للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِغَيْرِهِ لِخَبَرِ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعِمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَ وَقْفَهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ فَتْوَى عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَطْلَقَ كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ الْكَفَّارَةَ وَقَيَّدَهَا الْحَاوِي الصَّغِيرُ بِكَفَّارَةِ الْقَتْلِ لِإِخْرَاجِ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ فَإِنَّ الصَّوْمَ فِيهَا يَخْلُفُهُ الْإِطْعَامُ لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ صَوْمُ الْكَفَّارَةِ الْمُخَيَّرَةِ إذَا عَجَزَ عَنْ الْخِصَالِ الَّتِي قَبْلَهُ أَمَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ بِأَنْ مَاتَ عَقِبَ مُوجَبِ الْقَضَاءِ أَوْ النَّذْرِ أَوْ الْكَفَّارَةِ أَوْ اسْتَمَرَّ بِهِ الْعُذْرُ إلَى مَوْتِهِ فَلَا فِدْيَةَ فَالْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ هُنَا عَدَمُ الْعُذْرِ فَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ فَاتَهُ الصَّوْمُ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ

(وَهِيَ) أَيْ الْفِدْيَةُ (عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ جِنْسِ الْفِطْرَةِ) وَنَوْعِهَا وَصِفَتِهَا لِأَنَّهُ طَعَامٌ وَاجِبٌ شَرْعًا فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي الْفِطْرَةِ فَلَا يُجْزِئُ الدَّقِيقُ وَالسَّوِيقُ وَنَحْوُهُمَا وَتُصْرَفُ (لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) خَاصَّةً لِأَنَّ الْمِسْكِينَ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ الْآتِيَةِ وَالْخَبَرِ السَّابِقِ وَالْفَقِيرُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ أَوْ دَاخِلٌ فِيهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا يَشْمَلُ الْآخَرَ وَلَا يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (وَلَا يَخْتَصُّ فَقِيرٌ بِمُدٍّ بَلْ يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ أَكْثَرَ) مِنْهُ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ كَفَّارَةٌ فَجَازَ ذَلِكَ كَمَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مِنْ زَكَوَاتٍ (بِخِلَافِ أَمْدَادِ الْكَفَّارَةِ) الْوَاحِدَةِ لَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ مُدٍّ أَمَّا إعْطَاؤُهُ دُونَ الْمُدِّ فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْقَفَّالُ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْقَفَّالُ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ يَجُوزُ صَرْفُ صَاعٍ إلَى مِائَةِ مِسْكِينٍ مَثَلًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُخَالِفُ مَا هُنَا مِنْ مَنْعِ إعْطَاءِ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ مَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الدِّمَاءِ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ فِيمَا إذَا فَرَّقَ الطَّعَامَ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ انْتَهَى.

وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُدَّ هُنَا بَدَلٌ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ فَكَذَا بَدَلُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ أَصْلٌ وَبِأَنَّ الْمَغْرُومَ ثَمَّ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يُعْطَى هُنَا مُدًّا وَكَسْرًا كَنِصْفٍ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلَّ مُدٍّ كَفَّارَةٌ (فَإِنْ صَامَ الْقَرِيبُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ (أَوْ) صَامَ عَنْهُ (أَجْنَبِيٌّ بِالْإِذْنِ) مِنْهُ أَوْ مِنْ قَرِيبِهِ بِأُجْرَةٍ أَوْ دُونَهَا (فَالْقَدِيمُ وَهُوَ الصَّوَابُ) عِنْدَ النَّوَوِيِّ (جَوَازُهُ) بَلْ نَدْبُهُ (وَسُقُوطُ) وُجُوبِ (الْفِدْيَةِ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» وَكَالْحَجِّ وَالْجَدِيدُ عَدَمُ جَوَازِهِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلَا تُسْقِطُ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ حُجَّةٌ مِنْ السُّنَّةِ وَالْخَبَرُ الْوَارِدُ بِالْإِطْعَامِ ضَعِيفٌ وَمَعَ ضَعْفِهِ فَالْإِطْعَامُ لَا يَمْتَنِعُ عِنْدَ الْقَائِلِ بِالصَّوْمِ وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْإِذْنَ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ أَصْلِهِ لَهُ بِإِذْنِ الْقَرِيبِ لِمَا عَرَفْت وَالتَّصْرِيحُ بِسُقُوطِ الْفِدْيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا إنْ اسْتَقَلَّ الْأَجْنَبِيُّ) بِالصَّوْمِ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ مِنْ الْحَجِّ بِأَنَّ لِلصَّوْمِ بَدَلًا وَهُوَ الْإِطْعَامُ وَبِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْحَيَاةِ فَضَيَّقَ فِيهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ قَامَ بِالْقَرِيبِ مَا يَمْنَعُ الْإِذْنَ كَصِبًا وَجُنُونٍ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ وَالصَّوْمِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبٌ فَهَلْ يَأْذَنْ الْحَاكِمُ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَقَيَّدَهَا الْحَاوِي الصَّغِيرُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَقْيِيدُهُ بِكَفَّارَةِ الْقَتْلِ غَرِيبٌ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ إلَخْ) فَسَّرَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَدَمَ التَّمَكُّنِ بِأَنْ لَا يَزَالَ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا مِنْ أَوَّلِ شَوَّالٍ حَتَّى يَمُوتَ فَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِمَا الْإِسْنَوِيُّ مَنْ مَاتَ فِي رَمَضَانَ وَلَوْ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ أَوْ حَدَثَ بِهِ عُذْرٌ آخَرُ مِنْ فَجْرِ ثَانِي شَوَّالٍ أَوْ طَرَأَ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ أَوْ مَرَضٌ قَبْلَ غُرُوبِهِ (قَوْلُهُ فَلَا فِدْيَةَ) لِأَنَّهُ فَرْضٌ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ إلَى الْمَوْتِ فَسَقَطَ حُكْمُهُ كَالْحَجِّ وَكَتَبَ أَيْضًا نَقَلَ الشَّيْخَانِ فِي الْفُرُوعِ الْمَنْثُورَةِ فِي النَّذْرِ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمًا وَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِهِ يُطْعِمُ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدًّا لِاسْتِقْرَارِهِ بِنَفْسِ النَّذْرِ بِخِلَافِ مَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ وَأَنَّهُ بُنِيَ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ حَنِثَ مُعْسِرٌ وَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الصَّوْمِ يُطْعِمُ عَنْهُ وَلَوْ نَذَرَ حَجًّا وَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِهِ يُحَجُّ عَنْهُ قَالَا وَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْحَجِّ وَنَقَلَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَزَادَ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَاعْتَرَضَ الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا عَلَى سُكُوتِهِمَا عَلَى كَلَامِ الْقَفَّالِ

(قَوْلُهُ أَمَّا أَعَطَاؤُهُ دُونَ الْمُدِّ فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ يَجُوزُ صَرْفُ صَاعٍ إلَى مِائَةِ مِسْكِينٍ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ تُصْرَفُ حِصَّةُ الْمَسَاكِينِ مِنْهَا إلَى مِائَةٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَدَّ إلَخْ) فَرَّقَ ابْنُ الْعِمَادِ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ كَفَّارَةَ قَتْلِ الصَّيْدِ مُخَيَّرَةٌ وَالْمُخَيَّرُ يُتَوَسَّعُ فِيهِ وَكَفَّارَةُ الصَّوْمِ مُرَتَّبَةٌ وَالْمُرَتَّبُ يُضَيَّقُ فِيهِ الثَّانِي إنَّ لَفْظَ الْمَسَاكِينِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ قَدْ جَاءَ مَجْمُوعًا فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} [المائدة: ٩٥] فَحُمِلَتْ عَلَى آيَةِ الزَّكَاةِ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] فَكَمَا لَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ عَلَى الْمَالِكِ بَيْنَ آحَادِ الْمَسَاكِينِ كَذَلِكَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ هُنَا وَأَمَّا آيَةُ الْكَفَّارَةِ فَوَرَدَتْ مُفَسَّرَةٌ بِمُفْرَدٍ فِي قَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» فَحُمِلَتْ عَلَى قَوْله تَعَالَى {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ٤] (قَوْلُهُ عُلِمَ أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يُعْطَى هُنَا مُدٌّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ صَامَ الْقَرِيبُ عَنْهُ) قَالَ فِي الْخَادِمِ أَطْلَقُوا الْقَرِيبَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ الْبُلُوغُ فَقَدْ ذَكَرُوا فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَجِيرُ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا أَيْ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ صَحَّ حَجُّهُمَا وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْخَادِمِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْقَدِيمُ وَهُوَ الصَّوَابُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ حَكَى ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ أَنَّهُ قَالَ إنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فِي أَمَالِيهِ أَيْضًا فَقَالَ إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ قُلْت بِهِ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَمَالِي هِيَ الْجَدِيدَةُ فَيَكُونُ مَنْصُوصًا فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ مَعًا انْتَهَى وَالْأَمَالِي مِنْ كُتُبِهِ الْجَدِيدَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي أَوَّلِ التَّعْلِيقَةِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا فِيمَنْ مَاتَ مُسْلِمًا أَمَّا مَنْ ارْتَدَّ وَمَاتَ لَمْ يَصُمْ عَنْهُ وَيَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَالْخَبَرُ الْوَارِدُ بِالْإِطْعَامِ ضَعِيفٌ) وَأَخْطَأَ ابْنُ الْفِرْكَاحِ حَيْثُ صَحَّحَهُ فِي كِتَابِهِ الْقَوِيمِ فِي حُكْمِ الْقَوْلِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَأْذَنُ الْحَاكِمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>