للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَيْئًا) فَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِوَلِيِّهِ (وَ) إنْ انْدَمَلَ جُرْحُهُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ (قَبْلَ الْمَوْتِ) كَانَ (الْقِصَاصُ لَهُ) فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْتَصَّ اقْتَصَّ وَلِيُّهُ (وَلِلْمَالِ) الْوَاجِبِ لَهُ بِالْجُرْحِ (حُكْمُ مَالِهِ) الثَّابِتِ لَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ أَخَذَهُ، وَإِلَّا أَخَذَهُ الْإِمَامُ (فَإِنْ أَسْلَمَ) قَبْلَ انْدِمَالِ جُرْحِهِ (ثُمَّ مَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ) ، وَإِنْ قَلَّ زَمَنُ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ انْتَهَى إلَى حَالَةٍ لَوْ مَاتَ فِيهَا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ فَصَارَ ذَلِكَ شُبْهَةً دَارِئَةً لَهُ (وَتَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً) ، وَإِنْ كَثُرَ زَمَنُ الرِّدَّةِ لِوُقُوعِ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ فِي حَالَةِ الْعِصْمَةِ؛ وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الدِّيَةِ بِآخِرِ الْأَمْرِ.

(وَكَذَا) لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً (إنْ ارْتَدَّ) الْمَرْمِيُّ إلَيْهِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ (ثُمَّ أَسْلَمَ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ فَلَوْ لَمْ يُسْلِمْ) حِينَئِذٍ (أُهْدِرَ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُغِيرِ قَدْرَ الدِّيَةِ وَقْتَ الْمَوْتِ) ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ بَدَلُ التَّالِفِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ وَقْتُ التَّلَفِ، وَقَدْرُ الدِّيَةِ مَنْصُوبٌ بِالْمُغِيرِ (فَإِنْ جَرَحَ ذِمِّيًّا) حُرًّا مِثْلَهُ (فَنَقَضَ) الْمَجْرُوحُ عَهْدَهُ وَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبِيَ (وَاسْتُرِقَّ ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ وَلِلْجُرْحِ قِصَاصٌ) كَقَطْعِ يَدٍ (اقْتَصَّ بِهِ) إذْ لَا مَانِعَ (لَا بِالنَّفْسِ) لِتَخَلُّلِ حَالَةِ إهْدَارِهَا؛ وَلِأَنَّ الْحُرَّ لَا يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ (بَلْ تَجِبُ قِيمَتُهُ) فِي ذَلِكَ وَفِيمَا لَوْ لَمْ يَقْتَصَّ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ اعْتِبَارًا بِالْمَالِ بَعْدَ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَضْمُونًا وَقْتَ الْجِنَايَةِ (وَلِلْوَارِثِ مِنْهَا قَدْرُ الْأَرْشِ، وَلَوْ كَانَ) الْوَارِثُ ذِمِّيًّا (فِي دَارِ الْحَرْبِ وَمَا فَضَلَ) مِنْهَا (لِلسَّيِّدِ) فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ (فَإِنْ كَانَ) سَيِّدُهُ (قَدْ أَعْتَقَهُ فَدِيَةُ ذِمِّيٍّ) تَجِبُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ الْمَجْرُوحُ (أَوْ) دِيَةُ (مُسْلِمٍ إنْ أَسْلَمَ) ، وَقِيلَ الْوَاجِبُ فِي الْأُولَى أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأَرْشِ وَدِيَةُ ذِمِّيٍّ وَفِي الثَّانِيَةِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأَرْشِ وَدِيَةُ مُسْلِمٍ وَفِي الْقِصَاصِ فِي الثَّانِيَةِ قَوْلَانِ، وَقَدْ حَكَى الْأَصْلُ ذَلِكَ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِلَا تَرْجِيحٍ فَتَرْجِيحُ إيجَابِ الدِّيَةِ وَعَدَمُ إيجَابِ الْقِصَاصِ الْمَفْهُومِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ. (وَالدِّيَةُ) فِي الصُّورَتَيْنِ (لِلْوَارِثِ) ، وَهُوَ فِي الْأُولَى ذِمِّيٌّ، وَفِي الثَّانِيَةِ مُسْلِمٌ.

