يَنْحَذِفْ فَلَا يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ صَحِيحًا كَمَا قَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَأَعَادَهُ الْأَصْلُ هُنَا (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (فَلَا يُؤَقَّتُ بِالْحَصَادِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ) وَنَحْوِهِمَا (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَذَكَرَ مَعَهَا وَقْتَهَا أَمْ لَا إذْ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ وَمَا رُوِيَ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ شَيْئًا إلَى مَيْسَرَتِهِ» فَمَحْمُولٌ إنْ صَحَّ عَلَى زَمَنٍ مَعْلُومٍ عِنْدَهُمْ (وَلَا بِالشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَالْعُطَاسِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ (الْوَقْتَ) أَيْ وَقْتَهَا الْمُعَيَّنَ فَيَصِحُّ (وَيَجُوزُ) التَّأْقِيتُ (بِشُهُورِ الرُّومِ) مَثَلًا كَتَمُّوزَ وَحُزَيْرَانَ (وَأَعْيَادِ كُفَّارٍ) كَالنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ يُطْلَقَانِ عَلَى الْوَقْتَيْنِ اللَّذَيْنِ تَنْتَهِي الشَّمْسُ فِيهِمَا إلَى أَوَائِلِ بُرْجَيْ الْمِيزَانِ وَالْحَمَلِ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ كَشُهُورِ الْعَرَبِ هَذَا (إنْ عَرَفَهَا الْمُسْلِمُونَ) وَلَوْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ (أَوْ الْمُتَعَاقِدَانِ) بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَصَّ الْكُفَّارُ بِمَعْرِفَتِهَا إذْ لَا يُعْتَمَدُ قَوْلُهُمْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَّا أَنْ يَبْلُغُوا عَدَدًا يَمْتَنِعُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ (وَلَوْ وَقَّتَا بِالنَّفْرِ وَرَبِيعٍ وَالْعِيدِ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا وَلَمْ يُقَيِّدَا بِالْأَوَّلِ وَلَا بِالثَّانِي (صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ) لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِهِ وَلَوْ قَالَ كَأَصْلِهِ شَهْرُ رَبِيعٍ كَانَ أَوْلَى لِقَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ لَا يُقَالُ رَبِيعٌ بَلْ شَهْرُ رَبِيعٍ قَالُوا وَلَا يُضَافُ لَفْظُ شَهْرٍ إلَى شَيْءٍ مِنْ الشُّهُورِ إلَّا إلَى رَمَضَانَ وَالرَّبِيعَيْنِ وَيُنَوَّنُ رَبِيعٌ إذَا وُصِفَ بِالْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَلَا يُقَالُ بِالْإِضَافَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ مَالَهُ بِذَلِكَ تَعَلُّقٌ (أَوْ) وَقَّتَا (بِالْقَرِّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ (وَهُوَ حَادِي عَشَرَ) ذِي (الْحِجَّةِ صَحَّ) سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْحُجَّاجَ يُقِرُّونَ فِيهِ بِمِنًى وَيَنْفِرُونَ بَعْدَهُ النَّفْرَيْنِ فِي الثَّانِي عَشَرَ وَالثَّالِثَ عَشَرَ وَالتَّأْجِيلُ فِي الْحَقِيقَةِ بِأَيَّامِهَا لَا بِهَا نَفْسِهَا لِأَنَّهَا قَدْ تَتَقَدَّمُ وَقَدْ تَتَأَخَّرُ
(فَرْعٌ وَالسَّنَةُ) الْمُطْلَقَةُ (تُحْمَلُ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ) دُونَ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا عُرْفُ الشَّرْعِ قَالَ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩] (فَلَوْ عَقَدَا فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ) وَفِي مَعْنَاهُ لَيْلَتُهُ (فَكُلُّ السَّنَةِ هِلَالِيَّةٌ) فَيُكْتَفَى بِمُضِيِّهَا بَعْدَهُ فَلَا يَكْمُلُ الْيَوْمُ مِمَّا بَعْدَهَا فَإِنَّهَا مَضَتْ عَرَبِيَّةً كَوَامِلَ هَذَا (إنْ نَقَصَ الشَّهْرُ الْأَخِيرُ وَإِنْ كَمُلَ انْكَسَرَ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ) الَّذِي عَقَدَا فِيهِ فَيُكْمَلُ مِنْهُ الْمُنْكَسِرُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْهِلَالِ فِيهِ دُونَ الْبَقِيَّةِ (أَوْ) عَقَدَا فِي آخِرِ (أَوَّلِ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ بَعْدَ (لَحْظَةٍ مِنْ الْمُحْرِمِ) وَأُجِّلَ بِسَنَةٍ مَثَلًا (فَهُوَ مُنْكَسِرٌ وَحْدَهُ) فَيُكْمَلُ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَا يُلْغَى الْمُنْكَسِرُ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ الْأَجَلِ عَنْ الْعَقْدِ أَمَّا إذَا عَقَدَا أَوَّلَ الشَّهْرِ فَيُعْتَبَرُ الْجَمِيعُ بِالْأَهِلَّةِ تَامَّةً كَانَتْ أَوْ نَاقِصَةً (وَإِنْ قَالَ) الْعَاقِدُ (شَمْسِيَّةً) وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبُعُ يَوْمٍ إلَّا جُزْءًا مِنْ ثَلَثِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ يَوْمٍ أَوَّلُهَا الْحَمَلُ وَرُبَّمَا جَعَلَ النَّيْرُوزَ (أَوْ رُومِيَّةً) وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبُعُ يَوْمٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ فَارِسِيَّةً وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا كُلُّ شَهْرٍ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَيُزَادُ فِي الْآخِرِ خَمْسَةٌ يُسَمُّونَهَا الْمُسْتَرِقَّةَ أَوْ قَمَرِيَّةً وَيُقَالُ لَهَا الْهِلَالِيَّةُ وَالْعَرَبِيَّةُ وَهِيَ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ يَوْمٍ وَسُدُسُهُ وَتَوَقَّفَ الْقَاضِي مُجَلِّي فِي زِيَادَةِ الْكَسْرَيْنِ وَصَحَّحَ الْجِيلِيُّ أَنَّهَا ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَقَرَّرَ الْفَرْغَانِيُّ زِيَادَةَ الْكَسْرَيْنِ بِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِذَا قُسِّطَتْ عَلَى السِّنِينَ خَصَّ كُلَّ سَنَةٍ خُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ قَالَ وَهَذَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِاجْتِمَاعِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَمَّا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَلَا زِيَادَةَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْقَاضِي مُجَلِّي ثُمَّ قَالَ وَهُوَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا) كَعَقِبِ شَهْرِ كَذَا أَوْ عَجْزِهِ (قَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ إنْ صَحَّ إلَخْ) وَلَفْظُ النَّسَائِيّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ إلَى يَهُودِيٍّ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ بِثَوْبَيْنِ إلَى الْمَيْسَرَةِ» فَفِيهِ جَوَابٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ بَلْ اسْتَدْعَى وَلِهَذَا لَمْ يَصِفْ الثَّوْبَيْنِ فَإِذًا عَقْدٌ عُقِدَ بِشُرُوطِهِ (قَوْلُهُ يُطْلَقَانِ عَلَى الْوَقْتَيْنِ اللَّذَيْنِ تَنْتَهِي الشَّمْسُ فِيهِمَا إلَخْ) لَكِنْ قَالَ الْقَمُولِيِّ النَّيْرُوزُ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ تُوتٍ أَوَّلُ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ وَمَنْزِلُ الشَّمْسِ فِي الْمِيزَانِ وَبَيْنَ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ يَوْمًا (قَوْلُهُ أَوْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) فَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي فِي مَعْرِفَةِ الصِّفَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ عَدْلَيْنِ سِوَاهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ بِأَنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا رَاجِعَةٌ إلَى الْأَجَلِ فَاحْتُمِلَ فِيهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْأَوْصَافِ لِرُجُوعِ ذَلِكَ إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا طُمَأْنِينَةَ لِهَذَا الْفَرْقِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ الشَّاشِيُّ وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ (قَوْلُهُ وَرَبِيعٌ) وَجُمَادَى (قَوْلُهُ وَحُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ) يَعْنِي الَّذِي يَلِي الْعَقْدَ
(قَوْلُهُ وَالسَّنَةُ الْمُطْلَقَةُ تُحْمَلُ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ حَمْلُ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ ظَاهِرٌ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ وَكَذَا غَيْرُهَا إذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عِنْدَهُمْ التَّأْجِيلَ بِهَا أَمَّا لَوْ كَانَ بِبِلَادِ الْفُرْسِ أَوْ الرُّومِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ الْغَالِبُ عِنْدَهُمْ التَّأْقِيتُ بِشُهُورِهِمْ فَيَجِبُ تَنْزِيلُ إطْلَاقِهِمْ عَلَيْهَا فَإِنْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ وَجَبَ التَّنْصِيصُ ثُمَّ رَأَيْت الْقَاضِيَ شُرَيْحًا الرُّويَانِيَّ قَالَ فِي رَوْضَةِ الْحُكَّامِ إنَّهُ إذَا أَطْلَقَ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْهِلَالِيَّ وَلَا الْعَدَدِيَّ إنَّهُ إنْ كَانَ عُرْفُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ الْهِلَالِيَّ انْصَرَفَ إلَيْهِ أَوْ الْعَدَدِيَّ انْصَرَفَ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ يَجْرِي بِهِمَا انْصَرَفَ إلَى الْأَغْلَبِ فَإِنْ اسْتَوَيَا لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرُ الْحُسْنِ (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهُ لَيْلَتُهُ) ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ الْأَخِيرَةَ يَأْتِي بَعْدَهَا يَوْمٌ كَامِلٌ فَيُحْسَبُ وَيُكْمَلُ قَطْعًا بِخِلَافِ بَعْضِ الْيَوْمِ فِسْ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا عَقَدَ أَوَّلَ الشَّهْرِ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي رُئِيَ فِيهَا الْهِلَالُ اُعْتُبِرَ الْجَمِيعُ بِالْأَهِلَّةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَإِطْلَاقُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ أَوْ قَمَرِيَّةً وَيُقَالُ لَهَا الْهِلَالِيَّةُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَشْهُرُ الْعَرَبِيَّةُ وَاضِحَةٌ شَهْرٌ مِنْهَا ثَلَاثُونَ وَشَهْرٌ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ إلَّا ذَا الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَخُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ فَالسَّنَةُ الْعَرَبِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا تَخْبِيطٌ فَاحِشٌ سَبَبُهُ إدْخَالُهُ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَخْصِيصِ ذِي الْحِجَّةِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَعْجَبِ الْعُجَابِ فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute