للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْقِطَاتِهَا) (الشُّفْعَةُ) أَيْ طَلَبُهَا بِأَنْ يَقُولَ: أَنَا طَالِبٌ، أَوْ نَحْوَهُ (بَعْدَ الْعِلْمِ) أَيْ عِلْمِ الشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ (عَلَى الْفَوْرِ) وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّمَلُّكُ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَكَانَ فَوْرِيًّا كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (وَلَا يُكَلَّفُ) الشَّفِيعُ بَعْدَ عِلْمِهِ (غَيْرَ الْمُبَادَرَةِ الْمُعْتَادَةِ) مِنْ عَدْوٍ وَنَحْوِهِ فَمَا يُعَدُّ تَقْصِيرًا فِي الطَّلَبِ يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ وَمَا لَا فَلَا (وَلَا) يُكَلَّفُ (الْإِشْهَادَ) عَلَى الطَّلَبِ (إذَا سَارَ) طَالِبًا فِي الْحَالِ (أَوْ وَكَّلَ) فِي الطَّالِبِ فَلَا تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ بِتَرْكِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِأَنَّ تَسَلُّطَ الشَّفِيعِ عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَقْوَى مِنْ تَسَلُّطِ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَمَا لَا يَخْفَى (وَلَا يُغْنِيهِ الْإِشْهَادُ عَنْ الرَّفْعِ) إلَى الْقَاضِي.

(فَإِنْ أَخَّرَ) طَلَبَ الشُّفْعَةِ (بِلَا عُذْرٍ بَطَلَتْ) لِتَقْصِيرِهِ (وَيُشْتَرَطُ تَوْكِيلُ مَرِيضٍ) بِطَلَبِهَا وَإِنْ لَحِقَهُ فِي التَّوْكِيلِ مِنَّةٌ وَمُؤْنَةٌ إذَا (تَعَذَّرَ طَلَبُهُ وَ) تَوْكِيلُ (خَائِفٍ) مِنْ عَدُوٍّ (وَمَحْبُوسٍ غَيْرِ مُقَصِّرٍ) بِأَنْ حُبِسَ ظُلْمًا أَوْ بِدَيْنٍ هُوَ مُعْسِرٌ بِهِ عَاجِزٌ عَنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (كَغَيْرِ الْمَلِيءِ) بِخِلَافِ مَرِيضٍ لَمْ يَتَعَذَّرْ طَلَبُهُ وَمَحْبُوسٍ مُقَصِّرٍ كَالْمَلِيءِ (فَلَوْ لَمْ يَفْعَلُوا) التَّوْكِيلَ (أَوْ عَجَزُوا) عَنْهُ (وَلَمْ يُشْهِدُوا عَلَى الطَّلَبِ بَطَلَتْ) شُفْعَتُهُمْ لِتَقْصِيرِهِمْ (فَإِنْ غَابَ الْمُشْتَرِي رَفَعَ) الشَّفِيعُ أَمَرَهُ (إلَى الْقَاضِي وَأَخَذَ) بِالشُّفْعَةِ (وَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْقَاضِي وَالْأَخْذِ بِهَا (مَعَ حُضُورِهِ) كَنَظِيرِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.

(فَإِنْ فُقِدَ الْقَاضِي) مِنْ بَلَدِهِ (خَرَجَ لِطَلَبِهَا هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ) عِنْدَ بُلُوغِهِ الْخَبَرَ (لَا إنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا وَلَمْ يَجِدْ رُفْقَةً تُعْتَمَدُ، أَوْ كَانَ) إذْ ذَاكَ (حَرٌّ وَبَرْدٌ مُفْرِطَانِ) فَلَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ بَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ حَتَّى يَزُولَ ذَلِكَ.