(وَإِنْ جَرَحَ) شَخْصٌ (ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ، أَوْ عَبْدًا) لِغَيْرِهِ (فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَجَبَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَيَكُونُ) أَرْشُهَا فِي الثَّانِيَةِ (لِمَالِكِ الْعَبْدِ، وَإِنْ) الْأَوْلَى فَإِنْ (فَقَأَ عَيْنَهُ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ) ، وَإِنْ كَانَ الِانْدِمَالُ بَعْدَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ إذَا انْدَمَلَتْ اسْتَقَرَّتْ وَخَرَجَتْ عَنْ أَنْ تَكُونَ جِنَايَةً عَلَى النَّفْسِ فَيَنْظُرُ إلَى حَالِ الْجِنَايَةِ عَلَى الطَّرَفِ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَانَ حِينَئِذٍ مَمْلُوكًا فَيَجِبُ أَرْشُهَا لِلْمَالِكِ كَمَا قُلْنَا لَا دِيَةُ حُرٍّ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَقَطْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ أَكْثَرُ مِنْ الْقِيمَةِ غَالِبًا (وَإِنْ) مَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْ الذِّمِّيِّ وَالْعَبْدِ (بِالسِّرَايَةِ فَلَا قِصَاصَ) إنْ كَانَ جَارِحُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمًا وَجَارِحُ الْعَبْدِ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِالْجِنَايَةِ مَنْ يُكَافِئُهُ (بَلْ) تَجِبُ (دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ) ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ فِي مَسْأَلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ مَضْمُونٌ، وَفِي الِانْتِهَاءِ حُرٌّ مُسْلِمٌ فَتَجِبُ دِيَتُهُ (لِلْوَرَثَةِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَ) لَكِنْ (لِسَيِّدِ الْعَبْدِ مِنْهَا) فِي الثَّانِيَةِ (قِيمَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالْجِنَايَةِ الْوَاقِعَةِ فِي مِلْكِهِ (وَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ فَلِوَارِثِ الْعَتِيقِ) ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِسَبَبِ الْحُرِّيَّةِ رُبَّمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ فَضَلَ إلَى آخِرِهِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِلْوَرَثَةِ وَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ قِيمَتِهِ شَيْءٌ فَلِوَارِثِ الْعَتِيقِ كَانَ أَحْسَنَ، وَأَوْضَحَ، وَأَخْصَرَ مِمَّا قَالَهُ (وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (فَدِيَةٌ) تَجِبُ لِمَا مَرَّ (وَلِلسَّيِّدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ مِنْهَا، وَإِنْ أَتَتْ) قِيمَتُهُ أَيْ نِصْفُهَا (عَلَى الدِّيَة) بِأَنْ سَاوَتْهَا.

(فَرْعٌ:) لَوْ (قَطَعَ) شَخْصٌ (يَدَ عَبْدٍ) لِغَيْرِهِ (فَعَتَقَ ثُمَّ) قَطَعَ (آخَرُ) يَدَهُ (الْأُخْرَى) وَانْدَمَلَ الْجُرْحَانِ (قُطِعَ) الْقَاطِعُ (الثَّانِي) حُرًّا كَانَ، أَوْ عَبْدًا لِوُجُودِ الْكَفَاءَةِ (لَا الْأَوَّلُ) فَلَا يُقْطَعُ (إنْ كَانَ حُرًّا) لِعَدَمِهَا بَلْ عَلَيْهِ (لِلسَّيِّدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ فَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْقِطْعَيْنِ (قُتِلَ الثَّانِي) لِوُجُودِ الْكَفَاءَةِ لَا الْأَوَّلُ إنْ كَانَ حُرًّا لِعَدَمِهَا (وَلَزِمَ الْأَوَّلَ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلسَّيِّدِ مِنْهَا) يَعْنِي مِنْ نِصْفِهَا (نِصْفُ قِيمَتِهِ) وَالْبَاقِي لِلْوَارِثِ (وَإِنْ عَفَا) عَنْ الثَّانِي (فَعَلَيْهِمَا) أَيْ الْقَاطِعَيْنِ (الدِّيَةُ وَلِلسَّيِّدِ فِي حِصَّةِ الْأَوَّلِ) مِنْهُمَا (الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِهَا) وَمِنْ (نِصْفِ الْقِيمَةِ) ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي حِصَّةِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِهِ (وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ اتَّحَدَ الْقَاطِعُ لَكِنْ لَا يُقْتَلُ بِهِ) أَيْ بِالْمَقْطُوعِ (إنْ مَاتَ) تَغْلِيبًا لِلْمُسْقِطِ فَلَوْ قَطَعَ حُرٌّ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ ثُمَّ قَطَعَ يَدَهُ الْأُخْرَى وَانْدَمَلَ الْجُرْحَانِ اقْتَصَّ مِنْهُ لِلْأُخْرَى لَا لِلْأُولَى، وَعَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ فَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا اقْتَصَّ مِنْهُ لِلْأُخْرَى لَا لِلنَّفْسِ، وَلَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلسَّيِّدِ مِنْهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ فَإِنْ عَفَا عَنْهُ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ لِلسَّيِّدِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ زَمَنُ الرِّدَّةِ) بِأَنْ لَمْ يَمْضِ فِيهَا زَمَانٌ يَسْرِي فِيهِ الْجُرْحُ (قَوْلُهُ: فَصَارَ ذَلِكَ شُبْهَةً دَارِئَةً لَهُ) هَذَا إذَا كَانَ الْجَارِحُ غَيْرَ مُرْتَدٍّ فَإِنْ كَانَ مُرْتَدًّا فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ جَرَحَ شَخْصٌ ذِمِّيًّا) أَيْ أَوْ مُعَاهَدًا أَوْ مُسْتَأْمَنًا

<<  <  ج: ص:  >  >>