للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ، وَإِنَّمَا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ مَعَ أَنَّهُ قَرْضٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَرْضًا حَقِيقِيًّا بَلْ تَقْدِيرِيٌّ (وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ غَرِمَ الثَّمَنَ) مِنْ مَالِهِ (حَبْسُ الْمَبِيعِ) لِيَغْرَمَ لَهُ مُوَكِّلُهُ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ) عَلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ

(وَإِنْ قَالَ) الْمَدْيُونُ (لِوَكِيلِ غَرِيمِهِ خُذْ) هَذَا (وَاقْضِهِ) بِهِ (صَارَ وَكِيلًا لِلْمَدْيُونِ) فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مَا دَامَ بِيَدِ الْوَكِيلِ، وَلَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ بَقِيَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَدْيُونِ (أَوْ) قَالَ لَهُ (خُذْ) هـ (عَمَّا تُطَالِبُنِي بِهِ لِغَرِيمِي) فَأَخَذَهُ (بَرِئَ) الْمَدْيُونُ وَلَا اسْتِرْدَادَ لَهُ (وَكَذَا) يَبْرَأُ (لَوْ قَالَ) لَهُ (خُذْهُ قَضَاءً) لِدَيْنِ غَرِيمِي وَفِي نُسْخَةٍ خُذْهُ قَضَاءً أَيْ الْغَرِيمَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ غَرِيمُهُ فِي إرَادَةِ التَّوْكِيلِ صُدِّقَ وَلَيْسَ مُرَادًا فَقَدْ صَرَّحَ أَصْلُهُ بِأَنَّ الْمُصَدَّقَ فِيهِ الْمَدْيُونُ بِيَمِينِهِ

(وَإِنْ أَعْطَى) شَخْصٌ (وَكِيلَهُ) شَيْئًا (لِيَتَصَدَّقَ) بِهِ (فَنَوَى) التَّصَدُّقَ (عَنْ نَفْسِهِ وَقَعَ لِلْآمِرِ) وَلَغَتْ النِّيَّةُ

(وَلَوْ وَكَّلْت) أَنْت (عَبْدًا يَشْتَرِي لَك نَفْسَهُ) أَوْ مَالًا آخَرَ مِنْ سَيِّدِهِ (صَحَّ) كَمَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهِ، (وَلَزِمَهُ التَّصْرِيحُ بِاسْمِك) بِأَنْ يَقُولَ: اشْتَرَيْت نَفْسِي أَوْ كَذَا مِنْك لِمُوَكِّلِي فُلَانٍ (كَمَا يَلْزَمُك التَّصْرِيحُ بِاسْمِهِ إنْ وَكَّلَك فِي شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ) بِأَنْ تَقُولَ: اشْتَرَيْت عَبْدَك مِنْك لَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالِاسْمِ فِيهِمَا (وَقَعَ عَقْدُهُ لَهُ) لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ الْعِتْقَ فَلَا يَنْدَفِعُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ (وَ) وَقَعَ (عَقْدُك لَك) ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ لَا يَرْضَى بِعَقْدٍ يَتَضَمَّنُ الْإِعْتَاقَ قَبْلَ تَوْفِيرِ الثَّمَنِ وَصَوَّرَ الْقَفَّالُ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى بِأَنْ يُوَكِّلَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ إذْنٌ لَهُ فِي الشِّرَاءِ

(وَلَوْ قَالَ أَسْلِمْ لِي فِي كَذَا) وَأَدِّ رَأْسَ الْمَالِ (مِنْ مَالِك وَارْجِعْ عَلَيَّ) بِهِ فَفَعَلَ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ إنَّمَا يَتِمُّ بِالْإِقْبَاضِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ قَبْضٌ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ كَدَيْنِهِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ وَبِأَنَّ الْمُوَكِّلَ هُنَا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَدَعْوَى أَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الْآمِرِ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ التَّقْدِيرِيَّةَ لَا تُعْطَى حُكْمَ الْأَشْيَاءِ الْمُحَقَّقَةِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُضَيَّقِ فِيهَا، وَهَذَا كَمَا أَنَّا فِي بَابِ الرِّبَا لَا نَكْتَفِي بِالْمُمَاثَلَةِ التَّقْدِيرِيَّةِ فَكَذَا هُنَا لَا نَكْتَفِي بِالْقَبْضِ التَّقْدِيرِيِّ وَلِهَذَا لَوْ أَحَالَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَكْفِ كَمَا مَرَّ وَفِي النَّفْسِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ

(وَإِذَا أَبْرَأَ وَكِيلُ الْمُسْلِمِ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَبْرَأْ) أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ يَبْرَ وَوَجْهُهُ أَنْ يُقَدَّرَ دُخُولُ الْجَازِمِ بَعْدَ إبْدَالِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا وَقَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: لَسْت وَكِيلًا، وَالسَّلَمُ لَك) وَأَبْرَأْتنِي مِنْهُ (نَفَذَ الْإِبْرَاءُ ظَاهِرًا أَوْ تَعَطَّلَ) بِذَلِكَ (حَقُّ الْمُسْلِمِ وَغَرِمَ) لَهُ (الْوَكِيلُ بِرَأْسِ الْمَالِ) أَيْ قِيمَتَهُ (لِلْحَيْلُولَةِ) فَلَا يَغْرَمُ بَدَلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَيْ لَا يَكُونَ اعْتِيَاضًا عَنْهُ

(وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي طَعَامًا حُمِلَ) فِي كُلِّ مَكَان (عَلَى الْعُرْفِ) فِيهِ (إنْ كَانَ) فِيهِ عُرْفٌ كَالْحِنْطَةِ بِمَكَّةَ، أَوْ مِصْرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ كَمَا فِي طَبَرِسْتَانَ لَمْ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي مَجْهُولٍ

