للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالضَّمَانُ عَلَى اللَّاحِقِ أَوْ مُقَدَّمُ مَدَاسِ اللَّاحِقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّابِقِ (وَلَوْ تَعَوَّدَتْ الْهِرَّةُ الْإِتْلَافَ) بِأَنْ عُهِدَ مِنْهَا ذَلِكَ (ضَمِنَ مَالِكُهَا) مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا إلَّا مِثْلَهَا يَنْبَغِي رَبْطُهُ وَكَفُّ شَرِّهِ وَقَوْلُهُ مَالِكُهَا مِثَالٌ، وَالْمُرَادُ مَنْ يَأْوِيهَا (وَكَذَا كُلُّ حَيَوَانٍ عَادَ) حُكْمُهُ كَذَلِكَ (وَلَا ضَمَانَ) لِمَا أَتْلَفَتْهُ (إنْ لَمْ تَعْتَدْ ذَلِكَ) إذْ الْعَادَةُ حِفْظُ الطَّعَامِ عَنْهَا لَا رَبْطُهَا (وَلَوْ هَلَكَتْ فِي الدَّفْعِ عَنْ حَمَامٍ وَنَحْوِهِ فَهَدَرٌ) لِصِيَالِهَا، وَلَوْ أَخَذَتْ حَمَامَةً وَهِيَ حَيَّةٌ جَازَ فَتْلُ أُذُنِهَا وَضَرْبُ فَمِهَا لِتُرْسِلَهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

(وَلَا تُقْتَلُ سَاكِنَةٌ وَلَوْ ضَارِيَةً) لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْ شَرِّهَا وَلَيْسَتْ الضَّارِيَةُ كَالْفَوَاسِقِ؛ لِأَنَّ ضَرَاوَتَهَا عَارِضَةٌ (وَإِنْ كَانَ بِدَارِهِ كَلْبٌ عَقُورٌ أَوْ دَابَّةٌ رَمُوحٌ وَدَخَلَ) هَا (رَجُلٌ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ) بِحَالِ الْكَلْبِ أَوْ الدَّابَّةِ فَعَضَّهُ الْكَلْبُ أَوْ رَمَحَتْهُ الدَّابَّةُ (ضَمِنَ) وَإِنْ كَانَ الدَّاخِلُ بَصِيرًا كَمَا لَوْ وَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامًا مَسْمُومًا وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي آخِرِ الطَّرَفِ الثَّالِثِ مِنْ الْجِنَايَاتِ حَيْثُ جَزَمَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي كَلْبِ الدَّارِ وَمَا هُنَاكَ فِي كَلْبٍ رَبَطَهُ مَالِكُهَا عَلَى بَابِهَا وَعَلَّلُوهُ ثَمَّ بِأَنَّهُ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ دَفْعُهُ (أَوْ) دَخَلَهَا (بِلَا إذْنٍ) أَوْ أَعْلَمَهُ بِالْحَالِ (فَلَا) ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَسَبِّبُ فِي هَلَاكِ نَفْسِهِ (، وَالْفَوَاسِقُ الْخَمْسُ لَا تُعْصَمُ وَلَا تُمْلَكُ وَلَا أَثَرَ لِلْيَدِ فِيهَا بِاخْتِصَاصٍ) لِعَدَمِ احْتِرَامِهَا لِلْأَمْرِ بِقَتْلِهَا وَأَلْحَقَ بِهَا الْإِمَامُ الْمُؤْذِيَاتِ بِطِبَاعِهَا كَالْأَسَدِ، وَالذِّئْبِ

(فَصْلٌ) (الْمُودَعُ، وَالْمُسْتَأْجِرُ لِلْحِفْظِ كَالْمَالِكِ) فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا (يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ الدَّابَّةُ فِي يَدِهِ) بِلَا إرْسَالٍ لَيْلًا وَنَهَارًا وَبِإِرْسَالٍ لَيْلًا وَنَهَارًا وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ تَفَقُّهًا بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ إطْلَاقِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا وَنَهَارًا (وَمَنْ أَلْقَتْ الرِّيحُ فِي حِجْرِهِ ثَوْبًا) مَثَلًا (فَأَلْقَاهُ ضَمِنَهُ) لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مِمَّا ذُكِرَ بِقَوْلِهِ (فَلْيُسْلِمْهُ إلَى الْمَالِكِ) وَلَوْ إلَى نَائِبِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ (فَالْحَاكِمُ وَكَذَا يَجِبُ) عَلَى الشَّخْصِ (رَدُّ دَابَّةٍ دَخَلَتْ مِلْكَهُ) إلَى مَالِكِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَإِلَى الْحَاكِمِ (إلَّا إنْ كَانَ الْمَالِكُ) هُوَ الَّذِي (سَيَّبَهَا فَلْيُحْمَلْ قَوْلُهُمْ) فِيمَا مَرَّ (أَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ زَرْعُهُ مَحْفُوفًا بِزَرْعِ غَيْرِهِ (عَلَى مَا سَيَّبَهُ) الْأَوْضَحُ سَيَّبَهَا (الْمَالِكُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُسَيِّبْهَا (فَيَضْمَنُ) هَا الْمُخْرِجُ لَهَا إذْ حَقُّهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِمَالِكِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَإِلَى الْحَاكِمِ وَلَوْ سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ سَطْحِ غَيْرِهِ يُرِيدُ أَنْ يَقَعَ فِي مِلْكِهِ فَدَفَعَهُ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى وَقَعَ خَارِجَ مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ

(وَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ) مَا أَتْلَفَتْهُ (إنْ قَصَّرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ وَنَحْوُهُ فِي حِفْظِ مُعْتَادٍ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ وَهَذَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ قَصَّرَ وَحَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ وَلَمْ يُنَفِّرْهَا (وَيَدْفَعُهَا) صَاحِبُ الزَّرْعِ (عَنْ الزَّرْعِ دَفْعَ الصَّائِلِ، فَإِنْ تَنَحَّتْ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ إخْرَاجُهَا عَنْ مِلْكِهِ) ؛ لِأَنَّ شُغْلَهَا مَكَانُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ لَا يُبِيحُ إضَاعَةَ مَالِ غَيْرِهِ (وَإِنْ حَمَلَ مَتَاعَهُ فِي مَفَازَةٍ عَلَى دَابَّةِ رَجُلٍ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (وَغَابَ فَأَلْقَاهُ الرَّجُلُ عَنْهَا) فَضَاعَ (أَوْ أَدْخَلَ دَابَّتَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (فَأَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ) فَوْقَ قَدْرِ الْحَاجَةِ (فَضَاعَتْ فَفِي الضَّمَانِ) عَلَيْهِ لَهُمَا (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا لِتَعَدِّي الْمَالِكِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ لِتَعَدِّي الْفَاعِلِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

بِهِ الِانْقِطَاعُ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِ فِعْلِ أَحَدِهِمَا أَقْوَى مِنْ فِعْلِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ عُهِدَ مِنْهَا) الْمُرَادُ أَنْ يَعْهَدَهُ الضَّامِنُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُقَصِّرٌ بِإِرْسَالِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَضْمِينِهِ مَا إذَا رَبَطَهَا فَانْفَلَتَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الشَّارِحِ مَنْ يُؤْوِيهَا وَمَنْ لَمْ يُؤْوِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ وَقَدْ سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ أَنَّ الْهِرَّةَ تَأْتِي فَتَلِدُ فِي بَيْتِ شَخْصٍ أَوْلَادًا فَيَأْلَفْنَ ذَلِكَ الْبَيْتَ وَيَذْهَبْنَ ثُمَّ يَعُدْنَ إلَيْهِ لِلْإِيوَاءِ بِهِ، فَإِذَا أَتْلَفْنَ شَيْئًا هَلْ يَضْمَنُ مَنْ هُنَّ فِي دَارِهِ أَمْ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ فِي ذَلِكَ فَأَجَابَ لَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ هُنَّ فِي دَارِهِ وَلَا أَحَدَ، فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْهِرَّةُ مَعَ أَحَدٍ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ ضَمَانُ مَا تُتْلِفُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَالِكِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مَالِكُهَا) كَمَا يَضْمَنُ مُرْسِلُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ مَا يُتْلِفُهُ

