الْعَاقِلَةِ نِصْفَ الْقِيمَةِ، وَيَدْفَعُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لِلْوَرَثَةِ نِصْفَ الدِّيَةِ.
(وَلِوَرَثَتِهِ) أَيْ الْحُرِّ (مُطَالَبَةُ الْعَاقِلَةِ) أَيْ عَاقِلَتِهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ لِيَتَوَثَّقُوا بِهِ، نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَنَقَلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُطَالَبَةُ قَاتِلِ الْجَانِي بِالْقِيمَةِ فِيمَا إذَا تَعَلَّقَ أَرْشٌ بِرَقَبَةِ عَبْدٍ فَقَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ، وَأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُرْتَهِنِ مُطَالَبَةُ قَاتِلِ الْمَرْهُونِ بِالْقِيمَةِ لِيَتَوَثَّقَ بِهَا ثُمَّ قَالَ وَلْيَكُنْ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ هَلْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْجَانِيَ، وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ. انْتَهَى. فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْقَائِلِ بِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُخَاصِمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ (أَوْ) اصْطَدَمَ (مُسْتَوْلَدَتَانِ) لِاثْنَيْنِ فَمَاتَتَا (فَنِصْفُ قِيمَة كُلٍّ) مِنْهُمَا (عَلَى سَيِّدِ الْأُخْرَى) ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ جِنَايَةِ الْمُسْتَوْلَدَةِ عَلَى سَيِّدِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ.
(وَيُهْدَرُ النِّصْفُ الْآخَرُ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِشَرِكَتِهَا الْأُخْرَى فِي قَتْلِ نَفْسِهَا (وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ السَّيِّدَيْنِ (الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَقِيمَةِ مُسْتَوْلَدَتِهِ) عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي إتْلَافِهَا (وَيَتَقَاصَّانِ، وَيَرْجِعُ) أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ (بِمَا زَادَ) لَهُ إنْ كَانَتْ زِيَادَةً فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ إحْدَاهُمَا مِائَةً وَالْأُخْرَى مِائَتَيْنِ رَجَعَ سَيِّدُهَا عَلَى سَيِّدِ الْأُولَى بِخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ نِصْفَ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا هَدَرٌ كَمَا مَرَّ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ يَتَعَلَّقُ بِبَدَلِ الْأُخْرَى فَتَسْقُطُ خَمْسُونَ بِمِثْلِهَا فَيَفْضُلُ لِمَالِكِ النَّفِيسَةِ خَمْسُونَ (فَإِنْ) كَانَتَا حَامِلَيْنِ، وَقَدْ (مَاتَ جَنِينَاهُمَا) مَعَهُمَا (وَهُمَا رَقِيقَانِ فَعَلَى كُلٍّ) مِنْ السَّيِّدَيْنِ (مَعَ نِصْفِ الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ مُسْتَوْلَدَةِ الْآخَرِ (نِصْفُ عُشْرِهَا) أَيْ عُشْرِ قِيمَتِهَا لِنِصْفِ جَنِينِهَا؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ الرَّقِيقَ يُضْمَنُ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ (أَوْ) ، وَهُمَا (حُرَّانِ) فَإِنْ كَانَا (مِنْ شُبْهَةٍ فَعَلَى سَيِّدِ كُلٍّ) مِنْهُمَا مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْأُخْرَى (نِصْفُ غُرَّتَيْ جَنِينِهِمَا أَوْ مِنْ السَّيِّدَيْنِ فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْأُخْرَى (نِصْفُ غُرَّةِ جَنِينِ الْأُخْرَى، وَيُهْدَرُ الْبَاقِي) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ إذَا جَنَتْ عَلَى نَفْسِهَا، وَأَلْقَتْ جَنِينَهَا كَانَ هَدَرًا، وَيَتَقَاصَّانِ بِمِثْلِ مَا مَرَّ.
لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي الْغُرَّةِ عِنْدَ إعْوَازِ الرَّقِيقِ (نَعَمْ إنْ كَانَ لِأَحَدِ الْجَنِينَيْنِ) مَعَ سَيِّدِ أُمِّهِ (جَدَّةٌ) أُمُّ أُمٍّ وَارِثَةٌ، وَإِنْ عَلَتْ، وَلَا يَرِثُ مَعَهُ غَيْرُهَا (فَإِرْثُهَا فِي الْغُرَّةِ السُّدُسُ، وَقَدْ أُهْدِرَ نِصْفُهُ) أَيْ السُّدُسِ (لِأَجْلِ) عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ (سَيِّدِ بِنْتِهَا) أَرْشَ جِنَايَتِهَا (فَيُتَمِّمُ) لَهَا السُّدُسَ (مِنْ نَصِيبِهِ) بِنِصْفِ سُدُسٍ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ، وَمِثْلُهَا مَا لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا حَامِلًا فَقَطْ، وَكَانَ لِجَنِينِهَا جَدَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي فِي الرَّوْضَةِ، وَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْجَنِينَيْنِ جَدَّةٌ فَلَهَا عَلَى كُلِّ سَيِّدٍ نِصْفُ سُدُسِ الْغُرَّةِ، وَيَقَعُ مَا بَقِيَ لِلسَّيِّدَيْنِ فِي التَّقَاصِّ عَلَى مَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ، وَلَيْسَ قَيْدًا؛ لِأَنَّ كُلَّ جَدَّةٍ لَهَا عَلَى كُلِّ سَيِّدٍ نِصْفُ سُدُسِ غُرَّةٍ فِي ذِمَّتِهِ يُخْرِجُهُ مِنْ أَيِّ مَالٍ مِنْ أَمْوَالِهِ شَاءَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْجَدَّةَ إنَّمَا تَسْتَحِقُّ مَا ذُكِرَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ أَمَةٍ تَحْتَمِلُ نِصْفَ غُرَّةٍ فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ إلَّا بِأَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ كَمَا مَرَّ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ حُكْمُ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْجَنِينَيْنِ مِنْ سَيِّدٍ، وَالْآخَرُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا وَالْآخَرُ حُرًّا.
(وَإِنْ اصْطَدَمَ سَفِينَتَانِ بِفِعْلِ صَاحِبَيْهِمَا) أَيْ مُجْرِيهمَا وَغَرِقَتَا بِمَا فِيهِمَا (وَهُمَا، وَمَا فِيهِمَا) مِلْكٌ (لَهُمَا فَكَاصْطِدَامِ الرَّاكِبَيْنِ) فِيمَا مَرَّ فَيُهْدَرُ نِصْفُ بَدَلِ كُلِّ سَفِينَةٍ وَنِصْفُ مَا فِيهَا، وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا لِلْآخَرِ نِصْفُ بَدَلِ سَفِينَتِهِ وَنِصْفُ مَا فِيهَا فَإِنْ مَاتَا بِذَلِكَ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا كَفَّارَتَانِ، وَلَزِمَ عَاقِلَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ مَا إذَا كَانَ الْمَلَّاحَانِ صَبِيَّيْنِ، وَأَقَامَهُمَا الْوَلِيُّ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْوَضْعَ فِي السَّفِينَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ وَلِأَنَّ الْعَمْدَ مِنْ الصَّبِيَّيْنِ هُنَا هُوَ الْمُهْلِكُ وَاسْتُثْنِيَ مِنْهُ أَيْضًا كَغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِصَاصِ وَلِلدِّيَاتِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ لَهَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ حَمَلَا أَنْفُسًا، وَأَمْوَالًا فِي سَفِينَتَيْهِمَا وَتَعَمَّدَا كَسْرَهُمَا) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ وَتَعَمَّدَ الِاصْطِدَامَ (بِمُهْلِكٍ غَالِبًا اُقْتُصَّ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ بِالْقُرْعَةِ، وَدِيَاتُ الْبَاقِينَ وَضَمَانُ الْأَمْوَالِ وَالْكَفَّارَاتُ) حَالَةَ كَوْنِهَا (بِعَدَدٍ مَنْ أَهْلَكَا مِنْ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ فِي مَالِهِمَا) فَلَوْ كَانَ فِي كُلِّ سَفِينَةٍ عَشَرَةُ أَنْفُسٍ، وَمَاتُوا مَعًا أَوْ جُهِلَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: أَمَّا الْخِلَافُ فِي مُخَاصَمَةِ الْمُرْتَهِنِ فَمَشْهُورٌ عِنْدَ غَصْبِ الْمَرْهُونِ وَادَّعَى مَنْ فِي يَدِهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَيُتَخَيَّلُ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مُقِرٌّ بِهِ، وَأَنَّ الْحَقَّ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّوَثُّقِ وَلِهَذَا، قَالَ الْأَصْحَابُ إذَا أَقَرَّ الْجَانِي عَلَى الْمَرْهُونِ وَصَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ دُونَ الرَّاهِنِ غَرِمَ الْمَرْهُونُ وَوُفِّيَ مِنْهُ الدَّيْنُ، وَإِنْ كَانَ مَا أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ مَوْجُودًا فِيهِ عَلَى أَنَّا نَقُولُ إذَا قُلْنَا لِغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ الْحَلِفُ فَحَلَفُوا ثَبَتَ الْحَقُّ ضِمْنًا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْغُرَمَاءِ إبْرَاءٌ فَجَازَ أَنْ نَقُولَ هُنَا كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَتَسَلَّمُ الْأَرْشَ الْحَاكِمُ لِأَجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَرْهُونُ فِي يَدِهِ تَوَصُّلًا إلَى وُصُولِ الْحَقِّ لَدَيْهِ نَعَمْ وَيُتَخَيَّلُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي فَرْقٌ إنْ صَحَّ فِي مُطَالَبَةِ الْمُرْتَهِنِ خِلَافٌ، وَهُوَ أَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ فِي الْوَثِيقَةِ لَمْ يَفُتْ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُقْبَلَ الْيَسَارُ بَعْدَ الْإِعْسَارِ، وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَا كَذَلِكَ حَقُّ مُسْتَحِقِّ أَرْشِ الْجِنَايَةِ لَا مَحَلٌّ لِحَقِّهِ غَيْرِ الْأَرْشِ حَالًا، وَمَآلًا خُصُوصًا إذَا قُلْنَا لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَقَدْ مَاتَ فَقَوِيَ الْحَقُّ هَاهُنَا وَتَأَكَّدَ الطَّلَبُ بِسَبَبِهَا فَانْحَطَّ الرَّهْنُ عَنْهُ فَامْتَنَعَ إلْحَاقُهُ بِهِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَدَّمْنَا حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ، وَهَذَا بَحْثٌ يَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامِ م.
(قَوْلُهُ: مَلَّاحِيهِمَا) ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ سُمِّيَ مَلَّاحًا لِمُعَالَجَتِهِ الْمَاءَ الْمِلْحَ بِإِجْرَاءِ السَّفِينَةِ عَلَيْهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ) مَا اسْتَثْنَاهُ كَالْبُلْقِينِيِّ مَمْنُوعٌ بَلْ الْخَطَرُ فِي إقَامَتِهِ مَلَّاحًا بِالسَّفِينَةِ أَشَدَّ مِنْهُ فِي إرْكَابِهِ الدَّابَّةَ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ إلَخْ) مَا اسْتَظْهَرَهُ مَرْدُودٌ إذْ الضَّرَرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى غَرَقِ السَّفِينَةِ أَشَدُّ مِنْ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ مِنْ الْمَرْكُوبِ (قَوْلُ اُقْتُصَّ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ بِالْقُرْعَةِ) ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ اُقْتُصَّ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى إيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى شَرِيكِ جَارِحِ نَفْسِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute