ذُرْعَانَهَا فَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ ذِرَاعًا مُعَيَّنًا وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْإِشَاعَةَ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِإِرَادَتِهِ كَمَا مَرَّ وَمَا إذَا اخْتَلَفَا هَلْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ اعْتِرَافٍ فَالْمُصَدَّقُ مُدَّعِي وُقُوعِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَمَا إذَا قَالَ الْمُرْتَهِنُ أَذِنْت فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ رَهْنِ الثَّمَنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ مُطْلَقًا فَالْمُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَقَعْ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ وَلَا مِنْ نَائِبِهِمَا وَمَا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِمَغْصُوبٍ كُنْت أَظُنُّ الْقُدْرَةَ عَلَى تَسَلُّمِهِ وَأَنَا الْآنَ لَا أَقْدِرُ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ لِاعْتِضَادِهِ بِقِيَامِ الْغَصْبِ وَمَا إذَا قَالَ السَّيِّدُ كَاتَبْتُك وَأَنَا مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيَّ وَعُرِفَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ هُنَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا يَكُونُ وُجُودُهُ شَرْطًا كَبُلُوغِ الْبَائِعِ كَأَنَّهُ بَاعَهُ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَكُنْ بَالِغًا حِينَ الْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَاحْتَمَلَ مَا قَالَهُ الْبَائِعُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي الطَّلَاقِ وَالْجِنَايَاتِ يُوَافِقُهُ
وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مَا لَمْ أَرَهُ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَفِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ صُدِّقَ الْبَائِعُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَا يَنْفَكُّ هَذَا عَنْ خِلَافٍ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ مَسْأَلَةُ اخْتِلَافِهِمَا فِي مُفْسِدِ الْعَقْدِ وَفِيهَا الْخِلَافُ الْمَعْرُوفُ وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَعَلَيْهِ فَرَّعَهَا الْغَزَالِيُّ وَتَقَدَّمَتْ فِي الْكِتَابِ آخِرَ الْبَيْعِ وَزَعَمَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَبَحْثًا فَعَلَيْهِ تُسْتَثْنَى هَذِهِ وَفِي عَكْسِهَا بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي رَأَيْته وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ وَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا صَحَّحَهُ مِنْ أَنَّ الْمُصَدَّقَ مُدَّعِي الْفَسَادِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (فَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ بِزِقِّ خَمْرٍ) أَوْ بِحُرٍّ أَوْ أَلْفٍ وَزِقِّ خَمْرٍ أَوْ قَالَ شَرْطنَا شَرْطًا فَاسِدًا فَأَنْكَرَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ) لِمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ بِخَمْسِمِائَةٍ وَزِقِّ خَمْرٍ حَلَفَ) الْبَائِعُ (عَلَى نَفْيِ الْمُفْسِدِ) بِأَنْ يَقُولَ لَمْ يُسَمَّ فِي الْعَقْدِ خَمْرٌ (ثُمَّ تَحَالَفَا) لِبَقَاءِ النِّزَاعِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ بَلْ سَيَأْتِي فِي الرَّهْنِ فِي كَلَامِهِ أَيْ ابْنِ الْمُقْرِي (قَوْلُهُ وَمَا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي إلَخْ) قَالَ الشَّيْخَانِ لَوْ قَالَ هَذَا الَّذِي بِعْتنِيهِ حُرُّ الْأَصْلِ وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ هُوَ مَمْلُوكٌ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ وَجَعَلَا دَلِيلًا لِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي دَعْوَى الشَّرْطِ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَاهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَطْعًا لَكِنَّهُمَا ذَكَرَا بَعْدَ ذَلِكَ بِنَحْوِ وَرِقَّةٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ عَصِيرٌ فَوَجَدْنَاهُ خَمْرًا بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي كَانَ عِنْدَ الشِّرَاءِ خَمْرًا وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَانَ عَلَى الْخِلَافِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ قَالَ السُّبْكِيُّ فَيَحْتَاجُ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ اهـ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ يَدَ الْبَائِعِ ثَابِتَةٌ عَلَى الْعَبْدِ وَدَعْوَى الْمُشْتَرِي الْحُرِّيَّةَ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ دَعْوَى الْخَمْرِ فَإِنَّ ثُبُوتَ الْخَمْرِيَّةِ الْآنَ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِهَا فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي أَخْذًا مِنْ قَاعِدَةِ الِاسْتِصْحَابِ الْمَعْكُوسِ وَأَيْضًا الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَقْبَلَ قَوْلَ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَى الْخَمْرِيَّةِ لَكِنَّ شَاهِدَ الْخَمْرِيَّةِ اقْتَضَى تَصْدِيقَهُ بِالطَّرِيقِ السَّابِقِ وَلَا شَاهِدَ مَعَهُ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ فَقَطَعَ فِيهَا بِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ الثَّانِي أَنَّ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ إثْبَاتُ حَقٍّ لِثَالِثٍ وَهُوَ الْعَبْدُ وَالْعَبْدُ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ وَلَمْ يَثْبُتْ فَبَطَلَ دَعْوَى الْمُشْتَرِي قَطْعًا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْعَصِيرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إثْبَاتُ حَقٍّ لِثَالِثٍ بَلْ دَعْوَى إزَالَةٍ مُجَرَّدَةٍ (قَوْلُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى الْقَوْلِ بِتَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ دُونَ الصِّحَّةِ اهـ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ إلَخْ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ وَقَدْ جَرَى صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَالشَّيْخَيْنِ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ عَلَى خِلَافِهِ وَأَمَّا كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي الْجِنَايَاتِ وَالطَّلَاقِ فَلَيْسَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفَسَادِهِ وَفَارَقَ مَا ذَكَرْنَا مَا سَيَأْتِي فِي الضَّمَانِ بِأَنَّ الْمُعَاوَضَاتِ يُحْتَاطُ فِيهَا غَالِبًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَقَعُ بِشُرُوطِهَا وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ وَقَعَ الْعَقْدُ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ قَالَ مُجَلِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الْحَقُّ وَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ اهـ. وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مَا لَمْ أَرَهُ إلَخْ) اخْتِلَافُهُمَا فِي شَرْطِ الْقَطْعِ عِنْدَ بَيْعِ الثَّمَرَةِ أَوْ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الرُّؤْيَةِ وَشَرْطُ الرِّبْحِ فِي الْقِرَاضِ اخْتِصَاصُهُ بِالْمُتَعَاقِدِينَ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ شَيْءٍ مِنْهُ لِثَالِثٍ فَلَوْ شَرْطَاهُ لَهُ وَتَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ فَفِي الْحَاوِي أَنَّ الْقِرَاضَ صَحِيحٌ وَأَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا اسْتِعَارَةَ الِاسْمِ لِيَصِحَّ الْقِرَاضُ وَادَّعَى الْآخَرُ التَّمْلِيكَ لِيَبْطُلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى التَّمْلِيكَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَيَكُونُ الْقِرَاضُ بَاطِلًا قَالَ فِي الْخَادِمِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ بَنَاهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَلَوْ قُلْنَا بِتَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ لِأَنَّ ذَاكَ حَيْثُ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى مَا ظَاهِرُهُ الْفَسَادُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْفَسَادِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ يُعَضِّدُهَا ظَاهِرُ اللَّفْظِ (تَنْبِيهٌ) سَأَلَ الْأَذْرَعِيُّ شَيْخَهُ السُّبْكِيَّ عَنْ رَجُلٍ بَعَثَ إلَى آخَرَ جَارِيَةً فَمَاتَتْ عِنْدَهُ فَقَالَ بَاعِثُهَا إنَّمَا بَعَثْتهَا إلَيْك لِتَشْتَرِيهَا وَقَالَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ هَدِيَّةً فَمَنْ الْمُصَدَّقُ مِنْهُمَا فَأَجَابَهُ الَّذِي يَسْبِقُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَاعِثِ لِأَنَّهُ الدَّافِعُ وَهُوَ أَعْرَفُ بِنِيَّتِهِ لَكِنْ دَعْوَاهُ السَّوْمَ تَقْتَضِي تَضْمِينَ الْقَابِضِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَجُعِلَ الْقَابِضُ مُسْتَامًا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ السَّوْمِ وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعِيدٌ وَقَبُولُ قَوْلِ الْقَابِضِ فِي الْهَدِيَّةِ لَا يُمْكِنُ أَيْضًا فَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَاقِيَةً أَمَرْنَاهُ بِرَدِّهَا وَإِنْ مَاتَتْ فِي يَدِهِ حَلَفَ الْقَابِضُ عَلَى نَفْيِ السَّوْمِ وَبَرِئَ مِنْ قِيمَتِهَا قَالَ النَّاشِرِيُّ وَيُفْهَمُ مِنْ جَوَابِهِ وَتَعْلِيلِهِ أَنَّ الْجَارِيَةَ لَوْ تَلِفَتْ حَيْثُ ادَّعَى الْمَالِكُ الْبَيْعَ وَالْقَابِضُ الْهِبَةَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْقَابِضِ فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَلَوْ أَخَذَ الْحِنْطَةَ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ وَأَكَلَ وَاخْتَلَفَا بَعْدَ الرُّخْصِ فَقَالَ الدَّافِعُ بِعْتُك بِكَذَا وَقَالَ الْآخِذُ بَلْ كَانَ قَرْضًا صُدِّقَ الْآخِذُ بِيَمِينِهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّاجِحُ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ أَنَّ مُدَّعِيَهَا عِنْدَ تَلَفِهَا يَضْمَنُهَا الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةَ فِي الْمُتَقَوِّمِ فَيَجْرِي فِي مَسْأَلَتِنَا وَيَجْرِي فِيهَا أَيْضًا خِلَافٌ فِيمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا وَتَلِفَتْ وَادَّعَى الدَّافِعُ الْقَرْضَ وَالْآخِذُ الْوَدِيعَةَ صُدِّقَ مُدَّعِي السَّوْمِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَقْتَضِي الضَّمَانَ فِي مَسْأَلَتِنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute