيِّنَةِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ كَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي نَسَبِهِ، وَهُوَ أَعْرَفُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ.
وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاكْتِفَاءِ بِالسُّكُوتِ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ بِأَنَّ أَمْرَ النَّسَبِ خَطَرٌ (فَإِنْ كَذَّبَهُ) أَوْ سَكَتَ، وَأَصَرَّ (وَلَا بَيِّنَةَ حَلَّفَهُ) الْمُدَّعِي (فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي ثَبَتَ النَّسَبُ) ، وَإِنْ حَلَفَ سَقَطَتْ الدَّعْوَى (وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ ادَّعَاهُ أَبًا فَكَذَّبَهُ) أَوْ سَكَتَ وَلَا بَيِّنَةَ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِلْحَاقُ (وَلَوْ سَقَطَ صَغِيرًا أَوْ ذَا جُنُونٍ وَلَوْ طَرَأَ) الْجُنُونُ (فَلَمَّا بَلَغَ) الصَّغِيرُ (أَوْ أَفَاقَ) الْمَجْنُونُ (كَذَّبَهُ لَمْ يَنْدَفِعْ النَّسَبُ) ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لَهُ فَلَا يَنْدَفِعُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: إذْ لَا تَصِحُّ دَعْوَى مِلْكِ الْغَيْرِ) إذْ تَمَامُ تَصْوِيرِهَا أَنْ يَقُولَ، وَهِيَ الْآنَ مِلْكِي فَإِرْثٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَدَّعِي بِمِلْكِ الْغَيْرِ، وَلَوْ حُذِفَتْ مِنْ الرَّوْضَةِ لَفْظَةُ إلَى الدَّاخِلَةُ عَلَى الْآنَ لَاسْتَقَامَ (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ دُخُولِ الْفَرْوَةِ فِي اسْمِ الثِّيَابِ، وَأَنَّهُ لَا شَكَّ فِيهِ عَجِيبٌ وَذُهُولٌ عَنْ الْمَنْقُولِ فَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِدُخُولِهَا فِي الْمَلْبُوسِ فَقَالَ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا حَنِثَ بِلُبْسِ السَّرَاوِيلِ ثُمَّ قَالَ، وَلَا يَحْنَثُ بِلُبْسِ الْجُلُودِ، وَلَا بِمَا يُتَّخَذُ مِنْهَا، وَلَا بِلُبْسِ الْقَلَنْسُوَةِ هَذِهِ لَفْظَةُ ثُمَّ قَالَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شَيْئًا حَنِثَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَالْقَلَنْسُوَةُ هِيَ الْقُبَعُ وَالطَّاقِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَالَهُ هُنَاكَ إنَّ الْقَلَنْسُوَةَ لَا تَدْخُلُ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَدْخُلُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَعْنِي فِي الْإِقْرَارِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَاتِ.
وَرَأَيْت فِي كِتَابِ ابْنِ كَجٍّ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَتَغَطَّى بِلِحَافٍ لَمْ يَحْنَثْ. اهـ. وَاعْتَرَضَ مِنْ أَوْجُهٍ. أَحَدُهُمَا تَعَجُّبُهُ مِنْ قَوْلِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَا شَكَّ فِي دُخُولِ الْفَرْوَةِ فِي اسْمِ الثِّيَابِ هُوَ الْعَجَبُ، وَدَعْوَاهُ أَنَّهُ ذُهُولٌ عَنْ الْمَنْقُولِ هُوَ الذُّهُولُ فَإِنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا وَبَيْنَ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْوَةِ مَا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِلُبْسِهَا فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَهِيَ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ جُلُودِ الضَّأْنِ وَالسِّنْجَابِ وَالسِّنَّوْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بِشَعْرِهِ أَوْ بِصُوفِهِ، وَالْفَرْوَةُ وَإِنْ لَمْ يُطْلَقْ عَلَيْهَا اسْمُ الثَّوْبِ فَهِيَ تَدْخُلُ فِي عُمُومِ الثِّيَابِ عُرْفًا وَاسْتِعْمَالًا، وَتُعَدُّ مِنْ ثِيَابِ الْبَدَنِ بِلَا شَكٍّ، وَالْمُرَادُ بِالْجُلُودِ هُنَاكَ الْمَنْزُوعُ عَنْهَا الشَّعْرُ أَوْ الصُّوفُ، وَهَذِهِ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِلُبْسِهَا فِي غَيْرِ الْخِفَافِ وَالرَّانَّاتِ، وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِجَعْلِ الْجُلُودِ الْمُجَرَّدَةِ ثِيَابًا. الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ إنَّ الْقَلَنْسُوَةَ تُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَاتِ خِلَافَ الْمَنْقُولِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ كَمَا ذَكَرَاهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ.
الثَّالِثُ: مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ لَا يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ دُخُولِ اللِّحَافِ فِي الْإِقْرَارِ بِثِيَابِ بَدَنِهِ الْحِنْثُ بِاللِّحَافِ فِيمَا إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَلْبَسُ لَهُ ثَوْبًا؛ لِأَنَّ اللِّحَافَ، وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ لُبْسًا، وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ كَفَّارَةِ الْإِحْرَامِ بِأَنَّهُ إذَا نَامَ وَارْتَدَى بِالثَّوْبِ الْمِخْيَطِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى لُبْسًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِالْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِأَحَدٍ انْفَسَخَ الْبَيْعُ) لَوْ وَهَبَ لِوَلَدِهِ عَيْنًا ثُمَّ أَقْبَضَهُ إيَّاهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا لِآخَرَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَسَبَبُهُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَاهِبِ رُجُوعٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ.
[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ) (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُعْلَمَ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِهِ) فَلَوْ أَقَرَّ مَنْ أُمُّهُ حُرَّةٌ بِأَنَّهُ عَتِيقُ فُلَانٍ لَغَا إقْرَارُهُ (قَوْلُهُ: الْمَنْفِيَّ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ) بِخِلَافِ الْمَوْلُودِ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ رَقِيقًا لِلْمُقِرِّ عَتَقَ عَلَى الْأَصَحِّ لِتَضَمُّنِهِ الْإِقْرَارَ بِحُرِّيَّتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مِلْكُهُ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ أَنْفَذَ إلَيْهَا مَاءَهُ فَاسْتَدْخَلَتْهُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ اللُّحُوقِ فِي هَذِهِ مَرْدُودٌ إنَّمَا هُوَ رَأْيٌ لِأَبِي حَامِدٍ غَلَّطَهُ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ إحْبَالٌ بِالْمُرَاسَلَةِ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ، ذِكْرُهُمْ دَارَ الْحَرْبِ مِثَالٌ فَإِنَّ كُلَّ بَلَدٍ بَعِيدٍ كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ قَدِمَتْ مَغْرِبِيَّةٌ إلَى الشَّرْقِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَلْحَقَ صَغِيرًا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى النَّسَبِ فِيهَا عُسْرٌ وَالشَّارِعُ قَدْ اعْتَنَى بِهِ، وَأَثْبَتَهُ بِالْإِمْكَانِ فَلِذَلِكَ أَثْبَتْنَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute