للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَرْفُهُ لِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ هُنَا الِاقْتِصَارُ عَلَى جُزْءٍ يَسِيرٍ لَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ (فَلَوْ أَكَلَهَا) أَيْ لُحُومَ مَا ذُكِرَ (غَرِمَ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ (وَيَأْخُذُ بِهِ) أَيْ بِثَمَنِهِ (شِقْصًا) مِمَّا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ (إنْ أَمْكَنَ) ذَلِكَ (وَإِلَّا فَلَحْمًا) يَأْخُذُهُ بِهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِمَّا مَرَّ فِي فَصْلِ أَحْكَامِ الْأُضْحِيَّةِ وَعِبَارَةِ الْأَصْلِ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ إلَى شِقْصِ أُضْحِيَّةٍ أَمْ يَكْفِي صَرْفُهُ إلَى اللَّحْمِ وَتَفْرِقَتِهِ وَجْهَانِ. اهـ. وَصُحِّحَ مِنْهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الثَّانِي، وَإِلَّا وَفَّقَ بِمَا اسْتَحْسَنَهُ كَالرَّافِعِيِّ، ثُمَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (وَلَهُ تَأْخِيرُهُ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الذَّبْحِ وَتَفْرِقَةِ اللَّحْمِ (عَنْ الْوَقْتِ) ؛ لِأَنَّ الشِّقْصَ وَاللَّحْمَ لَيْسَا بِأُضْحِيَّةٍ، وَلَا هَدْيٍ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْوَقْتُ (لَا الْأَكْلُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْوَاجِبِ.

(فَرْعٌ) (وَالْأَحْسَنُ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَأُضْحِيَّتِهِ التَّصَدُّقُ بِالْجَمِيعِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَأَبْعَدُ عَنْ حَظِّ النَّفْسِ (إلَّا لُقْمَةً أَوْ لُقَمًا يَأْكُلُهَا) تَبَرُّكًا (فَإِنَّهُ) أَيْ أَكْلَهَا (سُنَّةٌ) عَمَلًا بِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلِلِاتِّبَاعِ كَمَا مَرَّ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ الْأَكْلَ (وَيُسْتَحَبُّ إذَا أَكَلَ وَأَهْدَى وَتَصَدَّقَ أَنْ لَا يَزِيدَ أَكْلُهُ عَلَى الثُّلُثِ) بِأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الثُّلُثِ فَأَقَلَّ (وَ) أَنْ (لَا تَنْقُصَ صَدَقَتُهُ عَنْهُ) بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ فَأَكْثَرَ وَيُهْدِيَ الْبَاقِي، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ نَقَلَ جَمَاعَةٌ عَنْ الْجَدِيدِ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ الثُّلُثَ وَيَتَصَدَّقُ بِالثُّلُثَيْنِ وَنَقَلَ آخَرُونَ عَنْهُ أَنَّهُ يَأْكُلُ الثُّلُثَ وَيُهْدِي إلَى الْأَغْنِيَاءِ الثُّلُثَ وَيَتَصَدَّقُ بِالثُّلُثِ قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ اخْتِلَافًا فِي الْحَقِيقَةِ لَكِنْ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّصَدُّقِ بِالثُّلُثَيْنِ ذَكَرَ الْأَفْضَلَ أَوْ تَوَسَّعَ فَعَدَّ الْهَدِيَّةَ صَدَقَةً وَدَلِيلُ جَعْلِ الْأُضْحِيَّةِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ الْقِيَاسُ عَلَى هَدْيِ التَّطَوُّعِ الْوَارِدِ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ} [الحج: ٣٦] أَيْ السَّائِلَ {وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: ٣٦] أَيْ الْمُتَعَرِّضَ لِلسُّؤَالِ يُقَالُ قَنَعَ يَقْنَعُ قُنُوعًا بِفَتْحِ عَيْنِ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ إذَا سَأَلَ وَقَنِعَ يَقْنَعُ قَنَاعَةً بِكَسْرِ عَيْنِ الْمَاضِي وَفَتْحِ عَيْنِ الْمُضَارِعِ إذَا رَضِيَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الشَّاعِرُ