(وَلْيُشْهِدْ) رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى الطَّلَبِ وُجُوبًا إذَا أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّوْكِيلُ فَإِنْ أَشْهَدَ رَجُلًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ لَمْ يَكْفِ لِأَنَّ بَعْضَ الْقُضَاةِ لَا يَحْكُمُ بِهِمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ عَلَى رَأْيٍ، قُلْت: وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالَهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْإِشْهَادِ (لَمْ يَجِبْ التَّلَفُّظُ بِالتَّمَلُّكِ) كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.

(فَإِنْ عَلِمَ الْحَاضِرُ) بِالْبَيْعِ (وَحَضَرَتْ صَلَاةٌ) وَلَوْ نَافِلَةً (أَوْ أَكْلٌ، أَوْ لُبْسٌ، أَوْ قَضَاءُ حَاجَةٍ أَوْ كَانَ فِي حَمَّامٍ، أَوْ لَيْلًا فَأَخَّرَ لِذَلِكَ جَازَ) لَهُ تَأْخِيرُ الطَّلَبِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ وَكَحُضُورِ وَقْتِ الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ وَالِاشْتِغَالِ بِهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ اللُّبْسِ وَاللَّيْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ (وَإِنْ لَقِيَهُ) فِي غَيْرِ بَلَدِ الشِّقْصِ (فَأَخَّرَ) الْأَخْذَ إلَى الْعُودِ (إلَى بَلَدِ الشِّقْصِ بَطَلَتْ) شُفْعَتُهُ لِاسْتِغْنَاءِ الْآخِذِ عَنْ الْحُضُورِ عِنْدَ الشِّقْصِ.

(فَصْلٌ: وَإِنْ)

أَخَّرَ الطَّلَبَ، ثُمَّ (قَالَ: لَمْ أُصَدِّقْ) مُخْبِرِي (وَقَدْ أَخْبَرَهُ شَاهِدَانِ) رَجُلَانِ، أَوْ رَجُلٌ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْقِطَاتِهَا) .

(قَوْلُهُ: الشُّفْعَةُ بَعْدَ الْعِلْمِ عَلَى الْفَوْرِ) الشُّفْعَةُ الَّتِي يَأْخُذُهَا الْوَلِيُّ لِمَحْجُورِهِ إذَا كَانَ فِيهَا غِبْطَةٌ لَيْسَتْ عَلَى الْفَوْرِ بَلْ هِيَ فِي حَقِّ الْوَلِيِّ عَلَى التَّرَاخِي قَطْعًا حَتَّى لَوْ أَخَّرَهَا، أَوْ عَفَا عَنْهَا لَمْ تَسْقُطْ لِأَجْلِ الْيَتِيمِ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ وَكَّلَ فِي الطَّلَبِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ بِنَفْسِهِ، أَوْ نَائِبِهِ قَالَ النَّاشِرِيُّ لَك أَنْ تَقُولَ مَعْنَاهُ " بِنَفْسِهِ إنْ قَدَرَ وَبِنَائِبِهِ إنْ عَجَزَ " لِيُوَافِقَ تَرْتِيبَ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا التَّوْكِيلَ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ وَلَك أَنْ تَقُولَ التَّوْكِيلُ لَا يَخْتَصُّ بِحَالَةِ الْعَجْزِ وَصَرَّحَ ابْنُ السَّرَّاجِ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ لَهُ التَّوْكِيلَ سَوَاءٌ أَكَانَ قَادِرًا مُتَمَكِّنًا بِنَفْسِهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ أَمْ لَا وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّوْكِيلَ لَا يَخْتَصُّ بِحَالَةِ الْمَرَضِ وَهُوَ فِقْهٌ وَاضِحٌ فَإِنَّ وَكِيلَ الْإِنْسَانِ قَائِمٌ مَقَامَهُ لَكِنْ لَمْ أَرَهُمْ ذَكَرُوا التَّوْكِيلَ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ بِالْمَرَضِ، أَوْ نَحْوِهِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ يَتَعَيَّنُ طَرِيقًا لَا؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِنَفْسِهِ. اهـ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَإِنَّ الشُّفْعَةَ كَحَلِّ الْعِقَالِ وَالتَّوْكِيلَ مَعَ الْقُدْرَةِ يُعَدُّ تَقْصِيرًا وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: وَإِذَا عَلِمَ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ وَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ عَادَةً بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ كَمَا ذُكِرَ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ.

(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّدَّ رَفْعٌ لِمِلْكِ الرَّادِّ، وَاسْتِمْرَارُهُ عَلَى الْمِلْكِ مُشْعِرٌ بِالرِّضَا فَاحْتَاجَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى الْفَسْخِ لِيَخْرُجَ عَنْ مِلْكِهِ وَالشَّفِيعُ لَا يَسْتَفِيدُ دُخُولَ الشِّقْصِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ إظْهَارَ الطَّلَبِ، وَالسَّيْرُ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ فس قَالَ الْقَمُولِيُّ وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ إشْهَادِ جِيرَانِهِ لَيْلًا وَمُؤَاكَلَةً إذَا كَانَ عَلَى الطَّعَامِ فَلَمْ يَفْعَلْ فَفِي بُطْلَانِ شُفْعَتِهِ وَجْهَانِ لِلْقَاضِي أَظْهَرُهُمَا أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ. اهـ. سَكَتُوا عَمَّا لَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ يَأْكُلُ فَلَا يُسْتَحَبُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَهَلْ يَكُونُ عُذْرًا فِي تَأْخِيرِ الْأَخْذِ إلَى فَرَاغِهِ فِيهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ تَسَلَّطَ الشَّفِيعُ عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ إلَخْ) وَبِأَنَّ الْإِشْهَادَ ثَمَّ عَلَى الْفَسْخِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ وَهُنَا عَلَى الطَّلَبِ وَهُوَ وَسِيلَةٌ لِلْمَقْصُودِ وَيُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ س

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُشْهِدُوا عَلَى الطَّلَبِ بَطَلَتْ) فَإِنْ أَشْهَدُوا وَلَوْ وَاحِدًا لَمْ تَبْطُلْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ غَابَ الْمُشْتَرِي) أَيْ غَيْبَةً حَائِلَةً بَيْنَ الشَّفِيعِ وَبَيْنَ مُبَاشَرَةِ الطَّلَبِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلْيُشْهِدْ) لَوْ قَالَ أَشْهَدْت فُلَانًا وَفُلَانًا وَأَنْكَرَ قَالَ الْبَغَوِيّ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ) هُوَ الْأَصَحُّ

(قَوْلُهُ: وَحَضَرَتْ صَلَاةٌ وَلَوْ نَافِلَةً) الْمُضِيُّ إلَى الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ كَذَلِكَ إذَا دَخَلَ وَقْتُهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَيْلًا إلَخْ) قَالَ الشَّيْخَانِ فَحَتَّى يُصْبِحَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا " مُدَّةً إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ " وَالْأَحْسَنُ إلَى ضَوْءِ النَّهَارِ وَبِهِ عَبَّرَ الْهَرَوِيُّ فِي الْإِشْرَافِ.

(قَوْلُهُ: فَأَخَّرَ لِذَلِكَ جَازَ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ مَتَى تَمَكَّنَ مِنْ الْمَسِيرِ لَيْلًا بِلَا كُلْفَةٍ لَزِمَهُ وَحَكَى فِي الْكِفَايَةِ عَنْ التَّتِمَّةِ نَحْوَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْمَعْنَى - وَالْفِقْهُ يَقْتَضِيهِ وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ - إذَا جَمَعَتْهُمَا مَحَلَّةٌ أَوْ مَسْجِدٌ بَعْدَ الْغُرُوبِ، أَوْ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ، أَوْ كَانَ الْبَائِعُ، أَوْ الْحَاكِمُ أَوْ الشُّهُودُ جِيرَانَهُ وَسَهُلَ عَلَيْهِ الِاجْتِمَاعُ بِأَحَدِهِمْ كَمَا فِي النَّهَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>