للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْطَاهَا ذَلِكَ عَنْ كِسْوَتِهَا. (وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَخَادِمِهَا تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ) كُلَّ يَوْمٍ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّهَا يَوْمًا فَيَوْمًا لِكَوْنِهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ الْحَاصِلِ فِي الْيَوْمِ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهَا عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ إذْ الْوَاجِبُ الْحَبُّ كَمَا سَيَأْتِي فَيُحْتَاجُ إلَى طَحْنِهِ وَعَجْنِهِ وَخَبْزِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ أَنَّهَا تَجِبُ بِهِ وُجُوبًا مُوسَعًا كَالصَّلَاةِ أَوْ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ لَكِنْ لَا يُحْبَسُ وَلَا يُخَاصَمُ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا طَوِيلًا فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِنَفَقَتِهَا لِمُدَّةِ ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ كَمَا لَا يَخْرُجُ إلَى الْحَجِّ حَتَّى يَتْرُكَ لَهَا هَذَا الْقَدْرَ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ هَيَّأَ ذَلِكَ إلَى نَائِبِهِ لِيَدْفَعَهُ إلَيْهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ كَفَى وَلَا يُكَلَّفُ إعْطَاءَهُ لَهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً وَتَجِبُ (حَبًّا) سَلِيمًا إذَا كَانَ غَالِبَ الْقُوتِ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ فِي النَّفْعِ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ (لَا دَقِيقًا وَخُبْزًا) وَعَجِينًا مَعِيبًا كَمُسَوِّسٍ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهَا لِكُلِّ مَا يَصْلُحُ لَهَا الْحَبُّ فَلَوْ طَلَبَتْ غَيْرَ الْحَبِّ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَوْ بَذَلَ غَيْرَهُ لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ (وَيَمْلِكُ نَفَقَةَ مَمْلُوكِهَا) الْخَادِمِ لَهَا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى كَمَا تَمْلِكُ نَفَقَةَ نَفْسِهَا (وَفِي مِلْكِهَا نَفَقَةَ الْحُرَّةِ الْخَادِمَةِ) لَهَا بِغَيْرِ اسْتِئْجَارٍ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ فَتَأْخُذُهَا وَتَدْفَعُهَا إلَى الْحُرَّةِ وَعَلَيْهِ فَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهَا وَتُعْطِي مُؤْنَةَ الْحُرَّةِ مِنْ مَالِهَا وَثَانِيهِمَا لَا بَلْ تَمْلِكُهَا الْحُرَّةُ كَمَا تَمْلِكُ الزَّوْجَةُ نَفَقَةَ نَفْسِهَا (لَكِنَّ لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (الْمُطَالَبَةَ) لَهُ (بِهَا) لِيَتَوَفَّرَ حَقُّ الْخِدْمَةِ (وَلَا تُطَالِبُهُ بِنَفَقَةِ مَمْلُوكَتِهِ) الْخَادِمَةِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا بِالْمِلْكِ كَمَا مَرَّ (وَلَا نَفَقَةَ لِمُسْتَأْجَرَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ أُجْرَتُهَا كَمَا مَرَّ (وَلَهَا بَيْعُ نَفَقَةِ الْيَوْمِ لَا الْغَدِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ زَوْجِهَا (قَبْلَ الْقَبْضِ) لِجَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ (لَا مِنْ غَيْرِهِ) عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ كَالرَّوْضَةِ قَدَّمَ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَوَازَ ذَلِكَ مُطْلَقًا، أَمَّا نَفَقَةُ الْغَدِ فَلَا يَجُوزُ لَهَا بَيْعُهَا مُطْلَقًا لِعَدَمِ مِلْكِهَا.

(وَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهَا بَعْدَ الْقَبْضِ) مُطْلَقًا بِالْإِبْدَالِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهَا (فَإِنْ سُرِقَتْ) مِنْهَا أَوْ تَلِفَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ (لَمْ تُبَدَّلْ) أَيْ لَمْ يَلْزَمْهُ إبْدَالُهَا (وَيَمْنَعُهَا مِنْ تَقْتِيرٍ) عَلَى نَفْسِهَا (مُضِرٍّ) بِهَا لِحَقِّ الِاسْتِمْتَاعِ (وَعَلَيْهِ) لَهَا مَعَ الْحَبِّ مُؤْنَةُ (الطَّحْنِ وَالْخَبْزِ وَالطَّبْخِ) ، وَإِنْ اعْتَادَتْ تَعَاطِيَ ذَلِكَ بِنَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا فِي حَبْسِهِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ (وَلَيْسَ عَلَى خَادِمِهَا إلَّا مَا يَخُصُّهَا) أَيْ مَا تَحْتَاجُ هِيَ إلَيْهِ (كَحَمْلِ مَاءٍ إلَى الْمُسْتَحَمِّ وَنَحْوِهِ) كَصَبِّهِ عَلَى يَدِهَا وَغَسْلِ خِرَقِ الْحَيْضِ وَالطَّبْخِ لِأَكْلِهَا أَمَّا مَا لَا يَخُصُّهَا كَالطَّبْخِ لِأَكْلِهِ وَغَسْلِ ثِيَابِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ هُوَ عَلَى الزَّوْجِ فَيُوَفِّيهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ بَاعَتْ الْحَبَّ) أَوْ أَكَلَهُ حَبًّا (فَفِي اسْتِحْقَاقِهَا الْمُؤْنَةَ تَرَدُّدٌ) أَيْ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَثَانِيهِمَا لَا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ تَبَعًا لِلْحَبِّ فَلَا تُفْرَدُ بِالْإِيجَابِ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى هَذَا لَكِنْ قَالَ الْغَزَالِيُّ الْقِيَاسُ الْوُجُوبُ.

(وَلَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ) عَلَى الْعَادَةِ (بِرِضَاهَا، وَهِيَ رَشِيدَةٌ أَوْ) لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً، وَأَكَلَتْ (بِإِذْنِ الْوَالِي سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) بِذَلِكَ لِاكْتِفَاءِ الزَّوْجَاتِ بِهِ فِي الْأَعْصَارِ وَجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِيهَا قَالَ الْإِمَامُ فَكَأَنَّ نَفَقَتَهَا مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْكِفَايَةِ إنْ أَرَادَتْ وَبَيْنَ التَّمْلِيكِ عَلَى قِيَاسِ الْأَعْوَاضِ إنْ طَلَبَتْ قَالَ، وَهِيَ حَسَنٌ غَامِضٌ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ وَلْيَكُنْ السُّقُوطُ مُفَرَّعًا عَلَى جَوَازِ اعْتِيَاضِ الْخُبْزِ، وَأَنْ يُجْعَلَ مَا جَرَى قَائِمًا مَقَامَ الِاعْتِيَاضِ يُعِينُ إنْ لَمْ يُلَاحِظْ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَخَادِمِهَا تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ) لَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ، وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ أَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ، وَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْمُدِّ، وَلَوْ أَصْبَحَ مُوسِرًا ثُمَّ أَعْسَرَ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مُدَّانِ اعْتِبَارًا بِأَوَّلِ الْيَوْمِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَوْ حَصَلَ الْعَقْدُ، وَالتَّمْكِينُ وَقْتَ الْغُرُوبِ فَالْقِيَاسُ الْوُجُوبُ بِالْغُرُوبِ. اهـ. أَيْ غُرُوبِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ بِالْقِسْطِ فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ وَقْتَ الظُّهْرِ فَيَنْبَغِي الْوُجُوبُ كَذَلِكَ مِنْ حِينَئِذٍ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَالتَّقْيِيدُ بِالْغُرُوبِ ضَعِيفٌ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ مَنْ نُكِحَتْ وَسُلِّمَتْ لِلزَّوْجِ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ لِحُصُولِ التَّمْكِينِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إذَا كَانَتْ زَوْجَةً فَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَصَارَتْ زَوْجَةً آخِرَهُ ثُمَّ سَلَّمَتْ وَمَكَّنَتْ وَجَبَتْ.

وَقَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ الْوُجُوبُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ:، وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ: كُلَّ يَوْمٍ) الْمُرَادُ يَوْمٌ بِلَيْلَتِهِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْمُتَأَخِّرَةُ عَنْهُ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ (قَوْلُهُ: فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِنَفَقَتِهَا لِمُدَّةِ ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ تَشْبِيهِهِ بِالْخُرُوجِ لِلْحَجِّ إذْ لَا نَعْلَمُ مَنْ قَالَ إنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْحُكْمِ لِظَاهِرٍ بِذَلِكَ هُنَاكَ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهَا عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَقَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا الْإِبِلُ تَمْلِكُهَا الْحُرَّةُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ لِجَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اعْتِيَاضُهَا عَنْ الْوَاجِبِ دَقِيقِهِ أَوْ خُبْزِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ كَالرَّوْضَةِ قَدَّمَ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَوَازَ ذَلِكَ مُطْلَقًا) يُفَرَّقُ بِضَعْفِ النَّفَقَةِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا حِينَئِذٍ فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْفَرْقِ وَيَرُدُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَوْنِهِ مُفَرَّعًا عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ هُنَاكَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَالًّا مُسْتَقَرًّا، وَالِاسْتِقْرَارُ مُنْتَفٍ هُنَا كَاتِبُهُ.

(قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْغَزَالِيُّ الْقِيَاسُ الْوُجُوبُ) ، وَفِي الْوَسِيطِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ الْقِيَاسُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحَلُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ إذَا كَانَتْ لَا تَحْتَاجُ إلَى بُرٍّ خُبْزًا أَمَّا إذَا احْتَاجَتْ إلَى ذَلِكَ، وَقَدْ أَتْلَفَتْ مَا قَبَضَتْهُ كُلِّفَ ذَلِكَ قَطْعًا، وَأَطْلَقَا نَقْلَ التَّرَدُّدِ عَنْهُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَالتَّحْقِيقُ عَنْهُ مَا ذَكَرْتُهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً، وَأَكَلَتْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) أَيْ، وَكَانَ لَهَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ (قَوْلُهُ: وَجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِيهَا) مِنْ عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْآنَ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ، وَلَا إنْكَارٍ، وَلَا خِلَافٍ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ امْرَأَةً طَالَبَتْ بِنَفَقَةٍ بَعْدَهُ، وَلَوْ كَانَتْ لَا تَسْقُطُ مَعَ عِلْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِطْبَاقِهِمْ عَلَيْهِ لَا عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ، وَلَقَضَاهُ مَنْ تَرِكَةِ مَنْ مَاتَ، وَلَمْ يُوَفِّهِ، وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>