(وَإِنْ قَالَ أَبْرِي غُرَمَائِي) وَكَانَ مِنْ غُرَمَائِهِ (لَمْ يُبْرِ نَفْسَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ أَمْرِ الْمُخَاطِبِ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ قَالَ وَإِنْ شِئْت فَأَبْرِ نَفْسَك فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وُكِّلَ الْمَدْيُونُ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) قَالَ (أُعْطِ ثُلُثِي لِلْفُقَرَاءِ أَوْ) أَعْطِهِ (نَفْسَك إنْ شِئْت لَمْ يُعْطِ نَفْسَهُ) لِمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (لِتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) ، قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ مَعَ أَنَّهُ قَرْضٌ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ. اهـ. وَأَشَارَ بِهِ إلَى الْخِلَافِ فِي الْقَرْضِ الْمُتَقَوِّمِ هَلْ الْوَاجِبُ الْمِثْلُ الصُّورِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَوْ الْقِيمَةُ فَالْوَاجِبُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ الْمِثْلُ لَا الْقِيمَةُ وَعِبَارَةُ الْأَصْفُونِيِّ وَالْحِجَازِيِّ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ بِبَدَلِهِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لِوَكِيلِ غَرِيمِهِ: خُذْ هَذَا وَاقْضِهِ بِهِ) أَيْ أَوْ ادْفَعْهُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ غَرِيمُهُ إلَخْ) لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا قَضِيَّتُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ

(قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ: اشْتَرَيْت نَفْسِي إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَصِحُّ مَعَ تَقَدُّمِ الْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ قَبْلَ الشِّرَاءِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: أَسْلِمْ كَذَا مِنْ مَالِك إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَكِنْ لَوْ قَالَ اسْتَلِفْ لِي كَذَا فِي الذِّمَّةِ وَأَسْلِمْهُ لِي فِي كُرٍّ مِنْ طَعَامٍ فَلَمَّا تَمَّ قَالَ: اقْضِ هَذَا الثَّمَنَ عَنِّي مِنْ مَالِك فَفَعَلَ صَحَّ (فَرْعٌ) وَلَوْ وَكَّلَا رَجُلًا فِي بَيْعٍ وَقَالَا: لَا تَبِعْ إلَّا بِحَضْرَةِ فُلَانٍ أَوْ بِعْ بِحَضْرَتِهِ فَإِنْ بَاعَ بِغَيْبَتِهِ بَطَلَ وَلَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمَا فِي ذِمَّتِك فَاشْتَرَى صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ عُيِّنَ الْعَبْدُ، أَوْ لَمْ يُعَيَّنْ وَبَرِئَ مِنْ دَيْنِهِ وَلَوْ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ تَلِفَ مِنْ ضَمَانِ الْآمِرِ، وَلَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ فَرَسًا فَأَخَذَ الْوَكِيلُ فَرَسًا، وَبَعَثَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ عَلَى يَدِ ثَالِثٍ وَتَلِفَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالِاسْتِيَامِ فَاسْتَامَ وَبَعَثَهُ ضَمِنَهُ الْمُوَكِّلُ فَقَطْ وَلَوْ رَكِبَهُ الثَّالِثُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْمُوَكِّلُ وَاسْتَامَ بِنَفْسِهِ وَبَعَثَ ضِمْنَ وَلَوْ رَكِبَهُ الثَّالِثُ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَمَرَهُ الْبَائِعُ بِالْبَعْثِ بِلَا اسْتِيَامٍ، وَلَمْ يَرْكَبْ الثَّالِثُ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ رَكِبَ الثَّالِثُ ضَمِنَ.

وَلَوْ قَالَ: رَكِبْت بِالْإِذْنِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ دَفَعَ شَيْئًا إلَى آخَرَ لِيَحْمِلَهُ إلَى بَلَدٍ وَيَبِيعَهُ، وَرَدَّهُ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ ثَانِيًا بِلَا رَدٍّ إلَى الْمَالِكِ، وَلَا إذْنٍ جَدِيدٍ صَارَ ضَامِنًا وَلَوْ بَاعَ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَوْ دَفَعَ دِينَارًا إلَى آخَرَ لِيَدْفَعَهُ لِغَرِيمِهِ فَجَاءَ بِهِ فَقَالَ احْفَظْهُ لِي فَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الدَّافِعِ لَا مِنْ ضَمَانِ الْغَرِيمِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَقَالَ لِلْمَدْيُونِ: اشْتَرِ كُلَّ يَوْمٍ شَعِيرًا بِدِرْهَمٍ، وَأَطْعِمْهُ حِمَارِي فَقَالَ الْمَأْمُورُ: اشْتَرَيْت وَأَطْعَمْت، وَأَنْكَرَ الْآمِرُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَوْ دَفَعَ دَابَّةً إلَى دَلَّالٍ لِيَبِيعَهَا فَرَكِبَهَا لِلِانْتِفَاعِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى دَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ فَلَبِسَهُ أَوْ ارْتَدَى بِهِ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ يَخَافُ الضَّيَاعَ لَوْ لَمْ يَلْبَسْ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى بَزَّازٍ لِيَبِيعَهُ جَازَ لَهُ الدَّفْعُ إلَى الدَّلَّالِ لِيَعْرِضَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمَا فِي ذِمَّتِك فَاشْتَرَى صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ كَتَبَ عَلَيْهِ الْأَصَحُّ عَدَمُ وُقُوعِهِ لِلْمُوَكِّلِ

(قَوْلُهُ لِتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) أَيْ الْإِقْبَاضَ وَالْقَبْضَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ الْآتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>