للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ (وَلَوْ نَخَسَ الدَّابَّةَ) شَخْصٌ (بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاكِبِ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَسَبِّبُ (أَوْ بِإِذْنِهِ ضَمِنَ الرَّاكِبُ) ؛ لِأَنَّهُ الْحَامِلُ عَلَى النَّخْسِ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ فِي مُوجِبِ الدِّيَةِ وَكَالرَّاكِبِ السَّائِقُ، وَالْقَائِدُ (وَإِنْ غَلَبَ الْمَرْكُوبُ مُسَيِّرَهُ فَانْفَلَتَ) مِنْهُ (وَأَتْلَفَ) شَيْئًا (لَمْ يَضْمَنْ) لِخُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ (وَإِنْ كَانَ) يَدُهُ (عَلَيْهَا وَأَمْسَكَ لِجَامَهَا فَرَكِبَتْ رَأْسَهَا فَهَلْ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ) ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَضْبِطَ مَرْكُوبَهُ أَوْ لَا يَرْكَبَ مَا لَا يَضْبِطُهُ أَوْ لَا يَضْمَنُ لِخُرُوجِ الْأَمْرِ عَنْ اخْتِيَارِهِ (قَوْلَانِ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ اصْطِدَامِ الرَّاكِبَيْنِ تَرْجِيحُ الضَّمَانِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ

(قَالَ الْإِمَامُ وَمَنْ رَكِبَ) الدَّابَّةَ (الصَّعْبَةَ) الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ بِالْكَجِّ، وَالتَّرْدِيدِ فِي مَعَاطِفِ اللِّجَامِ (أَوْ سَاقَ الْإِبِلَ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ فِي الْأَسْوَاقِ) فِيهِمَا (ضَمِنَ) مَا أَتْلَفَتْهُ لِتَقْصِيرِهِ بِذَلِكَ (وَمَا فَسَدَ بِرَوْثِ) أَوْ بَوْلِ (الدَّابَّةِ السَّائِرَةِ فِي الطَّرِيقِ وَلَوْ وَقَفَتْ) حِينَ رَوْثِهَا أَوْ بَوْلِهَا (أَوْ بِرَشَاشِهَا) الْحَاصِلِ مِنْ وَحْلٍ أَوْ غُبَارٍ (لَا يَضْمَنُ) وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ ضَيِّقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ ذَلِكَ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْمَنْعِ مِنْ الطُّرُوقِ كَذَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ هُنَا وَخَالَفَاهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فَجَزَمَا فِيهِ بِالضَّمَانِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمُّ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالطَّرِيقِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ كَمَا مَرَّ وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَالْأَوَّلُ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ جَزَمَ بِهِ هُنَا لَكِنَّهُ بَيَّنَ فِي الدِّيَاتِ أَنَّهُ احْتِمَالٌ وَأَنَّ الْأَصْحَابَ عَلَى الضَّمَانِ وَمِنْ هُنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ الضَّمَانِ فِيمَا تَلِفَ بِرَكْضٍ مُعْتَادٍ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ بَنَاهُ عَلَى احْتِمَالِهِ الْمَذْكُورِ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الضَّمَانُ، وَإِطْلَاقُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ قَاضِيَةٌ بِهِ (نَعَمْ إنْ رَكَضَ خِلَافَ الْعَادَةِ فَرَسَهُ) أَوْ نَحْوَهَا (بِوَحْلٍ وَنَحْوِهِ ضَمِنَ) مَا أَتْلَفَتْهُ (أَوْ) رَكَضَهَا (كَالْعَادَةِ فَطَارَتْ حَصَاةٌ لِعَيْنِ إنْسَانٍ لَمْ يَضْمَنْ) وَأَفَادَ قَوْلُهُ كَالْعَادَةِ أَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ مَوْضِعَ رَكْضٍ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الْإِمَامِ، أَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْجُمْهُورِ فَيَضْمَنُ فِي الْحَالَيْنِ