الْعَبْدُ حُرٌّ إنْ قَنَعْ ... وَالْحُرُّ عَبْدٌ إنْ قَنِعْ

فَاقْنَعْ وَلَا تَقْنِعْ فَمَا ... شَيْءٌ يَشِينُ سِوَى الطَّمَعْ

(وَهِيَ) أَيْ الصَّدَقَةُ (أَفْضَلُ مِنْ الْهَدِيَّةِ) وَالتَّصَدُّقُ بِالثُّلُثَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِالثُّلُثِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْجَمِيعِ أَفْضَلُ إلَّا لُقْمَةً أَوْ لُقَمًا كَمَا مَرَّ.

(فَرْعٌ، وَلَا يُكْرَهُ الِادِّخَار) مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلْيَكُنْ) أَيْ وَيُسْتَحَبُّ إذَا أَرَادَ الِادِّخَارَ أَنْ يَكُونَ (مِنْ ثُلُثِ الْأَكْلِ) لَا مِنْ ثُلُثَيْ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ (وَقَدْ كَانَ) الِادِّخَارُ (مُحَرَّمًا) فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (ثُمَّ أُبِيحَ) بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا رَاجَعُوهُ فِيهِ «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالسَّعَةِ فَادَّخِرُوا مَا بَدَا لَكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالدَّافَّةُ جَمَاعَةٌ كَانُوا قَدْ دَخَلُوا الْمَدِينَةَ قَدْ أَقْحَمَتْهُمْ أَيْ أَهْلَكَتْهُمْ السَّنَةُ فِي الْبَادِيَةِ وَقِيلَ الدَّافَّةُ النَّازِلَةُ.

(النَّوْعُ الْخَامِسُ الِانْتِفَاعُ) بِالْمُتَعَيَّنِ مِنْ أُضْحِيَّةٍ أَوْ هَدْيٍ (فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا) مُطْلَقًا (وَبِجِلْدِهَا) إنْ حَلَّ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا (كَدَلْوٍ وَنَحْوِهِ) كَخُفٍّ وَنَعْلٍ لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ، وَلَفْظَةِ وَنَحْوِهِ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا (وَ) لَهُ (إعَارَتُهُ) أَيْ جِلْدِهَا؛ لِأَنَّهَا إرْفَاقٌ كَمَا يَجُوزُ ارْتِفَاقُهُ بِهِ (لَا إجَارَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلْمَنَافِعِ (وَ) لَا (بَيْعُهُ) لِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ مَنْ يَبِيعُ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ (وَلَا إعْطَاؤُهُ الْجَزَّارَ أُجْرَةً) هَذِهِ وَاللَّتَانِ قَبْلَهَا عُلِمَتَا مِمَّا مَرَّ فِي أَحْكَامِ الْأُضْحِيَّةِ (وَالْقَرْنُ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْجِلْدِ فِيمَا ذُكِرَ (وَلَهُ جَزُّ صُوفٍ عَلَيْهَا إنْ تُرِكَ إلَى الذَّبْحِ أَضَرَّ بِهَا) لِلضَّرُورَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُزَّهُ إنْ كَانَتْ وَاجِبَةً لِانْتِفَاعِ الْحَيَوَانِ فِي دَفْعِ الْأَذَى عَنْهُ وَانْتِفَاعِ الْمَسَاكِينِ بِهِ عِنْدَ الذَّبْحِ (وَ) لَهُ (الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَالتَّصَدُّقُ بِهِ أَفْضَلُ) مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَكَالصُّوفِ فِيمَا ذُكِرَ الشَّعْرُ وَالْوَبَرُ (وَلِلْوَلَدِ) ، وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ التَّعْيِينِ (حُكْمُ الْأُمِّ) ، وَإِنْ انْفَصَلَ بَعْدَ ذَبْحِهَا؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ مَتَى ثَبَتَتْ فِي الْأُمِّ ثَبَتَتْ فِي الْوَلَدِ كَالْإِيلَادِ (فَإِنْ كَانَتْ مَنْذُورَةً، وَلَوْ مُعَيَّنَةً عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَمْلِكْهُ) ، وَإِنْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ النَّذْرِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ أَكْلِهِ.

