للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرُّكْبَةِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَا يَقْتَضِي عَكْسَ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِي الْمَحْرَمِ بَيْنَ الْكَافِرِ وَغَيْرِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْكَافِرُ مِنْ قَوْمٍ يَعْتَقِدُونَ حِلَّ الْمَحَارِمِ كَالْمَجُوسِ امْتَنَعَ نَظَرُهُ وَخَلْوَتُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ (كَنَظَرِ بَعْضِ النِّسَاءِ بَعْضًا) أَيْ كَمَا يُبَاحُ لِبَعْضِهِنَّ أَنْ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعْضِهِنَّ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مِنْهُنَّ بِالنَّظَرِ إلَيْهِنَّ كَالرِّجَالِ مَعَ الرِّجَالِ أَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَحُضُورُهُ كَغَيْبَتِهِ وَيَجُوزُ التَّكَشُّفُ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى أَوْ الطِّفْلُ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ

(وَتَحْتَجِبُ مُسْلِمَةٌ عَنْ كَافِرَةٍ) وُجُوبًا فَيَحْرُمُ نَظَرُ الْكَافِرَةِ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: ٣١] وَالْكَافِرَةُ لَيْسَتْ مِنْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ وَلِأَنَّهَا رُبَّمَا تَحْكِيهَا لِلْكَافِرِ فَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ مَعَ الْمُسْلِمَةِ نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ تَرَى مِنْهَا مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ لَمْ أَرَهُ نَصًّا بَلْ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ بِأَنَّهَا مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَكَذَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَدْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ كَشْفُ وَجْهِهَا لَهَا وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَجْنَبِيِّ لَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ هُوَ كَالرَّافِعِيِّ هَذَا كُلُّهُ فِي كَافِرَةٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لِلْمُسْلِمَةِ وَلَا مَحْرَمَ لَهَا أَمَّا هُمَا فَيَجُوزُ لَهُمَا النَّظَرُ إلَيْهَا وَأَمَّا نَظَرُ الْمُسْلِمَةِ لِلْكَافِرَةِ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ تَوَقُّفٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْفَاسِقَةُ مَعَ الْعَفِيفَةِ كَالْكَافِرَةِ مَعَ الْمُسْلِمَةِ وَنَازَعَهُ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ

(وَالْمَمْسُوحُ) إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ مَيْلٌ إلَى النِّسَاءِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (وَالْمَمْلُوكُ) لِلْمَرْأَةِ (الْعَدْلُ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ كَالْمَحْرَمِ) فِي النَّظَرِ فَيُبَاحُ لِلْأَوَّلِ النَّظَرُ إلَى مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ وَلِلثَّانِي ذَلِكَ مِنْ سَيِّدَتِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ} [النور: ٣١] أَيْ الْحَاجَةِ إلَى النِّكَاحِ لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُخْتَارُ فِي غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ أَنَّهُ الْمُغَفَّلُ فِي عَقْلِهِ الَّذِي لَا يَكْتَرِثُ لِلنِّسَاءِ وَلَا يَشْتَهِيهِنَّ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: ٣١] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْجَوَازِ فِي الْمَمْسُوحِ بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فِي حَقِّ الْمُسْلِمَةِ فَإِنْ كَانَ كَافِرًا مُنِعَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَالْمَرْأَةِ الْكَافِرَةِ وَتَقْيِيدُ الْمَمْلُوكِ بِالْعَدْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقِيَاسُ الْمَرْأَةِ كَذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَهْدَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَهُوَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فَخَرَجَ بِذَلِكَ الْفَاسِقُ.

قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ فِسْقُهُ بِالزِّنَا وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ مَعَ قِيَامِ الْمُبِيحِ وَهُوَ الْمِلْكُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَبِغَيْرِ الْمُكَاتَبِ الْمُكَاتَبُ فَلَا يُبَاحُ لَهُ مَا ذُكِرَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ وَقَيَّدَهُ الْقَاضِي بِمَا إذَا كَانَ مَعَهُ وَفَاءٌ لِخَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ «إذَا كَانَ مَعَ مُكَاتَبِ إحْدَاكُنَّ وَفَاءٌ فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ كَالْقِنِّ وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَيَجِبُ الْفَتْوَى بِهِ وَأَجَابَ أَعْنِي الشَّافِعِيَّ عَنْ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِزَوْجَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ لَهُنَّ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِنَّ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُبَاحُ نَظَرُ الرَّجُلِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ) الْمُعْتَمَدُ مَا اقْتَضَاهُ تَعْبِيرُ أَصْلِهِ هُنَا وَفِيمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْكَافِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ فَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ مَعَ الْمُسْلِمَةِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ مَنْعِهِنَّ بِمَا إذَا كَشَفَتْ الْمُسْلِمَةُ مِنْ جَسَدِهَا زِيَادَةً عَلَى مَا يَبْدُو حَالَ الْمِهْنَةِ وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُبْدِيَهُ لِلْكَافِرَةِ وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَرَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَالرَّأْسُ وَالْيَدُ إلَى الْمِرْفَقِ وَالرِّجْلِ إلَى الرُّكْبَةِ ش (قَوْلُهُ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَيْ لَمَّا سَوَّى مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ وَنَازَعَهُ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهَا مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْفِسْقُ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ ذَلِكَ) فِي مُلَاقَاةِ كَلَامِهِ لِكَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْفِسْقَ يُخْرِجُهَا عَنْ الْإِيمَانِ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ الْفَاسِقَةَ يَحْرُمُ نَظَرُهَا إلَى الْعِدْلَةِ كَمَا يَحْرُمُ نَظَرُ الْكَافِرَةِ إلَى الْمُسْلِمَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَحْكِيَ مَا رَآهُ وَهُوَ حَسَنٌ س قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُسَاحَقَةَ وَنَحْوَهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ فَقَالَ وَإِنْ كَانَتْ مُسَاحَقَةً فَكَالرَّجُلِ وَنَحْوِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ إنْ كَانَتْ تَمِيلُ إلَى النِّسَاءِ أَوْ خَافَتْ مِنْ النَّظَرِ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ الْفِتْنَةَ لَمْ يَجُزْ لَهَا النَّظَرُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ فَكَالرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ وَأَمَّا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِحَالٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ سَكَتُوا عَنْ الْمُرْتَدَّةِ وَالْمُتَّجَهُ تَحْرِيمُ تَمْكِينِهَا مِنْ النَّظَرِ؛ لِأَنَّهَا أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الذِّمِّيَّةِ وَالْفَاسِقَةِ وَذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ تَحْرِيمُ تَمْكِينِهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَالْمَسْمُوحُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ مَيْلٌ إلَخْ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُ حِلِّ نَظَرِهِ إلَى الْمَرْأَةِ بِعِفَّتِهَا كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الْمَمْلُوكِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ التَّسْوِيَةُ فِي الْمَمْسُوحِ بَيْنَ النَّظَرِ وَالْمَسِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ إلَّا النَّظَرُ وَأَمَّا الْمَسُّ فَهُوَ فِيهِ كَالْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ وَالْمَمْلُوكُ الْعَدْلُ إلَخْ) وَالْمُبَعَّضُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَفِي تَعْلِيقِ إبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيِّ وَحُكْمُ الْمُبَعَّضِ حُكْمُ الْعَبْدِ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ إلَّا فِي السَّرِقَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّظَرِ اهـ وَقَوْلُهُ فِي السَّرِقَةِ يَعْنِي لَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ وَفِي مَعْنَى الْمُبَعَّضِ مَنْ بَعْضُهُ لِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَالْمَرْأَةِ الْكَافِرَةِ) هُوَ وَاضِحٌ (قَوْله قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقِيَاسُ الْمَرْأَةِ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَهْدَوِيُّ إلَخْ) قَيَّدَ الْوَاحِدِيُّ فِي بَسِيطِهِ الْجَوَازَ بِمَا إذَا كَانَا عَفِيفَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَجِبُ تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا شَنَّعَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَوْلُهُ قَيَّدَ الْوَاحِدِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ) بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ الْقَاضِي إلَخْ) ضَعِيفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>