(، وَالسَّائِرُ بِالْحَطَبِ) عَلَى دَابَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (يَضْمَنُ الْجِدَارَاتِ) إذَا تَلِفَتْ بِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةَ الْهَدْمِ، وَلَمْ يَتْلَفْ شَيْءٌ مِنْ الْآلَةِ لَمْ يَضْمَنْهَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَكَذَا) يَضْمَنُ (مَا يُتْلِفُهُ) الْحَطَبُ (مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ إنْ كَانَ) ثُمَّ (زِحَامٌ) كَأَنْ يَكُونَ بِسُوقٍ لِتَوَلُّدِ ذَلِكَ بِسَبَبِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتْلَفُ مُقْبِلًا أُمّ مُدْبِرًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ زِحَامٌ (ضَمِنَ مُدْبِرًا وَأَعْمَى) وَلَوْ مُقْبِلًا إذَا تَلِفَ بِذَلِكَ (وَلَمْ يُنَبِّهْهُمَا) لِتَقْصِيرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُقْبِلًا بَصِيرًا أَوْ مُدْبِرًا أَوْ أَعْمَى، وَنَبَّهَهُمَا فَلَمْ يَحْتَرِزَا وَيَلْحَقُ بِالْأَعْمَى مَعْصُوبُ الْعَيْنِ لِرَمَدٍ وَنَحْوِهِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُنَبِّهْهُ مَا لَوْ كَانَ أَصَمَّ، وَقَيَّدَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْبَصِيرَ الْمُقْبِلَ بِمَا إذَا وَجَدَ مُنْحَرَفًا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْهُ لِضِيقٍ وَعَدَمِ عَطْفَةٍ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الزِّحَامِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَلَوْ دَخَلَ السُّوقَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الزِّحَامِ فَحَدَثَ الزِّحَامُ فَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ زِحَامٌ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ كَمَا لَوْ حَدَثَتْ الرِّيحُ وَأَخْرَجَتْ الْمَالَ مِنْ النَّقْبِ لَا قَطْعَ فِيهِ بِخِلَافِ تَعْرِيضِهِ لِلرِّيحِ الْهَابَّةِ (وَإِنْ تَعَلَّقَ) الْحَطَبُ (بِثَوْبِهِ فَجَذَبَهُ أَيْضًا فَنِصْفُ الضَّمَانِ) عَلَى صَاحِبِ الْحَطَبِ (كَلَاحِقٍ وَطِئَ مَدَاسَ سَابِقٍ فَانْقَطَعَ) ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ انْقَطَعَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ السَّابِقِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ انْقَطَعَ مُؤَخَّرَا مَدَاسُ السَّابِقِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ) قَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ: وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا رَاكِبَانِ فَهَلْ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا أَوْ يَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ دُونَ الرَّدِيفِ وَجْهَانِ. اهـ. وَأَصَحُّهُمَا ثَانِيهمَا؛ لِأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا دُونَ الرَّدِيفِ وَإِنْ حَكَمَ بِأَنَّهَا لَهُمْ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا فِيهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْيَدَيْنِ لَا تُكَذِّبُ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَخَسَ الدَّابَّةَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاكِبِ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ) فَلَوْ رَمَحَتْ النَّاخِسَ كَانَ هَدَرًا (تَنْبِيهٌ)

فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ الْخَانِي لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى حِفْظِ دَابَّةٍ فَانْفَلَتَتْ عَلَى أُخْرَى وَأَتْلَفَتْهَا وَغَلَبَتْهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهَا فَلَا ضَمَانَ وَقَوْلُهُ فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَخْتَلِفُ مَا أَفْتَى بِهِ مَا ذَكَرَ قَرِينُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَدُهُ عَلَيْهَا أَوْ أَمْسَكَ لِجَامَهَا إلَخْ مِنْ كَوْنِهِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ ابْنِ الصَّلَاحِ الْإِتْلَافُ الْحَاصِلُ مِنْهَا بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ يَدِهِ وَالْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ قَرِينُهَا الْإِتْلَافُ حَصَلَ مِنْهَا وَهِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَيُؤَيِّدُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَلَّاحِينَ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ) هُوَ الْأَظْهَرُ

(قَوْلُهُ: كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَمِنْ هُنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ الضَّمَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِوَحْلٍ وَنَحْوِهِ) كَمُجْتَمَعِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ) بَنَاهُ عَلَى مَا قَرَّرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيمَا يَتْلَفُ بِبَوْلِهَا وَرَوْثِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةَ الْهَدْمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَيْ وَغَيْرُهُ فَلَوْ بَنَاهُ مُسْتَوِيًا ثُمَّ مَالَ عَلَى صُورَةٍ مُضِرَّةٍ بِالْمَارَّةِ فَالْأَرْجَحُ فِيهِ أَيْضًا عَدَمُ الضَّمَانِ اهـ قَالَ شَيْخُنَا بَنَاهُ عَلَى كَوْنِهِ ضَامِنًا لَوْ سَقَطَ وَأَتْلَفَ شَيْئًا وَالْأَرْجَحُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مُدَبَّرًا وَأَعْمَى) الْأَشْبَهُ أَنَّ مُسْتَقِلَّ الْحَطَبِ مِمَّنْ لَا يُمَيِّزُ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ كَالْأَعْمَى قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ كَانَ غَافِلًا أَوْ مُلْتَفِتًا أَوَمُطْرِقًا مُفَكِّرًا ضَمِنَهُ صَاحِبُ الْحَطَبِ إذْ لَا تَقْصِيرَ حِينَئِذٍ ع وَقَوْلُهُ الْأَشْبَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إلَخْ) جَوَابُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِيهِمَا فِي قُوَّةِ الِاعْتِمَادِ وَضَعْفِهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِمَا فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُمَا وَوَجَبَ إحَالَةُ ذَلِكَ عَلَى السَّبَبَيْنِ جَمِيعًا كَمَا فِي الْمُصْطَدِمَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقُوَّةِ مَشْيِ أَحَدِهِمَا وَقِلَّةِ حَرَكَةِ الْآخَرِ وَكَتَبَ أَيْضًا: عِلَّةُ التَّنْصِيفِ حُصُولُ الِاشْتِرَاكِ فِيمَا حَصَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>