وَإِنْ كَانَتْ مُتَطَوَّعًا بِهَا فَهُوَ مِلْكُهُ كَالْأُمِّ وَيَأْكُلُ مِنْهُ أَوْ يَأْكُلُهُ عَلَى مَا يَأْتِي لَا يُقَالُ قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمْ يَقُولُوا هُنَا إنَّ الْحَامِلَ وَقَعَتْ أُضْحِيَّةً غَايَتُهُ أَنَّهَا إذَا عُيِّنَتْ بِنَذْرٍ تَعَيَّنَتْ، وَلَا تَقَعُ أُضْحِيَّةً كَمَا لَوْ تَعَيَّنَتْ بِهِ مَعِيبَةً بِعَيْبٍ آخَرَ (فَإِنْ كَانَ) الْوَلَدُ (وَلَدُ هَدْيٍ وَأَعْيَا) عَنْ الْمَشْيِ (فَلْيَحْمِلْهُ عَلَى الْأُمِّ أَوْ غَيْرِهَا) لِيَبْلُغَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

التَّصَدُّقُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّ ذَلِكَ تَطَوُّعٌ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِهِ قَالَ، وَهُوَ قِيَاسٌ جَيِّدٌ وَالنَّصُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ: وَلَا يُطْعِمُ مِنْهُ أَحَدًا عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ يَشْمَلُ الْهَدِيَّةَ وَالصَّدَقَةَ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إنَّهُ لَمْ يَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهَا كَلَامًا. وَمُقْتَضِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ إطْعَامُهُمْ يَعْنِي الْفُقَرَاءِ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ دُونَ الْوَاجِبَةِ انْتَهَى.

، وَهَذَا وَجْهٌ حَكَاهُ الْقَمُولِيُّ أَيْضًا وَالْمَذْهَبُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ غ وَقَوْلُهُ قَالَ الطَّبَرِيُّ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ نَقَلَ جَمَاعَةٌ عَنْ الْجَدِيدِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ أَكْلِ الثُّلُثِ أَوْ النِّصْفِ تَضْحِيَةُ الْإِمَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَرْعٌ الِادِّخَارُ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ]

(قَوْلُهُ إنْ حَلَّ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا) ، وَهِيَ الْأُضْحِيَّةُ، وَالْهَدْيُ الْمُتَطَوَّعُ بِهِمَا أَمَّا جِلْدُ الْوَاجِبِ مِنْهُمَا فَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ كَاللَّحْمِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُقَنَّعِ وَجِلْدُ الْأُضْحِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ لَحْمِهَا سَوَاءٌ، قَالَ شَيْخُنَا شَمِلَ ذَلِكَ الْهِبَةَ بِلَا ثَوَابٍ؛ لِأَنَّهَا أَيْ الصَّدَقَةُ مِنْ أَنْوَاعِ الْهِبَةِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ: إنَّهُ يَجُوزُ لَهُ هِبَةُ صُوفِهَا، وَلَبَنِهَا وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ بَيْعُ ذَلِكَ وَجُعِلَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَتْ هِبَتُهُ وَمَا لَا فَلَا كَاتِبُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ انْفَصَلَ بَعْدَ ذَبْحِهَا إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ تَضْحِيَةٌ بِحَامِلٍ فَإِنَّ الْحَمْلَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَا يُسَمَّى وَلَدًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>