(قَوْلُهُ: وَلَا تُقْتَلُ سَاكِتَةٌ وَلَوْ ضَارِيَةً) شَمَلَ مَا إذَا خَرَجَتْ أَذِيَّتُهَا عَنْ عَادَةِ الْقِطَطِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ بِهَا الْإِمَامُ الْمُؤْذِيَاتِ بِطِبَاعِهَا كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: الْمُودَعُ وَالْمُسْتَأْجِرُ لِلْحِفْظِ كَالْمَالِكِ) مِثْلُهُمَا الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْمُرْتَهِنُ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ وَالْأَمِينُ بِوَجْهٍ مَا وَالْغَاصِبُ (قَوْلُهُ وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ تَفَقُّهًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا: قُوَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ تُفْهِمُ أَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مُقَصِّرًا بِإِرْسَالِهَا ع (قَوْلُهُ: بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ إطْلَاقِ الْبَغَوِيّ إلَخْ) لَكِنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ ضَمَانِ مَا تُتْلِفُهُ الدَّابَّةُ عِنْدَ التَّسْرِيحِ نَهَارًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسَرِّحُ مَالِكَهَا أَوْ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى حِفْظِهَا أَوْ أُودِعَتْ عِنْدَهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُمَا مُفَرِّطَانِ فِي الْحِفْظِ لَكِنَّهُمَا غَيْرُ مُتَعَدِّيَيْنِ فِي إرْسَالِهِمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَالِ الْغَيْرِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَا أَسْلَفْنَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ أَنَّ الدَّابَّةَ إذَا أَتْلَفَتْ بِالنَّهَارِ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ مِمَّا تُتْرَكُ وَحْدَهَا وَتُسَيَّبُ أَوْ لَا كَالْغَنَمِ فِي حَالَةِ وُجُودِ السِّبَاعِ وَالذِّئَابِ مَعَ نِسْبَةِ صَاحِبِهَا إلَى التَّقْصِيرِ وَأَجَابَ عَمَّا يُتَخَيَّلُ مِنْ التَّضْمِينِ فِي الْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِي إرْسَالِهَا وَحْدَهَا فَلَا يُعَدُّ هَذَا عُدْوَانًا عَلَى الْمَزَارِعِ م (فَرْعٌ)

فَتَحَ إنْسَانٌ مُرَاحَ غَنَمٍ فَخَرَجَتْ لَيْلًا وَرَعَتْ زَرْعًا، فَإِنْ كَانَ الَّذِي فَتَحَهُ الْمَالِكَ ضَمِنَ الزَّرْعَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْمَالِكِ لَمْ يَضْمَنْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَالِكَ يَلْزَمُهُ حِفْظُهَا فِي اللَّيْلِ فَإِذَا فَتَحَ عَنْهَا ضَمِنَ وَغَيْرُ الْمَالِكِ لَا يَلْزَمُهُ حِفْظُهَا فَإِذَا فَتَحَ عَنْهَا لَمْ يَضْمَنْ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ فِي آخِرِ الْبَابِ مَا يُؤَيِّدُهُ أَوْ هُوَ نَصٌّ فِيهِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ إنْ قَصَّرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ انْتِفَاءِ الضَّمَانِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَا يَقْتَضِي إتْلَافَهُ، فَإِنْ تَعَمَّدَهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ إلَخْ) الْأَوَّلُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِنَّمَا سَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْهُ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَرَّرَاهُ سَابِقًا وَلَاحِقًا وَلَكِنَّ صُورَةَ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ أَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ ثُمَّ إنِّي رَأَيْت جَوَابًا لِي عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>