للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهَا (لَا سَخْلَةً وَعَنَاقًا) لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَصْدُقُ بِهِمَا لِصِغَرِ سِنِّهِمَا، كَذَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ، لَكِنْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ وَالْغَزَالِيُّ عَنْهُمْ خَلَا الصَّيْدَلَانِيَّ إجْزَاءَهُمَا، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ. وَالسَّخْلَةُ. وَلَدُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مَا لَمْ يَبْلُغْ سَنَةً، وَالْعَنَاقُ: الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ كَذَلِكَ، وَكَالْعَنَاقِ الْجَدْيُ كَمَا شَمِلَتْهُ السَّخْلَةُ، وَلَوْ اقْتَصَرُوا عَلَى ذِكْرِهَا كَفَى عَنْ ذِكْرِ الْعَنَاقِ وَالْجَدْيِ (وَفِي قَوْلِهِ) أَعْطُوهُ شَاةً (مِنْ مَالِي لَا تَتَعَيَّنُ) الشَّاةُ (فِي غَنَمِهِ) فَيَجُوزُ إعْطَاؤُهَا عَلَى غَيْرِ صِفَةِ غَنَمِهِ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ: أَعْطُوهُ شَاةً (مِنْ شِيَاهِي) أَوْ مِنْ غَنَمِي يَتَعَيَّنُ الشَّاةُ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ الْإِعْطَاءُ مِنْ غَيْرِهَا (فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ) فِي هَذِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ (شَاةٌ بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ لِعَدَمِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ مَالِي وَلَا شِيَاهَ لَهُ فَلَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بَلْ يُشْتَرَى لَهُ مِنْ مَالِهِ شَاةٌ.

(وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَإِنْ (قَالَ اشْتَرَوْا لَهُ شَاةً تَعَيَّنَتْ سَلِيمَةً) لِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ يَقْتَضِيهَا كَمَا فِي التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَعْطُوهُ) شَاةً لَا تَتَعَيَّنُ السَّلِيمَةُ لِمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ) : أَعْطُوهُ شَاةً (يَحْلِبُهَا) أَوْ يَنْتَفِعُ بِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا (تَعَيَّنَتْ أُنْثَى) مِنْ الضَّأْنِ أَوْ الْمَعْزِ (أَوْ يُنْزِيهَا) عَلَى غَنَمِهِ (تَعَيَّنَ كَبْشٌ أَوْ تَيْسٌ) وَالنَّعْجَةُ تُقَالُ (لِلْأُنْثَى مِنْ الضَّأْنِ وَالْكَبْشُ لِلذَّكَرِ مِنْهَا وَالتَّيْسُ لِلذَّكَرِ مِنْ الْمَعْزِ) تَخْصِيصُ الْكَبْشِ بِكَوْنِهِ مِنْ الضَّأْنِ وَالتَّيْسِ بِكَوْنِهِ مِنْ الْمَعْزِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ كَالْإِسْنَوِيِّ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ.

(فَرْعٌ: لَوْ قَالَ) : أَعْطُوهُ (شَاةً مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ أُعْطِيَ مِنْهَا) وَاحِدَةً (لِأَنَّهَا تُسَمَّى شِيَاهَ الْبَرِّ) وَهَذَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَنَقَلَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ عَنْ الْأَصْحَاب، لَكِنْ جَزَمَ غَيْرُهُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ (وَالْبَعِيرُ يَشْمَلُ النَّاقَةَ وَالْجَمَلَ الْبَخَاتِيَّ وَالْعِرَابَ وَالْمَعِيبَ) وَالسَّلِيمَ لِصِدْقِ اسْمِهِ بِكُلٍّ مِنْهَا، فَقَدْ سُمِعَ مِنْ الْعَرَبِ: حَلَبَ فُلَانٌ بَعِيرَهُ، وَصَرَعَتْنِي بَعِيرِي، وَالنَّاقَةُ لَا تَشْمَلُ الْجَمَلَ وَبِالْعَكْسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

(فَرْعٌ: يَخْتَصُّ اسْمُ الثَّوْرِ بِالذَّكَرِ) لِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ لُغَةً وَعُرْفًا (وَ) اسْمُ (الْبَقَرَةِ وَالْبَغْلَةِ بِالْأُنْثَى) لِذَلِكَ، وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ: إنَّ الْبَقَرَةَ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهَا عَلَيْهِ لَمْ يَشْتَهِرْ عُرْفًا (وَ) اسْمُ (عَشْرِ بَقَرَاتٍ وَ) عَشْرِ (أَيْنُقٍ) بِتَقْدِيمِ الْيَاءِ عَلَى النُّونِ (بِالْإِنَاثِ) بِنَاءً عَلَى اخْتِصَاصِ الْبَقَرَةِ وَالنَّاقَةِ بِالْأُنْثَى، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّصْرِيحِ بِالْبَقَرَاتِ وَالْأَيْنُقِ بَيْنَ تَعْبِيرِهِ بِعَشْرِ وَبِعَشَرَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَذَكْرُ الْعَشْرِ مِثَالٌ (وَعَشْرٌ) أَوْ عَشَرَةٌ (مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمِ) شَامِلٌ (لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ لِلذَّكَرِ) لِأَنَّهُمْ مَيَّزُوا فَقَالُوا: كَلْبٌ وَكَلْبَةٌ وَحِمَارٌ وَحِمَارَةٌ (وَيَدْخُلُ الْجَوَامِيسُ فِي اسْمِ الْبَقَرَةِ) كَمَا يُكَمَّلُ بِهَا نُصُبُهَا، قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْوَحْشُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ غَيْرُهُ فَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ كَمَا مَرَّ فِي الشَّاةِ. انْتَهَى.

وَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ قَدْ يُشْكِلُ بِحِنْثِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ بِأَكْلِهِ لَحْمَ بَقَرٍ وَحْشِيٍّ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ، وَمَا هُنَاكَ إنَّمَا يُبْنَى عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَضْطَرِبْ وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُضْطَرِبٌ (وَاسْمُ الدَّابَّةِ يَتَنَاوَلُ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ حَتَّى الذَّكَرَ وَالْمَعِيبَ وَالصَّغِيرَ) فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ لِاشْتِهَارِهَا فِي ذَلِكَ عُرْفًا، وَإِنْ كَانَتْ لُغَةً لِكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ، وَلِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَغْلَبُ مَا يُرْكَبُ، قَالَ تَعَالَى {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: ٨] وَالْمُرَادُ بِالْحِمَارِ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ، هَذَا إنْ أُطْلِقَ (فَإِنْ قَالَ) : أَعْطُوهُ دَابَّةً (لِيُقَاتِلَ) أَوْ يَكُرَّ أَوْ يَفِرَّ (عَلَيْهَا خَرَجَ) مِنْ الْوَصِيَّةِ (غَيْرُ الْفَرَسِ) فَيَتَعَيَّنُ الْفَرَسُ (أَوْ لِيَنْتَفِعَ بِظَهْرِهَا وَنَسْلِهَا خَرَجَ) مِنْهَا (الْبَغْلُ، أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا خَرَجَ) مِنْهَا (الْفَرَسُ لَا بِرْذَوْنٌ اُعْتِيدَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ) فَلَا يَخْرُجُ (أَوْ) قَالَ: أَعْطُوهُ (دَابَّةً لِظَهْرِهَا وَدَرِّهَا تَعَيَّنَتْ الْفَرَسُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَعْتَادُونَ شُرْبَ أَلْبَانِ الْخَيْلِ وَإِلَّا فَلَا، فَتَتَعَيَّنُ الْبَقَرَةُ، قُلْتُ: أَوْ النَّاقَةُ (وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ؛ إذْ قَالَ) أَعْطُوهُ (دَابَّةً لِلْحَمْلِ) عَلَيْهَا (دَخَلَ) فِيهَا (الْجِمَالُ وَالْبَقَرُ إنْ اعْتَادُوا الْحَمْلَ عَلَيْهَا) وَأَمَّا الرَّافِعِيُّ فَضَعَّفَهُ بِأَنَّا إذَا نَزَّلْنَا الدَّابَّةَ عَلَى -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهَا) كَالزَّكَاةِ وَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَالسَّخْلَةُ وَلَدُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ: السَّخْلَةُ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ مَا لَمْ تَسْتَكْمِلْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ،، وَالْعَنَاقُ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ مَا لَمْ يَتِمَّ لَهَا سَنَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ يَقْتَضِيهَا) عُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ جَرَيَانُ هَذَا الْحُكْمِ فِي سَائِرِ صُوَرِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُنْزِيهَا تَعَيَّنَ كَبْشٌ إلَخْ) أَوْ يُنْتَفَعُ بِصُوفِهَا فَضَائِنَةٌ، أَوْ شَعْرِهَا فَعَنْزٌ، وَهَكَذَا كُلُّ وَصِيَّةٍ تَحْتَمِلُ أَشْيَاءَ إذَا اقْتَرَنَ بِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ أَحَدِهَا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ. غ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنَمَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَغَتْ شَمِلَ مَا إذَا كَانَ لَهُ ظِبَاءٌ، وَهُوَ قَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ تَصْحِيحِ النَّوَوِيِّ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الظِّبَاءَ قَدْ يُقَالُ لَهَا شِيَاهُ الْبِرِّ وَلَمْ يُقَلْ لَهَا غَنَمُ الْبَرِّ (قَوْلُهُ: وَالْبَعِيرُ يَشْمَلُ النَّاقَةَ) وَلَا يَشْمَلُ الْفَصِيلَ.

(قَوْلُهُ: وَالْبَقَرَةُ وَالْبَغْلَةُ بِالْأُنْثَى) لَا تَشْمَلُ الْبَقَرَةُ الْعِجْلَةَ وَلَا الثَّوْرُ الْعِجْلَ (قَوْلُهُ: فَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ كَمَا مَرَّ فِي الشَّاةِ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَالْمَعِيبَ وَالصَّغِيرَ) لَكِنْ فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَا يُعْطَى مَا لَا يُمْكِنُ رُكُوبُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دَابَّةً أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إلَخْ) عِبَارَتِهِ إذَا قَالَ: دَابَّةً يَنْتَفِعُ بِدَرِّهَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْطَى فَرَسًا بَلْ نَاقَةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ شَاةً إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَشْرَبُ أَلْبَانَ الْخَيْلِ كَالتُّرْكِ، وَهَذَا يَنْقَدِحُ الْجَزْمُ بِهِ إذَا قَالَ: مِنْ دَوَابِّي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: دَخَلَ الْجِمَالُ وَالْبَقَرُ إنْ اعْتَادُوا الْحَمْلَ عَلَيْهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بَلْ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ إذَا قَالَ مِنْ دَوَابِّي لِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ وَدَلَالَةِ الْعُرْفِ وَصِدْقِ اللُّغَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ خِلَافَهُ. اهـ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إذَا قَالَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ فَقَدْ اقْتَرَنَ بِلَفْظِ الدَّابَّةِ مَا صَرَفَهُ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ خُصَّ بِالْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ الرُّكُوبُ إلَى مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْحَمْلُ الْمَنْطُوقُ بِهِ فَيُنَزَّلُ عَلَى مَا يَصْلُحُ لِلْحَمْلِ إمَّا عَامًّا كَالْإِبِلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، أَوْ خَاصًّا كَالْبَقَرِ، وَالْخَيْلِ فَإِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>